وحكي أنّ الحسن عليه السلام لما أشرف على الموت ، قال له الحسين : أريد أن أعلم حالك يا أخي ، فقال له الحسن : سمعت النبي (ص) يقول : لا يفارق العقل منّا أهل البيت مادام الروح فينا فضع يدك في يدي حتّى إذا عاينت ملك الموت أغمز يدك ، فوضع يده في يده فلمّا كان بعد ساعة غمز يده غمزاً خفيفاً فقرب الحسين اذنه إلى فمه فقال : قال لي ملك الموت : أبشر فان الله عنك راض وجدّك شافع.
وقال الحسين عليه السلام لما وضع الحسن في لحده (۱) :
أو استمتع الدنيا لشيء اُحبّه | إلى [ ألا ] كل ما أدنا إليك حبيب | |
فلا زلت أبكي ما تغنت حمامة | عليك وما هبت صبا وجنوب | |
وما هملت عيني من الدمع قطرة | وما اخضر في دوح الحجاز قضيب | |
بكائي طويل والدموع غزيرة | وأنت بعيد والمزار قريب | |
غريب وأطراف البيوت تحوطه | الا كل من تحت التراب غريب | |
ولا يفرح الباقي خلاف الذي مضى | وكل فتى للموت فيه نصيب | |
فليس حريب من اُصيب بماله | ولكن من وارى أخاه حريب | |
نسيبك من أمسى يناجيك طيفه | وليس لمن تحت التراب نسيب (۲) |
الهوامش
(۱) قال سبط ابن الجوزى في التذكرة ص ۱۲۲ : ولما دفن قام أخوه محمّد ابن الحنفيّة على قبره باكياً وقال : رحمك الله أبا محمّد ! لئن عزت حياتك لقد هدت وفاتك ولنعم الروح روح عمر به بدنك ، ولنعم البدن بدن تضمنه كفنك ، وكيف لا ، وأنت سليل الهدى ، وحليف أهل التقى ، وخامس أصحاب الكساء.
ربيت في حجر الاسلام ، ورضعت ثدي الايمان ، ولك السوابق العظمى ، والغايات القصوى ، وبك أصلح الله بين فئتين عظيمتين من المسلمين ، ولم بك شعث الدين ، فعليك السلام فلقد طبت حيّاً وميّتاً ، وأنشد :
سأبكيك ما ناحت حمامة أيكة | وما أخضر في دوح الرياض قضيب | |
غريب وأكناف الحجاز تحوطه | ألا كل من تحت التراب غريب |
(۲) مناقب آل أبى طالب ج ٤ ص ٤٤ و ٤٥.
مقتبس من كتاب : [ بحار الأنوار ] / الجزء : ٤٤ / الصفحة : ۱٦۰