إنّ من أعظم المعاصي:
الشرك بالله تعالى، واليأس من روح الله تعالى أي رحمته وفرجه، والأمن من مكر الله تعالى أي عذابه للعاصي وأخذه إيّاه من حيث لا يحتسب، وإنكار ما أنزله الله تعالى، والمحاربة لأولياء الله تعالى، واستحقار الذنب فإنّ أشدّ الذنوب ما استهان به صاحبه، وعقوق الوالدين وهو الإساءة إليهما بأيّ وجه يعدّ تنكّراً لجميلهما على الولد، وقتل المسلم بل كلّ محقون الدم وكذلك التعدّي عليه بجرح أو ضرب أو غير ذلك، وقذف المحصن والمحصنة وهو رميهما بارتكاب الفاحشة كالزناء من دون بيّنة عليه، وأكل مال اليتيم ظلماً، والبخس في الميزان والمكيال ونحوهما بأن لا يوفّي تمام الحقّ إذا كال أو وزن ونحو ذلك، والسرقة وكذلك كلّ تصرّف في مال المسلم ومَنْ بحكمه مِنْ دون رضاه، والفرار من الزحف، وأكل الربا بنوعيه المعامليّ والقرضيّ، والزناء واللواط والسحق والاستمناء وجميع الاستمتاعات الجنسيّة مع غير الزوج والزوجة، والقيادة وهي السعي بين اثنين لجمعهما على الوطء المحرّم، والدياثة وهي أن يرى زوجته تفجر ويسكت عنها ولا يمنعها منه، والقول بغير علم أو حجّة، والكذب حتّى ما لا يتضرّر به الغير ومن أشدّه حرمةً الكذب على الله تعالى أو على رسوله (صلّى الله عليه وآله) والأوصياء (عليهم السلام) وشهادة الزور والفتوى بغير ما أنزل الله، واليمين الغَموس وهي الحلف بالله تعالى كذباً في مقام فصل الدعوى، وكتمان الشهادة ممّن أشهد على أمر ثُمَّ طلب منه أداؤها بل وإن شهده من غير إشهاد إذا ميّز المظلوم من الظالم فإنّه يحرم عليه حجب شهادته في نصرة المظلوم.
ومن أعظم المعاصي أيضاً:
ترك الصلاة متعمّداً وكذلك ترك صوم شهر رمضان وعدم أداء حجّة الإسلام ومنع الزكاة المفروضة، وقطيعة الرحم وهي ترك الإحسان إليه بأيّ وجه في مقام يتعارف فيه ذلك، والتعرّب بعد الهجرة والمقصود به الانتقال إلى بلد ينتقص فيه الدين أي يضعف فيه إيمان المسلم بالعقائد الحقّة أو لا يستطيع أن يؤدّي فيه ما وجب عليه في الشريعة المقدّسة أو يجتنب ما حرم عليه فيها، وشرب الخمر وسائر أنواع المسكرات وما يلحق بها كالفقّاع (البِيرَة)، وأكل لحم الخنزير وسائر الحيوانات محرّمة اللحم وما أزهق روحه على وجه غير شرعيّ، وأكل السحت ومنه ثمن الخمر ونحوها وأجر الزانية والمغنّية والكاهن وأضرابهم، والإسراف والتبذير والأوّل هو صرف المال زيادة على ما ينبغي والثاني هو صرفه فيما لا ينبغي، وحبس الحقوق الماليّة من غير عسر، ومعونة الظالمين والركون إليهم وكذلك قبول المناصــب مــن قبلهـم إلّا فيما إذا كــان أصل العمــل مشروعاً وكان التصــدّي له في مصلحــة المسلمين.
وغيبة المؤمن وهي أن يذكر بعيب في غيبته ممّا يكون مستوراً عن الناس، سواء أكان بقصد الانتقاص منه أم لا، وسواء أكان العيب في بدنه أم في نسبه أم في خلقه أم في فعله أم في قوله أم في دينه أم في دنياه أم في غير ذلك ممّا يكون عيباً مستوراً عن الناس، كما لا فرق في الذكر بين أن يكون بالقول أم بالفعل الحاكي عن وجود العيب، وتختصّ الغيبة بصورة وجود سامع يقصد إفهامه وإعلامه أو ما هو في حكم ذلك، كما لا بُدَّ فيها من تعيين المغتاب فلو قال: (واحد من أهل البلد جَبان) لا يكون غيبة، وكذا لو قال: (أحد أولاد زيد جَبان)، نعم قد يحرم ذلك من جهة لزوم الإهانة والانتقاص لا من جهة الغيبة.
ويجب عند وقوع الغيبة التوبة والندم، والأحوط استحباباً الاستحلال من الشخص المغتاب – إذا لم تترتّب على ذلك مفسدة – أو الاستغفار له، بل لو عُدَّ الاستحلال تداركاً لما صدر منه من هتك حرمة المغتاب فالأحوط لزوماً القيام به مع عدم المفسدة.
وتجوز الغيبة في موارد:
منها: المتجاهر بالفسق فيجوز اغتيابه في غير العيب المستتر به.
ومنها: الظالم لغيره فيجوز للمظلوم غيبته والأحوط وجوباً الاقتصار على ما لو كانت الغيبة بقصد الانتصار لا مطلقاً.
ومنها: نصح المؤمن فتجوز الغيبة بقصد النصح كما لو استشاره شخص في تزويج امرأة فيجوز نصحه وإن استلزم إظهار عيبها، بل يجوز ذلك ابتداءً بدون استشارة إذا علم بترتّب مفسدة عظيمة على ترك النصيحة.
ومنها: ما لو قصد بالغيبة ردع المغتاب عن المنكر فيما إذا لم يمكن الردع بغيرها.
ومنها: ما لو خيف على الدين من الشخص المغتاب فتجوز غيبته لئلّا يترتّب الضرر الدينيّ.
ومنها: جرح الشهود.
ومنها: ما لو خيف على المغتاب أن يقع في الضرر اللازم حفظه عن الوقوع فيه فتجوز غيبته لدفع ذلك عنه.
ومنها: القدح في المقالات الباطلة وإن أدّى ذلك إلى نقص في قائلها.
ويجب النهي عن الغيبة بمناط وجوب النهي عن المنكر مع توفّر شروطه، والأحوط الأولى لسامعها أن ينصر المغتاب ويردّ عنه ما لم يستلزم محذوراً.
ومن أعظم المعاصي الأُخرى:
سبّ المؤمن ولعنه وإهانته وإذلاله وهجاؤه وإخافته وإذاعة سرّه وتتبّع عثراته والاستخفاف به ولا سيّما إذا كان فقيراً، والبهتان على المؤمن وهو ذكره بما يعيبه وليس هو فيه، والنميمة بين المؤمنين بما يوجب الفرقة بينهم، والغشّ للمسلم في بيع أو شراء أو نحو ذلك من المعاملات، والفحش من القول وهو الكلام البذيء الذي يستقبح ذكره، والغدر والخيانة ونقض العهد حتّى مع غير المسلمين، والكبر والاختيال وهو أن يظهر الإنسان نفسه أكبر وأرفع من الآخرين من دون مزيّة تستوجبه، والرياء والسمعة في الطاعات والعبادات، والحسد مع إظهار أثره بقول أو فعل وأمّا من دون ذلك فلا يحرم وإن كان من الصفات الذميمة، ولا بأس بالغبطة وهي أن يتمنّى الإنسان أن يرزق بمثل ما رزق به الآخر من دون أن يتمنّى زواله عنه.
ومن أعظم المعاصي أيضاً: الرشوة على القضاء إعطاءً وأخذاً وإن كان القضاء بالحقّ، والقمار سواء أكان بالآلات المعدّة له كالشطرنج والنرد والدوملة أم بغير ذلك ويحرم أخذ الرهن أيضاً، والسحر فعله وتعليمه وتعلّمه والتكسّب به، والغناء، واستعمال الملاهي كالضرب على الدفوف والطبول والنفخ في المزامير والضرب على الأوتار على نحو تنبعث منه الموسيقى المناسبة لمجالس اللهو واللعب.
وهناك محرّمات غير ما تقدّم ذُكر البعض منها في مواضع أُخرى من هذه الرسالة، كما ذكر فيها بعض ما يتعلّق بعدد من المحرّمات المتقدّمة من موارد الاستثناء وغير ذلك، عصمنا الله تعالى من الزلل ووفّقنا للعلم والعمل إنّه حسبنا ونعم الوكيل 1.
- 1. المصدر: منهاج الصالحين لسماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني دامت بركاته.