تعريف الزنى
الزِّنى : وَطءُ الذكر للأُنثى حراماً من دون عقد ، و عند فقهائنا هو إيلاج البالغ العاقل ذَكَرَهُ قدر الحشفة في فرج الأُنثى المُحَرَّمة من غير عقد و لا ملك و لا شُبهة عالما مختارا .
و الزاني : فاعل الزنى ، و الجمعُ زناة كقُضاة .
حكم الزنى
و الزنى حرام في الشريعة الإسلامية بنص القرآن الكريم ، فقد قال الله عَزَّ و جَلَّ : ﴿ وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً ﴾ 1 .
و قال عَزَّ مِنْ قائل : ﴿ الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ 2 .
و قال جَلَّ جَلالُه : ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ﴾ 3 .
عقاب الزناة
لمرتكب الزنى ذكراً كان أم اُنثى عقابان :
الاول : العقاب الدنيوي
العقاب الدنيوي لجريمة الزنى هو الحَدُّ الشرعي 4 ، و هو على أنواع :
1. القَتْل : و هو حدُّ الزاني بالمُحرَّمات نَسَبَاً ، و حَدُّ الزاني بإمرأة أبيه ، و حَدُّ من أكره إمرأةً على الزنى .
2. الجَلْدُ 5 .
و أمَّا صورة الجَلْد فهي أن يُجْلَد الرجُلُ و هو واقف ، و يُجَرَّد من ثيابه حين الضرب إن قُبض عليه حين الزنى عارياً ، و إلا فلا تجريد ، و أما المرأة فتُجْلَد جالسة ، و لا تُجَرَّد من ثيابها . و الرَجْمُ 6 معاً : للشيخ 7 المُحْصَن 8 و الشيخة المُحْصَنة .
3. الرَجْمُ فقط : للمُحْصن و المحصنة غير الشيخ و الشيخة .
4. الجَلْدُ و الحَلْقُ و النَفيُ 9 للشاب غير المُحْصَن .
5. الجَلْدُ فقط : للمرأة غير المُحصنة .
الثاني : العقاب الاخروي
أما العقاب الأُخروي لمعصية الزنى فقد تَحَدَّثت عنه روايات عديدة ، منها ما رُوِيَ عن النبي المصطفى ( صلى الله عليه و آله ) : ” أَلَا وَ مَنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ أَوْ يَهُودِيَّةٍ أَوْ نَصْرَانِيَّةٍ أَوْ مَجُوسِيَّةٍ ، حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ ، ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهُ ، وَ مَاتَ مُصِرّاً عَلَيْهِ ، فَتَحَ اللَّهُ لَهُ فِي قَبْرِهِ ثَلَاثَمِائَةِ بَابٍ تَخْرُجُ مِنْهَا حَيَّاتٌ وَ عَقَارِبُ وَ ثُعْبَانُ النَّارِ ، فَهُوَ يَحْتَرِقُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، فَإِذَا بُعِثَ مِنْ قَبْرِهِ تَأَذَّى النَّاسُ مِنْ نَتْنِ رِيحِهِ ، فَيُعْرَفُ بِذَلِكَ وَ بِمَا كَانَ يَعْمَلُ فِي دَارِ الدُّنْيَا حَتَّى يُؤْمَرَ بِهِ إِلَى النَّارِ .
أَلَا وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ حَرَّمَ الْحَرَامَ وَ حَدَّ الْحُدُودَ ، فَمَا أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ، وَ مِنْ غَيْرَتِهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ ” 10 .
و عَنْ الإمام أمير المؤمنين علي ( عليه السَّلام ) أنه قال :
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ” يؤتى بالزاني يوم القيامة حتى يكون فوق أهل النار ، فيقطُرُ قطرة من فرجه فيتأذى بها أهل جهنم من نَتِنِها ، فيقول أهل جهنم للخُزَّان ما هذه الرائحة المنتنة التي قد آذتنا ؟
فيقال لهم : هذه رائحة زانٍ .
و تؤتى بامرأة زانية فيقطُرُ قطرة من فرجها فيتأذى بها أهل النار من نَتِنِها ” 11 .
- 1. القران الكريم : سورة الإسراء ( 17 ) ، الآية : 32 ، الصفحة : 285 .
- 2. القران الكريم : سورة النور ( 24 ) ، الآية : 3 ، الصفحة : 350 .
- 3. القران الكريم : سورة الفرقان ( 25 ) ، الآية : 68 ، الصفحة : 366 .
- 4. المراد بالحَدِّ هنا العقوبة التي نص عليها الشارع ، و أوجب انزالها بالعاصي المرتكب جريمة معينة ، و الغاية منه الرَّدع و الزجر عن المُحَرَّمات ، و يُسمَّى الحَدُّ عُقُوبةً مقَدَّرَة ، لأن الشارعَ هو الذي قدَّرَها .
و قال الفقهاء : ان أسباب الحد سبعة : الزنى ، و ما يتبعه كاللواط و المساحقة و القياد ، و القذف ، و شرب الخمر ، و السرقة ، و قطع الطريق ، و الارتداد . - 5. الجَلْدُ : هو الضَرْبُ بالسَّوط ، و السَّوطُ هو ما يُجْلَدُ به ، و مقدار الجَلْد هو مئةُ سَوط ، لقول الله عَزَّ و جَلَّ : ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ القران الكريم : سورة النور ( 24 ) ، الآية : 2 ، الصفحة : 350 .
- 6. الرَجْم : هو القَتْلُ رمياً بالحجارة ، و أمَّا صورة الرَّجْم فهي أن تُحفر حُفرة ، و توضع فيها المرأة إلى صدرها ، و الرجل إلى حَقْوَيه ، ثم يَرْمِي الناسَ على الزاني بأحجار صغار .
قالالإمام الصادق ( عليه السَّلام ) : ” تدفن المرأة إلى وسطها ، ثم يرمي الإمام ، و يرمي الناس بأحجار صغار ، و لا يدفن الرجل إذا رجم إلاّ إلى حقويه ” .
هذا ، بعد أن يغتسل ، و يتحنط ، و يلبس الكفن ، أما الصلاة عليه فبعد الموت بالبداهة لأن موضعها صلاة الميت .
و إذا هرب الزاني من الحفرة وجب اعادته إليها ان كان قد ثبت عليه الزنى بالبَيِّنَة ، و لا يُعاد ، بل يترك و شأنه ان كان هو الذي أقرَّ على نفسه بالزنى ، فقد سئل الإمام ( عليه السَّلام ) عن المحصن إذا هرب من الحفرة ، هل يرد ، حتى يقام عليه الحد ؟ فقال : إذا كان هو المُقِّرُ على نفسه ثم هرب من الحفيرة بعد ما يصيبه شيء من الحجارة لم يرد ، و ان كان قد قامت عليه البينة ، هو جاحد ، ثم هرب رُدَّ و هو صاغر حتى يقام عليه الحد . - 7. الشيخ : من جاوز ست و أربعين سنة ، و الشيخ فوق الكهل ، و الجمع شيوخ و أشياخ ، و الشيخة : مؤنث الشيخ .
- 8. الإحصان في اللغة هو المنع ، و المراد به هنا أن يكون الإنسان البالغ العاقل متزوجاً بالعقد الدائم ، و أن يطأ في القُبُل ، و أن يتهيأ للزوج الوطء متى يشاء ، فإذا لم يكن متزوجاً أو كان ، و لكن لم يحصل وطء ، أو حصل ، ثم غاب عنها أو غابت عنه ، أو امتنعت عنه لسبب من الأسباب فلا يترتب عليه حكم الاحصان .
و لا تكون المرأة مُحَصنة إلاّ بهذه الشروط ، ما عدا التمَكُّن من الوَطء فانه يعتبر في حق الزوج خاصة دون الزوجة . - 9. النَّفْيُ : هو الإبعاد من البلد الذي حُدَّ فيه ، أو من بلد سُكناه إلى بلد آخر .
- 10. من لا يحضره الفقيه : 4 / 11 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن حسين بن بابويه القمي المعروف بالشيخ الصدوق ، المولود سنة : 305 هجرية بقم ، و المتوفى سنة : 381 هجرية ، طبعة انتشارات اسلامي التابعة لجماعة المدرسين ، الطبعة الثالثة ، سنة : 1413 هجرية ، قم / إيران .
- 11. الجعفريات ( الأشعثيات ) : 99 ، لأبي علي محمد بن محمد بن الأشعث الكوفي ، طبعة : المطبعة الإسلامية ، إيران .