مقالات

النظام…

نص الشبهة: 

لقد شاع بين أهل الإيمان أن الدين الإسلامي نظام سياسي ، إجتماعي ، تربوي ، إقتصادي وما إلى ذلك . . وأصبحنا نرى محاولات مقارنة بين أحكام الدين وبين أنظمة دول العالم ومجتمعاته ومنظماته ، فهل هذا صحيح ؟!

الجواب: 

هناك فرق جوهري بين الدين وبين القانون . .
فالقانون نظام عملي يجري عليه الناس، بهدف جلب المنافع، ودفع المضار الدنيوية.
وقد يسعى بعض الناس إلى التحايل عليه، والتملص منه، فينجحون في ذلك .. دون أن يمكن اكتشاف أمرهم، أو حتى دون أن يجد أحد سبيلاً قانونياً لمؤاخذتهم ..
أما الدين فهو حقائق إيمانية، وتكاليف إلهية، ومفاهيم، وقيم، وفهم حقيقي للكون وللحياة، وسمو روحي، وطريقة ومنهج حياة، يهدف إلى تسخير كل ما في الكون للوصول إلى الله .. ويمكن للإنسان أن يجد الكثير من الأبواب التي تحقق له هذا القرب المنشود، ويفوز ويسعد بما أعده الله له من أجر جميل، وثواب جزيل.
والدين لا يعني فقط بما يرتبط بالحياة مع الآخر، أو بالتعامل مع الموجودات المحيطة به .. بل هو تربية للنفس، وبناء لشخصية الإنسان من الداخل، واختيار للخصائص الإنسانية، في عمق الوجود الإنساني .. ورؤية وصلة إلهيّة شاملة لكل حقائق الكون والوجود والحياة .. وتمازج وانصهار حقيقي في بوتقة الهدى الإلهي.
فلا يصح إذن القول: إن الإسلام مجرد نظام سياسي أو منهج تربوي، أو نظام معاملات، أو نظام عبادات، أو نظام اقتصادي. أو حتى نظام حياة. بل الدين أعظم من ذلك كله ..
إذ لو كان نظاماً لما كان ثمة من حاجة إلى الأنبياء، ولا كان ثمة من حاجة إلى تقديس شيء.
ولو كان الدين هو مجرد أنظمة, لم يكن ثمة حاجة إلى الحديث عن الماضين، ولا عن خلق الإنسان، ولا عما جرى بين آدم (عليه السلام) وإبليس .. ولا حاجة إلى دعوة الإنسان إلى جعل كل حركاته وسكناته عبادة لله ، وتقرباً إليه سبحانه ..
بل الدين في حقيقته هو مسيرة الإنسان إلى الله سبحانه لنيل درجات القرب والزلفى. وهذا طريق طويل وشاق، يحتاج إلى وسائل تناسبه، وتناسب المراحل التي يمر فيها.
ومن الواضح: أنه كلما بلغ الإنسان مرتبة ومقاماً؛ فإنه سيجد أمامه مجهولات مختلفة، وفي جميع الاتجاهات. يحتاج إلى كشف مبهماتها، وحل معضلاتها. وأي باب يدخله منها، سوف تواجهه مجموعة أخرى مما يحتاج إلى كشف وأيضاح ، وإلى هدايات أخرى أكثر وأكبر. ولربما تختلف في حقيقتها وفي سنخها. ولن يستطيع الإنسان بعقله هذا القاصر وفهمه المحدود أن ينال معرفتها، أو أن يحل رموزها، ويوضح مبهماتها .. بل هو بحاجة إلى هدايات إلهية تناسب ذلك الموقع الذي وصل إليه ..
وكل إنسان يحتاج إلى ما يناسبه. فلسلمان هداية غير هداية أبي ذر، وهكذا سائر البشر ..
وهذا ما يؤكد الحاجة إلى النبي (صلى الله عليه وآله) وإلى الإمام في كل حين. فالإمام ليس مجرد معلم ومبلغ للأحكام، ولا مجرد حافظ للشريعة .. بل الإمام حافظ للوجود كله، ولحياتنا كلها 1 ..

  • 1. مختصر مفيد .. (أسئلة و أجوبة في الدين والعقيدة)، للسيد جعفر مرتضى العاملي، «المجموعة الأولى» المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1423 ـ 2002 ، السؤال (89).
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى