فقد يمّم شطر مدينة النجف الرحالة البرتغالي (بيدرو تكسيرا) فقال متحدثا عنها في رحلته: ” دخلنا مشهد علي نهار السبت في الثامن عشر من أيلول سنة 1604- ربيع الثاني 1013 هجرية، فقصدت خانا من الخانات الكبيرة التي كانت تشبه في شكلها ومنظرها العام الصوامع الموجودة في البلاد الأوربية، وقد كانت هذه المدينة كبيرة، فإن دورها كانت قبل ما يزيد على خمسين أو ستين سنة نحو ستة آلاف أو سبعة آلاف مبنية بإتقان في الغالب، فأصبحت لا يزيد عدد بيوتها على الست مائة فقط, وإن آثار الأسواق العامرة المبنية بالطابوق كانت ما تزال شاخصة للعيان وإن الروضة الحيدرية كان فيها الكثير من النفائس الثمينة ومنها ثلاث ثريات من الذهب المطعم بالأحجار الكريمة، وكان عدد من الأمراء المسلمين والملوك قد أهدوها الى الحضرة المطهرة ” مشيرا الى أن النجف كانت تخضع في تلك الأيام الى الأتراك، وأن الماء الصالح للشرب فيها شحيح الى حد كبير.
كما زارها الرحالة الألماني (كارستن نيبور) الذي دخل النجف في 22 كانون الأول من سنة 1765م ما بين شهري جمادى ورجب من سنة 1279هجرية ” فذكر في رحلته أن الماء الذي كان الناس يحتاجونه للطبخ والاغتسال – في النجف – كانوا يستقونه من قنوات خاصة تمتد في باطن الأرض، لكن الماء الصالح للشرب كان يؤتى به محملا على ظهور الحمير من مسافة ثلاث ساعات. ومما يذكره عن عمران البلدة ان جهة من جهاتها يكثر فيها الكلس، الذي كان يحرق للحصول على مادة البناء منه، وان الخشب كان يندر وجوده ويرتفع ثمنه فيها. ولذلك كانت البيوت تشيد كلها بالطابوق والجص وتعقد سقوفها على شكل قبب وعقود، فتكون متينة البنيان عادة.وإن العلاقة بين أهل السنّة والشيعة في النجف وكربلا كانت علاقة حسنة إلى حد غير يسير. على انه يقول من جهة اُخرى ان الشيعة كان لابد لهم من أن يلتزموا جانب الهدوء لئلا يغضب عليهم الباشا في بغداد. ولم يفت (نيبور)، وهو الرجل العالم المدقق، أن يرسم مخططاً خاصاً لمشهد عليّ كما يسميه يشير فيه إلى معالم البلدة المهمة وشكلها العام، فهو يشير قبل كلّ شيء إلى أنها كانت في تلك الأيام محاطة بسور غير عامر يمكن الدخول إلى البلدة من عدة فجوات فيه، وان هذا السور كان فيه بابان كبيران هما “باب المشهد” و “باب النهر” وباب ثالث يسمى “باب الشام” لكنه يقول ان الباب الأخير كانت قد سدت فتحته بجدار خاص. ويضيف إلى هذا قوله ان الشكل الخارجي للبلدة يشبه شكل مدينة القدس، وان سعتها تقارب سعة القدس أيضاً.
ويقول الرحالة الألماني كذلك إن النجف كان فيها، عدا الجامع الكبير المشيد حول الضريح المطهّر، ثلاثة جوامع صغيرة أخرى. وقد عمد (نيبور) إلى تخطيط رسم خارجي عام للجامع الكبير، كما يسميه، وهو يذكر ان سقفه قد صرفت مبالغ طائلة على تزيينه وطليه بالذهب بحيث لا يمكن أن يوجد مبنى آخر في العالم أجمع يضاهيه بكلفة تسقيفه الباهظة. ويشيد كذلك بالمنظر الأخاذ الذي يبين للناظر إلى القبة المذهبة، ولاسيما حينما تسقط أشعة الشمس عليها، أو حينما تبين للرائي من بعد ستة أميال، وأن الجامع الكبير كان محاطا بساحة واسعة يقام فيها السوق كل يوم”.
وقد قدر نيبور عدد الزوار الذين يقصدون النجف وكربلاء يومذاك بحوالي (5000) زائر في السنة رغم شدة وقساوة وخطورة ظروف السفر تلك الأيام.
وزار العراق سنة 1855م السائح الألماني المتقن للغة العربية وقواعدها (بيترمان)، فذكر في رحلته التي طبعها سنة 1864م “أن زوار النجف وغيرها من العتبات المقدسة كانوا يتواردون من إيران الى بغداد باستمرار، وقد بلغ عددهم في تلك السنة حوالي ستين ألف زائر، وهو ما أحصاه (بيترمان) من عدد التذاكر التي أصدرتها السلطات التي كانت مسؤولة عن الحجر الصحي يومذاك في خانقين”[1]وهي زيادة كبيرة عما قدره السائح الألماني نيبور قبل حوالي 90 عاما من زيارة بيترمان.
وبرغم أن الرحالة والمؤرخين الفرنسيين يركزون جلّ اهتمامهم في العادة على أحوال بلدان مستعمراتهم وبخاصة ما كان منها في المغرب العربي، إلاّ أنهم اهتموا بدراسة مدينة النجف الأشرف وأحوال سكانها اهتماما خاصا، من ذلك مثلا ما كتبه فكتوربيرار وبارون كارا دي فو والرحالة جان باتيست تافرنييه وفونتانييه وأدريان دوبريه وجان ديولافوي وجاك بيرك الذي يعشق النجف وأهلها وتقاليدهم وفكرهم وبيير جان لويزارد الذي يعيش مع فكر المجتهدين في النجف الأشرف ويتبنى قضيتها وكأنه ولد فيها واصفا النجف بأنها ” تحتل الموقع الرابع في ترتيب المدن الإسلامية المقدسة بعد مكّة والمدينة والقدس. وأنّها مركز كلاسيكي للثقافة الإسلامية والتعليم الديني بالنسبة للعالم الإسلامي بأسره، فهي بمنزلة جامع الأزهر في القاهرة أو الزيتونة في تونس أو القيروان في فاس”.
فقد زار المسؤول الفرنسي المسيو فونتانييه والي بغداد في عصره، وحين دون ملاحظاته عن الزيارة أرجع ازدهار بغداد الى قربها من النجف لا العكس، مشيراً الى أهمية النجف في السياحة الدينية واستفادة بغداد العاصمة من ذلك كونها ممرا للزوار القاصدين الى النجف الأشرف عبرها فكتب يقول: ” إن بغداد وقد مررت بها في 1824م لم تكن بغداد الموصوفة في ألف ليلة وليلة وإنما لها طابعها الشرقي، فإنها أصبحت مجمعا للمسلمين نظرا لوجود ضريح الإمام علي على مسافة منها، ولا شك ان وجوده يدعو شيعته الى زيارته والقدوم اليه.
ويقال إن مائة ألف أجنبي يمرون سنويا بمدينته (أي مدينة الوالي: بغداد) للذهاب الى زيارة ضريح الإمام علي، وهذا الازدحام يجعل من أية نقطة في البر وسطا تجاريا كبيرا “.
وإذ يبدو المفكر الفرنسي جاك بيرك: ” مأخوذاً بعلم اجتماع المدينة واقتصادياتها وروابط الثقة بين الأفراد والجماعات والمنازعات والمفارقات. ولا يغفل كرم أهلها وعاداتهم وسحر مناظراتهم ويصب كلّ اهتمامه على الشعر والتعليم والفكر بشكل عام فيعطي للتعليم الديني النجفي مكانة راقية ومهمة، ويتحدث عن الشيعة بكثير من الإعجاب. ويحاول أن يقيس مدى تأثير التاريخ على حاضرهم، وكيف تجسدت ملحمة كربلاء على سلوكهم وحزنهم، فأصبحت الطقوس مشاعر إلهامية تستوحي التاريخ وتصب حكمته في الشعر الراقي والأدب الرفيع والمناظرات الاجتهادية. ويلاحظ أن النجف التي تعيش إرث هذا التاريخ الدامي لم تتوقف عن التواصل مع العالم الخارجي. فهي تقرأ لأعلام الأدب والفن الغربيين والشرقيين على حد سواء، وتؤثر أعمال هؤلاء على إبداعاتهم، ويذكر بيرك باحترام شديد قصص المدينة المقدسة ويأتي على أعلامها فيعجب بالفكر كما يعجب بمعاني الأسماء، ويذكر المناهج التعليمية ويتبنى نقدها وعدم برمجة المعارف التي تدرس في مدارسها، ولكنه يعترف بعمق هذه الدراسة لأنها تتسم بنوع من إدراك وحدة الجوهر للغة العربية التي يتغزل بنغمها ولحنها المقفى ويأسف انّ اليونانية واللاتينية قد خسرت صفاتها الشعرية القديمة “.
أقول: في الوقت الذي تأخذ النجف بألباب الباحث جاك بيرك، يتساءل الفرنسي لويزارد الملم بما قدمته مرجعية النجف للإسلام والمسلمين والعراق والعراقيين من دم وعرق وفكر ومال فيقول: ” هل تجد النجف مستقبلا يليق بمكانتها؟ فالنجف تحتل مكانة أساسية في قرار “القضية العراقية”. بالنسبة للشيعة سواء أكانوا دينيين أم علمانيين فالمرجع أو المجتهد يرمز إلى هويتهم. ومكانة النجف مرتبطة بشرعية المرجعية.
إنّ جعل النجف ” فاتيكان ” عراقية يمكن أن يمثل حلاً قد يضمن الهوية الشيعية من جهة ويسمح من ناحية ثانية بقيام حياة سياسية دنيوية في البلاد. ويشير إلى اتفاقية لاتران 1929م التي نظمت العلاقة الدولية الدينية الفاتيكانية مع الدولة الإيطالية، ويعتبرها نموذجاً لتنظيم علاقة مشابهة مع الدولة العراقية التي ينبغي أن تعترف باستقلالية معينة للمدينة المقدسة كمقدمة لاعتراف رسمي بالأهمية العددية للطائفة الشيعية في العراق.
ويقترح لويزارد أن تكون إدارة المدينة من قبل مكتب إداري مكون من مرجعيات ومجتهدين ووجهاء المدينة سيوفر لها الأمن من تدخلات الحكومة العراقية وتدخلات الدول الخارجية، انّ جعل النجف ” فاتيكان ” عراقية ستكون الحل الناجح للمدينة المقدسة، وبطبيعة الحال لن يكون هذا أمراً ممكناً إلاّ في حالة قيام نظام ديمقراطي تعددي يضمن الحريات للجميع”[2].
في 1853م زار النجف الرحالة الانكليزي (لوفتس)، فشد نظره المنظر المهيب للحرم العلوي المطهر حتى قال: إنه لا يمكن أن يصف الشعور الذي يخالج الناظر إلى جميع ما كان في داخل الجامع من زينة في البناء وتناسق في الألوان، لأن ما يراه كان لابدّ من أن يولِّد انطباعاً خالداً في نفسه. ويصف الرحالة الإنكليزي شكل الصحن الشريف والضريح المطهر الموجود في وسطه، مشيراً إلى زينة القاشاني المحتوية على الرسوم المتناسقة للطيور والأوراق النباتية والكتابات المذهبة، ثم يذكر ان أركاناً ثلاثة من أركان الصحن كانت تقوم فوقها مآذن ثلاث كسيت الاثنتان الأماميتان منها بالآجر المغلف بالذهب وهذه مع القبة كانت تؤلف منظراً فخماً يعجز عنه الوصف. وكانت القبة الكبرى المكسوة بالذهب وهي تتوهج في نور الشمس تبدو للرائي من بعيد وكأنها تلّ من الذهب يقوم من البراري الممتدة من حوله. كما كانت توجد بين يدي الضريح المطهر بركة من النحاس تزيد في جمالها أشعة الشمس المتراقصة فوق سطحها الصقيل اللمّاع الذي يكاد يحاكي سطح القبة نفسه في بهائه وتلألئه.
ويذكر لوفتس كذلك إن الصحن كانت تباع فيه أشياء وحاجات كثيرة، فيقارن ذلك بالمعبد في بيت المقدس الذي دخل اليه المسيح قبل ثمانية عشر قرناً فوجد الناس يبيعون فيه الثيران والأغنام والصرافين يتاجرون بالعملة.
ولقد لفتت نظره على الأخص طيور الحمام الكثيرة المتخذة من الحرم المطهر واحة سلام وأمن وطمأنينة ودعة.
وفي مطلع القرن العشرين قصدت السائحة الإنكليزية (المسز رولاند ويلكنس) العراق فكتبت في كتابها عن الرحلة انها مرت في طريقها الى بابل بجماعات الزوار الإيرانيين الذين كانوا في طريقهم لزيارة الإمام الحسين في كربلاء والإمام علي في النجف،وكان الكثير منهم يأتون من بلادهم مشيا على الأقدام للزيارة رغم صعوبة ذلك ومشقته وبعده عن مدنهم وخطورة مسالكه المليئة بقطاع الطرق والسراق[3].
ثم زار النجف في 19 مايس سنة 1917م بعد احتلال الإنكليز للعراق الجنرال البريطاني (السير رونالد ستورز) الملم باللغة العربية والحاكم البريطاني لمدينة القدس بعد احتلالها من قبل الإنكليز فيما بعد، فمرّ في السوق الكبير المؤدي إلى العتبة العلوية المقدسة، ومن هناك توجه إلى دار السيد عباس الكليدار. فخص بالذكر منه السرداب الكبير الذي تنخفض درجة الحرارة فيه بمقدار عشر درجات عن الخارج. وحينما صعد الضيف وقت الغروب إلى سطح دار مضيفه القريبة من الحضرة المطهرة، شاهد (ستورز) منه عن قرب القبة والمآذن وبرج الساعة في الصحن العلوي الشريف، وصوّر مناظر عدة من هناك على ضوء الشمس الغاربة، ثم استراح حتى دقت الساعة مشيرة إلى الثانية عشرة غروبية فتذكر حينذاك ساعة كيمبرج أو ” بيك بين ” المشهورة.
ومن طريف ما رواه الكاتب في حديثه عن النجف ما أورده من تفاصيل زيارته للمرجع الديني الأعلى في عصره سماحة السيد محمد كاظم اليزدي (قدس) فذكر السياسي البريطاني انه في الساعة الخامسة من عصر اليوم التالي لوصوله توجّه مع رفيقه المستر(غاربوت)، لزيارة العلامة الأكبر السيد كاظم اليزدي الذي يمتد نفوذه من العراق إلى أصفهان. ويذكر ستورز في هذا الشأن: ان الإنكليز لم يكونوا مطمئنين من موقف السيد تجاههم، وانه كان قد رفض مبلغ المئتي باون الذي قدم اليه على سبيل الهدية من قبل. وكان المستر غاربوت الذي رافق السير ستورز في السفرة من بغداد قد طلب اليه في هذه المرة أيضاً أن يتحايل على السيد اليزدي فيقدم له رزمة بألف باون هدية من الحكومة. فاستثقل هذه المهمة الصعبة، وكلف السير رونالد ستورز نفسه بأن يتولى المهمة عنه، فقبل بتحفظ ودسّ الرزمة في جيبه ثم توجها معا إلى دار السيد، وهناك انتظر برهة من الزمن في خارج حجرته ريثما يخبر بحضورهما، فخرج لهما السيد المرجع، وإذا به رجلا متقدماً في السن يلبس ” زبوناً أبيض ويعتمر بعمة سوداء “، وقد تخضبت لحيته وأظافره بحنة حمراء لمّاعة، فحياهما السيد من بعيد وأجلسهما على الحصيرة بجنبه خارج الحجرة. يقول ستورز: إنه بعد أن تبحّر في وجه السيد أدرك في الحال السر في شهرته ونفوذه. فهناك قوة في سيمائه الواضحة وعينيه الرماديتين المتعبتين، وسلطان في وجوده وحديثه الخافت، مما لم يجد له مثيلا في أي مكان آخر من بلاد المسلمين “.
وحين سأل ستورز المرجع السيد اليزدي عمّا إذا كان هناك أي شيء يريد أن يفعله الإنكليز له بادره السيد اليزدي بقوله: ” حافظوا على العتبات الشريفة، حافظوا على العتبات الشريفة “. فاعتبر ستورز أنه يقصد بذلك المحافظة على العتبات المقدسة ومن فيها من جماعة العلماء والمجتهدين بوجه عام. ثم عاجله السيد المرجع بجملة أخرى طلب اليه فيها أن لا يعينوا في المدن الشيعية إلاّ الموظفين من أبناء الشيعة، وأن يطلقوا سراح بعض الشيعة الذين كانوا معتقلين. وحينما مدّ ستورز يده لتقديم رزمة الباونات إلى السيد، دفع السيد الرزمة برفق مقرون بالعزم الأكيد، وهو يعتذر عن قبولها. فلم يجد ستورز من اللياقة الإلحاح على تقديمها.
وبعد ساعة انقضت على هذا المنوال عزم المسؤول الإنكليزي السير رونالد على توديع السيد المرجع اليزدي والعودة إلى المنزل، غير أنه قبل أن يفعل ذلك حاول تقديم الألف باون مرة ثانية اليه، لكن السيد المرجع رفضها من جديد بكل مجاملة وأدب. وهو يعتقد ان الشيء المهم الذي كان يعبأ به السيد هو الأنفة والإباء لا المال.
وهذا موقف بعيد تمام البعد عما يحدث في مصر والحجاز في ظروف مماثلة على حد تعبيره.
وحينما عاد ستورز بعد ذلك إلى منزل مضيفه السيد عباس الكليدار طلب اليه أن يشاركه في تناول العشاء ويضحي بآداب المجاملة التي تدعوه إلى الوقوف في خدمة الضيف في أثناء الطعام وهو يذكر بإعجاب ان السيد عباس وقف بعد ذلك للعناية بتقديم العشاء للسواق أيضاً على المائدة نفسها. ثم آوى إلى فراشه بعد مدة وقضى ليلة خالية من النسيم تماماً فوق السطح، وقد تسنى له خلالها أن يعجب بالهدوء التام والصمت الغريب الذي كان يلف النجف ما بين الساعة الثانية والرابعة بعد منتصف الليل وقبيل الفجر كذلك”[4].
ويعد الأمريكي (جون بيترز) رئيس بعثة بنسلفانيا للتنقيب عن الآثار في موقع نفّر الأثري (عفك) من أهم الباحثين الأمريكيين الذين زاروا النجف تلك الآونة، فقد زارها في سنة 1890م سالكا الطريق النهري من السماوة عبر بحر النجف وصولا الى أبي صخير ومنها عن طريف البر بواسطة الدواب الى النجف، ويصف الباحث الأمريكي النجف التي رآها مدينة مزدهرة محاطة بسور متداع آيل للسقوط وقد بني بالطابوق المجلوب والذي لازال يجلب يوميا من خرائب الكوفة بواسطة الدواب.
ويعتقد عالم الآثار الأمريكي بيترز أن العرب في المنطقة الجنوبية من العراق يعيشون عيشة تشبه عيشة البابليين قبل أربعة آلاف سنة في كثير من الأشياء، ويقارن من جملة ما يقارن بين وجود الأكشاك في أبواب الصحن لبيع الكثير من الحاجيات واللوازم المختلفة وما كان يحصل في أبواب معبد (بيل) في (نفّر) من قبل[5].
وفي صبيحة 27 نيسان 1912م زار النجف الأشرف السائح النمساوي (ألواموسيل) فدخلها من بابها الشمالية، فألفى فيها سوقا كبيرة تمتد في اتجاه جنوبي حتى تصل الى الجامع الكبير، وقد بنيت بلديتها في الجاني الشمالي الغربي من المدينة، وحينما استقل السائح النمساوي الترامواي – الذي بنته بلدية النجف من أموالها لا من أموال خزينة الدولة في سنة 1909م – قاصدا الذهاب الى الكوفة شاهد المدافن على جهتي الخط الموصل بين المدينتين.
كما زار النجف أيضاً الرحالة الإيطالي (بيترو ديلا فاله) وغيره العديد من الرحالة والباحثين الغربيين أعرضت عن الإشارة اليهم توخيا للأختصار[6].
———————————————————————————
[1] النجف في المراجع الغربية، موسوعة العتبات المقدسة 6. قسم النجف: 1/ 238 وما بعدها.
[2]أنظر: النجف كما وصفها بعض المستشرقين الفرنسيين. د. قيس جواد العزاوي:1 وما بعدها و26 وما بعدها و21 وما بعدها كذلك.
[3]أنظر: النجف في المراجع الغربية، سابق: 1/ 233 وما بعدها و245.
[4] المصدر السابق: 1/ 258.
[5] نفسه:1/ 240 وما بعدها.
[6] لمزيد من المعلومات عن زيارات الرحالة الغربيين للنجف أنظر: المصدر السابق .
المصدر: https://www.imamali.net/