مقالات

نبذةٌ من مُعاناة يونس بن عبد الرَّحمٰن

بسم اللّٰه الرَّحمٰن الرَّحيم

في كُلِّ زمانٍ أشرارٌ وحمقى يُكدَّرون صفو الحياة بالطعن في شرفاء الناس، ويلوِّثون الأفكار بنشر الاتِّهامات ضدَّ الأبرار.. ومن أبرز الأمثلة على ذلك في التاريخ: ما نالَ يونسَ بن عبد الرحمن من أذًى وطعن واتِّهامات..

كان يونس بن عبد الرحمن فقيهاً وعالماً ثقةً جليلاً، وقد رُوي عن الإمام الرِّضا (ع) أنَّ يونس بن عبد الرحمن كسلمان في زمانه.. ومع ذلك رُوي أنَّ هذا العالم الجليل تعرَّض لمختلف التُّهم والإيذاء حتى من جماعة من الشيعة، ومنها رميُه بتُهمة الزَّندقة..!

قال الكشي: حمدويه بن نصير، قال: حدَّثني محمَّد بن عيسى بن عُبيد، عن يونس بن عبد الرَّحمن، قال: قال العبد الصالح ـ أي الإمام الكاظم ـ (عليه السلام) : “يا يونس؛ ارفق بهم فإنَّ كلامك يدِقُّ عليهم”. قال: قلتُ: إنهم يقولون لي زنديق! قال لي (عليه السلام) : “وما يضرُّك أن يكون في يدك لؤلؤةٌ يقول النَّاس هي حصاة، وما كان ينفعك أن يكونَ في يدك حصاةٌ فيقول النَّاسُ لؤلؤةٌ”. المصدر: رجال الكشي (ص488) ، وسنده صحيح.

وفي رجال الكشي (ص487) برقم 924 ، رواية أخرى تحكي تحامل أناس من الشيعة على يونس بن عبد الرحمن عند الإمام الرضا (ع) ، ممَّا أدَّى إلى بكاء يونس (رض) وقوله للإمام الرضا بعد أن خرج الناس: “جعلني الله فداك، إنِّي أُحامي عن هذه المقالة وهذه حالي عند أصحابي!”. فأجابه الإمام الرضا (ع) قائلاً: “يا يونس؛ وما عليك ممَّا يقولون إذا كان إمامُك عنك راضياً”.

وفي رجال الكشي (ص488) برقم 929 ، بسنده عن الإمام الرضا (ع) أنه قال ليونس حين شكا إليه ما يلقى من أصحابه من الوقيعة: “دارِهِمْ فإنَّ عقولَهُم لا تبلُغ”.

وكانت تعاليمُ أهل البيت (ع) والثقافةُ السامية التي تشبَّع بها يونس بن عبد الرحمن، كفيلةً بأن تنتهي به إلى نُضج منقطع النظير، وحِلمٍ وتسامُحٍ يُمكِّنه من الترفُّع على كلِّ الآلام، والتجاوُز عن كلِّ الجراح، والعفو عمَّن أساء إليه من شيعة أهل البيت (ع) ، فروى الكشي في رجاله (ص488) برقم 930 ، بسنده عن يونس بن عبد الرَّحمن، أنَّه قيل له: “إنَّ كثيراً من هذه العصابة يقعون فيك ويذكرونك بغير الجميل”. فأجاب يونُس (رض) : “أشهدكم أنَّ كلَّ من له في أمير المؤمنين (ع) نصيبٌ، فهو في حِلٍّ ممَّا قال”.

إنَّ تاريخ البشريَّة مليءٌ باتِّهام الشرفاء، وانتقاص العظماء.. بل قد يكون بعض الشيعة مؤذياً للأئمَّة الطاهرين أنفسهم (ع) من حيث يشعر أو لا يشعر بسبب جهله وحماقته، وفي كتاب الاحتجاج للطبرسي 2 : 473 ، عن الإمام المهديِّ المنتظر (عج) أنَّه قال: “قد آذانا جُهلاءُ الشيعةِ وحُمَقَاؤُهم ومن دينُه جناحُ البعوضةِ أرجحُ مِنه”.

ويبقى العظماءُ مُتسامِين في قممهم، وشموخ أخلاقهم، لا يستطيع أصحابُ النُّفوس الضعيفة، والقلوب المريضة، أن يجرُّوهم إلى واقعهم المظلم، وانحطاطهم المُزري..

ولا حولَ ولا قوَّة إلَّا بالله العليِّ العظيم.

والحمدُ لله ربِّ العالمين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى