نها أبيات من القصيدة التي نسجها الإمام الخميني قدس الله سره تحت عنوان سرُّ الانتصار، وبها يضع الإمام بنانه المبارك على موضع الوهن في الأمة الإسلامية الذي يتمثل بالابتعاد عن المحاور الثلاثة ( الإيمانِ بالله –الثقافة الصحيحة –ووحدةِ الكلمة ) .
وخطَّطَ الإمام قدس الله سره لإحياء الإسلام في نفوس المسلمين من جديد فاختار قضيةً هي حلقة النصر في نص العصمة جوهرها الإيمان بالله ، وهيكلها الثقافة الأصيلة ، وهي محور الوحدة في التاريخ ، فأرادها أن تكون محور الوحدة في الحاضر ألا وهي قضية القدس .
فالقدس كما قال الإمام :” هي قضية كل الموحدين والمؤمنين في العالم ، السالفين منهم والمعاصرين واللاحقين ” .
واختار الإمام للقدس يوما ليؤكد فيه على محاور النصر الثلاثة:
- انه يوم يتزامن مع ليلة القدر التي يحييها المسلمون بتوجههم إلى الله تعالى.
فأراد الإمام أن يتزامن إحياء النفوس في ليلة القدر مع إحيائها في يوم القدس،
- انه يوم يقع في العشر الأواخر من شهر رمضان الذي يسعى الإنسان فيه للتخلص من أسر الشيطان لينطلق في عبادة الرحمن.
فأراد الامام أن يكون يوم القدس يوم التخلص من شياطين الإنس في العالم ، قال قدس سره : ” ان لمما يليق بيوم القدس وهو من أواخر أيام شهر الله الأعظم ، هو سعي كل مسلمي العالم للتخلص من قيود الأسر والعبودية للشياطين الكبار والارتباط بقدرة الله الأزلية ” .
والقدس في ثقافة الاسلام بل في ثقافة الأديان هي محور القداسة ففيها صلى أنبياء الله تعالى عبر التاريخ وإليها توّجه المسلمون في صلواتهم قبل المسجد الحرام ، وإليها أسرى خاتم الأنبياء في رحلة السماء .
والقدس هي محور الوحدة للمسلمين بل للمستضعفين في الأرض قال الامام قدس سره : ” على المسلم ان يعتبر يوم القدس يوما لجميع المسلمين بل لجميع المستضعفين .
ولكل ما مضى دعا الامام إلى إحياء قضية القدس ويومها قائلاً : ” يوم القدس يوم حياة الاسلام “
ودعوة الامام هذه لم تكن لفئة محدَّدة بل دعوة شملت الجميع كلاً من موقعه ، المجاهدين في موقعهم الجهادي ، والسياسيين في موقعهم السياسي ، والمثقفين في دائرة التثقيف الصحيح . وهنا أرجع إلى البيت الثاني من قصيدة الامام : ” إن ما يصنع الشعوب هو الثقافة الصحيحة” . الثقافة التي اعتبرها الامام الخميني قبل السلاح فيما لو حسن توظيفها وصانعة الأسلحة فيما لو ساء ذلك .
يقول قدس سره : ” لو أن الأقلام وضعت في هذه الدنيا للعمل من اجل الله وخلقه لما لزمت الحاجة للسلاح ، وأما إذا لم تكن كذلك ، فسوف تكون سبباً في صناعة الأسلحة ” .
لذا كانت دعوة الامام الراحل إلى مساهمة الأقلام الصالحة في صنع الثقافة الصحيحة التي بها تصنع الشعوب .
وصنع الشعوب في فكر الامام ينتج من امرين:
·الأول هو دماء الشهداء .
·والثاني هو مداد العلماء .
ودماء الشهداء وان كانت في كثير من الحالات كما هو واضح في عصرنا هذا تصنع العلماء وتلّون مدادهم
الا أن مداد العلماء قد تكون هي صانعة الشهداء . يقول الامام الراحل : ” الشهداء يصنعون الكتاب ، وهناك من الكُتَّاب من يصنعون الشهداء ” .
والكتابة عن القدس في فكر الامام الخميني (قدس سره) هي وسيلة لإحياء قضية القدس بما تمثله من ارتباط بالله وثقافة أصيلة ورمز للوحدة بين المسلمين والمستضعفين في العالم .
والأقلام التي تكتب بأنصاف عن القدس في فكر الامام الخميني (قده) تساهم في إحياء الاسلام انطلاقاً من هذه القضية .
من هنا كانت مبادرة الوحدة الثقافية المركزية في الدعوة للكتابة عن القدس في فكر الامام الراحل كحلقة من حلقات تشجِّعُ الباحثين وتنشَّطُ الأدباء ليسطِّروا فكراً أصيلاً وتؤرِّخوا لتجارب رائدة فمن بحث فكري عن المقاومة الإسلامية إلى بحث آخر عن دولة العدالة في زمن أمير المؤمنين إلى سلسلة أمراء النصر والتحرير التي أرخت تجربة الشهداء والجرحى والأسرى من أوسمة الجراح إلى الثلج الوردي إلى ذاكرة الصدى إلى سراج الربيع إلى شذى النجيع إلى سراديب الوجع وغيرها إلى أجمل قصة عن العلماء الشهداء التي أعلنا عنها هذه السنة ووصل عدد الأدباء المشاركين إلى عشرين أديباً ارَّخوا لكل العلماء الشهداء الذين قضوا في درب المقاومة الإسلامية في لبنان والتي نعلن نتائجها لاحقاً انشاء الله تعالى …إلى افضل بحث عن القدس في فكر الإمام الخميني . قدمّت فيه أبحاث قيمة كتبت بأقلام مشاركين كرام ومشاركات كريمات فاز الجميع فيها بشرف المساهمة في قضية القدس الحبيبة واختارت منهم لجنة التحكيم واحداً وقد أقمنا هذا الاحتفال المبارك لنشكر وننوِّه بالمساهمين فيه بأقلامهم الحرةَّ النزيهة ولتكون مناسبة لدعوة الباحثين والمفكرِّين لإغناء البحث عن القدس التي تشكل محور الصراع بين المستضعفين والمستكبرين لترقد الأمة بالثقافة الصحيحة التي أصرَّ إمام الأمة الراحل انها صانعة الشعوب
وأخيراً أكرر الشكر لراعي الاحتفال سماحة العلامة السيد إبراهيم أمين السيد .
- كما اشكر اللجنة الكريمة التي أبلت خيراً من مراجعة الأبحاث المشاركة ووضع الملاحظات عليها
فالشكر لسماحة العلامة المعطاء الشيخ علي خازم الذي عوّدنا على عطاءاته ومشاركته في نشاطات الوحدة الثقافية ، ولجانب الدكتور الكريم طراد حمادة الذي أغنى المكتبة الإسلامية بأبحاثه الفلسفية وأدبه الراقي المشبع بالعطر الخميني . ولسماحة العلامة الشيخ محمود كرنيب . وللجهود المشكورة التي بذلها اخونا سماحةالشيخ ناجي حمادة .
-كما أتقدم بالشكر لجميع الأخوة والأخوات المشاركين في هذه المسابقة الفكرية .
-كما اشكر الرعاية الكريمة لدار الهادي الذي عودنا على رفد المجتمع بالثقافة الأصيلة وعلى رأسه مديره الحاج الفاضل صلاح عز الدين .
-كما أشكر جميع مشاركينا الكرام في هذا الاحتفال والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
المناسبة: إعلان أفضل بحث فكري حول القدس في فكر الإمام الخميني.
المكان: قاعة مركز الإمام الخميني طريق المطار بيروت.
الزمان: كانون أول 2002م.