بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى: (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا) [الإسراء: 53] .
الكثير منا لا يعرفون أن الآية تتحدث عن علاقة المسلمين بالكفَّار، وتطالب المسلمين بأن يستعلموا أفضل أسلوب للكلام مع الكفَّار.. إنها حقيقة يعرفها من يراجع كتب التفسير، إذْ يقول أهل العلم: “يظهر أنَّ المؤمنين قبل الهجرة ربما كانوا يحاورون المشركين فيغلظون لهم في القول ويخاشنونهم بالكلام، وربما جبهوهم بأنهم أهل النار، وأنهم معشر المؤمنين أهل الجنة ببركة من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فكان ذلك يهيج المشركين عليهم، ويزيد في عداوتهم، ويبعثهم إلى المبالغة في فتنتهم وتعذيبهم وإيذاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والعناد مع الحق”.
والمقصود بـ (التي هي أحسن) : أحسن الكلام، وهو المشتمل على الأدب الجميل، والخالي من الخشونة والشتم والإساءة إلى مشاعر الآخرين.
كما تدل الآية الكريمة على أن الإساءة في الكلام هي المنفذ الذي يمرِّر من خلاله الشيطان مشروعه ويحقِّق أهدافه بتمزيق المجتمع وجعله يعيش في صراعات وصدام..
وهناك آية أخرى في القرآن الكريم تؤكد على إحسان الكلام في مجال الجدال والنقاش مع من لا يتفق معنا في الفكر، فقال الله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ…) [النحل: 125] .
ومن هنا نعلم أن الذين يصرون على الإساءة إلى الآخرين، هم ـ في الحقيقة ـ يخدمون مشروع الشيطان ولو من حيث لا يشعرون، بينما المطلوب هو أحسن الكلام بأحسن بأسلوب وأرقى أدب..
والله ولي التوفيق.
✍🏻 زكريا بركات
٣١ يناير ٢٠١٦