نص الشبهة:
“المسألة الرابعة عشرة” تتعلق بإرث علي من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال هذا الرجل: حديث عرض النبي ارثه لعمه سيدنا العباس وابن عمه علي امير المؤمنين في الوافي عن الكافي صفحة 134 / 133 ـ دعا النبي صلى الله عليه وآله عمه العباس وعليا قبيل وفاته فقال لعمه العباس: تأخذ تراث محمد وتقضي دينه وتنجز عداته؟ فرد عليه العباس، وقال: شيخ كثير العيال قليل المال، فقال النبي: سأعطيها من يأخذها بحقها. وقال: يا علي أتنجز عدات محمد وتقضي دينه وتأخذ تراثه؟ الحديث (قال هذا الرجل): هذا الحديث حديث مهم جليل لم أره في كتب الأحاديث غير كتب الشيعة عددته إذ رأيته كنزا غنيا يستخرج منه أصول في أبواب الفقه، إلى آخر ما قاله مستخفا بهذا الحديث مستهزئا به متهكما، وقد ارجف فأجحف وظن انه ارث المال فرده بان ابن العم لا يرث مع وجود البنت أو العم، وانه لا معنى لعرض الإرث، فان تركة الميت تنتقل بموته إلى ورثته، سواء أحب أو كره، وسواء كره الورثة أم أحبوا. (قال): وسيدنا العباس كان غنيا، وكان أعقل وارفع من ان يرد عرض النبي الخ.
الجواب:
ان ما ذكره من شأن الإرث فانما هو شأن التراث المالي، اما وراثة العلم والحكمة والملك، فانها من رحمة الله التي يختص بها من يشاء من أنبيائه وأوصيائهم عليهم السلام. وقوله: بانه لم ير الحديث في كتب غير الشيعة دليل على قصور باعه، إذ صح ان عليا كان يقول 1 في حياة رسول الله: والله اني لاخوه ووليه، وابن عمه، ووارث علمه، فمن أحق به مني، وقد قيل له مرة 2: كيف ورثت ابن عمك دون عمك، فقال: جمع رسول الله بني عبد المطلب وهم رهط كلهم يأكل الجذعة ويشرب الفرق فصنع لهم مدا من طعام فأكلوا حتى شبعوا وبقي الطعام كما هو كأنه لم يمس، فقال صلى الله عليه وآله: يا بني عبد المطلب اني بعثت إليكم خاصة والى الناس عامة، فأيكم يبايعني على أن يكون أخي، وصاحبي ووارثي، فلم يقم إليه احد، فقمت إليه وكنت من اصغر القوم، فقال لي: اجلس، ثم قال ثلاث مرات، كل ذلك أقوم إليه فيقول لي: اجلس، حتى كان في الثالثة ضرب بيده على يدي، فلذلك ورثت ابن عمي دون عمي. وهذا الحديث مستفيض في كتب أهل السنة، وفيه من عرض النبي ارثه على اسرته ما أنكره هذا الرجل على كتب الشيعة كما لا يخفى.
وسئل قثم بن العباس ـ فيما أخرجه الحاكم وصححه في مستدركه 3 وأورده الذهبي في تلخيصه جاز ما بصحته ـ فقيل له: كيف ورث علي رسول الله دونكم؟ فقال: لأنه كان أولنا به لحوقا، واشدنا به لزوقا. قلت: لا يخفى ان تساؤل الناس عن السبب في حصر هذا التراث بعلي دون غيره، دليل على علمهم بهذه التخصة، وانها كانت عندهم من المسلمات، وانما كانوا يتساءلون عن اسبابها، حتى سألوا عليا تارة، وقثما اخرى، فأجابهم بما سمعت مما تصل إليه مدارك أولئك السائلين، والا فالجواب الحقيقي: ان الله عز وجل اطلع إلى أهل الأرض فاختار منهم محمدا فجعله نبيا، ثم اطلع ثانية فاختار عليا فأوحى إلى نبيه ان يتخذه وارثا ووصيا، كما دلت عليه السنن الصحيحة 4 قال الحاكم 5 بعد ان اخرج عن قثم ما سمعت: حدثني قاضي القضاة ابو الحسن محمد بن صالح الهاشمي، قال: سمعت ابا عمر القاضي يقول: سمعت اسماعيل بن اسحاق القاضي، وقد ذكر له قول قثم هذا فقال: انما يرث الوارث بالنسب أو بالولاء، ولا خلاف بين اهل العلماء في ان ابن العم لا يرث مع العم، فقد ظهر بهذا الاجماع ان عليا ورث العلم من النبي دونهم. هذا كلامه بعين لفظه، فليراجعه موسى جار الله ليعرف خطأه إذ قال: لم أره في كتب الأحاديث غير كتب الشيعة، وحسبه حديث الدار يوم الانذار 6 وحديث بريدة 7 عن رسول الله إذ قال صلى الله عليه وآله: لكل نبي وصي ووارث، وان وصيي ووارثي علي بن ابي طالب، وحديث ابن ابي أوفى في المؤاخاة، وفيه قول النبي صلى الله عليه وآله لعلي: وأنت أخي و وارثي، قال علي: وما أرث منك؟ قال، صلى الله عليه وآله: ما ورث الأنبياء من قبلي، كتاب ربهم وسنة نبيهم، الحديث 8 ومثله حديث سلمان عن رسول الله، إذ قال صلى الله عليه وآله 9: ان وصيي، وموضع سري وخير من أترك بعدي، ينجز عدتي، ويقضي ديني، علي بن ابي طالب. إلى ما لا يحصى ولا يمكن ان يستقصى في هذه العجالة 10 مما ينقلب هذا الرجل به خاسئا وهو حسير.
اما قوله: بان العباس كان غنيا، وكان أعقل وارفع من ان يرد عرض النبي بخلا أو غفلة عن عظيم الشرف، إلى آخر ما قاله عن ابي الفضل فصحيح، وحاشاه من ان يرده الا ليري الناس اعترافه ـ على جلالة قدره وعظم شأنه ـ بحق علي وتقديمه اياه ـ مع كونه صنو ابيه وبقية اهليه ـ على نفسه، وبهذا ارتفع قدر ابي الفضل عند الله ورسوله، وعظمت منزلته في نفوس أولي الالباب، ورحم الله من عرف حده فوقف عنده.
واما ما نقله هذا المرجف عن كتب الشيعة في شأن ام العباس فشئ لا نعلمه وكتب الشيعة الامامية تنزه العباس وامه، وتقدس أباه شيبة الحمد عن كل وصمة، فانهم عليهم السلام لم تنجسهم الجاهلية بانجاسها، ولم تلبسهم من مدلهمات ثيابها، وابو الفضل العباس كان من أفضل الناس عليه السلام 11.
- 1. هذا القول ثابت عن علي بعين لفظه وقد اخرجه الحاكم في مناقبه عليه السلام ص 126 من الجزء 3 من المستدرك بالسند الصحيح على شرط الشيخين واعترف الذهبي بذلك حيث اورده في التلخيص.
- 2. فيما اخرجه الضياء المقدسي في المختارة وابن جرير في تهذيب الآثار والنسائي في ص 18 من الخصائص العلوية، ونقله ابن ابي الحديد عن تاريخ الطبري في اواخر شرح الخطبة القاصعة ص 255 من المجلد 3 من شرح النهج وهذا الحديث هو الحديث 6155 في ص 408 من الجزء 6 من كنز العمال ودونك ص 159 من مسند الامام احمد تجد الحديث بالمعنى.
- 3. ص 125 من جزئه الثالث واخرجه ابن ابي شيبة في مسنده وهو الحديث 6084 في ص 400 من الجزء 6 من كنز العمال.
- 4. والتفصيل في المراجعة 68 من مراجعاتنا وما علقناه عليها.
- 5. في ص 125 من الجزء 3 من المستدرك.
- 6. وقد اوردناه في المراجعة 20 من مراجعاتنا فليقف عليه وعلى ما علقناه ثمة كل بحاثة مدقق.
- 7. أوردناه في المراجعة 68 من المراجعات فراجعه وراجع ما علقناه ثمة عليه.
- 8. أوردناه في المراجعة 32 فراجعه ولا تغفل عما نقلناه عليه.
- 9. فيما أخرجه الطبراني في الكبير كما في ص 154 من الجزء 6 من كنز العمال وص 203 من هامش الجزء 5 من مسند احمد وهذا الحديث أوردناه في المراجعة 68.
- 10. وحسبك ما اوردناه في كتاب المراجعات.
- 11. أجوبة مسائل جار الله، بقلم سماحة آية الله السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي، الطبعة الثانية 1373 ه مطبعة العرفان ـ صيدا. 1953 م، أجوبة مسائل جار الله، بقلم سماحة آية الله السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي، الطبعة الثانية 1373 ه مطبعة العرفان ـ صيدا. 1953 م، ص 133 ـ 139، المسألة الرابعة عشر.