بسم الله الرحمن الرحيم
بقلم: زكريَّا بركات
١٦ يونيو ٢٠١٧
يحاول خصومُ الشيعة الطعن في التشيع من خلال قولهم إنَّ الشيعة لم يكونوا موجودين أيام رسول الله (ص) ، وإنما هم فرقة حادثة مُبتدَعة ظهرت فيما بعد..!
وفي سبيل الإجابة عن ذلك نقول: إنَّ هذا الكلام غير صحيح، والدليل على وجود الشيعة أيامَ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يتلخَّص فيما يلي:
أوَّلاً: لقد وردت عشراتُ الأحاديث عن رسول الله (ص) تؤكِّد أنَّ شيعة علي (ع) هم الفائزون، إضافة إلى دلالة القرآن الكريم وعشرات الأحاديث التي تدعو إلى التشيع لعلي وأهل البيت (ع) ، مثل قوله تعالى: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) المائدة: 55 ، والتي صح من طرق السنة والشيعة أنها نزلت في حق الإمام عليٍّ (ع) وأثبتت له الولاية على جميع المؤمنين. ومثل ما رواه الحافظ الطبري في تفسيره “جامع البيان” عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، أنه قال بتفسير قوله تعالى (أولئك هم خير البريَّة) [البينة: 7] : “هم أنت يا عليُّ وشيعتك”..
وليس من المعقول أن جميع الصحابة عصوا الرسول (ص) في موضوع هذه الآيات والأحاديث.. فاحترامنا للصحابة (رض) يحتِّم علينا القول بأنهم أطاعوا القرآن والسنة في موضوع التشيُّع، وكانوا شيعة لأهل البيت عليهم السلام.. بغض النظر عن عدد المطيعين وعدد العاصين.. فـ (قليلٌ مِنْ عِبَادي الشَّكور) .
ثانياً: هناك جماعةٌ من الصحابة (رض) المعروفين نصَّ علماءُ أهل السنة على أنهم كانوا من الشيعة، نذكر منهم ـ على سبيل المثال ـ :
1 ـ الصحابيُّ عمرو بن الحَمِق الخزاعي (ت 50 هـ) . قال ابن عبد البر في «الاستيعاب» : «صار من شيعة عليٍّ رضي الله عنه…».
2 ـ الصحابيُّ حُجْر بن عدي الكندي (ت 51 هـ) . قال الذهبي في «سير أعلام النبلاء» : «من شيعة عليٍّ رضي الله عنهما».
3 ـ الصحابي سليمان بن صرد الخزاعي (ت 65 هـ) . هو أمير جيش التوابين الذين خرجوا طلباً لدم الحسين الشهيد سيد شباب أهل الجنة، وجيش التوابين هو الجيش الذي عبَّر عنه الحافظ الذهبي في «السير» (3/395) بأنهم شيعة الحسين.
4 ـ الصحابي أبو الطفيل عامر بن واثلة (ت 110 هـ) . قال الحافظ ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (2/221) : «كان مُتشيِّعاً» ، وقال ابن عبد البر في «الاستيعاب» : «كَانَ متشيِّعاً فِي عليٍّ» . وقال الحافظ الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (3/468) : «كان من شيعة الإِمام عليٍّ».
ثالثاً: إنَّ التشيع معناه الانقياد لوليِّ الله وخليفته في الأرض، أي الإمام الذي يجعله الله هادياً إليه. وقد كان رسول الله (ص) هو إمام الناس في أيام حياته في الدنيا، ومعنى هذا الكلام أنَّ الصحابة كانوا كلهم شيعة، إلاّ إذا ثبت أن بعضهم لم يكونوا يطيعون رسول الله ولا ينقادون لأمره.. فالذي لا ينقاد لرسول الله لا يكون شيعياً.. ولكن بعد وفاة رسول الله انقسم الصحابة والتابعون ومن بعدهم إلى فريقين: فريقٌ انقاد لإمامة الإمام علي (ع) بوصفه ولي الله وخليفته في الأرض والإمام الذي جعله الله هادياً إليه بعد رسول الله (ص) ، وهؤلاء هم الشيعة، وكانوا قليلاً.. وفريقٌ رفض الانقياد لإمامة الإمام علي (ع) ، وهؤلاء هم النواة الأولى للفرق الأخرى من غير الشيعة..
فتبيَّن من ذلك أن غير الشيعة هم الذي لم يكونوا موجودين في زمن رسول الله (ص) ، أو قل: كانوا غير ظاهرين، ثم ظهروا بعد رسول الله (ص) .. وأمَّا الشيعة فكانوا موجودين في زمن الصحابة وفي زمن التابعين وفي كل زمان إلى أن تقوم الساعة إن شاء الله تعالى.
هذا باختصار، والحمد لله رب العالمين.