نور العترة

الدهاء…

ذَكَرَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ فِي حَدِيثِهِ‏ أَنَّهُ: لَمَّا أَخَذَ مُعَاوِيَةُ مَوْرِدَ 1 الْفُرَاتِ 2 أَمَرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام لِمَالِكٍ الْأَشْتَرِ 3 أَنْ يَقُولَ لِمَنْ عَلَى جَانِبِ الْفُرَاتِ يَقُولُ لَكُمْ عَلِيٌّ اعْدِلُوا عَنِ الْمَاءِ.
فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ عَدَلُوا عَنْهُ، فَوَرَدَ قَوْمُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْمَاءَ وَ أَخَذُوا مِنْهُ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةَ فَأَحْضَرَهُمْ، وَ قَالَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ.
فَقَالُوا إِنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ جَاءَ وَ قَالَ إِنَّ مُعَاوِيَةَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُفْرِجُوا عَنِ الْمَاءِ.
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لِعَمْرٍو إِنَّكَ لَتَأْتِي أَمْراً ثُمَّ تَقُولُ مَا فَعَلْتُهُ!
فَلَمَّا كَانَ مِنْ غَدٍ وَكَّلَ مُعَاوِيَةُ حَجَلَ بْنَ عَتَّابٍ النَّخَعِيَّ فِي خَمْسَةِ آلَافٍ، فَأَنْفَذَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام مَالِكاً فَنَادَى مِثْلَ الْأَوَّلِ، فَمَالَ حَجَلٌ عَنِ الشَّرِيعَةِ فَأَوْرَدَ أَصْحَابُ عَلِيٍّ وَ أَخَذُوا مِنْهُ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةَ فَأَحْضَرَ حَجَلًا وَ قَالَ لَهُ فِي ذَلِكَ.
فَقَالَ لَهُ إِنَّ ابْنَكَ يَزِيدَ أَتَانِي فَقَالَ إِنَّكَ أَمَرْتَ بِالتَّنَحِّي عَنْهُ.
فَقَالَ لِيَزِيدَ فِي ذَلِكَ فَأَنْكَرَ.
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ فَإِذَا كَانَ غَداً فَلَا تَقْبَلْ مِنْ أَحَدٍ وَ لَوْ أَتَيْتُكَ حَتَّى تَأْخُذَ خَاتَمِي.
فَلَمَّا كَانَ اليَوْمُ الثَّالِثِ أَمَرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لِمَالِكٍ مِثْلَ ذَلِكَ، فَرَأَى حَجَلٌ مُعَاوِيَةَ وَ أَخَذَ مِنْهُ خَاتَمَهُ وَ انْصَرَفَ عَنِ الْمَاءِ.
وَ بَلَغَ مُعَاوِيَةَ فَدَعَاهُ وَ قَالَ لَهُ فِي ذَلِكَ ، فَأَرَاهُ خَاتَمَهُ ، فَضَرَبَ مُعَاوِيَةُ يَدَهُ عَلَى يَدِهِ.

فَقَالَ: نَعَمْ وَ إِنَّ هَذَا مِنْ دَوَاهِي عَلِيٍّ  4.

  • 1. المَورد و الشَّرِيعة بمعنى واحد و هما الطريق إلى الماء يرده الإنسان و الحيوان والذي يُسْتَقَى منه بلا رِشاء.
  • 2. هذه القصة حدثت في واقعة صفين .
  • 3. هو مالك بن الحارث النخعي المجاهد في سبيل الله و السيف المسلول على أعداء الله، قال في حقه الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): ” كان الأشتر لي كما كنت لرسول الله (صلى الله عليه وآله)”.
    استشهد مالك الأشتر عام 38 الهجري مسموماً بخدعة خطط لها معاوية بن أي سفيان، حيث أن معاوية كلَّف جاسوساً له بمصر بقتل الأشتر، فصحبه نافع مولى عثمان فخدمه و ألطفه حتى أعجبه و اطمأن إليه، فأحضر له شربة من عسل بسم فسقاها له فمات (رضوان الله عليه) مسموماً، و لهذا السبب كان معاوية يقول: إن لله جنوداً من عسل، (راجع الكنى و الألقاب: 2 / 28 – 32).
  • 4. مناقب آل أبي طالب (عليهم السلام): 2 / 332 ،للعلامة المُحدِّث رشيد الدين محمد بن شهر آشوب المازندراني، المولود سنة: 489 هجرية بمازندران/إيران، و المتوفى سنة: 588 هجرية بحلب/سوريا، طبعة مؤسسة العلامة للنشر، قم/إيران، سنة: 1379 هجرية.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى