مقالات

أدلَّةُ جوازِ التَّقليدِ (الحلقة الأولى)

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

بقلم: زكريَّا بركات


التمهيد

الرجوع إلى المجتهد الجامع لشروط المرجعيَّة بالتقليد في فروع الدين؛ والاحتكام إليه في مجال النزاعات بوصفه الحاكم الشرعي، هو نظام معروف عند شيعة أهل البيت عليهم السلام، توارثوه كابراً عن كابر، والتزموا به على مرِّ العصور، ومثَّل لهم صمَّامَ أمانٍ في مختلف المنعطفات، وسبباً للصمود والانتصار والنجاة في مواجهة مختلف المخاطر والتهديدات والهجمات. ولذلك حاول خصومهم التشكيك في مسألة التقليد، وساقوا في سبيل ذلك أنواع الطعون والشبهات، في سبيل فصل القاعدة الشعبيَّة عن القيادة الرشيدة المتمثِّلة في مراجع التقليد، لكنَّ جميع المحاولات الشيطانيَّة باءت بالفشل؛ لأنَّ (كيدَ الشَّيطانِ كانَ ضعيفاً) [النساء: 76] ، ولأنَّ (الباطلَ كانَ زَهُوقاً) [الإسراء: 81] ، ولأنَّ الانتماء إلى خطِّ المرجعية هو انتصار لأهل البيت (ع) الذين دعوا إلى التقليد وحثُّوا عليه، مع كون مراجع التقليد هم الدُّعاةُ إلى أهل البيت (ع) والأمناءُ على حلالهم وحراهم، والانتصار لأهل البيت (ع) هو انتصار لله تعالى؛ لأنَّ أهل البيت (ع) هم الدعاء إلى الله تعالى وأمناء الرسالة وورثة الأنبياء، فالانتماء إلى المرجعيَّة والانتصار لها هو انتصارٌ لله تعالى، والله تعالى يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) [محمد: 7] ، ويقول: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحج: 40] .
لقد كان قيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية انتصاراً للحقِّ على الباطل ببركة الانتماء إلى المرجعية الدينيَّة المتمثِّلة في الإمام الخميني رضوان الله عليه، بالإضافة إلى الدور العظيم الذي قام به جماعة من كبار العلماء في مؤازرة الإمام الخميني ضدَّ نظام الشاه العميل..
وقد كان انتصار حزب الله والعزَّة والكرامة في لبنان ثمرةً لانتماء حزب الله وأحرار الشعب اللبناني إلى مرجعية الإمام الخامنئي دام ظلُّه الوارف، وكذا الكثير من العزَّة والكرامة والصمود التي نالتها حركات المقاومة في لبنان وفلسطين وسوريا، وكذا نجاة الشعب السوري من شرِّ التنظيمات الإرهابية..
وقد كانت نجاة الشعب العراقي وتأمين العتبات المقدَّسة من شرِّ داعش والتنظيمات الإرهابية في العراق ثمرةً لتنفيذ تعليمات مرجعيَّة الإمام السيستاني (دام ظلُّه الوارف) بالجهاد للدفاع عن الأرض والعرض..
وقد أدرك أعداء الشيعة ـ جيِّداً ـ أنَّ كيان التشيُّع متماسكٌ بإحكام، محميٌّ من كُلِّ الأخطار، بنظام المرجعيَّة الدينيَّة عند الشيعة؛ لذلك حاول الأعداءُ ـ ولا يزالون ـ إضعافَ موقع المرجعيَّة بمختلف الأساليب الشيطانيَّة..
ويهدف هذا البحث إلى إلقاء الضوء على الأدلَّة المعتمَدَة في مجال التَّقليد؛ خدمةً للمؤمنين بما من شأنه تسليحُهم وتحصينُهم ضدَّ محاولات أعدائهم في هذا المجال.. والله تعالى من وراء القصد، وهو وليُّ التوفيق.


اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى