قُبلت المرأة في مجلس الشورى كعضو، وصدرت الأوامر بقبولها كمرشّحة ومنتخِبة في المجالس البلدية في دورتها المقبلة، فهل نحن أمام تغييرات ينتظرها المواطنون منذ زمن؟ هل نقول إن ساعة الصفر قد حانت خصوصاً فيما يرتبط بالمرأة من قضايا كانت ولا تزال مواضيع تفتح شهية الجدل، وتحرّك الساكن؟
هل نبارك للمرأة صبرها ومثابرتها على المطالبة بحقوقها؟ وهل نحيي من وقف معها ناصراً ومؤيداً حين كانت المرأة تبحث عن المُعين والناصر؟
لعلنا لا نزال نتابع الإعلام الخارجي وهو يرفع راية المرأة السعودية في كل تقرير وتصريح يرتبط ببلادنا، فهل بدأت المبادرة الداخلية بيد الجراح السعودي لنستغني عن الجراحين الأجانب؟
بعد قرار القيادة السياسية في بلادنا الحبيبة بإدخال المرأة ناخِبة ومرشّحَة في الانتخابات البلدية، وإشراكها في مجلس الشورى كعضو بعد سنوات من وجودها فيه مراقبة ومستشارة، نتأمل ألا تقف السبحة التي حرّكتها قيادة البلاد، بل تستمر في الكرّ حتى تتحقق كل الآمال والطموحات والمطالب التي طالما أعلت المرأة صوتها مطالبة بها، والتي دعّمها عدد غير محدود ممن فتح الله عقولهم ووسّع صدورهم، ورزقهم فهماً وفقهاً يعي الحياة وتحوّلاتها.
إذا استمر قطار التشريع لحقوق المرأة في حركته وزاد سرعته قليلاً، فإن القضايا الصغيرة التي يتعاطى معها العالم من حولنا بيُسر وسلاسة لن تتحوّل إلى مانشيتات يثيرها الإعلام الداخلي، وتستفيد من تجييرها الأبواق الخارجية التي تترصد ببلادنا السوء.
وإذا استمرت السبحة في كرّها، فإن المرأة السعودية السفيرة، والمرأة السعودية الوزيرة.. قرارات مقبلة لا محالة، وحينها ستخرج المرأة من محنتها الكامنة في إبعادها وتهميشها، وستشارك الرجل في القرار والبناء وتقاسم الأدوار والمهام التي تأخذ بيد الوطن للخير والعلو.
ستدافع المرأة نفسها عن شريكاتها في الجنس من بنات حواء، وستساهم في تشريع ما يعود عليهن وعلى الوطن بالتقدُّم والازدهار. المرأة بلا قيود في مواقع المشاركة إلى جانب الرجل لصناعة مستقبل البلاد وتقدّمها، هي خير للوطن منها وهي مقيّدة بالمنع من أبسط حقوقها وأقل حاجاتها، لأن البلاد ستسير وستندفع بطاقة أكبر وأسرع مما كانت عليه وهي تجمّد طاقة المرأة وتعتمد على الرجل فقط.
أعتقد أن مسيرة المطالبة بحقوق المرأة ستزداد ثقة وإصراراً على المُضي حتى تنال كامل حقوقها، وستعتبر هذه القرارات الملكية بمثابة التحفيز لحث السير إلى الأمام، وستنطلق المسيرة بدفع أكبر، مستعينة بالمرأة التي تصدّرت بعض مواقع القرار والمتابعة.
كل ذلك لا يمنع من التعبير عن المخاوف الجادة التي تعتريني وأنا أكتب هذه الكلمات من العراقيل والضجيج الذي سيتستر بأقنعة لا عدّ لها ولا حصر، والهدف هو تجويف تلك القرارات وإفراغها من قيمتها الحقيقية، ليصبح وجودها كعدمها، وتصبح قرارات يستهلكها الإعلام من جهة، ويجوّفها الذين لا يريدون خيراً بالمرأة1.
- 1. الشيخ محمد الصفار * صحيفة اليوم 1 / 10 / 2011م – 12:42 م – العدد: 13987