منوعات

يدٌ ارتفعت لتنصر الاسلام فرفعها الله في غدير خم

عيد الغدير .. وما أعظمه من عيد .. فهو يوم العهد المعهود والميثاق المأخوذ والجمع المشهود ، ليكون عيد الله الأكبر الذي شيِد الله به الاسلام وأظهر به منار دينه القويم ، لتسطع أنوار القيم والتعاليم السامية التي يحملها يوم اتمام نعمة الاسلام بولاية أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام وتتويجه بتاج الخلافة العظمى والإمامة الكبرى .

يعد عيد الغدير يوم عظيم بما أظهر الله تعالى من حجته ، وأبانه من خلافة وصي نبيه، وأوجبه من العهد في رقاب المؤمنين ، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه واله نسكه واتم حجة الوداع عائدا الى المدينة ، حط رحال قافلته بابي وامي في غدير خم ، فقد أمر بتنصيب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام خليفة في الأمة من بعده ، وكان قد تقدم الوحي اليه انذاك بآي من كلمات الله التامات ، بقوله تعالى ”  يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ” ، فنزل صلى الله عليه وآله ومن معه في الموضع المنشود وكان ذلك في اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة الحرام من السنة العاشرة للهجرة ، ليجمع الناس ويخطب بهم لينعى لهم نفسه اولا و يقررهم على فرض طاعته حسب ما نزل به القرآن ، ويعقد صلى الله عليه وآله لمولانا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علي السلام العهدَ بالإمامة في رقاب الاُمة كافة ليقول ارواحنا له الفداء  ( يا أيها الناس من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله وأحب من أحبه وأبغض من أبغضه ) ، فنزل رسول الله من موقعه ممسكا بيد علي عليهما السلام وأمر المسلمين بالتسليم عليه بإمرة المؤمنين تهنئةً له بهذا المقام العظيم  فالإمامة وكما هو معروف لدينا تالية للنبوة من حيث كونها وظيفة إلهية ومنصب رباني خص الله بها عليا وذريته عليهم السلام دون غيرهم من الخلق .   

نُقلت احداث عيد الغدير الاغر عبر الازمان والاجيال وباساليب مختلفة فمنهم من اتخذ من الكلمات والقوافي سبيلا لنقل هذا الحدث لمن بعده ، واخر ذهب الى تدوينها في الرقاع والكتب لتنال نصيبها مع مهمات الوثائق والكتب التأريخية ، في حين عمد غيرهم بعد ذلك لايجاد أسلوب النقل الروحي الصادق لأحداثها وروايتها بمفردات فنية تشكيلية تحسبا منهم لردود أفعال بعض الافراد واعوانهم الذي لطالما ظل بعض التاريخ متأثرا بخصائصهم الفردية ونزعاتهم السياسية والدينية المناهضة لهذا الحدث العظيم ، ليقف التأريخ صامدا طائعا لمبادئ الحقيقة التي لا تقبل التحريف والتي تنبثق من الايمان بالله والتلاصق الروحي بالاحداث الدينية الاسلامية المهمة ، واللوحة اعلاه واحدة من مجموعة وثائق صورت غدير خم واحداث ذلك اليوم المهم في حياة المسلمين كافة .

اللوحة من انجازالفنان الايراني رضا بدر السماء ، وهو من مواليد مدينة اصفهان الايرانية 1949 م ، شغف بالرسم و التصويرمنذ طفولته حتى التجأ للاحتراف فيما بعد ، له العديد من المعارض الشخصية والعامة داخل و خارج ايران .

تأثر بدر السماء الى حد الولع باسلوب رسوم المنمنمات القديمة ، فهو كغيره من مبدعي الرسوم المصغرة اكدوا بمواضيعهم التي تعتبر كنوع من التعبيرية في الرسم على المواضيع التأريخية والأدبية والعلمية والتي يعود الفضل فيها الى عكس صورة المجتمع الإسلامي وثقافته ، بما يوحي بالكثير من القراءات ومن ضمنها لاحداث الدينية وطرز العمارة والخط والزخرفة وغيرها من المعالجات الفنية السائدة ، وقد دأب بدر السماء الى تصوير وتزويق المواضع والمناسبات الدينية باسلوب والوان مميزة مستثمرا ماوصل اليه من موروث في هذا الفن ، مازجا اياه مع خبراته ودربته الفنية المتأثرة بالاساليب الفنية الحديثة ومنها الكلاسيكية في الفن ، لينتج فنا تطوريا من المنمنمات الاسلامية تحمل هيئة التسامح الديني ، بما يسمح لحالة التجسيد والتشبيه ” تجسيد اجسام واشكال المقدس ” التي أظهرها فنانوا المينياتور اليوم بجرأة في رسومهم واستخدمها من قبلهم ” رواد المنمنمات ” كأداة مساعدة ووسيلة إيضاح لفهم النصوص في الكتب ، كما هي السير والمقامات كمقامات الحريري وبعض الكتب الطبية والشعرية .

وقد بادر الفنان في هذه اللوحة و كما هو متبع في فن المنمنمات الى ترجمة حيّة ومتحركة ليوم الغدير وتنصيب عليا عليه السلام اميرا للمؤمنين ، وكان ذلك من خلال دقته المتناهية في رسم شخوص اللوحة وهيئاتهم فضلا عن ، اسلوبه المميز في استخدام الالوان التي نميزها من انسيابية الالوان وتمازجها فيما بينها بتدرجات مختلفة ومتناسقة في نفس الوقت ، فقد استخدم مجموعة من الالوان الحارة والباردة واكد في رسمته على اللون الاخضر وبدرجات متفاوته كسمة للمقدس ، مع الاخذ بنظر الاعتبار ان الفنان عمد الى ابراز بعدا منظوريا وعمقا مميزا للوحة ولم يكن ذلك الا بالالوان ، مما جعل اللوحة تنطق بما فيها ليستحضر قارئها المتأمل لها يوم العيد الاكبر وما كان فيه من احداث واوامر الهية بدأ من نزول الوحي على الرسول صلى الله عليه واله حتى مباركة المسلمين لعلي بهذا المقام العظيم .

فهنيأ لكم عيدكم الأكبر .. وأثبتنا الله وإياكم على ولاية امير المؤمنين علي بن ابي طالب ” عليه السلام ” بحق محمد وآله  

سامر قحطان القيسي

المصدر: http://www.imamhussain.org

يدٌ ارتفعت لتنصر الاسلام فرفعها الله في غدير خم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى