مقالات

سؤالٌ قديمٌ وإجابةٌ مُختصَرَة…

بسم الله الرحمن الرحيم

بقلم: زكريَّا بركات
4 أكتوبر 2022


قد يتساءل البعضُ بأنَّ الَّذي ذُكر في مصادر غير الإماميَّة هو بيانُ عدد الخلفاء وأنَّهم اثنا عشر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، من غير ذكر الأسماء، فكيف يُثبت الإماميَّةُ لغيرهم أنَّ المقصود من ذلك هو ما يذهبون إليه من تحديد الخلفاء بالعدد والأسماء حسب معتقدهم؟

الجواب ـ وبالله التوفيق ـ : أنَّ النصَّ يدلُّ على انحصار الخُلفاء في هذا العدد، بينما تنقسم الأمَّة الإسلاميَّة إلى طائفتين: طائفةٍ لا تعتقد بانحصارهم في هذا العدد (لا تَعتبِرُ العددَ) ، وطائفةٍ تعتقد بالانحصار مع تفصيل الأسماء كما هو معتقد الإماميَّة (تَعتبِرُ العددَ) . ولا يوجدُ قولٌ ثالثٌ داخل نطاق الأمَّة الإسلاميَّة. وبناءً على نظريَّة (عدم خروج الحقِّ من هذه الأُمَّة) نجد بأنَّ الاعتقاد بـ (الانحصار مع تفسير النَّصِّ بغير أئمِّة الإماميَّة) هو قول ثالث، فيلزم إبطالُه لخروجه عن نطاق الأمَّة الإسلاميَّة، وهذا هو المقصود به في كلام بعض الأساطين من أنَّه خروج عن إجماع الأمَّة فيلزم نفيُه. فإذا انتفى القول الثالث، وثبت بطلان القول الَّذي لا يعتبر العدد؛ لأنَّ النصَّ دلَّ على العدد، فلا يبقى إلَّا قولُ من اعتبر العدد وهم شيعةُ أهل البيت عليهم السلام، فيكون هذا دليلاً مركَّباً (من دلالة النصِّ والإجماع) على حقَّانية مذهبهم في اعتبار العدد مع تعيين مصاديقه في الاثني عشر من أهل البيت عليهم السلام.

وبتعبير آخر: إنَّ النصَّ على الاثني عشر يدلُّ على أنَّ عدد الخلفاء لا يزيد ولا ينقص عن ذلك، وغير الإماميَّة لا يعتقد بذلك، فدلَّ النَّصُّ على خطأ معتقدهم في هذا الباب، فلا يكون ثمَّةَ تفسيرٌ للنصِّ غير ما يذهب إليه الإماميَّةُ، وتفسير النصِّ بغير اعتقاد الإماميَّة مع الالتزام بالعدد هو قولٌ ثالث لا قائل به في نطاق الأمَّة الإسلامية، فيلزم نفيُه لذلك.

واعلم أنَّ لهذا الجواب شواهدَ وقرائنَ تُؤيِّده من القرآن الكريم ومن كلام غير الإماميَّة وأحاديثهم في مصادرهم وكتبهم، لكنَّ بيانَ ذلك يستدعي الإطالة.

فإن قال قائل: قد حاول بعض شُرَّاح الحديث من غير الإمامية تفسيرَ النصِّ على الاثني عشر بنحو من الأنحاء، فكيف صحَّ القول بأنَّ ما قالوه قول ثالث خارج عن إجماع الأمَّة؟

قلنا: إنَّما تكلَّفوا ذلك حين وجدوا النصَّ يدلُّ على ما لا وجود له في منظومتهم العقديَّة، ووجدوا علماءَ الإماميَّة يحتجُّون به عليهم، فتصدَّى بعضهم لبيان مصاديق الخلفاء من غير حجَّة وبُرهان، ظنًّا منهم أنَّ ذلك يخلِّصهم من ضيق الخناق، ولم يلتفتوا إلى أنهم وقعوا في إشكال الالتزام بالقول الثالث الَّذي يعني الخروج من إجماع الأمَّة، مع أنَّ علماء الإماميَّة بيَّنوا ذلك مراراً في مصنَّفاتهم ومناظراتهم..! فممَّن استدلَّ بهذا البرهان وبيَّنه للعباد بأقوى بيان: الشيخُ الطوسي (ت 460 هـ) في كتاب “الغَيبة”، ولكن لا حياةَ لمن تنادي.

والحمدُ لله ربِّ العالمين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى