نور العترة

ما معنى قول الامام علي لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقينا؟

رُوِيَ عن الامام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال: ” لَوْ كُشِفَ‏ [لِيَ‏] الْغِطَاءُ مَا ازْدَدْتُ يَقِيناً” 1.
لا شك في أن للعلم و اليقين مراتب و درجات، و أعلى مرتبة للعلم و اليقين هي مرتبة عين اليقين التي تحصل بالمشاهدة بصورة مباشرة، فقد قال الله عَزَّ و جَلَّ في سورة التكاثر: ﴿ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ﴾ 2 ، فقد يبلغ الإنسان مرتبة علم اليقين و قد يتجاوز علمه هذه المرتبة و يبلغ أعلى مراتب اليقين و هي مرتبة عين اليقين فيكون كالمشاهد عياناً دون حجاب، و أمير المؤمنين عليه السلام كان قد بلغ أعلى مراتب اليقين فكان كالمشاهد عياناً، فكان رغم وجود الموانع المادية التي تعيق المشاهدة العينية كالذي رأى بأم عينيه عالم الآخرة و الحساب و الجنة و النار مباشرة.
و لقد كان بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله قد نالوا بعض مراتب اليقين، و من هؤلاء حارثة بن مالك فقد روى أبو بصير عن الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام أنه قال: اسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و آله حَارِثَةَ بْنَ مَالِكِ بْنِ النُّعْمَانِ الْأَنْصَارِيَّ ، فَقَالَ لَهُ: “كَيْفَ أَنْتَ يَا حَارِثَةَ بْنَ مَالِكٍ”؟
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مُؤْمِنٌ حَقّاً.
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و آله: “لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ حَقِيقَةٌ ، فَمَا حَقِيقَةُ قَوْلِكَ”؟
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَزَفَتْ نَفْسِي عَنِ الدُّنْيَا فَأَسْهَرَتْ لَيْلِي وَ أَظْمَأَتْ هَوَاجِرِي وَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى عَرْشِ رَبِّي- [وَ] قَدْ وُضِعَ لِلْحِسَابِ، وَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ يَتَزَاوَرُونَ فِي الْجَنَّةِ، وَ كَأَنِّي أَسْمَعُ عُوَاءَ  أَهْلِ النَّارِ فِي النَّارِ!
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و آله: “عَبْدٌ نَوَّرَ اللَّهُ قَلْبَهُ ، أَبْصَرْتَ فَاثْبُتْ”.
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ يَرْزُقَنِي الشَّهَادَةَ مَعَكَ.
فَقَالَ: “اللَّهُمَّ ارْزُقْ حَارِثَةَ الشَّهَادَةَ “.
فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا أَيَّاماً حَتَّى بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و آله سَرِيَّةً فَبَعَثَهُ فِيهَا، فَقَاتَلَ فَقَتَلَ تِسْعَةً أَوْ ثَمَانِيَةً ثُمَّ قُتِلَ 3.

  • 1. الروضة في فضائل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهما السلام: 235 ، لأبي الفضل شاذان بن جبرئيل القمي، المعروف بإبن شاذان القمي، المتوفى بحدود سنة: 600 هجرية، طبعة مكتبة الامين، قم/إيران.
  • 2. القران الكريم: سورة التكاثر (102)، الآيات: 5 – 7، الصفحة: 600.
  • 3. الكافي: 2 / 54 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني، المُلَقَّب بثقة الإسلام، المتوفى سنة: 329 هجرية، طبعة دار الكتب الإسلامية، سنة: 1365 هجرية/شمسية، طهران/إيران.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى