تُسمى الآية رقم (214) من سورة الشعراء بآية الانذار و هي قول الله عَزَّ و جَلَّ: ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾ 1 ، و سُميت بآية الإنذار لإشتمالها على أمر الله رسوله صلى الله عليه و آله بإنذار عشيرته الأقربين، و بعد نزول الآية الكريمة دعا رسول الله صلى الله عليه و آله رجال عشيرته، و دعاهم إلى الاسلام، و إليك قصة هذه الدعوة كما ذكرت في كتب التاريخ و السير و التفسير و الحديث.
قال البغوي المتوفى سنة ٥١٠ هجرية في تفسيره: روى محمّد بن إسحاق، عن عبد الغفار بن القاسم، عن المنهال بن عمرو، عن عبدالله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطّلب، عن عبدالله بن عباس، عن علي بن أبي طالب قال:
لمّا نزلت هذه الاية على رسول الله صلي الله عليه و اله ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾ 1 دعاني رسول الله صلى الله عليه و آله فقال: يا علي، إنّ الله يأمرني أن أُنذر عشيرتي الاقربين، فضقت بذلك ذرعاً، و عرفت أنّي متى أُباديهم بهذا الامر أرى منهم ما أكره، فصمتُّ عليها، حتّى جاءني جبرئيل فقال لي: يا محمّد إلاّ تفعل ما تؤمر يعذّبك ربّك، فاصنع لنا صاعاً من طعام، و اجعل عليه رِجل شاة، و املا لنا عسّاً من لبن ، ثمّ اجمع لي بني عبد المطّلب حتّى أُبلّغهم ما أُمرت به.
ففعلت ما أمرني به، ثمّ دعوتهم له ، و هم يومئذ أربعون رجلاً ، يزيدون رجلاً أو ينقصونه ، فيهم أعمامه أبو طالب و حمزة و العباس و أبو لهب.
فلمّا اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعته، فجئتهم به، فلمّا وضعته، تناول رسول الله صلى الله عليه و آله جذبة من اللحم، فشقّها بأسنانه، ثمّ ألقاها في نواحي الصفحة، ثمّ قال: خذوا باسم الله، فأكل القوم حتّى ما لهم بشيء حاجة، و أيم الله أنْ كان الرجل الواحد منهم ليأكل مثل ما قدمت لجميعهم.
ثمّ قال: إسقِ القوم، فجئتهم بذلك العس فشربوا حتّى رووا جميعاً، و أيم الله أنْ كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله.
فلمّا أراد رسول الله أن يكلّمهم بدره أبو لهب فقال: سحركم صاحبكم، فتفرّق القوم و لم يكلّمهم رسول الله صلى الله عليه و آله.
فقال في الغد: يا علي، إنّ هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول، فتفرّق القوم قبل أنْ أُكلّمهم، فأعد لنا من الطعام مثل ما صنعت ثمّ اجمعهم، ففعلت ثمّ جمعت، فدعاني بالطعام فقرّبته، ففعل كما فعل بالأمس، فأكلوا و شربوا، ثمّ تكلّم رسول الله صلى الله عليه و آله.
فقال: يا بني عبد المطّلب، إنّي قد جئتكم بخيري الدنيا و الاخرة، و قد أمرني الله تعالى أنْ أدعوكم إليه، فأيّكم يوآزرني على أمري هذا و يكون أخي و وصيّي و خليفتي فيكم؟
فأحجم القوم عنها جميعاً.
فقلت و أنا أحدثهم سنّاً: يا نبيّ الله، أكون وزيرك عليه.
قال: فأخذ برقبتي و قال: إنّ هذا أخي و وصيّي و خليفتي فيكم، فاسمعوا له و أطيعوا.
فقام القوم يضحكون و يقولون لأبي طالب: قد أمرك أنْ تسمع لعلي و تطيع 2.
- 1. a. b. القران الكريم: سورة الشعراء (26)، الآية: 214، الصفحة: 376.
- 2. معالم التنزيل: ٤/٢٧٨ ـ ٢٧٩ ـ طبعة دارالفكر ـ بيروت ـ ١٤٠٥ هـجرية.