مقالات

ردة فعل أم سلمة حين سمعت بمقتل الإمام الحسين (بسند سني صحيح)

بسم الله الرحمن الرحيم

روى الحافظ ابن سعد في الطبقات الكبرى (الجزء المتمم) 1 : 495 – 496 برقم 452 ، طبعة مكتبة الصديق – الطائف، قال:

قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري. قال: حدثنا قرة بن خالد. قال: أخبرني عارم بن عبد الواحد. عن شهر بن حوشب. قال: أنا لعند أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فسمعنا صارخة، فأقبلت حتى انتهت إلى أم سلمة فقالت: قُتل الحسين. قالت: قد فعلوها! ملأ الله بيوتهم أو قبورهم عليهم ناراً. ووقعت مغشياً عليها. قال: وقمنا. انتهى.

أقول: هذا إسناد صحيح أو حسن، رجاله رجال صحيح مسلم، ما عدا محمد بن سعد (مؤلف الطبقات الكبرى) وهو حافظ صدوق من أهل العلم والفضل.

فوائد هذا الخبـر الصحيح:

1 ـ أم سلمة (رض) عبَّرت عن قتل الحسين (ع) بـ (قد فعلوها) ، وهو تعبير يدل على أنها كانت تنتظر وتتوقع سماع هذا الخبر، وهذا يدل على أن مقتل الحسين كان معلوماً عندها، كأن يكون لإخبار النبي (ص) أو لتحقق الأحداث الممهدة لذلك أو للسببين معاً.

2 ـ أم سلمة (رض) دعت على قتلة الإمام الحسين (ع) بـ (ملأ الله بيوتهم ـ أو قبورهم ـ عليهم ناراً) ، وهذا يعني أنها تعتقد باستحقاق قتلة الإمام الحسين (ع) للعذاب الدنيوي أو الأخروي، وأنها ترى مشروعية الدعاء عليهم بذلك، وهذا يخطِّئ فكرتين سائدتين عند البعض حين يقولون: (اجتهد فأخطأ فله أجر) ، وحيي يقولون: (قد سلم الله أيدينا من أن نشاركهم في الفتنة، فلننزه ألسنتنا عن التعرض لهم) .

3 ـ أم سلمة (رض) ـ وهي صحابية ـ لم تعترض على الصراخ، ولم تعتبره منكراً، وهذا يعني أن الصراخ تعبيراً عن الافتجاع بالمصاب (خصوصاً على الحسين عليه السلام) هو أمرٌ متعارف عليه ولا يعد منكراً في نظر أم سلمة.

4 ـ أم سلمة (رض) وقعت مغشياً عليها من وقع المصيبة عليها، وهذا يدل على عظمة مصابها بمقتل الحسين (ع) في قلبها، كما يدل على مشروعية مظاهر المبالغة بالجزع والحزن على مصاب الإمام الحسين (ع) ، وهذا يخطِّئ فكرتين عند البعض حين يقولون: (لماذا هذه المبالغة) وربما عبروا عن مظاهر الجزع بالرياء! وحين يقولون: (الحسين مضى شهيداً وهو في الجنة، فلماذا البكاء واللطم) ، فنقول لهم: ففسروا لنا ردة فعل أم سلمة ووقوعها مغشياً عليها، لماذا تتعامل بهذه الطريقة مع الخبر مع أن الحسين (ع) في الجنة؟!

إن مشكلة هؤلاء أنهم لا يفهمون أن الجزع ليس هو على مضي الإمام الحسين (ع) شهيداً، بل هو على الظلم الذي وقع عليه وعلى أهل بيته بأبشع وأقسى الصور، هذا مع أنهم أحبَّاء الله تعالى وخير من على وجه الأرض.

والحمد لله رب العالمين.

✍🏻 زكريا بركات

https://chat.whatsapp.com/FBadxXLwsrl8soEwFPWSKb

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى