نور العترة

من وصايا أمير المؤمنين(ع)…

رَوى الشيخ الطوسي (رحمه الله) في كتابه المُسمى بـ ” الأمالي ” عَنْ من روى، قال: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ وَالِدِيَ الْوَفَاةُ أَقْبَلَ يُوصِي، فَقَالَ: “هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَخُو مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ ابْنُ عَمِّهِ وَ صَاحِبُهُ، أَوَّلُ وَصِيَّتِي أَنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُهُ وَ خِيَرَتُهُ اخْتَارَهُ بِعِلْمِهِ وَ ارْتَضَاهُ لِخِيَرَتِهِ، وَ أَنَّ اللَّهَ بَاعِثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ، وَ سَائِلُ النَّاسِ عَنْ أَعْمَالِهِمْ عَالِمٌ بِمَا فِي الصُّدُورِ.
ثُمَّ إِنِّي أُوصِيكَ- يَا حَسَنُ- وَ كَفَى بِكَ وَصِيّاً بِمَا أَوْصَانِي بِهِ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ يَا بُنَيَّ الْزَمْ بَيْتَكَ، وَ ابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ، وَ لَا تَكُنِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّكَ، وَ أُوصِيكَ يَا بُنَيَّ بِالصَّلَاةِ عِنْدَ وَقْتِهَا، وَ الزَّكَاةِ فِي أَهْلِهَا عِنْدَ مَحَالِّهَا، وَ الصَّمْتِ عِنْدَ الشُّبْهَةِ، وَ الِاقْتِصَادِ، وَ الْعَدْلِ فِي الرِّضَاءِ وَ الْغَضَبِ، وَ حُسْنِ الْجِوَارِ، وَ إِكْرَامِ الضَّيْفِ، وَ رَحْمَةِ الْمَجْهُودِ وَ أَصْحَابِ الْبَلَاءِ، وَ صِلَةِ الرَّحِمِ، وَ حُبِّ الْمَسَاكِينِ وَ مُجَالَسَتِهِمْ، وَ التَّوَاضُعِ فَإِنَّهُ مِنْ أَفْضَلِ الْعِبَادَةِ، وَ قَصْرِ الْأَمَلِ، وَ اذْكُرِ الْمَوْتَ، وَ ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّكَ رَهِينُ مَوْتٍ، وَ غَرَضُ بَلَاءٍ، وَ صَرِيعُ سُقْمٍ.
وَ أُوصِيكَ بِخَشْيَةِ اللَّهِ فِي سِرِّ أَمْرِكَ وَ عَلَانِيَتِكَ، وَ أَنْهَاكَ عَنِ التَّسَرُّعِ بِالْقَوْلِ وَ الْفِعْلِ، وَ إِذَا عَرَضَ شَيْ‏ءٌ مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ فَابْدَأْ بِهِ، وَ إِذَا عَرَضَ شَيْ‏ءٌ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا فَتَأَنَّهُ حَتَّى تُصِيبَ رُشْدَكَ فِيهِ، وَ إِيَّاكَ وَ مَوَاطِنَ التُّهَمَةِ وَ الْمَجْلِسَ الْمَظْنُونَ بِهِ السَّوْءُ، فَإِنَّ قَرِينَ السَّوْءِ يَغُرُّ جَلِيسَهُ.
وَ كُنْ لِلَّهِ يَا بُنَيَّ عَامِلًا، وَ عَنِ الْخَنَا 1 زَجُوراً، وَ بِالْمَعْرُوفِ آمِراً، وَ عَنِ الْمُنْكَرِ نَاهِياً، وَ وَاخِ الْإِخْوَانَ فِي اللَّهِ، وَ أَحِبَّ الصَّالِحَ لِصَلَاحِهِ، وَ دَارِ الْفَاسِقَ عَنْ دِينِكَ، وَ أَبْغِضْهُ بِقَلْبِكَ، وَ زَايِلْهُ بِأَعْمَالِكَ، كَيْ لَا تَكُونَ مِثْلَهُ، وَ إِيَّاكَ وَ الْجُلُوسَ فِي الطُّرُقَاتِ، وَ دَعِ الْمُمَارَاةَ، وَ مُجَازَاةَ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ وَ لَا عِلْمَ.
وَ اقْتَصِدْ يَا بُنَيَّ فِي مَعِيشَتِكَ، وَ اقْتَصِدْ فِي عِبَادَتِكَ، وَ عَلَيْكَ فِيهَا بِالْأَمْرِ الدَّائِمِ الَّذِي تُطِيقُهُ، وَ الْزَمِ الصَّمْتَ تَسْلَمْ، وَ قَدِّمْ لِنَفْسِكَ تَغْنَمْ، وَ تَعَلَّمِ الْخَيْرَ تَعْلَمْ، وَ كُنْ لِلَّهِ ذَاكِراً عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَ ارْحَمْ مِنْ أَهْلِكَ الصَّغِيرَ، وَ وَقِّرْ مِنْهُمُ الْكَبِيرَ، وَ لَا تَأْكُلَنَّ طَعَاماً حَتَّى تَتَصَدَّقَ مِنْهُ قَبْلَ أَكْلِهِ، وَ عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ زَكَاةُ الْبَدَنِ وَ جُنَّةٌ لِأَهْلِهِ، وَ جَاهِدْ نَفْسَكَ، وَ احْذَرْ جَلِيسَكَ، وَ اجْتَنِبْ عَدُوَّكَ، وَ عَلَيْكَ بِمَجَالِسِ الذِّكْرِ، وَ أَكْثِرْ مِنَ الدُّعَاءِ فَإِنِّي لَمْ آلُكَ يَا بُنَيَّ نُصْحاً، وَ هذا فِراقُ بَيْنِي وَ بَيْنِكَ‏.
وَ أُوصِيكَ بِأَخِيكَ مُحَمَّدٍ خَيْراً، فَإِنَّهُ شَقِيقُكَ وَ ابْنُ أَبِيكَ، وَ قَدْ تَعْلَمُ حُبِّي لَهُ، فَأَمَّا أَخُوكَ الْحُسَيْنُ فَهُوَ ابْنُ أُمِّكَ، وَ لَا أَزِيدُ الْوَصَاةَ بِذَلِكَ، وَ اللَّهُ الْخَلِيفَةُ عَلَيْكُمْ، وَ إِيَّاهُ أَسْأَلُ أَنْ يُصْلِحَكُمْ، وَ أَنْ يَكُفَّ الطُّغَاةَ الْبُغَاةَ عَنْكُمْ، وَ الصَّبْرَ الصَّبْرَ حَتَّى يُنْزِلَ اللَّهُ الْأَمْرَ، وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ”  2.

  • 1. الخنا: الفحش في الكلام.
  • 2. الأمالي (للطوسي): 7، للشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي، المولود بخراسان سنة: 385 هجرية، و المتوفى بالنجف الأشرف سنة: 460 هجرية، طبعة دار الثقافة، سنة: 1414 هجرية، قم/إيران.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى