قال الطبري ما ملخصه : إنه لما نزل قوله تعالى : ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾ 1دعا علياً «عليه السلام» ؛ فأمره أن يصنع طعاماً ، ويدعو له بني عبد المطلب ليكلمهم ، ويبلغهم ما أُمِر به .
فصنع علي «عليه السلام» صاعاً من طعام ، وجعل عليه رجل شاة ، وملأ عساً من لبن ، ثم دعاهم ، وهم يومئذٍ أربعون رجلاً ، يزيدون رجلاً ، أو ينقصونه ، فيهم أعمام النبي «صلى الله عليه وآله» : أبو طالب ، وحمزة والعباس ، وأبو لهب ؛ فأكلوا .
قال علي «عليه السلام» : فأكل القوم ، حتى ما لهم بشيء من حاجة ، وما أرى إلا موضع أيديهم ، وأيم الله الذي نفس علي بيده ، إن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدمت لجميعهم .
ثم قال : إسق القوم ؛ فجئتهم بذلك العس ؛ فشربوا منه حتى رووا منه جميعاً ، وأيم الله ، إن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله .
فلما أراد رسول الله «صلى الله عليه وآله» أن يكلمهم بدره أبو لهب فقال : لقدْماً سحركم صاحبكم ، فتفرق القوم ، ولم يكلمهم الرسول «صلى الله عليه وآله» .
فأمر «صلى الله عليه وآله» علياً «عليه السلام» في اليوم الثاني : أن يفعل كما فعل آنفاً ، وبعد أن أكلوا وشربوا قال لهم رسول الله «صلى الله عليه وآله» : يا بني عبد المطلب ، إني والله ما أعلم شاباً في العرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتكم به ، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة .
وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه ؛ فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ، ووصي ، وخليفتي فيكم ؟!
قال : فأحجم القوم عنها جميعاً ، وقال علي : أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه ، فأخذ برقبتي .
ثم قال : إن هذا أخي ، ووصي ، وخليفتي فيكم ؛ فاسمعوا له وأطيعوا .
قال : فقام القوم يضحكون ، ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع .
وفي بعض نصوص الرواية : أنه لما قام علي «عليه السلام» فأجاب ، أجلسه النبي «صلى الله عليه وآله» .
ثم أعاد الكلام ، فأجابه علي ، فأجلسه ، ثم أعاد عليهم ، فلم يجيبوا ، وأجاب علي «عليه السلام» ، فقال له «صلى الله عليه وآله» ذلك .
وحسب نص الإسكافي : أنه «صلى الله عليه وآله» قال : هذا أخي ، ووصيي ، وخليفتي من بعدي .
وأنهم قالوا لأبي طالب : أطع ابنك ، فقد أمره عليك 2 .
تعصب يؤدي لاختزال النص
وقد ذكر الطبري هذا الحديث في تاريخه على النحو المتقدم . . لكنه اختزل النص في تفسيره جامع البيان : فإنه بعد أن ذكره حرفياً متناً وسنداً غيَّر فيه عبارة واحدة فقال : «فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ، وكذا . . وكذا . .» .
إلى أن قال : «ثم قال : إن هذا أخي ، وكذا وكذا» .
فاستبدل كلمة : «ووصيي وخليفتي فيكم» بكلمة : «وكذا . . وكذا» 3 .
كما أن ابن كثير الذي ينقل عادة نصوص الطبري من تاريخه وعدل في خصوص هذا المورد إلى تفسير الطبري ، وأخذ هذا النص منه ، واكتفى بكلمة كذا . . وكذا . . عن النص الحقيقي الصادر عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، فراجع 4 .
جرى الخلف على خطى السلف
وقد جرى الخلف على خطى السلف ، ولكن بصورة أبشع وأشنع ، فإن محمد حسين هيكل ذكر هذا الحديث أيضاً في كتابه حياة محمد (الطبعة الأولى) ص104 وفق نص الطبري في تاريخه .
لكنه في الطبعة الثانية لكتابه هذا نفسه ، المطبوع سنة 1354 هـ . ذكر هذا الحديث عينه في ص139 ، إلا أنه حذف كلمة : «وخليفتي فيكم» واقتصر على قوله : «ويكون أخي ووصيي» . وذلك لقاء خمس مئة جنيه مصري ، أو لقاء شراء ألف نسخة من كتابه 5 كما قيل .
سند حديث الإنذار
وقد جرى ابن تيمية على عادته في إنكار فضائل أمير المؤمنين «عليه السلام» ، فزعم أن في سند رواية الطبري أبا مريم الكوفي ، وهو مجمع على تركه . وقال أحمد : ليس بثقة . واتهمه ابن المديني بوضع الحديث 6 .
ونقول :
إن هذا الكلام مردود :
ألف : بالنسبة لأبي مريم نقول :
أولاً : إن من يراجع كتب الجرح والتعديل عند أهل السنة يرى أن أحداً من رجال الأسانيد الذي يروي عنهم البخاري ومسلم ، وغيرهما من أصحاب الصحاح والمسانيد ـ لم يسلم من الجرح والقدح ، باستثناء الشاذ النادر الذي قد لا يصل إلى واحد بالمئة . .
فلو أخذنا بقاعدة ابن تيمية ، وهي ترك رواية كل من ورد فيه قدح لم تسلم لنا رواية واحدة من ذلك ، سوى المتواترات . وهي قليلة جداً ، لا تؤسس لفقه ، ولا لدين . . فكيف إذا كنا نرى ابن تيمية يطعن حتى في المتواترات نفسها . .
ثانياً : بالنسبة لأبي مريم نقول :
قال ابن عدي : سمعت ابن عقدة يثني على أبي مريم ويطريه ، وتجاوز الحد في مدحه 7 .
وقال عنه الذهبي : كان ذا اعتناء بالعلم وبالرجال 8 .
ثالثاً : قد صرحوا بسبب تضعيفهم لأبي مريم ، وهو كونه شيعياً . وهي تهمة لا تضر ، فقد روى أصحاب الصحاح ولا سيما البخاري ومسلم عن عشرات الشيعة ، وقد أورد في المراجعات قائمة طويلة بأسماء عدد منهم ، فراجع 9 .
رابعاً : قد صحح حديث إنذار العشيرة المتقي الهندي 10 ، والإسكافي المعتزلي 11 ، والخفاجي في شرح الشفاء 12 .
ورواه أحمد بسندٍ جميع رجاله من رجال الصحاح بلا كلام ، وهم : شريك ، والأعمش ، والمنهال ، وعباد ، وعلي «عليه السلام» 13 .
خامساً : لو سلمنا أن ثمة جرحاً في بعض رجال سند بعينه فنقول :
إن طرق هذا الحديث مستفيضة ، يقوي بعضها بعضاً . .
ب : بالنسبة للطعن في رواية ابن أبي حاتم باشتمال سندها على عبد الله بن عبد القدوس ، الذي ضعفه الدار قطني 14 .
وقال النسائي : ليس بثقة 15 .
وقال ابن معين : ليس بشيء ، رافضي خبيث 16 .
نقول :
قال الشيخ المظفر «رحمه الله» : «تضعيفهم معارض بما في تقريب ابن حجر : بأنه صدوق .
وفي تهذيب التهذيب : قال محمد بن عيسى ، ثقة .
وذكره ابن حبان في الثقات .
وقال البخاري : هو في الأصل صدوق ، إلا أنه يروي عن أقوام ضعاف ، مع أنه أيضاً من رجال سنن الترمذي . .
ومدح هؤلاء مقدم ، لعدم العبرة في قدح أحد المتخالفين في الدين في الآخر ، ويقبل مدحه فيه . وهم قذفوه بذلك ، لأنهم رموه بالتشيع ، ولا نعرفه من رجالهم .
ولكن قد ذكر ابن عدي : أن عامة ما يرويه في فضائل أهل البيت 17 ، ولعل هذا هو سر تهمتهم له» 18 .
بنو عبد المطلب أقل من أربعين
وادعى ابن تيمية : أن بني عبد المطلب لم يكونوا آنئذ أربعين رجلاً ، كما نصت عليه الرواية ، وهذا دليل آخر على سقوطها عن الإعتبار 19 .
ونقول :
أولاً : إذا كان لعبد المطلب عشرة أولاد ، فإن لأولاده أولاداً ، فلماذا لا يكون أولادهم ثلاثين رجلاً أيضاً ، فقد كان لأبي طالب وحده أربعة ، ولعل لغيره منهم أكثر من أربعة . . لا سيما وأن اصغر أولاد عبد المطلب هو أبو النبي «صلى الله عليه وآله» ، الذي لو كان حياً آنئذ لكان عمره اكثر من ستين عاماً ، لأن النبي «صلى الله عليه وآله» نفسه كان عمره آنئذ ثلاثاً وأربعين سنة . .
ثانياً : إن الظاهر هو : أن كلمة «عبد» زيادة من الرواة ، أو أن في الرواية حذفاً ، فقد صرحت بعض النصوص : بأنه «صلى الله عليه وآله» دعا بني عبد المطلب ، ونفراً من بني المطلب 20 ، كما أنه ثمة عدداً آخر من الروايات يقول : بأنه دعا بني هاشم 21 .
يأكل الجذعة ويشرب الفرق
ومن الأمور التي توقف عندها ابن تيمية قول الرواية عن أولئك المجتمعين : إن الرجل منهم ليأكل الجذعة ، ويشرب الفُرق 22 من اللبن .
وقال : إنه كذب ، إذ ليس في بني هاشم من يعرف بأنه يأكل جذعاً ، ويشرب فرقاً 19 .
ونقول :
قال بعض العلماء في جوابه
أولاً : إن عدم معروفيتهم بالأكل لا تدل على كونهم كذلك ، فلعلهم كذلك في الواقع .
ثانياً : لو سلم ، فإنه يلزم منه مبالغة الراوي في إظهار معجزة النبي «صلى الله عليه وآله» في إطعامهم رجل الشاة ، وعسَّ اللبن الواحد 23 .
ثالثاً : إن القضايا التاريخية إنما تثبت بمثل هذا النقل ، فليكن وصف علي «عليه السلام» لهم بذلك من الدلائل على أنهم كانوا كذلك . فإن هناك الكثير من الأمور المبثوثة في النصوص ، لم يتنبه المؤلفون والمصنفون لدلالتها التاريخية إلا في وقت متأخر ، وقد يكون الكثير منها لا يزال على إبهامه وغموضه إلى يومنا هذا . .
اجابة علي عليه السلام لا تجعله ولياً
وذكر ابن تيمية أيضاً : أن مجرد الإجابة للمعاونة ، لا يوجب أن يكون المجيب وصياً ولا خليفة بعده «صلى الله عليه وآله» ، فإن جميع المؤمنين اجابوا إلى الإسلام ، وأعانوا ، وبذلوا أنفسهم وأموالهم في سبيله .
كما أنه لو أجابه الأربعون ، أو جماعة منهم ، فهل يمكن أن يكون الكل خليفة له ؟! 24 .
ونجيب :
أولاً : قال الشيخ المظفر : «إن قوله ـ أي قول النبي «صلى الله عليه وآله» ـ هذا ليس علة تامة للخلافة ، ولم يدِّع ذلك النبي «صلى الله عليه وآله» ، ليشمل حتى من لم يكن من عشيرته . بل أمره الله بإنذار عشيرته ، لأنهم أولى بالدفع عنه ونصره ، فلم يجعل هذه المنزلة إلا لهم ، وليعلم من أول الأمر أن هذه المنزلة لعلي «عليه السلام» ، لأن الله ورسوله يعلمان : أنه لا يجيب النبي «صلى الله عليه وآله» ولا يؤازره غير علي «عليه السلام» .
فكان ذلك من باب تثبيت إمامته بإقامة الحجة عليهم . ومع فرض تعدد المجيبين يعين الرسول الأحق بها منهم» 25 .
ويوضح هذا الأمر ، ما ورد من أنه «صلى الله عليه وآله» قال : «إن الله لم يبعث رسولاً إلا جعل له أخاً ، ووزيراً ، ووصياً ، ووارثاً من أهله . وقد جعل لي وزيراً كما جعل للأنبياء من قبلي» .
إلى أن قال : «وقد ـ والله ـ أنبأني به ، وسماه لي . ولكن أمرني أن أدعوكم ، وأنصح لكم ، وأعرض عليكم ، لئلا تكون لكم الحجة فيما بعد . .» 26 .
فقد دل هذا النص : على أنه «صلى الله عليه وآله» كان يعرف أنهم سوف لا يجيبونه ، باستثناء علي «عليه السلام» .
ثانياً : إن ظاهر قوله «صلى الله عليه وآله» : أيكم يؤازرني الخ . . أن الخطاب كان لواحد منهم على سبيل البدل ، فالذي يجيب منهم أولاً يكون هو الوصي والولي . وتقارن إجابة اثنين أو أكثر بعيد الحصول . .
ولو أجابه أكثر من واحد . . فإنه سوف يكل أمر التعيين إلى ما بعد ظهور المؤازرة ، فمن كانت مؤازرته أتم وأعظم ، وأوفق بمقاصد الشريعة ، وظهر أنه الأقوى والأليق بالمقام ، فإنه سيختاره دون غيره . .
ثالثاً : ليس المطلوب هو المؤازرة له في الجملة ليقال : إن سائر المسلمين قد آزروه في الجملة . بل المراد المؤازرة التامة في كل موطن وموقف ، مثل النوم على فراشه «صلى الله عليه وآله» ليلة الهجرة ، وقلع باب خيبر ، وقتل صناديد العرب ، وما إلى ذلك . . ولم يحصل ذلك إلا من أمير المؤمنين «عليه السلام» .
أين حمزة وجعفر ؟!
وذكر ابن تيمية أيضاً : أن حمزة وجعفر ، وعبيدة بن الحارث قد اجابوا إلى ما أجاب إليه علي «عليه السلام» . بل لقد أسلم حمزة قبل أن يصير المؤمنون أربعين رجلاً 27 . فحصلت المؤازرة منهم ، فلماذا لم يستحقوا مقام الخلافة بعدها . .
ونجيب :
ألف : بالنسبة لحمزة «رضوان الله تعالى عليه» ، نقول :
أولاً : لا دليل أن حمزة قد أسلم قبل حديث إنذار العشيرة الأقربين . . بل إن صريح حديث إسلامه : أنه أعلنه بعد اشتداد الأمر بين النبي «صلى الله عليه وآله» وبين قريش ، لأجل سب أبي جهل للنبي «صلى الله عليه وآله» ، وذلك إنما كان بعد إنذار العشيرة . وإن ادَّعوا أنه أسلم في السنة الثانية من البعثة 28 .
فلعل المقصود : هو السنة الثانية بعد ما يسمونه الإعلان بالدعوة ، أي بعد خروجه «صلى الله عليه وآله» من دار الأرقم .
ثانياً : إن وجود حمزة في حديث إنذار العشيرة مسلماً ، لا يضر ، إذ هو كأبي طالب «عليه السلام» ، إذ من القريب جداً أن يكون قد اعتبر نفسه غير مقصود بخطاب النبي «صلى الله عليه وآله» ، فإنه يرى أن بقاءه حياً إلى ما بعد وفاة النبي «صلى الله عليه وآله» أبعد احتمالاً ، لأنه كما يظهر لنا كان أكبر من النبي «صلى الله عليه وآله» بحوالي عشرين سنة ، بدليل : أنه كان أكبر من عبد الله والد رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، الذي كان أصغر أولاد عبد المطلب .
بل قد يكون حمزة لا يرى في نفسه القدرة على المؤازرة التامة ، من جهات باطنية ترتبط بإدراكه حجم التحديات ، وعظمة المسؤوليات وبغير ذلك من أمور قد يرجع بعضها إلى ما يراه من تقدم علي «عليه السلام» فيها عليه . .
ب : بالنسبة لأبي طالب نقول :
أولاً : إنه كان شيخاً هرماً ، لا يكاد يحتمل البقاء إلى ما بعد وفاة رسول الله «صلى الله عليه وآله» .
ثانياً : إن المطلوب هو : أن يبقى إسلام أبي طالب غير ظاهر إلى هذا الحد . .
ثالثاً : إن احتمال أن يتمكن من مؤازرة النبي «صلى الله عليه وآله» بمستوى مؤازرة غيره وفي جميع المجالات ، حتى في مجالات الجهاد والتضحية وفي سائر الشؤون غير ظاهر ، بل هو كان يرى نفسه عاجزاً عن ذلك بسبب ضعف قواه وتقدمه في السن ، ولعله يتقدم ولده علي «عليه السلام» في مزايا أخرى . .
ج : بالنسبة لعبيدة بن الحارث بن المطلب ، نقول :
فأولاً : هو أسن من النبي «صلى الله عليه وآله» بعشر سنين 29 .
ثانياً : لا ندري إن كان عبيدة قد أسلم قبل حديث إنذار العشيرة أو تأخر عنه ، لأنهم يقولون : إنه أسلم قبل دخول النبي «صلى الله عليه وآله» دار الأرقم 30 . وإنما كان ذلك في آخر السنة الثالثة من البعثة . فيكون أصل حضوره ـ مسلماً ـ في قضية إنذار العشيرة غير معلوم . . د : بالنسبة لجعفر بن أبي طالب . . نقول :
إن الأمر أيضاً كذلك ، فقد أسلم بعد أخيه علي «عليه السلام» ، وذلك حين أمره أبوه بأن يصل جناح ابن عمه في الصلاة ، إضافة إلى خديجة وعلي «عليهما السلام» 31 . ولم يعلم تاريخ حصول ذلك ، فلعله تأخر إلى ما بعد حديث إنذار العشيرة وقبيل إسلام أبي ذر ، الذي كان رابعاً أو خامساً في الإسلام . . وأبوذر إنما أسلم بعد اشتداد الأمر بين النبي «صلى الله عليه وآله» وبين المشركين حسبما تقدم . .
ولا شيء يثبت لنا : أن إسلام الناس قد تواصل بعد علي وخديجة «عليهما السلام» ، فلعله توقف لسنوات ، ثلاث أو أكثر ، ثم أسلم جعفر بأمر أبيه ، ثم أسلم أبو ذر . .
ويؤيد ذلك ما تقدم : من أن النبي «صلى الله عليه وآله» مكث ما شاء الله يصلي مع علي «عليه السلام» قبل أن يعثر عليهما أبو طالب .
ويؤيده أيضاً : أن تقدم إسلام علي وخديجه «عليهما السلام» كان من البديهيات لدى الكبير والصغير . . فلولا أنه قد مر عليهما وقت تأكد فيه للناس انحصار الإسلام بهما ، لم يصل الأمر في تقدم إسلامهما إلى هذه البداهة والوضوح . .
ولعل تأخر إسلام جعفر هذه المدة هو الذي أفسح المجال للدعاوى الباطلة التي تقول : إنه أسلم بعد خمسة وعشرين ، أو واحدٍ وثلاثين رجلاً 32 .
خليفتي في أهلي
قد ذكرت بعض روايات إنذار العشيرة : أنه «صلى الله عليه وآله» ، قال : أخي ووصيي ، وخليفتي في أهلي . .
وفي بعضها قال : وخليفتي فيكم .
وفي بعضها قال : وخليفتي من بعدي .
ويجب ألا نستوحش من اختلاف التعابير المنقولة ، فإنها تشير إلى أن ثمة من يرغب في التخفيف من وقع الحدث ، وتلافي قسط كبير من الإحراج بسببه .
ولكن التأمل في هذه النصوص يعطي أن هذا التصرف فيها ليس له تأثير في تحقيق الغرض الذي توخّوه منها . . لأنه «صلى الله عليه وآله» ، قد ذكر وصفين هما الوصاية والخلافة . . مما يعني أن المقصود بالخلافة معنى آخر غير معنى الوصاية . . وأن موارد إعمال الخلافة وتأثيرها العملي يختلف عن مورد الوصاية . .
فإن كان المقصود بالخلافة في الأهل هو التكليف برعايتهم وحفظهم ، والإهتمام بشأنهم فنقول :
إذا رجعنا إلى الواقع الموضوعي ، نجد أنه حين إنذار العشيرة لم يكن للنبي أولاد . . أما حين موته ، فقد خلف بنتاً وزوجات . .
فان كان «صلى الله عليه وآله» قد تحدث عن يوم وفاته ، لتوقعه ولادة الأولاد له ، أو لعلمه بواسطة الوحي بولادة فاطمة «عليها السلام» وقد قصدها بالفعل هي وزوجاته . . فإننا نقول :
قد كان لفاطمة حين وفاة أبيها زوج يقوم بشؤونها ، ويهتم بأمرها . . أما الزوجات فلا يحتجن إلى وصي ولا إلى ولي يلي أمرهن . .
ولم تكن مثل هذه الولاية على الزوجة والبنت محط نظر النبي «صلى الله عليه وآله» ، قبل عشرين سنة من وفاته . . ولم يكن حفظ البنت وحفظ الزوجات يحتاج إلى جمع العشيرة كلها للنظر في ذلك . .
كما أنه لم يجر تقليد بين الناس بتنصيب ولي أو جعل وصي على البنت الكبيرة الرشيدة المتزوجة ، وكذلك الحال بالنسبة للزوجات الكبيرات الراشدات ، اللواتي لهن أهل ، وعشائر . .
ومن جهة أخرى : لا ربط بين المعاونة على الدين والمؤازرة عليه ، وبين المكافأة بجعل ذلك الشخص المعين مسؤولاً عن رعاية البنت والزوجة لذلك النبي . . فإن هذا لا يعد مكافأة لذاك . .
على أن منصب الوصي يكفي في حفظ ورعاية الأهل ، فلا حاجة إلى منصب الولاية . .
فذلك كله يدلنا على أن المقصود بالولاية في الأهل معنى الأمارة والسلطة عليهم ، كما أن المقصود بالأهل ليس البنت والزوجة وحسب ، إذ أن حاجتهن للإمارة والسلطنة لا تصل إلى حد عقد اجتماع للعشيرة الأقربين قبل عشرين سنة من الوفاة . . ثم مقايضة المعاونة على الدين التي تحتاج إلى بذل أنفس وأموال ، والتعرض لأعظم البلايا والرزايا ـ مقايضتها ـ بالسلطنة على البنت والزوجة!! فإنها مقايضة مضحكة ، ومن موجبات الإستخفاف بمن يطلبها . .
كما أن ذلك لا يمكن أن يبرر نزول آية إنذار العشيرة الأقربين ، فإن هذا لا ربط له بالأنذار . إذ لا معنى لأن يأمره الله بإنذار العشيرة ، ثم يكون المطلوب الحقيقي هو جعل الراعي لشؤون البنت والزوجة . .
والنتيجة هي : أنه لا بد أن يكون المقصود بالأهل هو العشيرة كلها . . ويؤكد ذلك رواية : «خليفتي فيكم» .
ونحن نعلم : أن الإجماع قائم على أنه لا يجوز أن يوجد خليفتان خاص وعام ، بل إن خلافته الخاصة تقتضي خلافته المطلقة . . فيدلنا ذلك على أنه «صلى الله عليه وآله» قد أراد جعل الخليفة للناس كلهم من بعده . .
ويكون قوله : «فيكم» خطاباً عاماً ، أي فيكم أيها المسلمون ، أو أيها الناس . . وهذا هو معنى عبارة «خليفتي من بعدي» أي خليفتي العام عليكم من بعدي أيها الناس . .
ويبقى أن نشير إلى عدم صحة القول بأن المقصود بالخليفة هو القائم بشؤونهم الدنيوية ، فإن علياً «عليه السلام» لم يكن مسؤولاً عن الشؤون الدنيوية لأي من الهاشميين . .
كما أنه لا يصح القول بأن المقصود هو الحسنان «عليهما السلام» . . لأن الحسنين لم يكونا قد ولدا بعد ، وكذلك أمهما . وقد قلنا : إن الحسنين لهما أب يقوم بشؤونهما ، ويلي أمرهما . .
العشيرة أولاً
إن دعوة العشيرة الأقربين هو الأسلوب الأمثل لنشر الدعوة ، وهو المسار الطبيعي لها في محيطها ، ما دام أن دعوة الأقربين هي المتوافقة مع سنة الوفاء ، التي تحقق الثبات والقوة ، والطمأنينة والثقة في أكثر من اتجاه .
وهي على الأقل تمنحه الفرصة لاكتشاف مواضع القوة والضعف في المداميك الداخلية التأسيسية ، ورصد مواضع القوة والصلابة فيها .
ثم هي تعطيه المزيد من الوضوح في نشأة نسيج العلاقات الطبيعية ، والإرتباطات المختلفة ، فيقدر حركته ومواقفه ، واقدامه واحجامه على أساس ذلك . .
يضاف إلى ذلك : أن ذلك يظهر للناس كل الناس بالقول والفعل : أنه «صلى الله عليه وآله» يريد هذا الخير لأهله ، ولعشيرته الأقربين ، وأنه لا يتنازل عن أدنى شيء من ذلك حتى لأقرب الناس إليه ، بل هو ـ لو كان الأمر على خلاف ذلك ـ سيتخذ منهم نفس الموقف الذي يتخذه من أي فريق آخر من الناس ، وهذا يحتم على الناس كلهم أن يقتنعوا بأنه «صلى الله عليه وآله» منسجم مع نفسه ، وملتزم مع ما جاء به . ويريد لأحب الناس إليه أن يكونوا في طليعة المؤمنين بالله ، وعلى رأس الدعاة إليه والمضحين بكل غال ونفيس في سبيل الله تعالى ، وفي سبيل هذا الدين . . وهذا ما تنبه له نصارى نجران ، حين أخرج «صلى الله عليه وآله» ، علياً والزهراء والإمامين الحسن والحسين «عليهم السلام» لمباهلتهم .
ومن جهة أخرى ، فإن النبي «صلى الله عليه وآله» ، كان يعيش في مجتمع يقيم علاقاته على أساس عشائري قبلي . . فحين يريد أن يقدم على مواقف أساسية ومصيرية . . وحين لا يكون هو نفسه يرضى بالاعتماد على القبيلة كعنصر فعال في حماية مواقفه ، وتحقيق أهدافه ؛ فإن من اللازم : أن يتخذ من ذوي قرباه موقفاً صريحاً ، ويضعهم في الصورة الواضحة ؛ وأن يهيئ لهم الفرصة ليحددوا مسؤولياتهم ، بحرية ، وصراحة ، وصدق ، بعيداً عن أي ضغط وابتزاز ، ولو كان هذا الضغط من قبيل العرف القبلي فيما بينهم ؛ لأنه عرف مرفوض إسلامياً .
وهنا تبرز واقعية الإسلام في تعامله مع الأمور ، وفي معالجته للقضايا ، فإنه لا يرضى أن يستغل جهل الناس وبساطتهم ، وحتى أعرافهم ـ الخاطئة ـ التي ارتضوها لأنفسهم في تحقيق أهدافه .
وذلك ، لأن الإسلام يعتبر الوسيلة جزءاً من الهدف ، فلا بد أن تنسجم وتتلاءم معه ، كما لا بد أن تنال من الطهر والقداسة بالمقدار الذي يناله الهدف نفسه .
وفقنا الله للسير على هدى الإسلام ، والالتزام بتعاليمه ؛ إنه خير مأمول ، وأكرم مسؤول .
وعلى كل حال ، فقد خرج «صلى الله عليه وآله» من ذلك الإجتماع بوعدٍ أكيد من شيخ الأبطح ، أبي طالب «عليه السلام» بالنصر والعون ؛ فإنه لما رأى موقف أبي لهب اللاإنساني ، واللامعقول ، قال له :
«يا عورة ، والله لننصرنه ، ثم لنعيننه!!
يا ابن أخي ، إذا أردت أن تدعو إلى ربك فأعلمنا ، حتى نخرج معك بالسلاح» 33 .
علي عليه السلام في يوم الإنذار
ونجد في يوم الإنذار : أن اختيار النبي «صلى الله عليه وآله» يقع على أمير المؤمنين «عليه السلام» ، ليكون المضيف لجماعة يناهز عددها الأربعين رجلاً ، فيأمره بأن يصنع طعاماً ، ويدعوهم إليه .
والظاهر : أن هذا الإجتماع قد حصل في البيت المخصص لسكنى علي «عليه السلام» نفسه ، وهو الذي استضاف به أبا ذر ، ويظهر أنه اختص بهذا البيت ، ليكون مقره الخاص به الذي لا يحرج خديجة في داخل بيت الزوجية . . وإن كان بالقرب منه . . وفي كنف رسول الله «صلى الله عليه وآله» باستمرار . .
وعلى كل حال ، فإن هذا الإجتماع إذ لو كان عند رسول الله «صلوات الله عليه وآله» في بيته فقد كان بإمكانه «صلى الله عليه وآله» أن يطلب من خديجة أن تصنع هي الطعام لهم ، هذا ، مع وجود آخرين ، أكثر وجاهة ومعروفية من علي «عليه السلام» .
كما أنه كان يمكنه أن يدعوهم إلى بيت أبي طالب ، وجعفر ، الذي كان يكبر علياً بعشر سنين . . بالإضافة إلى حمزة ، وعبيدة بن الحارث ، وغيرهما ممن يمكن أن يستفيد من نفوذه وشخصيته في التأثير على الحاضرين .
ولكنه «صلى الله عليه وآله» اختار علياً «عليه السلام» بالذات ليتفادى أي إحراج يبعد القضية عن مجالها الطبيعي ، لأنه يريد منهم قراراً يرتكز على القناعة الفكرية والوجدانية بالدرجة الأولى .
وعلي «عليه السلام» وإن كان حينئذٍ صغير السن ، إلا أنه كان في الواقع كبيراً في عقله ، وفي فضائله وملكاته ، كبيراً في روحه ونفسه ، وفي آماله وأهدافه ، ولا أدل على ذلك من كونه هو المجيب للرسول ، دون كل من حضر ، مظهراً استعداده لمؤازرته ومعاونته على هذا الأمر .
وقد رآه النبي «صلى الله عليه وآله» منذئذٍ ، بل منذ ولد «عليه السلام» ، كما تقدم . أهلاً لأن يكون أخاه ، ووصيه ، وخليفته من بعده ، وهي الدرجة التي قصرت همم الرجال عن أن تنالها ، بل وحتى عن أن يدخل في وهم أي منهم : أن يصل ولو في يومٍ ما إليها ، ويحصل عليها .
ولكن علياً «عليه السلام» قد اختاره الله سبحانه وتعالى وصياً وولياً ، فكان مرعياً برعاية تعالى ، محفوظاً بحفظه . وكان منذ نعومة أظفاره السباق إلى الفضائل والكمالات دون كل أحد ؛ وقد اختاره الرسول «صلى الله عليه وآله» ليعيش في كنفه ، وكان «صلى الله عليه وآله» كفيله ومربيه ، وكان يبرد له الطعام ، ويشمه عرفه ، وكان هو يتبع الرسول اتباع الفصيل أثر أمه ، وكان كأنه ولده . ﴿ … ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ 34.
سؤال يحتاج إلى جواب
وقد يسأل أحدهم : عن أن حديث إنذار العشيرة قد يعد إجحافاً بحق الآخرين من غير العشيرة ، ومن غير الأقربين . الذين يطلب حضورهم .
ونجيب :
أولاً : إن الله تعالى قد أخبر نبيه بأن وصيه من أهله ، فأراد أن يعلمهم بهذا الأمر تمهيداً لإعلام سائر الناس به .
ثانياً : إن النبوة والإمامة منصبان إلهيان ، أي أن الله هو الذي يختار لهما من هو أهل لهما . . ولا يرجع الأمر إلى البشر . وإذا كان الأقربون هم الذين يفترض أن يكونوا صفوة الناس ، وخير الناس ، فإن عرض الأمر عليهم ، وظهور تقصيرهم عن هذا الأمر يكفي لإظهار حقيقة سائر الناس . .
سؤال آخر وجوابه
وقد يسأل سائل آخر ؛ فيقول : كيف يمكن أن يقول النبي «صلى الله عليه وآله» لبني عامر بن صعصعة ، ولعامر بن الطفيل : الأمر لله يضعه حيث يشاء ، والحال أن الأمر محسوم في هذه القضية من حين ما أنذر عشيرته الأقربين ؟!
وجوابه واضح : فإن هذه الإجابة منسجمة كل الإنسجام مع حديث إنذار العشيرة ، لأن الأمر لله يضعه حيث يشاء في كل زمان . .
ماذا قال النبي صلى الله عليه وآله يوم الإنذار ؟! :
وقد جاء في بعض النصوص : أنه «صلى الله عليه وآله» قال لهم في تلك المناسبة :
«يا بني عبد المطلب ، إني لكم نذير من الله جل وعز ، إني أتيتكم بما لم يأت به أحد من العرب ، فإن تطيعوني ترشدوا ، وتفلحوا ، وتنجحوا . .
إن هذه مائدة أمرني الله بها ؛ فصنعتها لكم ، كما صنع عيسى بن مريم «عليه السلام» لقومه ؛ فمن كفر بعد ذلك منكم ، فإن الله يعذبه عذاباً شديداً ، لا يعذبه أحداً من العالمين . .
واتقوا الله ، واسمعوا ما أقول لكم ، واعلموا يا بني عبد المطلب : أن الله لم يبعث رسولاً إلا جعل له أخاً ، ووزيراً ، ووصياً ، ووارثاً من أهله .
وقد جعل لي وزيراً كما جعل للأنبياء من قبلي ، وإن الله قد أرسلني إلى الناس كافة ، وأنزل علي : ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾ 1، ورهطك المخلصين 35 ، وقد ـ والله ـ أنبأني به ، وسماه لي .
ولكن أدعوكم ، وأنصح لكم ، وأعرض عليكم ؛ لئلا يكون لكم الحجة فيما بعد ، وأنتم عشيرتي وخالص رهطي ، فأيكم يسبق إليها على أن يؤاخيني في الله ، ويؤازرني» ؟! .
إلى آخر كلامه «صلى الله عليه وآله» ، الذي ينسجم مع النص الذي ذكرناه في أوائل هذا الفصل فراجعه 36 .
وهذا النص هو الأوفق والأنسب لموقف كهذا ، وهو ينسجم تماماًً مع أمر الآية بالإنذار ، فإن الإنذار أولاً هو الخطوة الطبيعية لأية دعوة ، إذ لابد من الخروج من المواقع الخطرة أولاً ، ثم يأتي التبشير الذي يكون العمل هو المعيار فيه ، حيث تعطى الجوائز ، وتنال الدرجات على اساسه ، ومن خلاله . .
ولا بد من لفت النظر هنا إلى أن قوله : «ورهطك منهم المخلصين» . . ليس من الآية المباركة ، بل هي زيادة نبوية توضيحية .
من أهلي
تقدم قوله «صلى الله عليه وآله» : إن الله لم يبعث رسولاً حتى جعل له وزيراً من أهله ، تماماً كما قال موسى «عليه السلام» : ﴿ وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي ﴾ 37.
وهذا التعبير قد يكون هو الأساس في قولهم : إنه «صلى الله عليه وآله» قال : «إن هذا أخي ووصيي وخليفتي في أهلي» . .
فالظاهر : أن الصحيح هو أنه قال : خليفتي من أهلي ، ثم صحفت أو غيرت كلمة «من» فصارت «في» لحاجة في النفس قضيت .
التبشير والإنذار
ويقول العلامة المرحوم الشيخ مرتضى المطهري : إن من يريد إقناع إنسان ما بعمل ما ، فله طريقان :
أحدهما : التبشير ، بمعنى تشويقه إلى أمر بعينه ، وبيان فوائد ذلك الأمر .
الثاني : إنذاره ببيان ما يترتب على تركه من مضار ، وعواقب سيئة .
ولذلك قيل : الإنذار سائق ، والتبشير قائد .
والقرآن والإسلام يريان : أن الإنسان يحتاج إلى هذين العنصرين معاً ، وليس ـ كغيره ـ يكفيه أحدهما .
بل ويرى الإسلام : أنه لا بد أن ترجح كفة التبشير على كفة الإنذار .
ولذلك قدم الأول على الثاني في أكثر الآيات القرآنية .
ومن هنا ، فقد قال «صلى الله عليه وآله» لمعاذ بن جبل ، حين أرسله إلى اليمن : «يسّر ولا تعسّر ، وبشّر ولا تنفّر» ، فهو «صلى الله عليه وآله» بكلمته هذه لم يستبعد الإنذار ، بل هو جزء من خطته ، وإنما اهتم بجانب التبشير ، إذ يمكن بواسطته إدراك مزايا الإسلام وخصائصه الرائعة ، وليكون إسلامهم من ثم عن قناعة حقيقية ، وقبول تام .
وأما قوله «صلى الله عليه وآله» : ولا تنفّر ، فهو واضح المأخذ ، فإن روح هذا الإنسان شفافة جداً ، وتبادر إلى ردة الفعل بسرعة ، ومن هنا نجد النبي «صلى الله عليه وآله» يأمر بالعبادة ما دامت النفس مقبلة ، ولا يأمر بالضغط عليها ، وتحميلها ما لا تطيق ، ولهذا شواهد كثيرة في الشريعة السهلة السمحاء 38 .
هذا . . وقد اشتملت دعوته «صلى الله عليه وآله» لعشيرته على التبشير أيضاً ؛ بأن من يؤازره سوف يكون خليفة بعده ، وأنه قد جاءهم بخير الدنيا والآخرة ، تماماً كما بدأت بالإنذار ، وذلك ينسجم مع ما تشتاق إليه نفوسهم ، ويتلاءم مع رغباتهم ، ويأتي من قبل من لا يمكن أن يكون لديهم موضع اتهام .
أخي ووصيي
وقوله «صلى الله عليه وآله» : على أن يكون أخي إلخ . . يؤكد لهم على مدى التلاحم والمحبة بينه وبين ذلك الذي يؤازره ويعاونه ، إلى حد أنه يعتبره أخاً له ، فليست العلاقة بينهما علاقة رئيس ومرؤوس ، وآمر ومأمور ، ولا عالٍ بدانٍ ، وإنما هي علاقة بين متكافئين في الإنسانية ، كما أنها علاقة تعاون وتعاضد على العمل البناء والمثمر ، وعلاقة أخ مع أخيه ، تفيض بالمحبة ، والثقة والصفاء ، بكل ما لهذه الكلمات من معنى .
هذا بالاضافة إلى ما في ذلك من دلالة على المقام السامي الذي كان قد بلغه أمير المؤمنين «عليه السلام» حتى استحق وسام الأخوة فيما بينه وبين سيد البشر ، من مضى منهم ، ومن غبر .
لا بد من إمام
هذا . . وفي الإسلام نظم وسياسات ، وجهاد وتضحيات ، وفيه مواجهات لأصحاب الأهواء ، ونظام عقوبات . وفيه التحدي للطواغيت ، والتصدي للمجرمين وللفاسدين والمفسدين . .
وهذا معناه : أن الإسلام لا يهدف إلى مجرد تحقيق العدل والمساواة ، بل هو يريد أن يتجاوز ذلك إلى تجسيد المعاني الإنسانية ، واظهار كنوز القيم والمثل العليا ، والإرتفاع بهذا الإنسان إلى المستوى الذي يكون جديراً بحمل الأمانة الإلهية ، ونيل منازل الكرامة والزلفى عنده ، من خلال جهده وجهاده ، وبذله وتضحياته ، وايثاره على النفس وبذل الأموال ، والتضحية بالأنفس من أجل المبادئ والقيم ، وفي سبيل الله والمستضعفين . .
من أجل ذلك نقول :
إن مهمة الإسلام عسيرة وشاقة ، حيث لا بد أن يهيئ الإنسان الفرد لمواجهة نفسه الأمارة ، ويسيطر على غرائزه وشهواته ، ويتحكم باندفاعاته وطموحاته ، ويوجهها في سبل الخير والهدى ، وذلك في سياق بناء شخصيته الإنسانية المثلى والفضلى . .
وليصبح هذا الإنسان الصالح الأداة الفاعلة والمؤثرة في مجال تغيير البنى الإجتماعية على اختلافها إلى الأمثل والأفضل ، سواء أكانت سياسية ، أو اقتصادية ، أوتربوية أوغيرها ، ويقتلع منها كل جذور الشر ، ويستأصل كل عوامل الإنحراف ، وآثاره ، ويستعيض عنها بمعاني الخير والصلاح والفلاح . .
وقد جهز الله الإنسان بعوامل داخلية ، وهيأ له أخرى خارجية من شأنها لو استفاد منها أن تمكنه من تحقيق هذه الغايات ، وينال تلك المقامات . .
ولكن من الواضح : أن الحاجة إلى مكابدة هذا الجهد ، ومعاناة هذا الجهاد تبقى قائمة ما دام هناك نفس أمارة ، وما دام هناك شيطان يغوي ، وهوى يردي . .
ولأجل ذلك : سمّى نبي الإسلام هذا بالجهاد الأكبر حين قال للمسلمين العائدين من حرب بدر : رجعتم من الجهاد الأصغر ، وبقي عليكم الجهاد الأكبر . .
فلما سئل عن معنى ذلك أخبرهم : أن جهاد الإنسان مع نفسه وشهواته هو الجهاد الأكبر 39 .
وإذا كان هذا الصراع مستمراً ما دام هناك انسان على مدى الأزمان ، وكان خطر الشذوذ والإنحراف قائماً أيضاً . . فإن الحاجة إلى الهداية والهيمنة ، واستمرار عملية التزكية والتربية ، والتذكير بآيات الله وأيامه ، وتعليم احكام الشريعة ، وبيان حقائقها ، واشاعة مفاهيمها ، والعمل على الزام الناس بها ، والرقابة المستمرة ، وأخذ الناس بذنوبهم ومخالفاتهم ، إن الحاجة إلى ذلك تبقى قائمة أيضاً . .
ومن هنا تبرز الحاجة إلى الوصي ، والإمام ، والحافظ للأمانة ، والناصر والولي ، والخليفة للرسول النبي «صلى الله عليه وآله» .
فكان أن اختار الله تعالى علياً ولياً ، وإماماً ، ووصياً ، ونصبه رسول الله «صلى الله عليه وآله» علماً ، ورائداً وهادياً ، واماماً وخليفة وقائداً . .
ولعل أول تنصيب علني عام له «عليه السلام» كان في مناسبة إنذار النبي «صلى الله عليه وآله» عشيرته الأقربين 40 .
- 1. a. b. القران الكريم: سورة الشعراء (26)، الآية: 214، الصفحة: 376.
- 2. راجع هذه القضية في : تاريخ الأمم والملوك ج2 ص63 ومختصر تاريخ أبي الفداء (ط دار الفكر ـ بيروت) ج2 ص14 وشواهد التنزيل ج1 ص372 و 421 و (بتحقيق المحمودي) ج1 ص542 وكنز العمال (الطبعة الثانية) ج15 ص16 و 117 و 113 و 130 عن ابن إسحاق ، وابن جرير وصححه ، وأحمد ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، وأبي نعيم ، والبيهقي معاً في الدلائل ، وتاريخ ابن عساكر ، وترجمه الإمام علي (بتحقيق المحمودي) ج1 ص87 و 88 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج13 ص244 عن الإسكافي ، وحياة محمد لهيكل (الطبعة الأولى) ص286 . ومسند أحمد ج1 ص159 وكفاية الطالب ص205 عن الثعلبي ، ومنهاج السنة ج4 ص80 عن البغوي ، وابن أبي حاتم ، والواحدي ، والثعلبي ، وابن جرير ، وفرائد السمطين (بتحقيق المحمودي) ج1 ص86 وإثبات الوصية للمسعودي ص115 و 116 والسيرة النبوية لابن كثير ج1 ص460 و 459 . والغدير ج2 ص278 ـ 284 عن بعض من ذكرنا ، وعن : أنباء نجباء الأبناء ص46 و 47 وشرح الشفاء للخفاجي ج3 ص37 . وراجع أيضاً : تفسير الخازن ص390 وكتاب سليم بن قيس ، وخصائص النسائي ص86 الحديث 63 ، وبحار الأنوار ج38 والدر المنثور ج5 ص97 عن مصادر كنز العمال ، لكنه حَّرف فيه ، ومجمع الزوائد ج8 ص302 عن عدد من الحفاظ وأسقط بعضه أيضاً ، وينابيع المودة ص105 وغاية المرام ص320 وابن بطريق في العمدة ، وتفسير الثعالبي ، وتفسير الطبري ج19 ص75 والبداية والنهاية ج3 ص40 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص350 و 351 ومناقب أهل البيت «عليهم السلام» للشيرواني ص107 والتفسير الصافي ج4 ص53 والعثمانية للجاحظ ص303 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج14 ص427 وج30 ص80 .
- 3. جامع البيان ج19 ص75 وراجع : الغدير ج1 ص206 وج2 ص287 والمناشدة والإحتجاج بحديث الغدير ص88 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج4 ص66 و 383 وج20 ص122 .
- 4. تفسير القرآن العظيم ج3 ص351 والبداية والنهاية ج3 ص40 و (ط دار إحياء التراث العربي) ج3 ص53 والسيرة النبوية لابن كثير ج1 ص459 .
- 5. راجع : فلسفة التوحيد والولاية للشيخ محمد جواد مغنية ص179 و 132 وسيرة المصطفى ص131 و 130 .
- 6. منهاج السنة ج4 ص81 و 82 وأعيان الشيعة ج1 ص231 و 362 والسيرة الحلبية ج1 ص461 .
- 7. لسان الميزان ج4 ص42 و 43 والغدير ج2 ص280 والغارات للثقفي ج2 ص673 والكامل لابن عدي ج5 ص327 وتعجيل المنفعة ص263 .
- 8. ميزان الإعتدال ج2 ص631 و 640 ولسان الميزان ج4 ص42 .
- 9. راجع : المراجعات (ط سنة 1426 هـ) من ص137 حتى ص233 .
- 10. كنز العمال (ط الهند) ج15 ص113 .
- 11. شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج13 ص244 ومناقب أهل البيت «عليهم السلام» للشيرواني ص107 والعثمانية للجاحظ ص303 ونظرة في كتاب البداية والنهاية ص70 .
- 12. راجع : الغدير ج2 ص280 .
- 13. مسند أحمد ج1 ص111 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص363 وراجع : الغدير ج2 ص280 .
- 14. ميزان الإعتدال ج2 ص457 وتهذيب التهذيب ج5 ص265 .
- 15. كتاب الضعفاء والمتروكين ص199 وميزان الإعتدال ج2 ص457 . وراجع : خلاصة تذهيب تهذيب الكمال ص205 وتهذيب الكمال ج15 ص244 وتاريخ الإسلام للذهبي ج12 ص219 وتهذيب التهذيب ج5 ص265 .
- 16. الكامل ج4 ص197 وميزان الإعتدال ج2 ص457 وراجع : مجمع الزوائد ج1 ص120 وج2 ص161 وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال ص205 وتهذيب الكمال ج15 ص243 وضعفاء العقيلي ج2 ص279 والجرح والتعديل للرازي ج5 ص104 والكاشف في معرفة من له رواية في كتب الستة ج1 ص570 وتهذيب التهذيب ج5 ص265 وتاريخ الإسلام للذهبي ج12 ص218 وج13 ص257 .
- 17. راجع : ميزان الإعتدال ج2 ص457 وتهذيب الكمال ج15 ص244 وتاريخ الإسلام للذهبي ج12 ص219 وتهذيب التهذيب ج5 ص265 .
- 18. دلائل الصدق ج2 ص234 .
وراجع : ميزان الإعتدال ج2 ص457 وتهذيب الكمال ج15 ص244 وتاريخ الإسلام للذهبي ج12 ص219 وتهذيب التهذيب ج5 ص265 . - 19. a. b. منهاج السنة ج4 ص81 ـ 84 .
- 20. الكامل في التاريخ (ط دار صادر) ج2 ص61 .
- 21. راجع : السيرة النبوية لابن كثير ج1 ص459 عن ابن أبي حاتم ، وكذا في البداية والنهاية ج3 ص40 و (ط دار إحياء التراث العربي) ج3 ص53 ومجمع الزوائد ج7 ص85 وج8 ص302 وفتح الباري ج8 ص385 وتحفة الأحوذي ج6 ص493 وشرح معاني الآثار ج3 ص284 وج4 ص387 والمعجم الكبير للطبراني ج8 ص225 .
وراجع : تفسير القرآن للصنعاني ج3 ص77 وجامع البيان ج19 ص150 وتفسير ابن أبي حاتم ج9 ص2826 والدر المنثور ج5 ص96 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص47 وروضة الواعظين ص52 ومناقب الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» للكوفي ج1 ص377 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص305 وحلية الأبرار ج1 ص70 وبحار الأنوار ج18 ص181 وج35 ص144 وج38 ص221 وتفسير القمي ج2 ص124 ونور الثقلين ج4 ص66 وتفسير الميزان ج15 ص334 . - 22. الفُرق : إناء يكتال به .
- 23. دلائل الصدق ج2 ص235 .
- 24. منهاج السنة ج4 ص81 ـ 83 .
- 25. دلائل الصدق ج2 ص236 .
- 26. بحار الأنوار ج18 ص215 و 216 وسعد السعود ص106 .
- 27. منهاج السنة ج4 ص82 و 83 .
- 28. الإصابة ج2 ص105 وأسد الغابة ج1 ص354 و (ط دار الكتاب العربي) ج2 ص42 والوافي بالوفيات ج13 ص104 وذخائر العقبى ص174 وشرح مسند أبي حنيفة ص184 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص90 وتنقيح المقال ج24 ص233 والإكمال في أسماء الرجال ص41 والدرجات الرفيعة ص64 .
- 29. أسد الغابة ج3 ص356 وسير أعلام النبلاء ج1 ص256 وقاموس الرجال (ط طهران سنة 1384 هـ) ج6 ص233 والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج2 ص444 و (ط دار الجيل) ج3 ص1020 وتنقيح المقال (ط حجرية) ج2 ص242 وعمدة القاري ج17 ص87 و 124 ومستدركات علم رجال الحديث ج5 ص199 والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص50 والسيرة الحلبية ج2 ص401 وإمتاع الأسماع ج6 ص169 .
- 30. قاموس الرجال (ط طهران سنة 1384 هـ) ج6 ص233 والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج2 ص444 و (ط دار الجيل) ج3 ص1020 والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص51 و 393 وتاريخ مدينة دمشق ج25 ص444 وأسد الغابة ج3 ص356 وتهذيب الكمال ج14 ص55 وتنقيح المقال (ط حجرية) ج2 ص242 وعمدة القاري ج17 ص87 وسير أعلام النبلاء ج1 ص7 والإصابة ج3 ص475 والأعلام للزركلي ج4 ص198 وإمتاع الأسماع ج6 ص169 .
- 31. قاموس الرجال (ط طهران سنة 1384 هـ) ج2 ص367 و 369 والأوائل للعسكري ص75 وأسد الغابة ج1 ص287 وأسنى المطالب ص10 و 17 والسيرة الحلبية ج1 ص269 و (ط دار المعرفة) ج1 ص434 و 436 والإصابة ج4 ص116وكنز الفوائد للكراجكي ج1 ص181 و (ط مكتبة المصطفوي ـ قم) ص124 وشرح الأخبار للقاضي النعمان ج3 ص549 وروضة الواعظين ج1 ص140 و (منشورات الشريف الرضي ـ قم) ص86 و 139 و 140 والأمالي للصدوق ص597 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج8 ص288 و (ط دار الإسلامية) ج5 ص373 ومستدرك الوسائل ج6 ص455 والفصول المختارة ص171 و 283 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص301 وكتاب الأربعين للشيرازي ص493 وحلية الأبرار ج1 ص69 وبحار الأنوار ج10 ص380 وج18 ص53 و 179 وج22 ص272 وج35 ص60 و 80 و 120 و 121 و 174 وج85 ص3 وجامع أحاديث الشيعة ج6 ص406 و 463 والغدير ج7 ص356 و 357 و 394 و 396 و 397 ومستدرك سفينة البحار ج6 ص325 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج13 ص272 وتفسير القمي ج1 ص378 ونور الثقلين ج3 ص32 وشواهد التنزيل ج2 ص333 والبحر المحيط ج8 ص489 وتفسير الآلوسي ج30 ص183 والدرجات الرفيعة ص69 والعثمانية للجاحظ ص315 وإعلام الورى ج1 ص103 وقصص الأنبياء للراوندي ص316 والدر النظيم ص134 وكشف الغمة ج1 ص87 ونهج الإيمان ص376 والحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب ص248 و 250 وإيمان أبي طالب للأميني ص36 و 37 و 88 و 90 و 92 و 93 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج7 ص555 .
- 32. الإصابة ج1 ص237 و (ط دار الكتب العلمية) ج1 ص592 وراجع : قاموس الرجال (ط طهران سنة 1384 هـ) ج2 ص367 و 369 وأسد الغابة ج1 ص287 وأعيان الشيعة ج4 ص119 . وراجع : مستدرك سفينة البحار ج2 ص65 ومستدركات علم رجال الحديث ج2 ص131 وسير أعلام النبلاء ج1 ص216 .
- 33. تاريخ اليعقوبي (ط دار صادر) ج2 ص27 و 28 .
- 34. القران الكريم: سورة الحديد (57)، الآية: 21، الصفحة: 540.
- 35. هذا توضيح منه (صلى الله عليه وآله) وتفسير للمراد من الآية .
- 36. بحار الأنوار ج18 ص215 و 216 عن سعد السعود لابن طاووس ص106 .
- 37. القران الكريم: سورة طه (20)، الآية: 29، الصفحة: 313.
- 38. راجع : جريدة جمهوري إسلامي الفارسية رقم254 (سنة 1359 هـ ش) في مقالات للمطهري «رحمه الله» .
- 39. راجع : بحار الأنوار ج 64 ص 360 وتفسير السلمي ج 2 ص 28 ومفردات غريب القرآن للراغب الأصفهانى ص 537 والمحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية الأندلسي ج 4 ص 326 وتفسير الثعالبي ج 4 ص 304 والفتوحات المكية لابن عربي ج 1 ص 564 .
- 40. الصحيح من سيرة الإمام علي عليه السلام أو (المرتضى من سيرة المرتضى) ، السيد جعفر مرتضى العاملي ، المركز الإسلامي للدراسات ، سنة 1429 هـ . ـ 2009 م . ، الطبعة الأولى ، الجزء الثاني ، الفصل الثاني .