الأوّل: إنّ التشيّع لم يكن فكرة سياسية ابتدعتها الأهواء، وطبعته بطابع الدين، ولا عقيدة دينية لاتمتُّ إلى الإسلام بصلة، بل هو نفس الإسلام في مجالي العقيدة والتشريع، جاء به النبي الأكرم في كتابه وسنّته، وليس التشيّع إلاّ تعبيراً آخر عن الإسلام، في إطار ولاء أهل بيته الطاهرين وتتبّع آثارهم وأقوالهم وآرائهم.
الثاني: إنّ كلّما تدين به الشيعة التزاماً وعملا، له مصدر متسالم على صحّته عند أهل السنّة، وأنّهم لو نظروا إليه بعين الانصاف وطلب الحقيقة، وابتعدوا عن كل رأي مسبق، لوجدوا الفوارق الموجودة بين الطائفتين اُموراً واقعية لها دليل في الكتاب والسنّة، حتّى في الاُمور الّتي يستنكرونها في بدء الأمر، كالقول بالبداء، وعصمة الامام وميلاد المهدي المنتظر، وحياته فعلا وكون الأئمة محصورين في اثني عشر.
الثالث: إنّ الشيعة ليست من الفرق البائدة الّتي خيّم الظلام عليها، وعلى آثارهم وصارت مستورة تحت أطباق الثرى، حتّى لا يعاب فيه التقوّل والحدس والتخمين، وانّما هي فرقة حيّة منتشرة في العالم ولهم بلاد واسعة، وحكومات قائمة، وجامعات وكليات، ومعاهد وحلقات، ومكتبات غاصة بالكتب، فعلى طالب الحقيقة ومؤرّخ العقائد أن يتّصل بعلمائهم عن كثب أو أن يرجع إلى الكتب المؤلّفة بايدي علمائهم الذين اجتمعت كلمتهم على وثاقته وعلمه ومعرفته ويجتنب عن الرجوع إلى كتب المتطفّلين على موائد العربية من مستشرق حاقد، أو كاتب متحامل، بل يجتنب عن الجروع إلى كتاب عالم من الشيعة إذا لم تجتمع كلمتهم على وثاقته وعلمه أو صحة نظريته، إذ في كل طائفة غال متنكّب عن الصراط، خابط خبطة عشواء، رفض العلماء كتابه وكلامه.
إنّ بين كل طائفة ومنهم الشيعة كاتب غال خلط الغث بالسمين، والصحيح بالزائف، وربّما تكون له مكانة علمية و ـ مع ذلك ـ لا يصحّ الاستناد إلى مثل ذلك الكاتب ولا إلى كتابه، بل يطرح الشاذ، ويؤخذ بالمجمع عليه أو المشهور بينهم.
إنّ المستند لرمي التشيّع بالاعتقاد بالتحريف في هذه الأيام هو كتاب «فصل الخطاب» الّذي ألّفه الشيخ المحدّث النوري، وجمع مواده من هنا وهناك من غير تحقيق في السند ولا تحليل في الدلالة، ولكن الاستناد إلى هذا الكتاب ورمي طائفة كبيرة بهذه التهمة الشائنة تقوّل بالباطل، لأنّ علماء الشيعة أنكروا هذا الكتاب على المؤلّف من أوّل يوم نشره، وأخذوا بالردّ عليه ردّاً عنيفاً1ولو كان تأليف ذلك الكتاب دليلا على قول الشيعة بالتحريف فليكن كتاب «الفرقان» الّذي عرّفه أحد الأزهرين المعاصرين دليلا على قول السنّة بها.
الرابع: التعرّف الصحيح على المبادئ الّتي تعتمد عليها كل طائفة في مجال الالتزام القلبي يحصل من خلال السبر في الكتب العقائدية الكلامية المؤلّفة بيد عمالقة الفكر منهم، وأمّا الكتب الحديثية المعتبرة فبما أنّ فيه الصحيح والسقيم، والمشهور والشاذ، والمحكم والمتشابه، فلا يصحّ الاستناد إلى رواية رويت في كتب الحديث في مجال تبيين عقائد الفرقة، فلو وجد في الكافي الّذي هو من أتقن الكتب الحديثية عند الشيعة ما يضاد المشهور بين العلماء، لما صحّ لنا الاعتماد عليه وترك ما ذهب إليه المشهور من علمائهم، فليس معنى كون الكتاب معتبراً انّ جميع ما ورد فيه قابل للالتزام والعمل، وهذا أمر واضح لدى الشيعة عامة، وإن غفل عنه كتاب تاريخ الفرق.
الخامس: إنّ هناك فرقاً بين الجوامع الحديثية عند الشيعة والصحاح عند السنّة، فانّ الاُولى لديهم كتب معتبرة بمعنى أنّها صالحة للرجوع إليها بعد تمحيصها وتمييز الجيّد من الرديء فيها. و على ضوء ذلك لا يكون وجود الحديث فيها دليلا على كون مضمونه حجّة في مفاده. وأمّا الصحاح الستّة عند السنّة فبما أنّ أكثرهم أضفى على الجميع وصف الصحة فللقائل أن يتصوّر أنّ وجود الحديث فيها دليل على كون مضمونه مذهباً لأهل السنّة.
السادس: إنّ المطلوب في العقائد، غير المطلوب في الأحكام فالغاية من الثانية هي العمل وإن لم يكن اذعان بصحّته وكونه مطابقاً للواقع، بل يكفي قيام الدليل على جواز تطبيق العمل عليه. بخلاف الاُولى فانّ الغرض المنشود منها هو الاعتقاد والايمان، ومن المعلوم أنّ اليقين رهن مقدّمات مفيدة لليقين ومجرّد وجود خبر حتّى الصحيح في الجوامع الحديثية لا يؤدّي إلى اليقين فلا يمكن أن يحتجّ بها في مجال العقيدة إلاّ إذا كانت مفضية إلى اليقين، والاذعان، والخبر الواحد، وإن صحّ، خال من هذا الشأن.
السابع: عرفت الشيعة بالتقيّة وأنّهم يتقون في أقوالهم وأفعالهم، فصار ذلك مبدأ لوهم عالق بأذهان بعض المشاغبين والمغالطين فيقولون: بما أنّ التقيّة من مبادئ التشيّع فلا يصحّ الاعتماد بكل ما يقولون ويكتبون وينشرون إذ من المحتمل جدّاً أن تكون هذه الكتب دعايات والواقع عندهم غيرها. هذا ما نسمعه منهم مرّة بعد مرة، ويكرّره الكاتب الباكستاني «إحسان إلهي ظهير» في كتبه الردية على الشيعة.
ولكن نلفت نظر القارئ الكريم إلى أنّ مجال التقيّة انّما هي القضايا الشخصية الجزئية أي عند وجود الخوف على النفس والنفيس، فإذا دلّت القرائن على أنّ في اظهار العقيدة أو تطبيق العمل عل مذهب إمام من أئمّة أهل البيت احتمال توجّه الضرر، يصير المورد من مواردها ويحكم العقل والشرع بلزوم الاتّقاء حتّى يصون بذلك نفسه ونفيسه عن الخطر. وأمّا الاُمور الكليّة الخارجة عن إطار الخوف فلا يتصوّر فيها التقيّة، والكتب المنتشرة من جانب الشيعة داخلة في النوع الثاني إذ لا خوف هناك حتّى يكتب خلاف ما يعتقد، بل لا ملزم للكتابة أصلا فله أن يسكت ولا يكتب شيئا.
فما يدّعيه هؤلاء أنّ هذه الكتب دعايات لا واقعيات ناش عن عدم عرفانهم لحقيقة التقية عند الشيعة.
والحاصل: انّ الشيعة انّما كانت تتّقي في عصر لم تكن لهم دولة تحميهم، ولا قدرة ومنعة تدفع عنهم، وأمّا هذه الأعصار فلا مسوّغ ولا مبرّر للتقية إلاّ في موارد خاصة.
إنّ الشيعة منذ أن تعرضوا للضغط، عاشت عندهم التقية على مستوى الفتاوى، ولم تعش على المستوى العملي، بل كانوا عملياً من أكثر الناس تضحية، وبوسع كل باحث أن يرجع إلى مواقف الشيعة مع معاوية وغيره من الحكام الامويين، والحكام العباسيين، كحجر بن عدي، وميثم التمّار، ورشيد الهجري، وكميل بن زياد، ومئات من غيرهم، وكمواقف العلويين على امتداد التاريخ وثوراتهم المتتالية2.
إنّ القول بالتقية ليس شيئاً مختصّاً بالشيعة، بل يقول به المسلمون جميعاً هذا أبو الهذيل العلاف رئيس المعتزلة يقول: إنّ المكره إذا لم يعرف التعريض والتورية فيما اُكره عليه فله أن يكذب ويكون وزر الكذب موضوعاً عنه3.
بل يقول به كل مسلم واع، وكل كاتب قدير وناطق مصقع، يعيش في بلاد يسود عليه الاستبداد وسلب الحريات الاجتماعية والسياسية بمختلف اشكاله وصوره.
الثامن: لم يزل أهل السنّة يصفون المسانيد والسنن بالصحاح وربّما يغالون في حق بعض الصحاح كالبخاري بأنّه أصحّ الكتب بعد كتاب اللّه. أو ليس هذا مغالاةفي القول؟ وإن كنت في شك من ذلك فاستمع لما نتلوه عليك عن ذلك الكتاب الّذي هو الأصحّ في زعمهم بعد كتاب اللّه.
1- روي في تفسير سورة الاسراء انّ جبرائيل ليلة اُسري بالنبي إلى السماء جاءه بقدحين، أحدهما من لبن وآخر من خمر، وخيّره بين شرب واحد منهما4.
أفيصح في منطق العقل أن يأتي جبرئيل في تلك الليلة بقدح من الخمر الّتي وصفها رسول اللّه باُمّ الخبائث ووصفه الكتاب العزيز بأنّه من عمل الشيطان؟! ولا يصحّ لمتقوّل أن يفسّرها بخمر الجنّة الّتي لا سكر فيها وهو بعد في الدنيا؟
2- روي عن عائشة أنّها قالت: سحر النبي حتّى كان يخيّل إليه أنّه يفعل الشيء وما يفعله5.
فعلى ذلك لا يحصل أي ثقة بكلام النبي وقوله، ولأجل ذلك نرى انّ الجصاص يقول في حقّ هذه الروايات: ومثل هذه الأخبار من وضع الملحدين6.
3- وأخرج في صحيحه في كتاب الغسل باب إذا جامع ثم عاد ومن دار على نسائه في غسل واحد عن أنس بن مالك قال: كان النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ يدور على نسائه في الساعة الواحدة في الليل والنهار وهنّ إحدى عشرة، قال: قلت لأنس: أو كان يطيقه؟ قال: كنّا نتحدّث أنّه اُعطي قوّة ثلاثين7.
إنّ النبي الأكرم كان يقضي ليلة بالتهجّد والعبادة، قال سبحانه:﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ … ﴾ 8وما جاء في الرواية انّما يلائم حال الخلفاء الامويين والعباسيين الذين كانت قصورهم تزخر بالجواري والنساء وحاشا النبي الأكرم الّذي عبداللّه سبحانه حتّى تورّمت قدماه ونزل قوله سبحانه:﴿ … طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ * إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَىٰ ﴾ 9.
إنّ الرواية وضعت لتبرير أعمال هؤلاء الذين يعرّفهم الامام في كتابه إلى عامله بالبصرة، عثمان بن حنيف ويقول: «كالبهيمة المربوطة، همّها علفها، أو المرسلة شغلها تقمّمها»10ولا يهمهم سوى ارضاء البطن والفرج.
4- والعجب أنّه روي عن عائشة خلاف ذلك وأنّه لم يكن للنبي الأكرم الطروقة وقوة النكاح وكثرة الجماع قالت: إنّ رجلا سأل رسول اللّه، عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل (لا ينزل منه المني) هل عليهما الغسل؟ وعائشة جالسة فقال رسول اللّه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : إنّي لأفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل11.
حاشا نبيّ العظمة والقداسة أن يتفوّه بحضرة زوجته ما لا يتكلّم به إلاّ الإنسان الماجن، المنهمك في الشهوات البهيمية، واللّه سبحانه يصف حياءه بقوله: ﴿ … فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ … ﴾ 12.
هذه نماذج من الأحاديث الواردة في أصحّ الكتب عند أهل السنّة، لا أظن أنّ من يملك شيئاً من الدراية يحتمل صحّتها، وهذا يدفع كلّ مسلم واع إلى دراسة هذه الكتب من جديد، وتنزيه الحديث النبوي عن هذه الأباطيل، ولعلّك إذا رجعت إلى الجزء الأوّل من موسوعتنا في مجال التوحيد والتنزيه تجد هناك أحاديث لا يصدقها العقل ولا النقل.
التاسع: لقد ذكر أبو زهرة سبب نمو المذهب الامامي، وقال:
«لقد نما هذا المذهب وانتشر لأسباب:
- إنّ باب الاجتهاد مفتوح عند الشيعة، وهذا يفتح باب الدراسة لكل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والننفسية.
- كثرة الأقوال في المذهب ـ أي في المسائل الفقهية النظرية ـ واتّساع الصدر للاختلاف مادام كل مجتهد يلتزم المنهاج المسنون، ويطلب الغاية الّتي يبتغيها من يريد محص الشرع الاسلامي، خالصاً غير مشوب بأيّة شائبة من هوى.
- إنّ المذهب الجعفري قد انتشر في أقاليم مختلفة الألوان من الصين إلى بحر الظلمات حيث اوربا وما حولها، وتفريق الأقاليم الّتي تتباين عاداتهم وتفكيرهم وبيئاتهم الطبيعية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية. إنّ هذا يجعل المذهب كالنهر الجاري في الأرضين المختلفة الألوان، يحمل في سيره، ألوانها وأشكالها من غير أن تتغير في الجملة عذوبته.
- كثرة علماء المذهب الذين يتصدّون للبحث والدراسة وعلاج المشاكل المختلفة، وقد آتى اللّه ذلك المذهب من هؤلاء العلماء عدداً وفيراً عكفوا على دراسة وعلاج المشاكل على مقتضاه13.
العاشر: نجد بعض المشاغبين يتّهمون الشيعة بالقول بالتحريف، بحجة أنّ لدى الشيعة مصحفاً باسم «مصحف فاطمة» واختصاصه بها كاشف عن مغايرته مع المصحف الرائج.
إنّ هذا المشاغب، لم يقرأ تاريخ الشيعة ولم يقف على كلمات أئمتهم حول هذا المصحف. وزعم أنّ المصحف بمعنى القرآن، وغفل عن أنّ المقصود منه، هو الكتاب قال سبحانه:﴿ وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ ﴾ 14وقد أملى النبيّ الأكرم في مجالي العقيدة والتشريع والملاحم اُموراً على ابنته وزوجها فجمعت في «صحف مكرمة»، سميت مصحف فاطمة. وهذا هو الامام الصادق حفيد فاطمة الطاهرة وهو من أهل البيت، وهم أدرى بما في البيت، يحدّثنا عن هذا المصحف ويقول: عندنا مصحف فاطمة أما واللّه ما فيه حرف من القرآن ولكنّه املاء من رسول اللّه.
روى الكليني انّ المنصور سأل فقهاء أهل المدينة عن مسألة في الزكاة فما أجابه عنها إلاّ الإمام الصادق ولمّا سُئِل من أين أخذ هذا؟ قال: من كتاب فاطمة15.
نرى انّ الامام يعبّر عن مصحف فاطمة بكتاب، مشيراً إلى أنّه كتاب لا قرآن يختص به.
فإذا كان الغرض هو التعرّف على الواقع فهذا هو الواقع. وإن كان الهدف هو الشغب فالاُولى بهذه النسبة هي عائشة، روى السيوطي أنّه قالت حميدة بنت أبي يونس: قرأ ابي وهو ابن ثمانين سنة في مصحف عائشة: انّ اللّه وملائكته يصلّون على النبي يا أيّها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليما وعلى الذين يصلّون في الصفوف الاُولى1617.
- 1. ردّ عليه في حياته وبعده لفيف من العلماء أخص بالذكر العلامة الحجة: الشيخ محمد هادي معرفة بكتاب أسماه صيانة القرآن عن التحريف وقد طبع وانتشر.
- 2. الدكتور أحمد الوائلي: هوية التشيّع 203.
- 3. أبو الحسن الخياط: الانتصار 128.
- 4. البخاري ج 4 باب صفة إبليس وجنوده.
- 5. أحمد بن حنبل: المسند 6 / 5.
- 6. الجصاص: احكام القرآن 1 / 55.
- 7. البخاري: الصحيح 6 / 13.
- 8. القران الكريم: سورة المزمل (73)، الآية: 20، الصفحة: 575.
- 9. القران الكريم: سورة طه (20)، من بداية السورة إلى الآية 3، الصفحة: 312.
- 10. الرضي: نهج البلاغة، قسم الكتب 45.
- 11. مسلم: الصحيح 1 / 186 باب وجوب الغسل بالتقاء الختانين.
- 12. القران الكريم: سورة الأحزاب (33)، الآية: 53، الصفحة: 425.
- 13. أبو زهرة: الامام الصادق، بتلخيص محمّد جواد مغنية في كتابه الشيعة والتشيّع 225.
- 14. القران الكريم: سورة التكوير (81)، الآية: 10، الصفحة: 586.
- 15. الكليني الكافي 3 / 507 ط طهران.
- 16. الاتقان 2 / 25.
- 17. من كتاب بحوث في الملل والنحل لأية الله الشيخ جعفر السبحاني