مقالات

التطبير…

نص الشبهة: 

سؤال حول موضوع الشعائر الحسينية العزائية، وبالذات حول التطبير فقد كثر الكلام حوله بين مؤيد بقوة، وبين محرم له وناهٍ عنه يشنع على من يقومون به؟ واخذ الأمر بعدا اجتماعيا مما يخشى معه أن يتحول إلى صراع. فما هو الموقف الشرعي من ذلك؟ وما هي حقيقة الاختلاف بين المجوزين والمانعين؟ وكلهم علماء أهل البيت وينتمون لمدرسة واحدة وفقه واحد؟

الجواب: 

يمكن أن نقسم الشعائر العزائية الحسينية إلى قسمين:<--break->

  • القسم الأول ما هو متسالم على مشروعيته (بل واستحبابه) عند علماء الشيعة، ومن ذلك البكاء، واللطم على الصدور، وما شاكل.
  • والقسم الثاني: ما وقع فيه الاختلاف (مشروعية أو استحبابا) سواء كان ذلك بالعنوان الأولي أو العناوين الثانوية الطارئة. ومن ذلك التطبير (جرح الرأس بالسيف) والضرب بالسلاسل وإدماء الظهر.

ولا يرتبط الأمر بوضع سياسي معاصر كما قد يتصور البعض خطأ أنه من يكون ضمن وضع سياسي معين ويؤيد تيارا خاصا فإنه سيلتزم بالمنع، بينما من يعارض ذلك التيار السياسي يلتزم بالجواز أو الاستحباب. وذلك أن الخلاف في هذه القضية عمره عشرات من السنين. قبل وجود الأوضاع السياسية المشار إليها.
كما أنه لا يرتبط ـ بالضرورة ـ على الظاهر بالنهج الفكري، الذي رأى بعض تصنيف الفئات إليه، كما كتب فيه بهذا الاتجاه، وصنفوا على أساسه القائلين بالمنع من التطبير (والقسم الثاني عموما) بأنهم دعاة إصلاح، ورجال تغيير، وفكرهم ينتهي إلى إنهاض المجتمع الشيعي، بينما دعاة الاهتمام بهذا النوع من الشعائر، والقائلين باستحبابه هم رجعيون في الفكر، وتقليديون في الممارسة، وليس لهم من الفكر المتطور نصيب!
أقول: لا يرتبط بذلك بالضرورة فإننا وجدنا تداخلا كبيرا في هذه المسألة، فإن شخصا مثل المحقق النائيني أعلى الله مقامه، مع ما هو عليه من الوعي السياسي حتى عد من أوائل الذين كانت لهم نظرية سياسية واقعية ناظرة إلى الأوضاع الحاضرة تجلت في كتابه (تنبيه الأمة وتنزيه الملة) وله ممارسة سياسية متطورة، قال بالجواز والاستحباب.
ومثله الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء، والذي كان يعد من المجددين في الفقه وغيره، (ولا مجال للحديث هنا عن التفاصيل) أيضا مع ما هو عليه من الإدارة الاجتماعية الحكيمة، وبعد النظر السياسي، فإنه ذهب أيضا إلى استحباب ذلك والحث عليه.
وقد أوردنا هذين المثالين للتأكيد على أن الأمر ليس ضمن معادلة الخط السياسي، كما قد يتراءى بادئ النظر، وليس ضمن معادلة الواقع المعاش الحديث. هذا كله بالنظر إلى الحكم الأولي.
كما أنه ليس أمرا حادثا، ولا وليد اليوم، وإنما كان محور نقاش، وربما صراع في الحوزة العلمية في النجف الأشرف، والناظر إلى كتاب شعراء الغري (النجفيات) للشيخ علي الخاقاني، و (هكذا عرفتهم) للخليلي، وغيرها من الكتب التي أرخت للفترة تلك من حياة الحوزة العلمية في النجف يجد بشكل واضح أثر ذلك الاختلاف في الموقف بين فئات الحوزويين.
ولعل تلك الفترة نشطت فيها حركة التأليف في هذا المجال، واستصدار الفتاوى الموافقة أو المخالفة لكل فريق.
ونحن نقول هذا لكي لا يتصور الجيل الجديد، أن المسألة حديثة الظهور: فيظن الشباب ـ وهم من الطرفين غيورون على الدين ـ أن عليهم أن يواجهوا بعضهم، لأن الدين في خطر، فهذا الطرف المجوز يحارب الطرف المانع بكل ما أوتي من قوة باعتباره ضد الشعائر أو أنه يريد هدم شعارات المذهب وتقويض أسس الطائفة. أو أن الطرف المانع يحارب الطرف المجوز باعتباره متآمرا مع الأجانب لتشويه صورة الدين، وأنه داخل في مخطط لإلحاق الأذى بصورة المذهب النقية !!
لا ليس الأمر هكذا، وليست القضية وليدة اليوم. وإنما هي منبعثة من خلال اختلاف طريقة الاستدلال والمقدمات التي يمهدها كل فريق للنتيجة الخاصة به. ونحن سوف نتعرض إلى عرض إجمالي لأدلة الطرفين بما يتناسب مع وضع هذا الكتاب، وبما يتناسب مع الفئة التي يوجه لهم، وهي في الغالب الفئة الشابة ـ بنين وبنات ـ.

فمما استدل به المجوزون

1 ـ أصل الإباحة: فقد تقرر عندهم أن الأشياء على الإباحة، وأن (كل شيء لك حلال حتى تعلم أنه حرام)، وهذا الأصل وإن تعددت صيغه، إلا أن نتيجته: أن ما لم يأت دليل على المنع منه من الله سبحانه أو المبلغين عنه (كالنبي والأوصياء عليهم السلام) فإنه مباح. وممارسة العزاء بهذا النحو من الضرب والإدماء يشك في تحريمها والأصل عدم التحريم.
قد يقال: أنه قد ورد النهي عن الإضرار بالنفس، وهذا من الإضرار بها، ومع وجود النهي لا مجال لتحكيم الأصل.
لكنهم أجابوا: أن مطلق الإضرار بالنفس ـ ولو في مراتبه الدانية ـ لا دليل على حرمته، وخصوصا لو كان فيه مصلحة عقلائية. نعم لو كان الضرر يعد جناية على النفس بإتلافها أو يعد ظلما لها، كما لو أدى إلى نقص عضو، فهنا يكون حراما. وهذا غير متحقق في مظاهر الشعائر فإنهم يقومون بعملهم صباحا وبعد الظهر يمارسون حياتهم العادية. بالإضافة إلى المصالح الدينية المترتبة عليه مما هو واضح.
وواضح أن هذا المقدار من الاستدلال لا ينتج أكثر من الجواز والمشروعية، لا الاستحباب. لكنهم يضيفون:
2 ـ أن هذا العمل ـ مثل التطبير والإدماء ـ من مراتب الجزع الممنوع إلا في مورد الإمام الحسين عليه السلام فإنه غير ممنوع بل مرغوب ومحبوب. وقد ورد في الخبر بسند معتبر هو حسنة معاوية بن وهب 1: كل الجزع والبكاء مكروه إلا الجزع والبكاء على الحسين عليه السلام.
3 ـ أن هذه الشعائر بما فيها التطبير والإدماء، من مصاديق إحياء الأمر، وقد ورد في الروايات كثيرا التوجيه إلى إحياء أمرهم، ومن مصاديق تعظيم الشعائر (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب). والشاهد على ذلك جريانها منذ فترات طويلة من الزمان بمسمع ومرأى من علماء الطائفة وأكابر المذهب، ولم يردعوا عنها أو يمنعوا منها، مع توفر الدواعي للمنع، والقدرة عليه ولو في حدود الفتوى.
وبالتالي فإن هذا العمل وإن لم يأت على الفرض إمضاء خاص بشأنه، إلا أنه مشمول للعمومات المرغبة في تعظيم الشعائر، وإحياء الأمر.
4 ـ ويستشهدون ـ ولو على نحو التأييد ـ بما ورد في بعض الروايات التي لم تكن نقية السند، إلا أنهم عملوا بها كالخبر الذي نقله العلامة المجلسي في البحار 2 وفيه أنزينب نطحت جبينها بمقدم المحمل، وكذلك ما ورد عنهم عليهم السلام أنه (على مثل الحسين فلتشق الجيوب، ولتخمش الوجوه، ولتلطم الخدود) 3.فإن لطم الخدود وإن لم يلزم منه الإدماء إلا أن خمش الوجوه لا ينفك عن الإدماء. وما ورد في زيارة الناحية المنسوبة 4 للإمام الحجة عجل الله فرجه (.. ولأبكين عليك بدل الدموع دما..) فإن ذلك من إدماء العين بالبكاء، ولو لم يكن كل ذلك راجحا ومستحبا لما فعلته العالمة غير المعلمة زينب ولما تعهد به الإمام المعصوم عليهم السلام.

ومما استدل به المانعون

1 ـ التشكيك في كون التطبير والإدماء من مصاديق الجزع، أو التألم لما جرى على أهل البيت عليهم السلام وبخاصة على الحسين عليه السلام. فالبكاء هو من مصاديق التألم عرفا، والضرب على الصدور كذلك وأما الإدماء للجسد فليس كذلك. وحينئذ فلا يشمله ما دل على الترغيب في الحزن لأحزانهم والتألم لأجلهم.

2 ـ أنه لم يعهد من الأئمة عليهم السلام، ولا العصر القريب منهم إمضاء عام ولا خاص لهذا النوع من العزاء، والممارسات.
3 ـ الالتزام بأن مطلق الإضرار بالنفس حرام حتى لو لم يؤدّ إلى التهلكة أو للجناية على النفس بنقص العضو ونحوه ويمثلون بأنه لو جئت بشفرة وجرحت نفسك وضعت بعد ذلك دواء ليندمل الجرح، فحتى لو شفيت بعدئذ فهذا حرام، لأنه تعريض النفس للضرر، والإضرار بالنفس ظلم للنفس، وظلم النفس محرم ﴿ … وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَٰكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ 5.
والإدماء هو من الإضرار بالنفس فلا يكون جائزا.
وهنا يختلف المانعون: حيث أن بعضهم لا يلتزم بهذا المبنى، ولذا يجوزون مثلا الضرب بالسلاسل مع أن فيه إضرارا بالنفس ـ في مرتبة من مراتب الضرر ـ.
4 ـ التوسل بالعنوان الثانوي: وهو الوهن الوارد على المذهب على أثر هذه الممارسات، فهم يقولون أن أعداء المذهب اليوم، يتربصون به حتى يظهروه على غير حقيقته، وبروز هذه المظاهر والصور من التطبير والإدماء تسبب وهن المذهب، وتشويه صورته، وذلك غير جائز.
فحتى لو فرضنا جوازه بالعنوان الأولي فإنه بالعنوان الثانوي لا يكون جائزا لما فيه من تشويه صورة المذهب، وتسبيب الوهن عليه.
تلك كانت خلاصة رأي الطرفين وما يمكن أن يستدل به لكل منهما ـ بمقدار ما يحتمله وضع هذا الكتاب والفئة المخاطبة به ـ.

نهاية المطاف

قد عرفت مما سبق أن كل طائفة من العلماء تعتمد على توجيه معين وتقريب خاص تصل من خلاله إلى نتيجة الجواز بل الاستحباب، أو المنع وعدم الجواز، ولنا هنا عدة نقاط، ربما مرت الإشارة إلى بعضها:
أولها: أن التزام المؤمن بتقليد من يقول بالمنع والحرمة، ولو لأجل العنوان الثانوي الطارئ، يعني أن لا يقوم هو بتلك الأمور، لكن لا يعطيه حق أن يحارب من يقوم بها إذا كان له حجة شرعية بتقليده من يقول بجوازها أو استحبابها.
كما أن التزام المكلف بقول مرجعه القائل بالجواز أو الاستحباب لا يعني فرض ذلك عليه على نحو الوجوب، ولا يعني أيضا أنه هو الذي يدافع عن الأئمة فقط، وهو وارث التشيع دون سواه، وأن الآخرين ليسوا في خط أهل البيت عليهم السلام. وأنه يجب بالتالي زيادة هذه الأمور نكاية بالفريق الأول!
ثانيا: أن شعائر الحسين عليه السلام، على اختلاف طرقها وأساليبها، يوجد بينها قاسم مشترك. والقاسم المشترك بينها كما يفترض هو أن تساهم في إحياء أمر أهل البيت عليهم السلام ـ وإن اختلف البعض في أن هذا يساهم أو لا يساهم في إحياء أمرهم ـ لكن غرضها الأقصى والقاسم المشترك بينها هو ذاك.. فلا يصح أن يحولها أتباع أهل البيت إلى ساحة معارك داخلية. تنتهي إلى إضعاف أمر أهل البيت عليهم السلام.
وما نراه من حالات الهجوم والهجوم المضاد من قبل كل فئة للأخرى لا يحقق سوى المزيد من الانتكاس لخط الأئمة عليهم السلام، ولذا فإن الأطراف المختلفة مدعوة لملاحظة هذا الأمر.
إن الفئات الاجتماعية فيها من دواعي التفرق والاختلاف ما يكفيها، فلا يصح أن نضيف سببا جديدا هو ما يرتبط بالحسين عليه السلام، والذي هو نور وهداية، فنحوله بتخلفنا وجهلنا إلى مصدر للفتنة والتناحر.. كيف وقد ذكروا عليهم السلام بأن (طاعتنا نظام للملة وإمامتنا أمان من الفرقة)؟.
ثالثا: إنه لا بد من التفريق بين الحكم الأولي والذي لا يخضع لرأي الغير، ولا يؤثر فيه الزمان ـ ما دام الموضوع واحدا ـ، وبين الحكم الثانوي الذي ينظر إلى الطوارئ والعناوين اللاحقة. والمجوزون القائلون بالاستحباب، أيضا يقولون بأنه لا يجوز لشخص القيام بهذا العمل لو كان بالنسبة له يؤدي إلى ضرر لا يتحمل عادة. وهكذا لو كانت الظروف المحيطة بالمجتمع ـ كما لو كان أقلية شيعية في محيط معاد ـ تنتج مشاكل حياتية صعبة، كالاحتراب الداخلي، وغيره.. وكانت تلك الشعائر ـ فرضا ـ تسبب في حدوث تلك المشاكل فإنه حتى القائلين بالاستحباب لا يلتزمون به بالنظر إلى هذا العنوان الثانوي الطارئ بالنسبة إلى ذلك المجتمع وفي تلك الفترة الزمنية.
وهكذا يفترض أن القائلين بالحرمة على أساس أن هذه الممارسات تؤدي إلى وهن المذهب والإزراء عليه، يربطون الحرمة ـ من هذه الجهة ـ بتحقق الوهن، فلو فرضنا في مكان أنه لا يحصل وهن بل تقوية، فإنه لا ينبغي أن يلتزموا بالتحريم من هذه الجهة، مع فرض عدم الاضرار.
والاختلاف في تشخيص الأمور الخارجية أمر شائع ولا يفسد لا للود ولا في الدين قضية.
وهذا يعني أن يفكر الشباب المؤمنون ـ في مناطقنا ـ زادهم الله وعيا وحماسا، بأن القضية ليست على نحو الإطلاق بين حدي التحريم والوجوب 6.

  • 1. لجهة أبي محمد الأنصاري فإنه لم يوثق بتوثيق خاص لكن مدحه محمد بن عبد الجبار في رواية في الكافي.
  • 2. قال العلامة المجلسي في بحار الأنوار ج 45 ص 114:
    رأيت في بعض الكتب المعتبرة روى مرسلا عن مسلم الجصاص قال: دعاني ابن زياد لإصلاح دار الامارة بالكوفة، فبينما أنا أجصص الأبواب وإذا أنا بالزعقات قد ارتفعت من جنبات الكوفة، فأقبلت على خادم كان معنا فقلت: مالي أرى الكوفة تضج؟ قال: الساعة أتوا برأس خارجي خرج على يزيد، فقلت: من هذا الخارجي؟ فقال: الحسين بن علي عليهما السلام قال: فتركت الخادم حتى خرج ولطمت وجهي حتى خشيت على عيني أن يذهب، وغسلت يدي من الجص وخرجت من ظهر القصر وأتيت إلى الكناس فبينما أنا واقف والناس يتوقعون وصول السبايا والرؤوس إذ قد أقبلت نحو أربعين شقة تحمل على أربعين جملا فيها الحرم والنساء وأولاد فاطمة عليها السلام وإذا بعلي بن الحسين عليهما السلام على بعير بغير وطاء، وأوداجه تشخب دما، وهو مع ذلك يبكي ويقول:يا امة السوء لا سقيا لربعكم *** يا امة لم تراع جدنا فينالو أننا ورسول الله يجمعنا *** يوم القيامة ما كنتم تقولوناتسيرونا على الاقتاب عارية *** كأننا لم نشيد فيكم دينابني امية ما هذا الوقوف على *** تلك المصائب لا تلبون داعيناتصفقون علينا كفكم فرحا *** وأنتم في فجاج الأرض تسبوناأليس جدي رسول الله ويلكم *** أهدى البرية من سبل المضلينايا وقعة الطف قد أورثتني حزنا *** والله يهتك أستار المسيئيناقال: وصار أهل الكوفة يناولون الأطفال الذين على المحامل بعض التمر والخبز و الجوز، فصاحت بهم ام كلثوم وقالت: يا أهل الكوفة إن الصدقة علينا حرام وصارت تأخذ ذلك من أيدي الأطفال وأفواههم وترمي به إلى الأرض، قال كل ذلك والناس يبكون على ما أصابهم ثم إن ام كلثوم أطلعت رأسها من المحمل، وقالت لهم: صه يا أهل الكوفة تقتلنا رجالكم، وتبكينا نساؤكم؟ فالحاكم بيننا وبينكم الله يوم فصل القضاء فبينما هي تخاطبهن إذا بضجة قد ارتفعت، فإذا هم أتوا بالرؤوس يقدمهم رأس الحسين عليه السلام وهو رأس زهري قمري أشبه الخلق برسول الله صلى الله عليه وآله ولحيته كسواد السبج قد انتصل منها الخضاب، ووجهه دارة قمر طالع والرمح تلعب بها يمينا وشمالا فالتفتت زينب فرأت رأس أخيها فنطحت جبينها بمقدم المحمل، حتى رأينا الدم يخرج من تحت قناعها وأومأت إليه بخرقة وجعلت تقول:يا هلالا لما استتم كمالا *** غاله خسفه فأبدا غروباما توهمت يا شقيق فؤادي *** كان هذا مقدرا مكتوبايا أخي فاطم الصغيرة كلمها *** فقد كاد قلبها أن يذوبا..أقول: أول ما في هذا الخبر أنه من بعض الكتب (المعتبرة) عند العلامة المجلسي، ولم يعلم أي كتاب هو ولا مؤلفه، وثاني ما فيه إرساله، وثالث ما فيه مجهولية مسلم الجصاص فليس له ذكر في كتب الرجال، و رابع ما فيه وجود الخلل في المتن فقد ذكر فيه أن زين العابدين كانت أوداجه تشخب دما !! ولا يخفى ما فيه إلا أن يكون تعبيرا كنائيا، وكذلك لم يعلم أن النساء سيرن إلى الكوفة على محامل وإنما كن على جمال بغير غطاء ولا وطاء كما هو المعروف، وإن كانت هذه بدورها تحتاج إلى تحقيق. وأيضا هل كان على النساء أقنعة حتى يخرج الدم من تحت القناع!! إلا أن يقال أنهن في بداية دخولهن لم يكن عليهن أقنعة ثم ناولتهن بعض الكوفيات أزرا ومقانع كما ورد في بعض المرويات التاريخية.. ثم أين كانت عن زينب عليها السلام وصية الحسين: إني أقسمت عليك فأبري قسمي، لا تشقي علي جيبا ولا تخمشي علي وجها.. كما نقلها في الإرشاد؟.هذا مع ملاحظة أنهم يذكرون بأن رأس الحسين عليه السلام قد سير في نفس يوم العاشر مع خولى بن يزيد الأصبحي (ليبشر) بن زياد بالنصر!! ويفترض أنه في اليوم الحادي عشر او الثاني عشر موجود في قصر الامارة عند ابن زياد.. فكيف يقال فإذا هم بالرؤوس يقدمهم رأس الحسين؟؟
  • 3. ما وجدت في ما لدي من المصادر هذا النص، نعم في الوسائل وغيره (فعلى مثل الحسين فليبك الباكون فإن البكاء عليه يحط الذنوب العظام). وفي دعاء الندبة (فعلى الأطائب من أهل بيت محمد وعلي صلى الله عليهما وآلهما فليبك الباكون وإياهم فليندب النادبون ويضج الضاجون ويعج العاجون أين الحسن أين الحسين…). وفي التهذيب توجد رواية (وعلى مثله تلطم الخدود وتشق الجيوب..) من دون جملة تخمش الوجوه.
  • 4. ذكرنا في القسم الأول من هذا الكتاب وجود رأيين حول الزيارة المذكورة، فليراجع.
  • 5. القران الكريم: سورة النحل (16)، الآية: 118، الصفحة: 280.
  • 6. من قضايا النهضة الحسينية، (أسئلة و حوارات)، الجزء الثاني.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى