مستمعينا الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته واهلاً ومرحباً بكم ايها الافاضل في هذه الحلقة من البرنامج يتناول الشيخ رضوان والشاب احمد موضوع “زيارة القبور” وكما يعلم المستمعون ان هذه الظاهرة من الظواهر المتجذرة في تاريخ المجتمعات البشرية، ولا تختص بالمجتمع الديني ولا بالمسلمين بل هي موضوع أهتمام المجتمعات على اختلاف مشاربها ومعتقداتها، لمزيد من الايضاحات ندعوكم للاستماع الى هذا الحوار..
احمد: ماذا تعني زيارة القبور؟
الشيخ: الزيارة في اللغة هي القصد والملاقات وزاره زيارة وزوراً بمعنى قصده فهو زائر وفي المفهوم العرفي للزيارة هو قصد المزور اكراماً له واستئناساً به، هذا معنى الزيارة ولكن يا احمد هل تجد لزيارة القبور من فوائد.
احمد: بالتأكيد هناك عدة فوائد معاشة ومنها العبرة والاتعاظ حيث يدرك الزائر للقبور بان مصيره مهما طال فهو الى الفناء وهذا الشعور يكون رادعاً عن التمادي في الغي.
الشيخ: ولكن يا احمد كثيرون ممن زاروا القبور لم يتعظوا؟
احمد: يا سيدي هكذا الحال مع الغافلين الذين اصروا على غفلتهم فلا يتعظون بهذه المشاهد مثلما هم لا يتعظون بالآيات الالهية الاخرى دون ان ينفي ذلك اهمية وجود الآيات الالهية وكذلك الانذار وقد قال تعالى: (سواء عليهم أنذرتهم ام لم تنذرهم لا يؤمنون / ختم الله على قلوبهم).. ولكن لديَّ سؤال هو هل ان الزيارة المشروعة تقتصر على زيارة قبور المؤمنين والاولياء ام تشمل حتى قبور الطواغيت؟
الشيخ: يا بني نجد في القرآن الكريم انه يرشدنا الى مواطن العبرة حتى بالنسبة لقبور الجبابرة والطواغيت لان في زيارتها كمال العبرة والاتعاظ قال تعالى بالنسبة لفرعون: (فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وان كثيراً من الناس عن آياتنا لغافلون) “يونس 92”.
فشاء الله ان يجعل جسد فرعون الطاغي جثة هامدة لا حراك فيها بعد ان ملك القدرات في مختلف انواعها وظن قومه انه لا يموت.
احمد: واجد يا سيدي ان زيارة القبور تساهم في تعميق الاعتقاد وباليوم الاخر الذي هو اصل من اصول الدين؛ لانها تدفع الانسان الى التساؤل عما بعد الموت وتذكر بمنازل الآخرة ويوم الحساب.
الشيخ: صحيح اذا آمن الانسان بان وراءه يوماً يسأل فيه عن فعل وانه لم يخلق عبثاً فهذا الشعور العميق باليوم الآخر يجعل الانسان ذا قصد في فعله فيجتنب فعل الشر والافساد ويتجه نحو فعل الخير الى هدفه الاصلاح.
احمد: ولكن يا شيخ رأيت البعض يبكي على القبور فما هي فائدة البكاء عليها؟
الشيخ: بالمناسبة يا احمد فقد تكمن الفائدة الثالثة لزيارة القبور في البكاء لانه أي البكاء الناشيء عن الحب لله ينمي الصلة الطيبة بين الانسان الحي والانسان الميت، وصلة الانسان الفرد بالمجتمع وبالتالي يحدث الوئام والتراحم والمحبة بين الناس فتعطى الحقوق وتؤدى الامانات.
احمد: مع هذه الفوائد المشهودة يا شيخ ما هو الموقف القرآني من زيارة القبور؟
الشيخ: هل قرأت قوله تعالى: (ولا تصل على احد منهم مات ابداً ولا تقم على قبره انهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون) “التوبة 84″…
احمد: نعم ياشيخ قد قرأتها ولكن ما معنى لا تقم على قبره هل هو القيام وقت الدفن وغيره؟
الشيخ: انتبه يا بني الى الاجابة … ان هذه الآية تتشكل من جملتين الاولى قوله تعالى: (لا تصل على احد منهم مات ابداً)، والثانية (ولا تقم على قبره)، هذه الجملة الثانية معطوفة على الجملة السابقة، وكل ما يثبت للمعطوف عليه يثبت للمعطوف ايضاً. واذا تنظر الى العبارة المعطوف عليه تراها مقيدة بقيد “ابداً”.
أي قوله تعالى: (ولا تصل على احد منهم مات ابداً) وحسب قواعد اللغة يستلزم ان يكون هذا القيد للمعطوف ايضاً.. اذاً المعنى ماذا يصبح؟
احمد: يكون المعنى لا تقم على قبر احد منم ابداً كما كان بالنسبة للصلاة.
الشيخ: احسنت يا احمد … انتبه جيداً لفظه “ابداً” المقدرة في الجملة الثانية حينئذ تفيد امكانية تكرار هذا العمل ويستنتج من ذلك ان القيام على القبر ايضاً لا يختص بوقت الدفن.
احمد: اذن يا شيخ افهم ان الله جل جلاله ينهي نبيه(ص) عبر هذه الآية عن مطلق الاستغفار والترحم على المنافق سواءً كان بعد الصلاة او مطلق الدعاء وينهي عن مطلق القيام على القبر سواءً كان زمن الدفن او بعده ومفهوم ذلك هو ان هذين الامرين أي الصلاة والقيام على القبر يجوزان في حق المؤمن، ولا يجوزان في حق المنافق وعلى هذا الاساس يثبت جواز زيارة قبر المؤمن وجواز قراءة القرآن على روحه ولو بعد مئات السنين، ولكن يبقى لي سؤال يا سيدي هو ان الآية تخاطب النبي(ص) لباقي المسلمين؟
الشيخ: يا بني ان هناك الكثير من الآيات التي تخاطب النبي وتأمره(ص) لكنها لا تقتصر على النبي بل تشمل الجميع حسب قوله تعالى: (ما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) “الحشر7”.
او المباركة: (لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً) “الاحزاب 21”.
واذا كان رسول الله(ص) هو اسوة لنا فعلينا القيام بما قام به(ص) والانتهاء عما انتهى عنه(ص) وعلى هذا الاساس فان ما امر به النبي(ص) امر به المسلمون.
الختام:
ايها المستمعون الاكارم كنتم مع حوار الشيخ رضوان والشاب احمد وهما تناولا قضية زيارة القبور اعتماداً على القرآن الكريم فحتى حلقة اخرى من حوارات عقائدية عبر اذاعة طهران … السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*********************
المصدر (Arabic.irib.ir)