مقالات

أسئلة فقهية…

تُعرف عملية ختان الإناث في المصطلح الشرعي بخَفْضُ الجَوَاْرِي .
قال العلامة الطريحي ( رحمه الله ) : و خفض الجارية مثل ختن الغلام ، يقال خفضت الخافضة الجارية أي ختنتها ، فالجارية مخفوضة ، و لا يطلق الخفض إلا على الجارية دون الغلام 1 .

ما هو ختان البنات ؟

عملية خفض الجواري أو ختان الإناث منتشرة بشكل واسع في القارة الأفريقية و بعض دول العالم في القارة الآسيوية ، كما و كانت منتشرة قبل الإسلام ، لكنها من حيث الإجراء ليست على حد سواء في المناطق المختلفة ، فمنها ما يسبب تشويهاً خطيراً للأعضاء التناسلية للإناث ، و منها ما يكون أشبه بتقليم جزء بسيط جداً من غُلفة 2 البظر 3 .

الحكم الشرعي لختان الاناث

ختان الإناث إذا لم يتجاوز حدوده الشرعية فهو أمر جائز ، لكنه ليس بواجب في الشريعة الإسلامية و في فقه أهل البيت ( عليهم السلام ) ، بل لم يثبُت إستحبابه عند عدد من فقهاء المذهب إلا من باب التسامح في أدلة السنن 4 ، فقد رُوِيَ عن الامام محمد بن علي الباقر ( عليه السلام ) أنه قال : ” … أَمَّا السُّنَّةُ فِي الْخِتَانِ عَلَى الرِّجَالِ وَ لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ ” 5 .
وَ رُوِيَ عن الامام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السلام ) أنه قَالَ : ” خِتَانُ الْغُلَامِ مِنَ السُّنَّةِ ، وَ خَفْضُ الْجَوَارِي لَيْسَ مِنَ السُّنَّةِ ” 6 .
وَ رُوِيَ عن الامام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السلام ) أنه قَالَ : ” الْخِتَانُ فِي الرَّجُلِ سُنَّةٌ وَ مَكْرُمَةٌ فِي النِّسَاءِ ” 6 .
هذا و هناك كلام في تفسير ” مكرمة ” و هل أن المراد منها الاستحباب أم غير ذلك .

الحد الشرعي للخفض

أما الحد الشرعي للخفض الذي لا يجوز تجاوزه فهو أخذ شيء بسيط من الغُلفة التي تكسو البظر ، و لا يجوز أخذ أكثر من ذلك أو الإنهاك ، أو الإستأصال كما هو متَّبعٌ في البلاد الإفريقية ، فهو حرام غير جائز ، لكونه تشويهاً و بتراً لقسم من الأعضاء التناسلية للمرأة .
فقد رُوِيَ عن الامام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السلام ) أنه قَالَ : ” لَمَّا هَاجَرْنَ النِّسَاءُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) هَاجَرَتْ فِيهِنَّ امْرَأَةٌ يُقَالُ لَهَا أُمُّ حَبِيبٍ ، وَ كَانَتْ خَافِضَةً تَخْفِضُ الْجَوَارِيَ ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) قَالَ لَهَا : يَا أُمَّ حَبِيبٍ الْعَمَلُ الَّذِي كَانَ فِي يَدِكِ هُوَ فِي يَدِكِ الْيَوْمَ ؟
قَالَتْ : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَرَاماً فَتَنْهَانِي عَنْهُ ؟
قَالَ : لَا ، بَلْ حَلَالٌ ، فَادْنِي مِنِّي حَتَّى أُعَلِّمَكِ .
قَالَتْ : فَدَنَوْتُ مِنْهُ .
فَقَالَ : يَا أُمَّ حَبِيبٍ ، إِذَا أَنْتِ فَعَلْتِ فَلَا تَنْهَكِي ـ أَيْ لَا تَسْتَأْصِلِي ـ وَ أَشِمِّي ، فَإِنَّهُ أَشْرَقُ لِلْوَجْهِ ، وَ أَحْظَى عِنْدَ الزَّوْجِ ” 7 .

  • 1. مجمع البحرين : 4 / 203 ، للعلامة فخر الدين بن محمد الطريحي ، المولود سنة : 979 هجرية بالنجف الأشرف / العراق ، و المتوفى سنة : 1087 هجرية بالرماحية ، و المدفون بالنجف الأشرف / العراق ، الطبعة الثانية سنة : 1365 شمسية ، مكتبة المرتضوي ، طهران / إيران .
  • 2. الغُلفة : الغشاء .
  • 3. البظر : عضو جنسي في الأنثى يُعرف بـ Clitoris ، و هو بمثابة القضيب لدى الذكر ، و له دور اساسي في الاستمتاع الجنسي لدى الأنثى .
  • 4. التسامح في أدلة السنن بمعنى التساهل في أدلة الأحكام الشرعية غير الواجبة و المحرمة ، كالمستحبات و المكروهات ، و هي قاعدة فقهية مفادها إن خبر غير الثقة إذا لم تكن هناك أمارات على صدقه فهو ليس بحجة ، لكن قد يستثنى من ذلك الأخبار الدالة على المستحبات و المكروهات ، أو على مطلق الأوامر و النواهي غير الإلزامية ، فيقال بأنها حجة في إثبات الاستحباب أو الكراهة ما لم يعلم ببطلان مفادها .
    و مستند هذه القاعدة الفقهية مجموعة من الروايات الصحيحة و غيرها التي دلت على أن من بلغه عن النبي ( صلى الله عليه و آله ) ثواب على عمل فعمله كان له مثل ذلك الثواب و إن لم يقله ( صلى الله عليه و آله ) ، بدعوى أن هذه الروايات تجعل الحجية لمطلق البلوغ في موارد المستحبات ، فلا يلزم وجود خبر صحيح في المستحبات ، بل يثبت الإستحباب حتى بالخبر الضعيف ، و من أجل هذا يعبر عن ذلك بالتسامح في أدلة السنن .
    و الروايات في هذا الباب كثيرة ، منها ما رُوِيَ عن الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) أنَّهُ قَالَ : ” مَنْ بَلَغَهُ عَنِ النَّبِيِّ ( صلى الله عليه و آله ) شَيْ‏ءٌ مِنَ الثَّوَابِ فَعَمِلَهُ كَانَ أَجْرُ ذَلِكَ لَهُ وَ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) لَمْ يَقُلْهُ ” وسائل الشيعة ( تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة ) : 1 / 81 ، للشيخ محمد بن الحسن بن علي ، المعروف بالحُر العاملي ، المولود سنة : 1033 هجرية بجبل عامل لبنان ، و المتوفى سنة : 1104 هجرية بمشهد الإمام الرضا ( عليه السَّلام ) و المدفون بها ، طبعة : مؤسسة آل البيت ، سنة : 1409 هجرية ، قم / إيران .
  • 5. الكافي : 6 / 37 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني ، المُلَقَّب بثقة الإسلام ، المتوفى سنة : 329 هجرية ، طبعة دار الكتب الإسلامية ، سنة : 1365 هجرية / شمسية ، طهران / إيران .
  • 6. a. b. الكافي : 6 / 37 .
  • 7. الكافي : 6 / 38 .
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى