نص الشبهة:
هل صحيح ما جاء في كتاب “أصول الشريعة في عقايد الشيعة” أنه يكفي للمسلم إحدى الشهادتين ؟!
الجواب:
جاءت هذه الإجابة ضمن مجموعة من الإجابات المنشورة في كتاب “أجوبة على بعض علماء الطالبان” 1.
يظهر أن مقصود الكاتب أن يشكل علينا بأنه يوجد عندكم قولٌ لأحد علمائكم أو حديث ، بأن من قال : ( لاإله إلا الله دخل الجنة ) فكيف يدخل الجنة بشهادة واحدة ، ولم يشهد للنبي صلى الله عليه و آله بالنبوة ؟
وكتاب ( أصول الشريعة ) المذكور في كلامه لا نعرفه ، وقد يكون كتاباً لأحد علماء باكستان الشيعة ، وكان مقتضى الأمانة أن يورد نص كلامه ، ولكنه لم يفعل كعادته . و عقيدتنا أن الإسلام لا يتحقق إلا بالشهادة لله سبحانه بالوحدانية و لمحمد صلى الله عليه وآله بالنبوة ، وأن الإيمان الكامل لا يتحقق إلا بشروط أولها الشهادتان ، ثم الشهادة بالولاية لعترة النبي . صلى الله عليه وآله .
ففي الكافي : 2 / 18 : ( عن عجلان أبي صالح قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : أوقفني على حدود الإيمان ، فقال : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، والإقرار بما جاء به من عند الله ، وصلاة الخمس ، وأداء الزكاة ، وصوم شهر رمضان ، وحج البيت ، و ولاية ولينا و عداوة عدونا ، و الدخول مع الصادقين) انتهى .
ومع ذلك وردت عندنا أحاديث تدل على أن ثواب من قال ( لا إله إلا الله ) متيقناً بها ، دخول الجنة ، كالحديث الذي رواه في الكافي : 2 / 517 : ( عن الإمام الصادق عليه السلام قال : ثمن الجنة لا إله إلا الله و الله أكبر ) . و مثله ما رواه في الكافي : 2 / 519 : ( عنه عليه السلام قال : من قال في كل يوم : لا إله إلا الله حقاً حقاً لا إله إلا الله عبودية و رقاً ، لا إله إلا الله إيماناً و صدقاً ، أقبل الله عليه بوجهه ، ولم يصرف وجهه عنه حتى يدخل الجنة ) . انتهى .
ولكن هذه الأحاديث مشروطة بلا شك بالشهادة بالنبوة ، كما نصت عليه أحاديث أخرى ، كقول أمير المؤمنين عليه السلام في خطبة الوسيلة ، و هي في الكافي : 8 / 18 : ( وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، شهادتان ترفعان القول وتضاعفان العمل ، خفَّ ميزان ترفعان منه ، وثقل ميزان توضعان فيه ، وبهما الفوز بالجنة والنجاة من النار ، والجواز على الصراط ). انتهى .
وثانياً ، إن إعلان شهادة التوحيد مشروط بأن يكون صاحبها على يقين بها ، و إلا لم تنفعه ، ففي الكافي : 3 / 122 : ( عن أبي بكر الحضرمي قال : مرض رجل من أهل بيتي فأتيته عائداً فقلت له : يا ابن أخي إن لك عندي نصيحة أتقبلها ؟ فقال : نعم ، فقلت قل : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، فشهد بذلك فقلت : إن هذا لا تنتفع به إلا أن يكون منك على يقين ، فذكر أنه منه على يقين فقلت قل : أشهد أن محمداً عبده و رسوله ، فشهد بذلك ، فقلت : إن هذا لا تنتفع به حتى يكون منك على يقين ، فذكر أنه منه على يقين فقلت قل : إشهد أن علياً وصيه و هو الخليفة من بعده و الإمام المفترض الطاعة من بعده ، فشهد بذلك ، فقلت له : إنك لن تنتفع بذلك حتى يكون منك على يقين ، فذكر أنه منه على يقين ثم سميت الأئمة عليهم السلام رجلاً رجلاً فأقر بذلك ، وذكر أنه على يقين . فلم يلبث الرجل أن توفى فجزع أهله عليه جزعاً شديداً ، قال : فغبت عنهم ثم أتيتهم بعد ذلك فرأيت عراءاً حسناً فقلت : كيف تجدونكم ، كيف عزاؤك أيتها المرأة ؟ فقالت : والله لقد أصبنا بمصيبة عظيمة بوفاة فلان رحمه الله وكان مما سخا بنفسي لرؤيا رأيتها الليلة ، فقلت : وما تلك الرؤيا ؟ قالت : رأيت فلاناً تعني الميت حياً سليماً ، فقلت : فلان؟ قال : نعم ، فقلت له : أما كنتَ متَّ ؟ فقال : بلى ، ولكن نجوت بكلمات لقنيها أبو بكر ، ولولا ذلك لكدت أهلك ) .
وثالثاً ، يشترط في صاحب الشهادة بالتوحيد والنبوة و الولاية ، أن يموت عليها ، وأن لا تسلب منه قبل موته ، فإن كثرة المعاصي قد توجب أن يسلب الشخص شهادة التوحيد قبل موته ، أعاذنا الله !
ففي الكافي : 3 / 123 : ( عن الإمام الصادق عليه السلام قال : ( ما من أحد يحضره الموت إلا وكل به إبليس من شيطانه أن يأمره بالكفر ويشككه في دينه حتى تخرج نفسه ! فمن كان مؤمناً لم يقدر عليه ، فإذا حضرتم موتاكم فلقنوهم شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول صلى الله عليه وآله ،حتى يموت ) انتهى .
و رابعاً ، يشترط أيضاً أن لا تسلب منه شهادة التوحيد يوم القيامة ، فقد ورد عن الصادقين من أئمة العترة صلوات الله عليهم ، أن شهادة التوحيد قد تسلب من صاحبها يوم القيامة بسبب معاصيه وانحرافه ، فلا يذكرها ليقولها ! ففي الكافي : 2 / 520 ، ( عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال : يا أبان إذا قدمت الكوفة فارو هذا الحديث : من شهد أن لا إله إلا الله مخلصاً وجبت له الجنة ، قال : قلت له : إنه يأتيني من كل صنف من الأصناف ، أفأروي لهم هذا الحديث ؟! قال : نعم يا أبان ، إنه إذا كان يوم القيامة و جمع الله الأولين و الآخرين فتسلب لا إله إلا الله منهم ، إلا من كان على هذا الأمر ) 2 .
- 1. كتب سماحة الشيخ الكوراني في مقدمة كتاب “أجوبة على بعض علماء الطالبان” : وصلتنا رسالة على شكل منشور من بعض علماء الوهابية في باكستان ، تتضمن خمسين سؤالاً أو إشكالاً ، وقد جمعوا فيها بعض الأحاديث والنصوص من مصادر مذهبنا ، وبعض كلمات من مؤلفات لعلماء شيعة ، وأكثرها مؤلفات غير معروفة ، وأرادوا أن يثبتوا بها كفر الشيعة ! وجعلوا عنوانها : هل الشيعة كفار.. ؟ أحكموا أنتم !
وهذه إجابات عليها ، تكشف ما ارتكبه كاتبها من كذب على الشيعة ، وبتر للنصوص ، وتحريف للمعاني ، وسوء فهم ، وقد جمعنا الأسئلة في محاور ، ليكون الجواب على موضوعاتها ، والله ولي القبول والتوفيق .
وأصلها باللغة الفارسية وهذه ترجمتها بنصه : هل الشيعة كفار .. أحكموا أنتم ! - 2. أجوبة على اسئلة بعض علماء طالبان : القسم الأول : حول التوحيد و العدل .