بسم الله الرحمن الرحيم
بقلم: زكريا بركات
قال الله تعالى: (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا…) فاطر: 32 .
فبيَّن اللهُ (تعالى) أنَّ في هذه الأمّة أناساً مُصطفَين بعد رسول الله صلى الله عليه وآله.. فمن هم هؤلاء الناس؟
الجواب في قوله تعالى: (إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين…) آل عمران: 33 .
ولما كان أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) من آل إبراهيم، ثبت أنهم المصطفون الذين ورثوا كتاب الله بعد رسول الله..
فإن قيل: إن غير أهل البيت أيضاً ينتسبون إلى إبراهيم عليه السلام..
قلنا: ولكن أحداً غير أهل البيت عليهم السلام لم يدَّعِ مقام الاصطفاء وعلم الكتاب، ولا ينطبق ذلك على غير أهل البيت.
فإن قيل: من أين عرفتم أن المقصود بالكتاب هو علم الكتاب وليس المصحف الشريف الذي هو عبارة عن أوراق وحبر؟
قلنا: عرفنا ذلك من ربط ميراث الكتاب بالاصطفاء، فإنه يُفهم من الآية الكريمة أن الله خص المصطفين بميراث الكتاب، ولما كان المصحف ـ الذي حو أوراق وحبر ـ يناله كل أحد، حتى الكفار، لزم القول بأن المقصود هو علم الكتاب الذي يتناسب مع الاصطفاء، وأما غيره فلا يحتاج إلى اصطفاء بل هو للمصطفى وغير المصطفى من العباد، أي يشمل الظالم والمقتصد والسابق.
أضف إلى ذلك أن أهل البيت (عليهم السلام) مطهَّرون بصريح آية التطهير في سورة الأحزاب: 33 ، فدخول المطهَّرين تحت عنوان الاصطفاء هو القدر المتيقَّن، وأما دخول غيرهم فمشكوك فيه.
أضف إلى ذلك أنَّ الله تعالى يقول عن القرآن الكريم في اللوح المحفوظ: (إنه لقرآن كريم، في كتاب مكنون، لا يمسه إلا المُطهَّرون) الواقعة: 77 ـ 79 . ولما كان أهل البيت مُطهَّرين، فثبت أنهم يعلمون علم القرآن كله؛ لأنه هو أسمى معنى لِلْمَسِّ.
ومن هنا نفهم السر في التأكيد على التمسك بأهل البيت عليهم السلام، وما دل على أن التمسك بهم هو ضمان الهداية والنجاة، كما في حديث الثقلين وحديث الأمان وغيرهما..
ومن هنا نفهم السرَّ في قول رسول الله (ص) عليه وآله: “أنا مدينة العلم وعلي بابُها” ، وفي قوله (ص) أن علياً هو الهادي الذي ورد ذكره في قوله تعالى: (ولكل قوم هاد) الرعد: 7 .
والحمد لله رب العالمين.