محاسن الكلام

{هُدًى وَ بُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ(٢)} النمل

و هكذا فإن اعتقاد المؤمنين راسخ في شأن المبدأ و المعاد، و ارتباط متين باللّه و خلقه أيضا… فالأوصاف المتقدمة تشير إلى اعتقادهم الكامل و منهجهم العملي الجامع!.

و هنا ينقدح سؤال و هو: إذا كان هؤلاء المؤمنون قد اختاروا الطريق السوي، من حيث المباني الاعتقادية و العملية، فما الحاجة لأنّ يأتي القرآن لهدايتهم‌؟! و يتّضح الجواب بملاحظة أنّ الهداية لها مراحل مختلفة، و كل مرحلة مقدمة لما بعدها،.

ثمّ إنّ استمرار الهداية مسألة مهمّة، و هي ما نسألها اللّه سبحانه ليل نهار بقولنا: اِهْدِنَا اَلصِّرٰاطَ اَلْمُسْتَقِيمَ‌ ليثبتنا في هذا المسير، و يجعلنا مستمرين فيه بلطفه، فلو لا لطفه لما كان ذلك ممكنا لنا…

و بعد هذا كلّه، فالإفادة من آيات القرآن و الكتاب المبين هي نصيب أولئك الذين فيهم القابلية على معرفة الحق و طلب الحق. و إن لم يبلغوا مرحلة الهداية الكاملة… و إذا ما وجدنا التعبير في بعض آيات القرآن بأنّه هُدىً لِلْمُتَّقِينَ «كما في الآية ٢ من سورة البقرة» و في مكان آخر لِلْمُسْلِمِينَ «كما في الآية ١٠٢ من سوره النحل» و هنا هُدىً وَ بُشْرىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ‌ فإنّ ذلك ناشئ من أنّه إذا لم يكن في قلب الإنسان أدنى مرحلة من التقوى و التسليم و الإيمان بالواقع، فإنّه لا يتجه نحو الحق، و لا يبحث عنه، و لا يفيد من نور هذا الكتاب المبين… لأنّ قابلية المحل شرط أيضا.

ثمّ بعد ذلك فإن الهدى و البشرى مقترنين معا.. و هما للمؤمنين فحسب، و ليس للآخرين مثل هذه المزية…

و من هنا يتّضح مجيء التعبير بالهداية بشكل واسع لعموم الناس هُدىً للناس فإن المراد منه أولئك الذين تتوفر فيهم الأرضيّة المناسبة لقبول الحق، و إلا فأنّ المعاندين الألداء. عماة القلوب، لو أشرقت عليهم آلاف الشموس بدل شمسنا هذه ليهتدوا، لما اهتدوا أبدا.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل (ناصر مکارم شیرازي) الجزء ١٢ الصفحة ١٠.
__

شهر_رمضان
مدرسةأهل البيت
اللهم عجل لوليك_الفرج
محاسن_الكلام

للانضمام إلى مجتمعنا على الواتس اب:
https://chat.whatsapp.com/HQ5StBT435DGhOlHxy1VhT

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى