بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خير خلقه أجمعين ، محمد وآله الطيبين الطاهرين ، واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين ، إلى قيام يوم الدين . .
بـدايـة
فإنه إذا كان الإمام امير المؤمنين علي بن ابي طالب صلوات الله وسلامه عليه ، هو ذلك التجسيد الحي ، والنموذج الفذ للإنسان الكامل في إنسانيته ، الذي اراد الله له أن يكون منار السالكين ، ومدرسة الأجيال ، وقدوة الأمم . . فإن نهج البلاغة ـ كتاب علي عليه السلام ـ هو ذلك الكتاب الغني عن التعريف والتوصيف ، بعد أن كان دون كلام الخالق ، وفوق كلام المخلوق . . ولقد كان وسيبقى على مر العصور نوراً تشرق به دروب العارفين ، وبصيرة وهدى للمستبصرين . .
وكذلك . . فإنه إذا كانت معرفة علي عليه السلام ضرورة لابد منها لكل مسلم مؤمن بربه ، تابع لدينه ، فإن معرفة نهج البلاغة ـ كتاب علي (عليه السلام) ـ وهو فكر علي (عليه السلام) وعقله ، واسلوبه ، وحياته . . وغير ذلك ضرورة لابد منها لكل مؤمن تقي ، وعارف وفي ، بل وحتى لكل كيس عاقل ، ومتعلم عامل . .
كما أنه بمقدار استغناء أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام عن الناس ، كل الناس . . ـ نعم . . بهذا المقدار إن لم يكن بأزيد منه ، كانت حاجة الناس إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، وافتقارهم إلى النهل من معينه الذي لا ينضب ، وإلى التأسي والاقتداء به ، وهو الأمثولة التي لا تجارى ، وإلى الاقتباس من نوره ، وهو الشعلة التي لا تخبو . .
الظلم المزدوج
ولكن الحقيقة هي : أن نهج البلاغة قد ظلم في علي عليه الصلاة والسلام . . تماماً كما ظلم علي عليه السلام في نهج البلاغة . . فأما ظلم نهج البلاغة في علي عليه السلام ؛ فلأن أعداء علي عليه السلام ، والحاقدين عليه ، قد طعنوا في هذا الكتاب وأثاروا الشبهات حوله ، سعياً في إبطال آثار أمير المؤمنين عليه السلام ، والتعتيم على مناقبه الجليلة ، وآثاره الفريدة والنبيلة .
هذا . . عدا عن أنهم أرادوا التمويه والتشويه في حقيقة موقفه صلوات الله وسلامه عليه من كثير من القضايا ، التي صرح في نهج البلاغة ، وفي غيره بما يخالف هوى نفوسهم فيها ، وبما ينافي ما يعتقدونه ، أو ما بنوا عليه أفكارهم وعقائدهم ، ولاسيما فيما يتعلق بموقفه من الخلفاء ، الذين تسلموا أزمة الأمور قبله ، وبالأخص ما جاء في الخطبة الموسومة بالشقشقية ، التي ربما يكون فيها شيء من القسوة والمرارة ، الأمر الذي دعاهم لأن ينكروا هذا الكتاب وغيره من مواقفه وآثاره عليه السلام من الأساس ؛ ظناً منهم : أن ذلك سوف ينهي بشكل أو بآخر أمر ذلك الذي رأوا فيه مصدراً لمتاعبهم ، ومناقضة لأفكارهم وعقائدهم ، أو فقل هكذا خير لهم .
وقد يكون الكثيرون منهم إنما يفعلون ذلك بحسن نية ، وسلامة طوية ؛ وذلك لأن اعتقادهم بأنه عليه السلام يذهب إلى نفس رأيهم في الخلافة والإمامة بعد رسول الله(صلي الله عليه و اله) ، وفيمن تصدى لها قبله (عليه السلام) ، وفي غير ذلك من أمور ـ إن اعتقادهم بذلك ـ قد جعلهم يقتنعون ـ ومن دون أي تبين أو تحقيق ـ بافتئات ذلك عليه ، وعدم صحة نسبته إلى علي عليه السلام .
ولا نريد أن نفيض في الرد على هؤلاء وأولئك ، ولا أن نسهب القول في إثبات صحة نسبة ما في نهج البلاغة إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، فقد كفانا العلماء الأبرار ، والمحققون المنصفون الأخيار مؤنة ذلك ، حيث قد أثبتوا بالأدلة القاطعة ، والبراهين الساطعة : أن النهج لا يمكن أن يكون من إنشاء الرضي ، ولا من إنشاء غيره عدا أمير المؤمنين عليه السلام ، وأثبتوا أن مضامينه ونصوصه موجودة في عشرات بل في مئات المصادر التي ألفت قبل عهد الشريف الرضي بزمان ، أو ألفت بعده . . لكنها لم تعتمد على كتاب الرضي فيما اوردته من نصوص . إلى غير ذلك من الدلائل والشواهد القاطعة فيما يرتبط بذلك . .
وأما ظلم علي عليه السلام في نهج البلاغة . . فقد كان من الأعداء والحاقدين ـ على النحو الذي قدمناه آنفاً ـ ومن الأصدقاء والمحبين أيضاً ، على حد سواء ، وما ذلك إلا لأن هذا الكتاب لم ينل بعد من الأصدقاء والمحبين ما يستحقه من عناية واهتمام ، ولا نظروا إليه تلك النظرة الشمولية والواعية ، التي تمنحهم القدرة على استخراج كوامنه ، والاستفادة من كنوزه وجواهره . .
كلام علي (عليه السلام)
وإذا كان الإمام أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام هو القرآن الناطق ، وهو ذلك التعبير الصادق ، والتجسيد الحي للإسلام ، كل الإسلام . . حيث إن الإسلام قد ذاب في علي عليه السلام ، كما ذاب علي عليه السلام في الإسلام . . فكان الإسلام في سلوكه ومواقفه ، والإسلام في فكره ووجدانه ، والإسلام في كلماته وتوجيهاته .
وكذلك . . إذا كان الإسلام هو ذلك الكل المترابط الذي لا يتبعض ولا يتجزأ . . وإذا كان لا يقبل من أحد أن يؤمن ببعض الكتاب ، ويكفر ببعض ، بل هو يصدق بعضه بعضاً ، ويفسر بعضه بعضاً . .
إذا كان كذلك . . فإن فهم فكر ، ومواقف ، وسلوك وعواطف ، وكلام وتوجيهات علي عليه السلام يحتاج إلى استيعاب وشمولية في الإطلاع على ذلك كله ، وكذلك إلى عمق في التفكير ، ودقة في الملاحظة ، وسلامة في المقارنة والربط بين ذلك كله . . حتى بالنسبة لما ربما يبدو للوهلة الأولى سهلاً ، وواضحاً ، وحتى بديهياً أيضاً . . ولكنه بعد التأمل والتدقيق ، وملاحظة مدى ارتباطه بغيره يعلم : أنه ليس بتلك السهولة ، ولا هو بذلك الوضوح .
بين اختيارات الرضي . . واختيارات غيره
ولعل أول من صنف في كلام أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام هو أصحابه الميامين رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ، مثل زيد بن وهب الجهني ، الذي أدرك الجاهلية والإسلام ، الذي له كتاب خطب أمير المؤمنين عليه السلام على المنابر في الجمعة والأعياد وغيرها 1 ، كما أن لعبد الله بن الحر الجعفي كتاباً عن علي عليه السلام 2 ، ومنهم ايضاً الحارث الأعور الهمداني رحمه الله ، فقد روى الكليني والصدوق : أن أمير المؤمنين عليه السلام خطب مرة خطبة بليغة ، فقال أبو إسحاق السبعي للحارث الأعور : ” أو ما حفظتها ؟
قال : قد كتبتها ، فأملاها علينا الحارث من كتابه ” 3 .
وغير هؤلاء ممن جاء بعدهم وكثيرون جداً ، كما يعلم من مراجعة كتاب مصادر نهج البلاغة ( ج ـ 1 ) ، و” يادنامه كنكرة هزارة نهج البلاغة ” مقال العطاردي ( فارسي ) ، وغير ذلك . .
وإنه وإن كان الكثيرون قد سبقوا الشريف الرضي(رض) إلى جمع كلام أمير المؤمنين عليه السلام وخطبه ومواعظه ، إلا أن أفضل ما وصل إلينا منها ، وأكثرها نفعاً واتقاناً ، واعظمها كان كتاب الرضي(رض) هذا .
ولعل امتياز هذا الكتاب يكمن في أنه عدا أنه من كلام أمير المؤمنين عليه السلام ، وحسبه ذلك عظمة وسمواً وخلوداً ، قد اختاره الشريف الرضي على أنه يمتاز ـ بنظره ـ بصفة كونه في أرقى درجات الفصاحة والبلاغة ، وحسن السبك ، وجمال الأداء ، مع كونه جامعاً لمختلف ضروب الحكمة ، وسائر فنون الكلم ، وكافة روائع الأدب ، هذا عدا عن أن جامعه هو علم من الأعلام ، وغرة زاهرة في جبين الأيام ، معروف بالعلم والأدب والفضيلة ، مع كرم وإباء ، وعزة وسناء ، ووفاء وإخاء .
شروح نهج البلاغة
ولقد أدرك العلماء والباحثون ـ نسبياً ـ مكانة وأهمية نهج البلاغة ، فشمروا عن سواعد الجد ، للكشف عن مراميه ، وشرح معانيه ، وقد ظهر له من الشروح حتى الآن ما يعد بالعشرات . . وقد بدأ ذلك من عصر الرضي نفسه ، حيث كتب معاصره السيد علي بن ناصر ، شرحاً لهذا الكتاب ، وشرحه أيضاً القاضي عبد الجبار والموبري وهما من اعلام القرن الخامس ثم توالت الشروح له ، وتتابعت ، فشرحه البيهقي الشهير بفريد خراسان ، والراوندي والكيدري . والفخر الرازي ، وابن أبي طي ، وابن أبي الحديد المعتزلي الحنفي ، وابن طاووس وابن الساعي ، وابن ميثم البحراني ، والصغاني العمري الحنفي 4 وغيرهم كثيرون . .
إلا أن ملاحظة ما انتهى إلينا من هذه الشروح ، يعطي : أنهم عموماً يعتمدون طريقة التفسير التجزيئي . وإن كان بعضهم يكتفي بشرح كلماته لغوياً ، وآخر يهتم بإبراز الجانب التاريخي أكثر من سائر الجوانب ، كما هو الحال بالنسبة لابن أبي الحديد المعتزلي الحنفي ، وثالث : يطغى على شرحه طابع خاص فرضته عليه طبيعة تكوينه الثقافي والفكري ، كالناحية الفلسفية ـ كابن ميثم – .
أما التستري ، فيقول عن نفسه : ” فرأيت أن أكتب بعون الله تعالى شرحاً جامعاً فيه من التاريخ ، والأدب والأخبار القوية ، والأخبار التي تكون حجة بقدر الحاجة الخ ” 5 إلى غير ذلك من نواح فكرية وعقائدية ، وأدبية وغيرها ، تركت بصماتها ظاهرة على ما ظهر لهذا الكتاب من شروح .
وأما عن البحوث التي كتبت ، وتكتب حول نهج البلاغة وموضوعاته ، فهي تعتمد في أكثرها ـ فيما أعلم ـ أسلوب الملاحظة العامة المبني على بعض المقارنات . والمرتكز بالدرجة الأولى على الأجواء والمنطلقات ، والأفكار والرواسب التي يحملها ذلك الباحث نفسه من دون التفات إلى حقيقة فهم الإمام علي عليه السلام نفسه للقضية ، ومنطلقاته في التفكير فيها ، ونوعية تفاعله معها ، وكيفية وأسلوب معالجته لها .
فهي تفتقر إلى المزيد من التحري والدقة ، وإلى المزيد من العمق في فهم حقيقة ما يرمي إليه عليه السلام ، وإلى التعامل مع النص من نفس منطلقاته عليه السلام ، وبنفس أسلوب معالجته .
هذا كله . . إلى جانب : أن الكثيرين من الباحثين يكررون الكثير من الأفكار والأبحاث ، ولا يأخذون بمبدأ توفير الوقت والجهد ، وعدم الحاجة إلى تكرار التجربة ، وهدر الطاقات . .
ولعل من المفيد في هذا المجال : أن يزوِّد الباحثون الذين يطلب منهم تقديم دراسة في ، أو عن نهج البلاغة ـ يزودِّون – بما كتبه الآخرون ، وتوصل إليه العلماء والباحثون .
أضف إلى ذلك : أن من الضروري التوجه لإبراز كافة جوانب نهج البلاغة ، ولاسيما ما كان منها أسلوباً وحركة ، وحياةً ، وموقفاً . . حتى وإن كان ذلك على شكل بحوث جزئية ومتناثرة في البداية ، لتكون النواة والبداية للنظرة الشمولية الواعية والمتكاملة . .
الشريف الرضي ونهج البلاغة
هذا ولا بأس بالإشارة هنا إلى الأمور التالية :
ألف : إن الشريف الرضي قد اهتم في اختياراته لخطبه وكتبه وكلماته عليه السلام بالجانب البلاغي ، فاختار من ذلك ما يدخل فيه هذا السياق ، وما رآه واضح النهج والأسلوب ، تام الظهور والدلالة في الناحية المشار إليها . . وأهمل ذكر الأسانيد التي اعتمد عليها ، إما لشهرة ذلك عنه عليه السلام ، أو لكونه موجوداً في الكتب والمصادر المتداولة في زمنه رحمه الله تعالى بشكل مكثف . وإن كان الكثير من تلك المصادر لم يصل إلينا حتى الآن ، بسبب طول المدة ، وتوالي عوادي الزمن .
هذا : ولكن بعد أن ظهرت بعض الشبهات والتشكيكات من بعض المتعصبين والحاقدين ـ وليس ذلك بالأمر العجيب ، فقد حاول المشركون من قبل والمستشرقون وتلامذتهم من السطحيين الحاقدين من بعد التشكيك حتى بالقرآن ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ـ بعد أن ظهرت هذه التشكيكات ـ قام عدد من العلماء والباحثين بتحري المصادر التي أوردت نفس النصوص الموجودة في نهج البلاغة .
حسبما أشرنا إليه فيما سبق ـ بعد ذلك كله ـ فإننا نجد : أن ما جاء منها في هذه المصادر يختلف جزئياً عما جاء في نهج البلاغة ، وذلك بسبب أن الشريف الرضي قد اعتمد فيما نقله على مصادر غيرها على ما يظهر ، فلا بأس بالمقابلة والمقارنة بين النصوص ، والتحقيق قدر الإمكان فيها .
بـاء : وإننا في نفس الوقت الذي نشكر فيه لهؤلاء العلماء جهودهم الكريمة في الدفاع عن نهج البلاغة ، وحشدهم الكثير من الأدلة القاطعة ، والبراهين الساطعة ، التي تؤكد على أنه لا مجال لأي من تلك الشبهات التي أثيرت حول هذا الكتاب . . إلا أننا لابد وأن نعبر عن مزيد أسفنا حين نجد : أنهم قد اكتفوا بذكر المصدر ، ورقم الجزء والصفحة ، مع بعضا الإيضاحات ، التي لا ترتبط بالتوثيق السندي ، بل ومن دون أن يتعرضوا لذكر الأسانيد أصلاً . . فضلاً عن أن يهتموا أو يلتفتوا إلى مناقشتها ، وتوثيق ما أمكن توثيقه منها .
وطبيعي أن هذه المناقشة وذلك التوثيق ـ لو كان ـ فإنه يساعد كثيراً على تقوية النصوص الأخرى ، التي يمكن بمساعدتها رفع مستوى الإطمئنان فيما يرتبط بدلالة ومرامي ذلك النص الصحيح نفسه ، والذي ربما ، بل كثيراً ما يكون منقولاً بالمعنى ، أو قد تعرض لشيء من التصحيف أو التحريف في العصور المتمادية .
جيـم : إن المراجع للنسخ المختلفة لنهج البلاغة ، سواء المطبوع منها أو المخطوط ، يجد الكثير من التفاوت والاختلاف فيما بينها ، وذلك يرجع إلى :
أن الظاهر من بعض الدلائل والشواهد ، هو أن الشريف الرضي رحمه الله قد جمع هذا الكتاب أولاً . . ثم كان يزيد وينقص ، ويغير ويبدل فيه باستمرار . . حيث إنه ايضاً كان يعمل باستمرار على اقتناص الشارد ، واستلحاق الوارد ، كلما سنحت له فريدة من الفرائد ، أو لاحت له آبدة من الأوابد ، وكانت هذه النسخ المختلفة والمتفاوتة تنتشر في عهده ويتداولها الناس . .
هذا كله . . بالإضافة إلى خلط بعض الحواشي بالمتن من قبل النساخ في بعض الموارد . ولأجل ذلك ولغيره من أمور لا مجال لذكرها الآن . . فإن الحاجة تمس كثيراً للتحقيق حول نسخ النهج ، المطبوع منها والمخطوط على حد سواء ، ومقابلتها مع بعضها البعض ، مع تبيين موارد هذه الاختلافات بدقة وأمانة ، وبيان تلك الموارد ، التي وقع فيها التصحيف أو التحريف ، أو خلط فيها بعض الحواشي بالمتن نتيجة لتعدد استنساخ الكتاب في الأزمنة المتمادية ، أو لغير ذلك . .
دال : إن الشريف الرضي رحمه الله تعالى قد ركز في اختياراته على ما رآه منسجماً مع هدفه الذي يرمي إليه . وهو ما كان واضح النهج والأسلوب ، تام الظهور في تلك الناحية التي أراد ، وهي ” الفصاحة ، والبلاغة ” فكان أن اختار من خطبة عليه السلام ، ومن كتبه ، وكلماته ، خصوص الفقرات التي تدخل في هذا السياق ؛ فأوجب ذلك أن لا يتمكن الباحث من الإطلاع على تمام مراداته ومراميه عليه السلام ، فتمس الحاجة إلى اتخاذ طريقة يعرض فيها النص الكامل لكلامه عليه السلام ، مع إعطاء لمحة ، مهما كانت خاطفة وموجزة عن بعض الظروف التي أحاطت بالنص إبان صدوره ، سواء في ذلك الظروف السياسية ، أو الثقافية ، أو الاجتماعية ، أو النفسية والعاطفية ، أو غيرها . .
هـاء : إننا نجد أن ما يكتب حول نهج البلاغة يختص في معظمه بفئات معينة من ذوي الاختصاصات العالية عموماً . . حتى لقد أصبح نهج البلاغة الذي خاطب به أمير المؤمنين عليه السلام الناس كل الناس : كبيرهم وصغيرهم ، عالمهم وجاهلهم ، ويعالج به قضاياهم ، ويعيش من خلاله مشاكلهم ـ أصبح ـ لفريق بعينه ، ولا يعالج إلا أموراً نظرية عالية ، وقضايا فكرية خاصة ، لا تهم إلا أهلها ، ولا يستفيد منها عامة الناس .
فتمس الحاجة لمزيد من الاهتمام بتبسيط هذا الكتاب على مراحل يمكن معها للنشء الصاعد ولغيره من المستويات ، الإستفادة منه على النحو الأكمل والأفضل ، مع لزوم مراعاة الأهم فالأهم في مجال عرض الموضوعات التي تمس إليها الحاجة ، وتقضي بها الضرورة .
واو : إننا نجد أن الباحثين لم يهتموا كثيراً كذلك بإعداد الفهارس الفنية لهذا الكتاب وموضوعاته ، والتي من شأنها أن تسهل على القارئ والباحث الإستفادة منه بالشكل المناسب والمطلوب 6 .
- 1. الفهرست للشيخ الطوسي ص 148 ومصادر نهج البلاغة ص 51 .
- 2. رجال النجاشي ص 7 .
- 3. الكافي ط . الإسلامية ج 1 ص 109 ونهج الصباغة ج 1 ص 5 . عنه وعن الصدوق ، وراجع أيضاً سفينة البحار ج 1 ص 392 .
- 4. راجع في ذلك كله كتاب : مصادر نهج البلاغة ج 1 ص 202 حتى ص 226 . وذكر أثناء ذلك ، وبعده شروحاً أخرى زادت على المئة . .
- 5. نهج الصباغة ج 1 ص 8 .
- 6. كتب هذا البحث ليكون مقدمة لكتاب حول موضوعات نهج البلاغة ألفه سماحة آية الله الشيخ علي المشكيني ، ونحن نورده هنا أيضاً رجاء أن ينفع الله به ، إنه وليه التوفيق . بتاريخ 1 / شوال / 1404 ﻫ .