مقالات

حول الصلاة البتراء

بسم الله الرحمن الرحيم

✍🏻 زكريا بركات

الصلاة البتراء – أي المبتورة الناقصة – صارت مِن العلامات البارزة التي يتميَّز بها أهل السنة (إلاّ مَن شذَّ) عن أتباع أهل البيت عليهم السلام، حيث تجد أهل السنة في ماضيهم وحاضرهم ـ إذا أرادوا أن يُصلُّوا على النبي ـ يقولون: “صلى الله عليه وسلم” أو “عليه الصلاة والسلام” أو ما شابه ذلك، فلا يُصلُّون على الآل ـ أي آل النبي ـ مع صلاتهم على النبي عليه وعليهم الصلاة والسلام، وهو معنى الصلاة البتراء.

ما هي السنة النبوية في كيفية الصلاة على النبي؟

إن الصلاة على الآل وردت في السنة النبوية عندما علّم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) المسلمين كيفيّةَ الصلاة عليه، فانظر: صحيح البخاري (6/ 27) و “صحيح مسلم” (2/ 16) .. وغيرهما.

ولذلك قال الشوكاني في تفسيره “فتح القدير” (4/ 303 ـ 304) :

“جميع التعليمات الواردة عنه صلى الله عليه وآله وسلم مشتملة على الصلاة على آله معه، إلاّ النادر اليسير من الأحاديث، فينبغي للمصلِّي عليه أن يضم آله إليه في صلاته عليه، وقد قال بذلك جماعة ونقله إمام الحرمين والغزالي قولاً عن الشافعي كما رواه عنهما ابن كثير”.

لماذا حذفوا ذكر الآل من الصلاة على النبي؟

صرَّح الإمامُ الصنعاني في سبُل السلام (1 / 193) أن هذا البتر والقطع للصلاة بحدف ذكر الآل منها، هو أمر وقع من باب التقية والخوف من بني أمية، ثم استمر بغير مبرِّر، فقال الصنعاني:

“كَأَنَّهُمْ حَذَفُوهَا خَطَأً تَقِيَّةً لَمَّا كَانَ فِي الدَّوْلَةِ الْأُمَوِيَّةِ مَنْ يَكْرَهُ ذِكْرَهُمْ، ثُمَّ اسْتَمَرَّ عَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ مُتَابَعَةً مِنْ الْآخِرِ لِلْأَوَّلِ، فَلَا وَجْهَ لَهُ”.

ما حُكم الصلاة البتراء؟

الصحيح المستفاد من الأدلة أن الصلاة البتراء هي بحكم اللاصلاة، أي إنه لا يمكن القول بأنها صحيحة مقبولة؛ وذلك لأنها صيغة مختلقة لم يرد النص بها، بل هي عبارة عن حذف لعنصر أساس في الصلاة التي علَّمها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) المسلمين، ولذلك فإن هذا البتر يحول دون إمكانية تصحيح هذه الصلاة.. فالذي يصلي الصلاة البتراء (بحذف الآل) كأنه لم يصل على النبي..

وفي ذلك قال إمامُ أهل السنة الصنعاني في “سُبل السلام” (1/ 193) :

“الصلاة عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) لا تتم، ويكون العبد مُمتثِلاً بها، حتى يأتي بهذا اللفظ النبوي الذي فيه ذكر الآل”.

بعض ما روي عن رسول الله (ص) وأهل البيت (ع) حول الصلاة البتراء:

في كتاب الوسائل 7 : 207 بسنده عن رسول الله (ص) أنه قال: “لا تصلوا عليَّ صلاةً مبتورة، بل صِلوا إليَّ أهل بيتي ولا تقطعوهم…”.

وفي كتاب الأمالي للصدوق (ص580) بسنده عن رسول الله (ص) أنه قال: “إذا صلَّى عليَّ ولم يتبع بالصلاة على أهل بيتي، كان بينها وبين السماء سبعون حجاباً، ويقول الله جل جلالُه: لا لبيك ولا سعديك، يا ملائكتي لا تصعدوا دعاءه إلا أن يلحق بنبيه عترته…”.

وفي الأمالي للصدوق (ص200) بسنده عن رسول الله (ص) أنه قال: “من صلى علي ولم يصل على آلي، لم يجد ريح الجنة…”.

وفي الكافي 2 : 495 بسنده عن الإمام جعفر الصادق (ع) قال: سمع أبي رجلاً متعلِّقاً بالبيت وهو يقول: اللهم صلى على محمد، فقال له أبي: يا عبد الله لا تبترها، لا تظلمنا حقَّنا، قل: اللهم صل على محمد وأهل بيته.

وفي كتاب “شرف المصطفى” لأبي سعد الخركوشي (ت 407 هـ) 5 : 107 ، برقم (2047) قال: “وعن بعض الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تصلوا عليّ الصلاة البتراء، قالوا: وما الصلاة البتراء يا رسول الله؟ قال: لا تقولوا: اللهمّ صل على محمد وتمسكوا، بل قولوا: اللهمّ صل على محمد وآل محمد”.

هذا باختصار، والحمد لله رب العالمين.

https://chat.whatsapp.com/Ip9Ybjmpvt50fxj9uMMmac

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى