إذا خال الإنسان العفو والمغفرة بعيدين لشدة وكثرة ذنوبه فيئس واعتبر أن لا فائدة من التوبة فيجب أن يعلم:
1- أن يأسه أسوأ من كل ذنوبه السابقة، لأن اليأس الكلي شاهد على الإبتعاد والإنقطاع عن الله، ودليل على احتجاب الفطرة الأولية، لأنه عندما يكون نور الإيمان في قلب الشخص فمن المستحيل أن ينقطع عن ربه ويصاب بيأس مستمر، نعم يمكن أن يبتلى بيأس قصير نتيجة للغفلة، ولكنه يعود ويتوب بعد تذكر سعة الرحمة الإلهية فيأمل من جديد ويستغفر على أمل المغفرة.
كل الذنوب يمكن غفرانها
الأدلة العامة لقبول التوبة في القرآن الكريم والسنة المتواترة لاتقبل التخصيص والإستثناء أبدًا حتى يقال هذا ذنب لا يمكن أن يغفر أبدًا.
يقول عز من قائل:﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ … ﴾ 1. ومن أسمائه الشريفة أيضًا: التوّاب، الغفًار، الغفور، غافر الذنب، وقابل التوب.
لقد دعا المذنبين وأمرهم بالتوبة، ويكفي التأمل في هذه الآية لمعرفة كيفية العلاج من اليأس:﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ 2.
في هذه الآية الشريفة لا بدَّ من الإشارة إلى مجموعة أمور أربعة مهمة:
الأول: أنه قال:﴿ … يَا عِبَادِيَ … ﴾ 2 وهي تتضمن لطف في الخطاب ولم يقل: (يا أيها العصاة).
الثاني: وقال أيضًا:﴿ … أَسْرَفُوا … ﴾ 2 وهي تشتمل أيضًا على الرفق في الخطاب فلم يقل: (أخطأوا) .
الثالث: أنه قال:﴿ … لَا تَقْنَطُوا … ﴾ 2 وهي تدل بصراحة على النهي عن القنوط، وحرمة اليأس من مغفرة الله.
الرابع: أنه أكّد ذلك بجملة: ﴿ … إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ … ﴾ 2.
الخامس: أنه عمّ مغفرته لجميع الذنوب بقوله:﴿ … جَمِيعًا … ﴾ 2 ولم يخصصها بالبعض.
السادس: أنه أكد الأمر ثانية بجملة:﴿ … إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ 2 3.
- 1. القران الكريم: سورة الشورى (42)، الآية: 25، الصفحة: 486.
- 2. a. b. c. d. e. f. g. القران الكريم: سورة الزمر (39)، الآية: 53، الصفحة: 464.
- 3. المصدر: موقع حوزة الإمام أمير المؤمنين (ع) الدينية.