كان رسول الله صلّى الله عليه وآله خلال فترة مرضه ووجعه يولي إعطاء التعاليم والتذكير بما فيه هداية الناس اهتماماً بالغاً ، فقد كان يوصي بالصلاة ورعاية الرقيق في الأيّام الأخيرة من حياته الشريفة ويقول :
« الصّلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم ، ألبسوا ظهورهم وأشبعوا بطونهم وألينوا لهم القول » (۱).
وقد سأل كعب الأحبار عمر بن الخطاب بعد وفاة رسول الله وفي أيّام خلافة الأخير ما كان آخر ما تكلّم به رسول الله صلّى الله عليه وآله فقال عمر : سل عليّاً. فسأل عليّاً عليه السلام :
فقال أمير المؤمنين عليه السلام :
« أسندته إلى صدري فوضع رأسه على منكبي فقال : الصلاة الصلاة ».
فقال كعب : كذلك آخر عهد الأنبياء وبه امروا وعليه يبعثون (۲).
وقد فتح النبي صلّى الله عليه وآله عينيه في آخر لحظة من حياته الشريفة وقال : « أدعوا لي أخي ».
فعرف الجميع بأنّه يريد عليّاً عليه السلام فدعوا له عليّاً فقال :
« ادن منّي ».
فدنا منه عليّ عليه السلام فاستند إليه فلم يزل مستنداً إليه يكلّمه (۳).
فلم يلبث أن بدت عليه صلّى الله عليه وآله علامات الإحتضار.
سأل رجل ابن عبّاس : هل توفّي رسول الله في حجر أحد قال : توفّي وهو لمستند إلى صدر علي.
فقال السائل : قلت : فان عائشة قالت : توفّي رسول الله صلّى الله عليه وآله بين سحري ونحري.
فكذبها ابن عبّاس وقال : أتعقل ؟ والله لتوفّى رسول الله صلّى الله عليه وآله وأنّه لمستند إلى صدر عليّ وهو الذي غسّله ، وأخي الفضل بن عبّاس (٤).
وقد صرح أمير المؤمنين علي عليه السلام في إحدى خطبه حيث قال :
« ولقد قبض رسول الله وإنّ رأسه لعلى صدري … ولقد وليت غسله والملائكة أعواني » (٥).
وينقل بعض المحدّثين أنّ آخر جملة قالها رسول الله صلّى الله عليه وآله في آخر لحظة من حياته الشريفة هي جملة : « لا ، إلى الرفيق الأعلى » ، وكأنّ ملك الموت خيّره عند قبض روحه الشريفة في أن يصحّ من مرضه ويبقى أو يلبي دعوة ربّه ، ويلتحق بالرفيق الأعلى ، فعبّر بجملته هذه عن رغبته في اللحاق بربّه ، ليعيش مع الذين أشار إليهم قوله سبحانه :
( فَأُولَـٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّـهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـٰئِكَ رَفِيقًا ) (٦).
قال النبي صلّى الله عليه وآله هذا ولفظ أنفاسه الشريفة (۷).
الهوامش
۱. الطبقات الكبرى : ج ٢ ص ٢٥٤.
۲. الطبقات الكبرى : ج ٢ ص ٢٦٢.
۳. الطبقات الكبرى : ج ٢ ص ٢٦٣.
٤. المصدر : ج ٢ ص ٢٦٣.
٥. نهج البلاغة : الخطبة ١٩٧.
٦. النساء : ٦٩.
۷. إعلام الورى : ص ٨٣.
مقتبس من كتاب : [ سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله ] / المجلّد : ۲ / الصفحة : ٦۸۳ ـ ٦۸٥