رَوى إبن حَیُّون المغربي قائلاً: وَ رُوِّينَا عَنْ بَعْضِ رِجَالِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرِ 1 بْنِ مُحَمَّدٍ صلوات الله عليه مِنَ الشِّيعَةِ أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى حَلْقَةِ أَبِي حَنِيفَةَ 2 وَ هُوَ يُفْتِي.
فَقَالَ: يَا أَبَا حَنِيفَةَ، مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثاً فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ عَلَى غَيْرِ طُهْرٍ أَوْ هِيَ حَائِضٌ؟
قَالَ: قَدْ بَانَتْ مِنْهُ.
قَالَ السَّائِلُ: أَ لَمْ يَأْمُرِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِالطَّلَاقِ لِلْعِدَّةِ وَ نَهَى أَنْ تُتَعَدَّى حُدُودُهُ فِيهِ، وَ سَنَّ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و آله وَ أَكَّدَهُ وَ بَالَغَ فِيهِ؟!
قَالَ: نَعَمْ، وَ لَكِنَّا نَقُولُ إِنَّ هَذَا عَصَى رَبَّهُ وَ خَالَفَ نَبِيَّهُ وَ بَانَتْ مِنْهُ امْرَأَتُهُ.
قَالَ الرَّجُلُ: فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا وَكَّلَ وَكِيلًا عَلَى طَلَاقِ امْرَأَتَيْنِ لَهُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُطَلِّقَ إِحْدَاهُمَا لِلْعِدَّةِ وَ الْأُخْرَى لِلْبِدْعَةِ، فَخَالَفَهُ فَطَلَّقَ الَّتِي أَمَرَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا لِلْبِدْعَةِ لِلْعِدَّةِ وَ الَّتِي أَمَرَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا لِلْعِدَّةِ لِلْبِدْعَةِ؟
قَالَ: لَا يَجُوزُ طَلَاقُهُ.
قَالَ السَّائِلُ: وَ لِمَ؟
قَالَ: لِأَنَّهُ خَالَفَ مَا وَكَّلَهُ عَلَيْهِ.
قَالَ السَّائِلُ : فَيُخَالِفُ مَنْ وَكَّلَهُ فَلَا يَجُوزُ طَلَاقُهُ، وَ يُخَالِفُ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَيَجُوزُ طَلَاقُهُ؟!
فَأَقْبَلَ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى أَصْحَابِهِ وَ قَالَ: مَسْأَلَةُ رَافِضِيٍّ وَ لَمْ يُحِرْ 3 جَوَاباً” 4.
- 1. أي الإمام جعفر بن محمد الصَّادق (عليه السَّلام)، سادس أئمة أهل البيت (عليهم السلام) .
- 2. الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت، ولد سنة: 80 هـ في نسا، و توفي سنة: 150 هـ في بغداد، و إليه يُنسب المذهب الحنفي.
- 3. لَمْ يَحِرْ جَوَابًا: أَيْ لَمْ يَرُدَّ جَواباً، و أحَارَ الجَوابَ: رَدَّهُ .
- 4. دعائم الإسلام (و ذكر الحلال و الحرام و القضايا و الأحكام): 1 / 59، لأبي حنيفة النعمان بن أبي عبد الله محمد بن منصور بن احمد بن حَیُّون المغربي، المتوفى سنة: 363 هجرية، الطبعة الثانية سنة: 1427 هجرية، مؤسسة آل البيت (عليهم السَّلام) قم/إيران.