يجوز إرسال شعر الرأس و إطالته بصورة عامة حتى لو تجاوز الحد المألوف لدى المجتمع ما لم ينطو على سلبيات أخرى، و ما لم تكن له دلالات خاصة كالتشبه بالفرق الضالة أو ما شابه ذلك، لكن ينبغي للمؤمن أن يظهر في المجتمع بهيئة أنقية و حسنة كما كان عليها النبي المصطفى و الأئمة من أهل البيت ( عليهم السلام ) لأنهم قدوتنا.
فَعَنِ ابْنِ سِنَانٍ أنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ 1 ( عليه السَّلام ): “مَا تَقُولُ فِي إِطَالَةِ الشَّعْرِ؟
فَقَالَ: “كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ ( صلى الله عليه و آله ) مُشْعِرِينَ ـ يَعْنِي الطَّمَّ ـ ” 2 .
معنى الحديث:
قال في الوافي: مشعرين من أشعر أو شعر بمعنى نبت عليه الشعر، يعني كانوا تاركين له.
و في النهاية: الأشعر الذي لم يحلق رأسه ولم يُرَجِّله، و رجلٌ أشعر، أي كثير الشعر، و قيل طويله، و طَمُّ الشعر جَزُّه، و أطَمَّ شَعرهُ حان له ان يُجَزَّ، و كأن المراد أنهم كانوا يطيلون، و كان دأبهم الجز دون الحلق 3 .
العناية بالشعر:
لا بُدَّ هنا من الإشارة إلى ضرورة العناية بالشعر لمن أراد تطويله لأن الإهتمام بنظافة الشعر و تمشيطه و تسريحه سنة، فقد رُوِيَ عن الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) أنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ): “مَنِ اتَّخَذَ شَعْراً فَلْيُحْسِنْ وِلَايَتَهُ، أَوْ لِيَجُزَّهُ” 4
وَ رُوِيَ عَنْ النبي ( صلى الله عليه و آله ) أنَّهُ قَالَ: “الشَّعْرُ الْحَسَنُ مِنْ كِسْوَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَأَكْرِمُوهُ” 5 .
هل كان النبي ( صلى الله عليه و آله ) يُطيل شعر رأسه؟
عَنْ أَيُّوبَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أي الإمام جعفر بن محمد الصَّادق ( عليه السَّلام ) ، سادس أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) . ( عليه السَّلام ) أنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: أَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) يَفْرُقُ 6 شَعْرَهُ؟
قَالَ: “لَا، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) كَانَ إِذَا طَالَ شَعْرُهُ كَانَ إِلَى شَحْمَةِ أُذُنِهِ” 4
وَ عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السَّلام ) قَالَ، قُلْتُ: إِنَّهُمْ يَرْوُونَ أَنَّ الْفَرْقَ مِنَ السُّنَّةِ؟
قَالَ: “مِنَ السُّنَّةِ”!
قُلْتُ: يَزْعُمُونَ أَنَّ النَّبِيِّ ( صلى الله عليه و آله ) فَرَقَ.
قَالَ: “مَا فَرَقَ النَّبِيُّ ( صلى الله عليه و آله )، وَ لَا كَانَ الْأَنْبِيَاءُ ( عليهم السلام ) تُمْسِكُ الشَّعْرَ” 7
و وَرد في الحديث: “وَ كَانَ شَعْرُ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) وَفْرَةً 8 لَمْ يَبْلُغِ الْفَرْقَ” 9 .
خلاصة الكلام:
أنهُ يُستحسن أن لا يتجاوز طول الشعر شحمة الأذن، و يُستحب تمشيطه و تنظيفه بصورة مستمرة و العناية به.
- 1. أي الإمام جعفر بن محمد الصَّادق ( عليه السَّلام ) ، سادس أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) .
- 2. الكافي : 6 / 485 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني ، المُلَقَّب بثقة الإسلام ، المتوفى سنة : 329 هجرية ، طبعة دار الكتب الإسلامية ، سنة : 1365 هجرية / شمسية ، طهران / إيران .
- 3. أنظر: الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة: المجلد الخامس.
- 4. a. b. الكافي: 6 / 485.
- 5. من لا يحضره الفقيه : 1 / 130 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن حسين بن بابويه القمي المعروف بالشيخ الصدوق ، المولود سنة : 305 هجرية بقم ، و المتوفى سنة : 381 هجرية ، طبعة انتشارات اسلامي التابعة لجماعة المدرسين ، الطبعة الثالثة ، سنة : 1413 هجرية ، قم / إيران .
- 6. قال العلامة الطريحي: المفرق : وسط الرأس و هو الذي يفرق فيه الشعر مجمع البحرين : 5 / 225 ، للعلامة فخر الدين بن محمد الطريحي ، المولود سنة : 979 هجرية بالنجف الأشرف / العراق ، و المتوفى سنة : 1087 هجرية بالرماحية ، و المدفون بالنجف الأشرف / العراق ، الطبعة الثانية سنة : 1365 شمسية ، مكتبة المرتضوي ، طهران / إيران.
- 7. الكافي: 6 / 486.
- 8. الوفرة: الشعرة إلى شحم الأذن، ثم الجمة، ثم اللمة و هي التي ألمت بالمنكبين مجمع البحرين: 3 / 512 .
- 9. من لا يحضره الفقيه : 1 / 129.