حديث متّفق عليه بين الشيعة والسنّة وقد ورد في صحاحهم ، هو قول رسول الله صلّى الله عليه وآله : « الأئمّة من بعدي اثنا عشر كلهم من قريش ».
إذا راجعنا جميع المذاهب الإسلاميّة على اختلافها لم نجد فيها من يتوافق عدد الأئمّة عندهم وهذا العدد إلّا الشيعة الاثنا عشريّة فتلكم الكيسانيّة والزيديّة والإسماعيليّة من فرق الشيعة والأشاعرة والمعتزلة من فرق السنّة ليس أعداد أئمّتهم متوافقة مع هذا العدد وها هي كتبهم موجودة يمكن مراجعتها فمثلاً السنّة يعتقدون بإمامة الخلفاء الأربعة ، ثمّ من ؟!! بعضهم يرجح معاوية ويزيد وبعضهم يكفرهما وهكذا .. والحاصل أن أئمّتهم ليسوا اثني عشر ، فهذا حديث الرسول يردهم ، أمّا الشيعة الاثنا عشريّة فهي الفرقة الوحيدة التي يتوافق عدد أئمّتهم والحديث وأئمّتهم هم :
۱ ـ علي بن أبي طالب.
۲ ـ الحسن بن علي.
۳ ـ الحسين بن علي.
٤ ـ علي بن الحسين.
٥ ـ محمّد بن علي الباقر.
٦ ـ جعفر بن محمّد الصادق.
۷ ـ موسى بن جعفر الكاظم.
۸ ـ علي بن موسى الرضا.
۹ ـ محمّد بن علي الجواد.
۱۰ ـ علي بن محمّد الهادي.
۱۱ ـ الحسن بن علي العسكري.
۱۲ ـ الإمام المهدي .. ( عليهم الصلاة والسلام ).
وبمناسبة ذكرى استشهاد الإمام علي بن الحسين عليه السلام من ۲٥ محرّم الحرام رأينا أن نبحث عن بعض سيرته وتاريخه.
فقد ولد الإمام في الخامس من شهر شعبان في سنة ۳۸ هـ سنتين قبل استشهاد جدّه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.
وأمّه شهربانويه بنت يزدجرد ملك الفرس حيث سبيت هي وأختها شاه زنان في زمان عمر بن الخطاب وأتي بهما إليه فاختارتا الحسين عليه السلام ومحمّد بن أبي بكر كزوجين لهما بعدما قال علي عليه السلام لعمر ما مضمونه أنّ بنات الملوك يعاملن غير معاملة سائر الأسرى بإعطاء الحريّة لهما في انتخاب الأزواج. وماتت هي بعد ولادة علي بن الحسين بقليل.
ولقد تربى الإمام عليه السلام في حجر جدّه وعمّه وأبيه.
وفي ذي الحجّة سنة ستّين خرج مع والده وعشيرته إلى العراق وفي أرض كربلاء استشهد الإمام الحسين عليه السلام وجميع أصحابه وأولاده لكنّه مرض مرضاً شديداً بحيث لم يتمكّن من القتال وأراد أهل الكوفة قتله مرّتين لولا أن عصمه الله منهم.
ومن هنا تبدأ حياته الجهاديّة ضدّ الطغاة في العراق والشام حيث كانت السبايا هناك أوصل صوت النهضة الحسينيّة هو وعمّته زينب ، فقد علا منبر الجامع الأموي في الشام بحضرة الناس ويزيد وألقى خطبة هادرة بليغة أوصل صوت النهضة إلى أهل الشام وبيّن لهم الحقّ والحقيقة حتّى خشي يزيد الفتنة فقطع عليه خطبته وقد اضطرّ يزيد إرجاعهم إلى المدينة بعدما بدت أصوات الاستنكار تصل إليه من أهل الشام.
وتمكّن عليه السلام في المدينة أن يغرس بذور نهضة الإمام الحسين فيها ممّا يكوّن حصانة قويّة فيهم ضدّ الطغاة والصمود أمام المشاكل والسعي للإصلاح وباعتبار أن المدينة كانت المركز العلمي والثقافي للمسلمين فبالتالي تحصين المسلمين أجمع ضدّ الظلمة وتعريفهم بالإسلام الواقعي لا الإسلام المزيف الأسمى.
وقد سببت نهضة الإمام الحسين وإذاعتها من السيّدة زينب والإمام علي بن الحسين أن تتكوّن هناك ثورات ومواجهات قويّة لحكومة بني أميّة والاعتقادات الفاسدة.
فتلكم نهضة التوّابين والمختار بن أبي عبيدة.
وتلك نهضة زيد بن علي بن الحسين.
ونهضة ابنه يحيى بن زيد وما إليها من النهضات التي استتبعت نهضة الحسين وكانت نهضة الحسين بذراً لها.
وممّا فعله الإمام زين العابدين عليه السلام هو بثّ الثقافة الإسلاميّة.
ففي تلك الأزمنة كان الخلفاء يعملون ما يريدونه ويجعلونه باسم الإسلام فكان الإمام يقاومهم بنشر الثقافة الإسلاميّة الواقعيّة ممّا كان يقلص تأثيراتهم السلبيّة فمثلاً كان الإمام يشتري العبيد من مختلف الأمم فيربّيهم التربية الصحيحة ويعلّمهم الإسلام الواقعي ثمّ كان يعتقهم بعد حين ليرجعوا إلى قومهم وينشروا الثقافة الصحيحة حتّى بلغ عدد هؤلاء إلى ألف عبد.
وهو عدد جدّاً هائل ولو أردنا أن نسمّيهم تسمية أخرى ، لسمّيناهم بالكوادر أيّ الإمام بوحده ربّى ألف كادر قوي.
وما فعله الإمام والأئمّة بعده كانت الضمانة لبقاء الإسلام وإلّا فإن خلفاء بني أميّة وبني العبّاس خلفاء الجور كادوا يمسخون صورة الإسلام ولصار الإسلام ديناً منحرفاً كدين اليهود والمسيحيين.
فترى حتّى علماء السنّة تربوا على أيديهم وأخذوا شيئاً ما من الإسلام منهم فأبو حنيفة وأحمد بن حنبل والشافعي ومالك كانوا من تلامذة الإمام الصادق عليه السلام أو تلامذة تلامذته ..
وممّا يدلّ على سعي الخلفاء لتحريف الإسلام ما نراه من تقتيلهم العلماء والمحدّثين شيعة وسنّة فمعاوية قتل أكثر أصحاب الإمام علي وكذلك يزيد ومن بعده من الخلفاء ، وما ذلك إلّا لأنّهم كانوا يحدون من انحرافات الخلفاء وكذلك أبو حنيفة مات في سجن المنصور.
ومن هنا نفهم خطورة الدور الذي قام به الإمام عليه السلام.
ومن جملة أعماله عليه السلام لنشر الثقافة الإسلاميّة الأدعية المأثورة عنه المجموعة في الصحيفة السجاديّة وغيرها وهي من أبلغ الكلام حتّى أنّها الثالثة في سجلّ أعظم الكتب الكونيّة بعد القرآن ونهج البلاغة ، ذلك أنّها تعطي منهجاً متكاملاً للحياة فهي علاوة على التلقين الذاتي ، تردع الإنسان بأسلوبها الأخاذ المؤثّر عن التواني والكسل والبطالة وأمثالها من الرذائل وتأمر بما يفيد التقدّم ، وتذكر الآخرة للإنسان حتّى أنّه يعمل لها ، يعمل لله ، يعمل لتقديم الأمّة وهذه الأدعية هي من أهمّ الأدعية المأثورة.
فلتقرأ الصحيفة السجاديّة بتروٍ وتأمّل لننهل من منهلها العذب الكثير .. الكثير ..