مقالات

نظرة الغرب السلبية للمرأة المسلمة وردها…

نص الشبهة: 

  1. يصوّر أنصار حقوق المرأة في الإعلام الخارجي صوراً فكاهية للمرأة وهي تكره العائلة، كما أنّها تكره الرجل، بل تمتعض من الجنس.
  2. أما الإعلام الشعبي فيصوّر المناصرون للمرأة وهم يحتقرون النساء اللاتي يتجهنّ بكل وقتهن لممارسة أدوار الاُمهات وربّات المنازل.
  3. كما يصوّر الكاريكاتور الغربي “المرأة المسلمة وهي ترتدي الحجاب” على أنّه وصمة عار.
  4. كما يصوّر الكاريكاتور الغربي “المرأة المسلمة وهي ترتدي الحجاب” على أنّها كائنة مضطهدة، لا تملك أيّ وسيلة للتعبير عن نفسها بحرية.
  5. كما إنّ الغرب يفهم من قوامية الرجل على زوجته، التقليل من شأن المرأة، واتخاذها مادة هزيلة لأغراض الرجل.

الجواب: 

أولاً: يرد على الفقرة الاُولى عدّة ملاحظات

أ ـ أثبتت الأبحاث الطبية والنفسية والاجتماعية والعلمية أنّ الرغبة الجنسية هي حاجة طبيعية يجب إشباعها، وليس من الصحيح كبتها، وليس من الصحيح أن يصوّر الإنسان الذي يسعى لأجل إشباعها على أنّه رجل منحرف وشيطان.
وعلى هذا ليس من يسعى إلى تأمين ما يحتاج إليه من جنس يكون مرتكباً للكبائر من الذنوب أو متّجهاً إلى القذارة والانحطاط، بل يكون متّجهاً للشفاء من الكآبة والاضطرابات العقلية الحادة، لذا فقد وردت الآثار الشرعية الكثيرة الحاثّة على الزواج وجعلته إحرازاً لنصف الدين، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): “من تزوّج فقد أحرز نصف دينه” وقال الكليني: (وفي حديث آخر) “فليتق الله في النصف الآخر”1.
وقد كتبت المتخصّصة في علم النفس “إيفاهنريت مون”: بأنّه حتى حينما يكون مزاج المرء سيئاً وحينما تكون العلاقة بين الأبوين ليست على ما يرام، فإنّ على الأبوين أن يحاولا ممارسة الجنس; لأنّ ذلك سيساهم بنسبة ما في بناء محيط دافيء، ليبدّل العلاقة الباردة والمرّة بأُخرى أحلى وأكثر دفئاً2.
إذن الجنس فعل إيجابي يجب التشجيع على ممارسته، والإرشاد إليه عن طريق الهدي الرباني.
ب ـ إنّ هذه الرغبة الجنسية هي ثنائية المصدر، أي أنّها حاجة طبيعية من الجانبين، فليس الرجل هو يحتاج إلى هذه العملية دون المرأة، ولا المرأة تحتاج إليها دون الرجل، وهذا أمر واضح، اذن الحاجة من الاثنين.
وهي حاجة طبيعية مستمرة، لذا تبنّى البشر على طول التاريخ مؤسسة الأُسرة ـ العائلة ـ لأنّه يستطيع كلا الطرفين إلى إشباع حاجاتهما العاطفية والمادية والجنسية عن طريق الأُسرة ـ العائلة ـ التي تعيش انسجاماً قلبياً في ظلّ ظروف بهيجة، تزداد ازدهاراً مع حفظ العفّة.
وهكذا دعا الإسلام إلى الحياة الاُسرية من طريق الزواج، خلافاً للإباحيين والشيوعيين الذين يستهينون بالقيم الاُسرية، فليس الاستهانة بالقيم الاُسرية إلاّ استهانة بالحاجة الطبيعية المستمرة للجنس القائم على إشباع الحاجات المستمرة للجنس بطريقة عفيفة وصحيّة وعاطفية تؤمن الينبوع البشري مع حفظ النسب.
ج ـ من الطبيعي والواضح والذي كشفت عنه الأبحاث العلمية، أنّ البيت والعائلة التي لا تملك طفلاً تكون عائلة غير موفّقة وغير سعيدة بالمعنى الأعم للسعادة، فإن المرأة كما أنّها بحاجة إلى أن تكون زوجة لتشبع حاجاتها الجنسية الطبيعية، هي بحاجة إلى أن تكون أُمّاً تحنو على طفلها وتعطف عليه وتربّيه; ليكون البيت مشعاً بالسعادة والحنان والمحبة التي تشدّ الأُسرة لشقّ طريقها في الحياة بنشاط وعمل مشفوعاً بالأمل.
والنتيجة التي نصل اليها: هو خطأ وتضليل النقطة الاُولى القائلة: بأنّ المرأة تمتعض من الجنس وتكره الرجل وتكره العائلة.

ثانيا: يرد على الفقرة الثانية

أ ـ أنّ وظيفة المرأة أولاً وبالذات هو البيت وتنظيم شؤونه وشؤون الاُمومة والحضانة للأولاد وتربيتهم التربية الصالحة، ولكن عملها لا ينحصر بذلك، فلها أن تعمل أيّ عمل يناسبها إذا وجدت فيها الكفاءات اللازمة له، ولا تمنع من ذلك عند حصولها الوقت الكافي لمباشرة العمل خارج البيت إذا توافقت مع الزوج على ذلك.
ب ـ ولو لم تجد المرأة الوقت الكافي للعمل خارج البيت، فلايجوز أن ننظر إلى عملها داخل البيت باحتقار; لأنّه عمل مهم وكبير، حيث يكون عبارة عن تربية الجيل الصاعد وإعدادهم إعداداً جيداً للمستقبل، فتكون النساء اللاتي يقمن بهذا العمل على وجه الصحة والسلامة قد شاركن في إعداد الجيل للمستقبل، وكلّما كان هذا الجيل صحيحاً سالماً عقائدياً وفكرياً وبدنياً وأخلاقياً، فسيكون مؤثّراً في بناء المجتمع الصالح، وبهذا ستكون الاُم هي المدرسة الأولية للأولاد، ولذا قال الشاعر:
الاُمّ مدرسة إذا أعددتها *** أعددت شعباً طيّب الأعراق

ثالثاً: ويرد على الفقرة الثالثة والرابعة ما يلي

أ ـ أنّ الحجاب لا يجب على المرأة المسلمة ـ باستثناء نساء النبي (صلى الله عليه وآله) ـ، وإنّما الواجب على المرأة المسلمة ستر البدن عن الناظر الأجنبي، وفرق بين ستر البدن والحجاب، فالحجاب هو عبارة عن التواري عن الرجال مثلاً، وهذا ليس واجباً على النساء المسلمات، بل هو واجب على نساء النبي (صلى الله عليه وآله) فقط للآية القرآنية القائلة: ﴿ … وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ … ﴾ 3
ب ـ أنّ ستر بدن المرأة لا يكشف عن اضطهاد المرأة، وتعرّي المرأة لا يكشف عن حريتها، بل إنّ تعرّي المرأة يمكن أن يكون ناشئاً عن اضطهاد لها; لعدم إعطاء الزوج لها المؤونة اللازمة للستر، أو لم يعطِها المجتمع الضمان الاجتماعي اللازم لها.
ج ـ أنّ وجوب ستر البدن لا يشمل إلاّ الأجنبي، أمّا الزوج وأب الزوج وأبناء الزوج وأخوها وابنها وعمّها وخالها، وأزواج بناتها وأبناء إخوتها واخواتها، وجميع النساء والذكور غير المميزين، والرجال الكبار البُله الذي عبر عنهم القرآن﴿ … غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ … ﴾ 4فهؤلاء كلّهم لا يجب على المرأة أن تتستّر عنهم.
د ـ أن وجوب ستر البدن، الذي هو عبارة عن لباس الحشمة مقابل السفور، هو واجب على المرأة، كما هو واجب على الذكر، والقصد من هذا الوجوب هو صيانة المجتمع من الانزلاق إلى الفساد، وإيجاد العفّة في المجتمع، لذا قال القرآن الكريم مخاطباً المؤمنات: ﴿ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ … ﴾ 4.
وقال تعالى مخاطباً الرجال المؤمنين قبل الآية المتقدّمة: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ … ﴾ 5
فنفهم من هاتين الآيتين: أنّ على كلّ الجنسين ـ الذكور والاناث ـ العفّة واللباس المحتشم في المجتمع، رغم وجود خلاف طفيف بين الجنسين في لباس الحشمة، إلاّ أنّ هذا الاختلاف لا يلغي وجوب الحشمة في اللباس على كلا الجنسين.
لذا لم يجوّز العلماء ظهور الرجال نصف عراة أمام النساء حتماً في المجالس الحسينية ومواكب اللطم، وإذا حدث ذلك فلا يجوز للنساء أن ينظرن إليهم على نحو الاحتياط الوجوبي. كما أنّ الإسلام لا يجيز للرجال أن يكشفوا عوراتهم أمام الرجال فضلاً عن النساء.
هـ ـ أنّ غالبية البحوث حول حالات الاغتصاب الذي يقوم بها الرجال للنساء، قد ألقت اللوم على النساء المتعرّيات ـ غير المستورات بدنياً ـ على اعتبارهن الدافع المحرّك وراء سلوك الرجال البالغين الذين تحرّشوا بهنّ واغتصبوهن6.
وهذه الدراسات أوضحت فكرة في فهم العنف الجنسي وظروف جرائم الاغتصاب، فالنساء العاريات تسهّل الأمر على المغتصبين عن طريق لبسهن ملابس مثيرة تستحث بشدّة أُولئك المرضى على أن يهاجموا النساء، فالنساء العاريات هنّ من يدعُنّ المغتصبين الجنسيين إلى مهاجمتهن.
وبدون شكّ لانقصد من هذا:
1 ـ أنّ المغتصب لا يعدّ جانياً، ويكون معذوراً بعمله الإجرامي الذي تعدّى فيه على امرأة قد أغرّته بلباسها غير المحتشم، بل إنّ المغتصب والمهاجم والمتحرّش قد قام بعمل إجرامي بلاشكّ، وأنّه يعاقب أقصى العقوبة لهذه الجريمة إن كانت زنا بعنف. بل نريد هنا أن نضيف شيئاً وهو: إنّ المرأة المتعرّية قد أغرته وحرّكته في اغتصابها، فهي إذن شريكة المغتصب في عمله الشنيع.
2 ـ كما لانقصد إظهار المجتمعات الإسلامية على أنّها مثالية أو خالية من أيّة حالة من حالات الاغتصاب، نتيجة وجود الستر للبدن عند ظهور المرأة في المجتمع.
3 ـ كما لانقصد أنّ المجتمعات غير الملتزمة بستر البدن لا يوجد فيها نساء طاهرات بعيدات عن العمل الفاسد، وهو الزنا وما يجرّ إليه.
بل كلّ ما في الأمر أردنا ببياننا السابق: أنّ التعرّي يقوم بإغراء الجناة، والإغراء يؤدّي إلى ارتكاب الجريمة غالباً، وأنّ المرأة المتعرّية تكون مسؤولة عن الجناية التي تتعرّض لها; لأنّها باشرت عملاً حثّ بعض الذكور على فعل جريمتهم، فالإغراء والفتنة من قبلها جرّ الطرف الآخر إلى الرغبة الجنسية بلا بصيرة ولكن عن اختيار منه وإرادة.
بل حتى اللباس المثير الذي يستر البدن الذي يحرّك الغريزة الجنسية، أو العطر المحرّك للرجال، أو حتى الأعمال غير الأخلاقية كرقص النساء أمام الرجال، أو الكلام المثير الرقيق المحرّك للشهوات كالغناء، أو اللمس المثير، فكلّها تساهم في إعداد عمل يحثّ الذكور على فعل جريمة الاغتصاب أو التحرّش على أقلّ تقدير7.
وقد يدّعي المغتصب لهذه المرأة بأنّها هي التي أعطته إشارات واضحات لميلها إلى الملاطفة الجنسية، فتقرّب منها بالتحرّش والعمليات الجنسية، وحتى إذا امتنعت من العملية الجنسية فإنّ هذا لا يبرّر عملها الذي يدّعي الرجل أنّه دعوة له من قبلها، وهذا غير موجود في المرأة التي كانت محتشمة في لباسها وقولها وعملها، فهي تعطي إشارات واضحة وعديدة على أنّها ليست لها أدنى علاقة بأيّ شكل من أشكال الملاطفات الجنسية.
ولذا حرّم الإسلام كلّ هذه الأعمال التي يكون فيها إغراء وإثارة ولا يمكن إشباعها; لعدم وجود علاقة زوجية بين المرأة المثيرة والرجل المثار، ممّا يسبب وجود حالات تحرّش واعتداء جنسي، أو حتى اغتصاب مهان، ممّا تكون الحالة فيه مأساوية جداً.
ولا بأس بالإشارة إلى الحالات النادرة التي يكون الرجل فيها مثيراً لشهوات النساء، حيث يقوم بأعمال من شأنها إغراء النساء خارج نطاق الزوجية، كالغناء وكشف بعض البدن الذي قد يجر إلى إثارة الشهوة عند النساء خارج نطاق الزوجية، فهذا أيضاً عمل محرّم، تكون المسؤولية فيه على الطرفين; لأنّه يصدر بإرادة واختيار من الرجل ومن المرأة معاً.
وبهذا الذي تقدّم تنهار الأفعال والكاريكاتورات التي تنظر إلى المرأة الساترة لبدنها والمحتشمة على أنّها وصمة عار، أو أنّها مضطهدة في فعلها هذا.

رابعا: ويرد على الفقرة الخامسة

ما تقدّم من معنى القوامية، حيث قلنا: هو عبارة عن قيام الزوج بأمر الزوجة في تدبير أمرها والمحافظة عليها، وليس من معناها سيطرة الزوج على فعل زوجته أو مالها الذي يلزمه التقليل من شأنها، فلا تحكّم في قواميّة الرجل على زوجته; لأنّ التحكّم لا يدبّر أمر الزوجة.
كما أنّ المرأة ليس هي مادة هزيلة لأغراض الرجل، إذ هي أيضاً بحاجة إلى الرجل لإشباع شهوتها، فالحياة الزوجية فيها احتياج كلّ جنس للآخر، والمعاشرة بالمعروف هي الدستور الأول للحياة الزوجية، فلا سلطة ولا سيطرة ولا استغلال لأحد الجنسين للآخر، بل الحياة الزوجية مسؤولية طاهرة بين الزوجين، يقوم الرجل بأمر المرأة ويدبّر شؤونها، ويعمل لها كلّ ما لم تتمكّن المرأة من عمله لأجل تحسين الحياة الزوجية ويحافظ عليها، وهي التي تطيعه فيما يحتاج إليه من العمليات الجنسية والاُنس والسكن الذي يحتاج إليه، وهو مسؤول عن توفير هذه المعاني لها; لأنّها بحاجة إلى أُنس وسكن ليقوم البيت الزوجي بدوره الأساسي في نظافة المجتمع 8.

  • 1. وسائل الشيعة 14: باب 1 من مقدّمات النكاح، حديث 11 و12.
  • 2. مقتبس من: بحث الشيخ علي الحكيم/الحجاب والنظرية القرآنية: 8
  • 3. القران الكريم: سورة الأحزاب (33)، الآية: 53، الصفحة: 425.
  • 4. a. b. القران الكريم: سورة النور (24)، الآية: 31، الصفحة: 353.
  • 5. القران الكريم: سورة النور (24)، الآية: 30، الصفحة: 353.
  • 6. نحن نشاهد حالات التحرّش والتعدّي يشمل حتى الملتزمة المستورة البدن البعيدة عن الإثارة، فكيف بمن تثير الآخرين بكشف الجسد أو غير ذلك؟!
  • 7. قال تعالى مخاطباً النساء: ﴿ … وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ … ﴾ ، فالعمل الذي يجذب انتباه الرجال فتتحرّك شهواتهم ومشاعرهم الجنسية لا يجوز.
  • 8. من كتاب: أوضاع المرأة المسلمة ودورها الاجتماعي من منظور إسلامي، لسماحة الشيخ حسن الجواهري.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى