مقالات

حديث اللَّوح بسند معتبر

بسم الله الرحمن الرحيم

بقلم: زكريَّا بركات


حديثُ الأئمَّة الاثني عشر من الأحاديث المتواترة، فقد رُوي في كتب السنَّة والشيعة من طريق 36 صحابيًّا، ورواه عنهم قرابةُ ستِّين تابعيًّا، ولا يرتاب مطَّلع منصفٌ في تواتر ما بلغت أسانيده هذه الكثرة.

وقد وفَّق الله تعالى إلى نشر العديد من المقالات والبحوث التي تبيِّن ذلك.

ويُعتبر حديثُ اللَّوح أحدَ الأحاديث التي تشكِّل عنصراً في مجموع هذه الأحاديث المتواترة، وهو مرويٌّ بطرق متعاضدة أيضاً.

وفي هذا المقال نستعرض سنداً مُعتبراً لحديث اللَّوح، وهو سند يمرُّ بأحد كبار أعلام الزيديَّة، وهو أبو الجارود زياد بن المنذر، الذي قال عنه إمام الزيديَّة مجد الدين المؤيَّدي في لوامع الأنوار 1 : 438 : “من خُلَّص أتباع الإمام الأعظم زيد بن عليٍّ (ع) الآخذين عنه، القائمين بنُصرته، المجيبين لدعوته”. انتهى.

فيما يلي نستعرض حديث اللَّوح بسند معتبر، وبالله التوفيق.

روى الشيخ المفيد إماميٌّ ثقة جليل في كتاب الإرشاد 2 : 346 ، قال:

أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد [إماميٌّ ثقة جليل] ، عن محمد بن يعقوب [إمامي ثقة جليل] ، عن محمد بن يحيى [إمامي ثقة جليل] ، عن محمد بن الحسين [إمامي ثقة جليل] ، عن ابن محبوب [إمامي ثقة جليل]… إلخ.

أقول: السند ـ إلى هنا صحيح ـ مُسلسلٌ بثقات الإماميَّة الأجلَّاء.

رجعنا إلى كتاب الإرشاد:

عن أبي الجارود، عن أبي جعفر محمَّد بن علي عليه السلام، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: دخلتُ على فاطمةَ بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلَّم) وبين يديها لوحٌ فيه أسماء الأوصياء والأئمَّة من وُلدها، فعددتُ اثني عشر اسماً آخرهم القائم من ولد فاطمة، ثلاثةٌ منهم محمَّدٌ، وأربعةٌ منهم عليٌّ. انتهى.

أقول: أبو الجارود الواقع في السند هو رأس الزيديَّة الذي أشرنا إلى ذكره آنفاً، ورواية الحديث عنه لا تخلو من دلالة على أنه كان اثناعشرياً مع كونه من أعلام الزيديَّة. وهذا ممَّا يؤيَّد النظرية القائلة بأنَّ الزيدية لم تكن في بداية نشأتها مباينةً للاثناعشريَّة، وإنَّما حصل التبايُن بمرور الزَّمن بفعل عوامل لا يتَّسع المجال لتفصيلها.

وأبو الجارود زيدي ثقة وفاقاً لجملة من الأساطين، منهم السيِّد الخوئي قدِّس سرُّه.

فالسند معتبرٌ على التحقيق، وصحَّته إلى ما قبل أبي الجارود ممَّا يجمع عليه علماءُ الإمامية. ومن يضعِّف أبا الجارود، يحكم ـ أيضاً ـ بالاعتبار لكون الحديث من باب الإقرار، وهو سيِّد الأدلَّة، فيتَّضح من ذلك أنَّ الحديث معتبر ـ بهذا المعنى ـ بإجماع الإماميَّة.

وهنا نريد أن نهمس في آذان الأعزَّاء الإماميَّة الذين يشكُّون في معرفة الإمام زيد (ع) بالأئمَّة الاثني عشر (ع) ، فنقول لهم: إن كان أبو الجارود يعرف الاثني عشر (ع) ، أفتظنُّون أنَّ الإمام زيداً لم يكن يعرفهم؟!

وهل تعلمون أنَّ حديث الاثني عشر مرويٌّ عن الإمام زيد (ع) أيضاً بعدَّة أسانيد؟ وتفصيل ذلك في موضع آخر.

والحمدُ لله ربِّ العالمين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى