نور العترة

الخلافة والامامة …

تعني الخلافة نيابة الرسول (صلي الله عليه و آله و سلم) عند غيابه في إدارة شؤون المسلمين، و يجعل أغلب علماء السنة الخلافة منزلة الإمامة، و الخليفة إمام کما ان الإمام خليفة.

يقول ابن خلدون: “و قد بيّنا حقيقة هذا المذهب نيابة عن صاحب الشريعة في حفظ الدين و سياسة الدنيا به تسمي خلافة و إمامة و القائم به خليفة و إماما ً فأمّا تسميته إماما ً فتشبيها ً بإمام الصلاة في اتباعه و الاقتداء به”1.

وبا لطبع فإن هذا لا يستوعب بشکل کامل معني الإمامة بأبعادها الحقّيقة.

فالإمام من يجسّد عمله قوله، لا أن ينوب أحدهم النبي في إدارة امور المسليمين عند غيابه حتي لو لم يطابق قوله عمله؛لأن الخلافة تعني نيابة النبي (صلي الله عليه و آله و سلم).

ونحن لانبحث هنا شروط الخلافة و مواصفات الخليفة بقدر ما نريد ان نحدد معني الإمامة و الخلافة.

وعلي هذا فإن الخلافة و الإمامة تختلفان في المعني، فقد يتحقق معناهما في فرد ما. فمثلا ً لو انتخب النبي (صلي الله عليه و آله و سلم)صحابيا ً ما وجعله خليفة له و سلّمه زمام الامور سياسيا و اجتماعيا ً في الحفاظ علي الشريعة والدين، فإن شخصا ً کهذا سيکون إماماً و خليفة في آن و احد، لإنّه أمين علي الشريعة و منفّذ له.

و ربّّّما يصبح خليفة للنبي و لکنّه ليس بإمام، وهذا ما أشار اليه القرآن الکريم في قوله تعالى مخاطبا ًسيّدنا إبراهيم (عليه السلام): ﴿ … إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا … ﴾ 2. فلقد نبيا و رسولاً، کما أن فردا ً ما قد تتحقق فيه أحکام الشريعة و تتمثل فيه الرسالة و کانت سيرته کما يرسمها الدين، ويقتدي به المؤمنون و يتخذون من فعله و قوله و تقريره سنّة لهم، فيکون(ذلك الشخص) إماما ً في الإطاراللغوي، و لکنه ليس خليفة.

وقد تکون خلافة أحدهم صادقة ولکن لا إمامة له، فمثلاً: لو استخلف النبي صحابياً و أوکل إليه إنجاز سلسلة من الأعمال المحدّدة يقوم بها أثناء غيابه، فيمکن أن نسمّي هذا الشخص خليفة و لکنه ليس بإمام يقتدي به الناس في کلّّ شؤونهم.ولو أن أفراد الامّة إدارة الامور فيمکنهم أن يسمّوه خليفة للنبي (صلي الله عليه و آله و سلم) و هو أمر ينسجم مع معطيات المعنى اللغوي لمفهوم الخلافة، و لکن أن يکون إماما ً فلا؛ لإنّه لايجسّد معاني الإمامة.

وعلي کلّّ حال، فإن مصطلح الإمام إنما يطلق علي شخص تکون له النيابة العامةفي قيادة الناس، و لا يوجدما يقيّده في ذلک و علي جميع المستويات.

قال الإمام الرضا معرفا ً الإمامة: “هل يعرفون قدر الإمامة، و محلها من الامّّة فيجوز فيها اختيارهم؟

ان الإمامة منزلة خصّ الله بها إبراهيم الخليل (عليه السلام)بعد النبوّة والخلّة مرتبة ثالثة، و فضيلة شرّفه بها و أشاد بها ذکره، فقال عزوجل:﴿ وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا … ﴾ 2قال الخليل مسرورا ً بها:﴿ … وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴾ 2، فأبطلت هذه الآية إمامة کلّّ ظالم الي يوم القيامة، و أبقتها في الصفوة”3.

ويقول (عليه السلام): “ان الإمام زمام الدين و نظام المسلمين و صلاح الدنيا وعزّ المؤمنين”45.

  • 1. مقدمة ابن خلدون: ص191.
  • 2. a. b. c. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 124، الصفحة: 19.
  • 3. أصول الکافي: ج 1ص199.
  • 4. المصدر السابق: ص200.
  • 5. من کتاب دراسة عامة في الامامة.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى