حُذَيفة بن اليمان من المسلمين الأوائل و من أجلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله، هاجر إلی المدينة بعد هجرة النبي صلى الله عليه و آله، آخی النبي بينه و بين عمار بن ياسر، فهو مكي مدني، و هو من المهاجرين لهجرته من مكة إلى المدينة، و من الأنصار، لأنه کان حليفا لإحدی قبائل المدينة فيُعدّ من الأنصار أيضا، لكن النبي صلى الله عليه و آله خيّره في ذلك فاختار أن يکون من الأنصار، و وافقه النبي في ذلك فعُدَّ من الأنصار 1.
جهاد حذيفة
يُعَدُّ حذيفة بن اليمان من المجاهدين الشجعان الفاتحين و المعروفين و له مواقف مشرفة.
لم يشهد حذيفة معركة بدر لأن المشركين منعوا حذيفة و أباه من الالتحاق بالمسلمين و صدوهما عن ذلك، لكنه شهد مع ابيه وقعة أحد و من ثم شهد الخندق (الاحزاب) 2، و شهد فتح العراق و الشام، و شهد اليرموك عام 13 هـ، و بلاد الجزيرة عام 17 هـ.
حذيفة احد الاركان الاربعة
حذيفة بن اليمان كان شديد الولاية للإمام علي أمير المؤمنين عليه السلام، و هو أحد الأركان الأربعة المميزين من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام و من خواص أصحابه و له مكانة عاليه لديه، و هو أحد السبعة الذين صلّوا على الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام 3.
و لما قيل لأمير المؤمنين علي عليه السلام : حَدِّثْنَا عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ ؟
قال عليه السلام : “عَلِمَ أَسْمَاءَ الْمُنَافِقِينَ وَ سَأَلَ عَنِ الْمُعْضِلَاتِ حِينَ غُفِلَ عَنْهَا وَ لَوْ سَأَلُوهُ لَوَجَدُوهُ بِهَا عَالِماً” 4.
و من شدة ولائه للإمام عليه السلام أوصى ولديه صفوان و سعيداً قبل وفاته أن يلازما أمير المؤمنين عليه السلام و لا يفارقاه بحال من الأحوال، و قد عملا بوصيته حتى استُشهدا في وقعة صفين تحت لواء أمير المؤمنين عليه السلام 5.
ولاية حذيفة بن اليمان على المدائن
ولى عمر بن الخطاب حُذيفة اليمان على المدائن 6، و عند وصول حذيفة إلى المدائن خرج اهل المدينة لاستقباله فأبصروا أمامهم رجلاً يركب حماره و على ظهره أكاف7 قديم، و قد أمسك بيديه رغيفاً و ملحاً و هو يأكل و يمضغ، و كاد يطير صوابهم عندما علموا أنه الوالي الجديد حذيفة بن اليمان.
وفاة حذيفة بن اليمان
توفي حذيفة بن اليمان في اليوم الثامن و العشرين من شهر محرم الحرام سنة ست و ثلاثين هجرية بعد مقتل عثمان بفترة وجيزة، و بعد أربعين يوما من تسلم الامام امير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام للخلافة 8.
توفي بالمدائن و دفن بها، و قبره مزار معروف.
- 1. انظر كتاب المعارف: 263 ، لابن قتيبة.
- 2. سُميت هذه الوقعة بالأحزاب لتحزب القبائل و اليهود و المشركين فيها على محاربة رسول الله صلى الله عليه و آله، و سُميت بالخندق لأن المسلمين تحسبوا مداهمة العدو فحفروا خندقاً في الواجهة الضعيفة فمنعوا الاحزاب من اقتحام مواقعهم فلذلك عُرفت بوقعة الخندق.
- 3. أنظر: بحار الأنوار (الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار (عليهم السلام)): 22 /351، حديث 77، للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي، المولود بإصفهان سنة: 1037، و المتوفى بها سنة: 1110 هجرية، طبعة مؤسسة الوفاء، بيروت/لبنان، سنة: 1414 هجرية.
- 4. الغارات: 1 / 102، الطبعة القديمة.
- 5. أنظر: مروج الذهب: 2 / 394.
- 6. المدائن مدينة تاريخية مهمة كانت عاصمة الساسانيين الفرس، تقع جنوب شرق بغداد و تُعرف بـ ” سلمان باك ” لوجود قبر الصحابي الجليل سلمان الفارسي (المحمدي) فيها.
- 7. أكاف: بَرْذَعة الحمار، وهي ما يوضع على ظهره ليركب عليه. جمع: أكف وآكفة.
- 8. انظر : المستدرك للحاكم: 3 /380.