التعليممقالات

غرائب لبنانية ( شهود الزور) …

إذا أراد الله أن يعذب قوما إبتلاهم بالتشكيك بالبديهيات والنقاش في المسلمات! وهذا ما عليه نحن اللبنانيين اليوم في شأن ما يُسمى ” شهود الزور”. فمن المسلمات في كافة الأزمنة والحقبات وعند كل الشرائع تقبيح فعل الزور وإدانة صاحبه بل وملاحقته ومحاكمته ، كما ينطبق ذلك على مَن تورط معه وستر عليه.‏

فمحاكمة ومعاقبة شهود الزور من البديهيات الطبيعية السائدة في كافة الأزمنة والأمكنة والحضارات والحقبات التاريخية والشرائع بل لو ذهبنا إلى مجاهل بعض المناطق في العالم عند القبائل البدائية غير المتمدنة، لرأينا أن القوم كبارهم وصغارهم وعلى كل مستوياتهم أفقيا وعموديا ، يستنكرون شاهد الزور بل يحتقرونه ويقاطعونه بل لا يتركونه دون عقاب.‏

فمن الغريب ما تنشغل به الساحة اللبنانية اليوم أن يناقِش البعض في محاكمة ” شهود الزور” وهو من الأمور التي لا تتقبل جدلاً ولا بحثاً ولا نقاشاً بل حتى ولا توقفاً عنده.‏

ومن أعجب العجب أن يُناقش موضوع شهود الزور على الساحة اللبنانية عشرات المرّات من خلال ما لا يحصى من المقالات والتصريحات والندوات والمقابلات وأن يدور صراع لا ينتهي حول محاكمتهم وتربط بهم جلسة مجلس الوزراء بل الوضع السياسي، وهو من البديهيات القضائية والاجتماعية التي لا يقوم المجتمع إلا بها.‏

ولنكن منصفين:‏

كيف يمكن أن نتخيل مجتمعاً قائماً تُسيَّر أمور أهله تزامنا مع السكوت أو التسليم أو رعاية أو حماية شهود الزور!‏

عندئذ هل هناك شيء يسمّى حقيقة؟‏

ومن الهجنة أن المتصدي لمثل هذه التُّرَّهات بعض من يُعرَّفون بأنهم يحملون شهادات في القضاء أو المحاماة، حتى أن نموذجاً منهم وعبر وسيلة إعلامية جاهر بقوله: “لو جاؤوا لنا بخمسة أو سبعة شهود زور سنواجههم بخمسمائة يتهمون جهة معينة بعينها ، فنصل إلى الحقيقة”!‏

من الصعب بل من المؤلم بل من المفجع بل لا نريد أن نصدق أن حاملاً لشهادة المحاماة أو قاضيا ينطق بمثل هذه الهرطقات.‏

من هنا نتوجّه، ولعلّه نداء يأس، إلى أهل الحكمة والتعقّل لنقول لهم: أيها المحترمون إن أسقطتم البديهيات والضروريات والمسلّمات… فهل تأملون بوجود حقيقة وهل تسير أمور الناس؟‏

من المُعيب في هذا القرن وفي هذا الزمن أن يضطرّ المرء لمناقشة مثل هذه الأمور1.‏

  • 1. الموقع الرسمي لسماحة السيد سامي خضرا(حفظه الله).

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى