مقالات

من قصص العلماء

بسم الله الرحمن الرحيم

ذكريات أحد أفراد حماية نجل الآخوند المُلا كاظم الخراساني

كان الحاج الميرزا محمد، المعروف بـ (آقا زاده) أحد أبناء المرحوم الآخوند الملا محمد كاظم الخراساني، يقيم في مدينة مشهد المقدسة، ويعدّ من العلماء الأجلاء ذوي النفوذ آنذاك. والمرحوم (آقا زاده) كان خبيراً في تحليل الأمور ودركها، وله العديد من الخدم والحاشية، يقوم كل منهم بعمل معيّن. وأحد هؤلاء الخدم رجلٌ اسمه الحاج علي اكبر وهو أكثرهم قوةً، ويحمل أكثر الأحيان مسدساً تحت ملابسه، وواجبه حماية (الآقا) .
نقل لي الحاج علي أكبر قائلاً:
ذهبتُ في أحد أيام الشتاء للوقوف على أملاك (الآقا) في نيشابور. وأثناء العودة إلى مدينة مشهد تعرضنا لتساقط الثلوج بكثافة في الطريق بين (شريف آباد) ومشهد، فمكثنا في مقهى (حوض الحاج مهدي) . وأود أن أوضح هنا بأن طريق مشهد إلى نيشابور أو (تربت حيدرية) ، كان يمر عبر مدينة (شريف آباد) في ذلك الوقت، ويصل إلى (شاه تقي) ، وهو أقصر من الطريق الحالي بعدة فراسخ، ولكنه من (كال) و (طرق) فما فوق، يعبر عبر المناطق الجبلية، ولهذا السبب أثناء الشتاء وسقوط الثلوج لا يتمكن المسافرون أحياناً من عبور الطريق بسهولة.
وأردف الحاج علي أكبر قائلاً: إضافة لنا فقد لجأ عددٌ آخر من الناس لهذا المقهى. وكان الليل قد خيَّم هناك، وإذا بسيارة قادمة من مدينة مشهد، وفيها أربعةٌ من الشبان الأغنياء المرحين من أهالي مشهد، وبصحبتهم أربع نساءٍ، ولا أعلم إلى أين كانوا ينوون الذهاب بقضاء بعض الأوقات الممتعة، فاضطروا إلى النزول في المقهى بسبب الثلوج والظلام.
قام هؤلاء في تلك الليلة التي يلّفها الظلام والثلوج ووسط هذه الجبال بعقد مجلس [كلمة غير مفهومة في المصدر] للاُنس والطرب للمسافرين. وافترش الشبان قناني المشروبات الكحولية والمأكولات، وشرعت بعض النساء بالغناء، والبعض الآخر بالرقص. وفي أثناء هذه الأجواء الصاخبة، فتحت باب المقهى وإذا بالمرحوم الحاج الآخوند بصحبة ثلاثة أو أربعة أشخاص يبدو أنهم قد قدموا من مدينة (تربت) متوجهين إلى مشهد المقدسة، مستخدمين الدواب في رحلتهم، لكنهم وبسبب الثلوج والظلام في تلك الليلة لجأوا الى هذا المقهى أيضاً، وطلبوا من صاحبها السماح لهم بالدخول واعطائهم مكاناً للاستراحة، فأرشدهم إلى المنصة الخالية في أحد أطراف المقهى.
يقول الحاج علي أكبر: عندما شاهدت هذه الحالة ارتعدت فرائصي لئلا يتعرض الحاج الآخوند لهذه المجموعة، أو يقوم هؤلاء بالتعرض له وإهانته، فهيأت نفسي للدفاع عن الحاج الآخوند في حالة تعرضه لإهانة هؤلاء مهما تكون النتائج. لكن الحاج الآخوند دخل المقهى وكأنه لم يرَ أحداً ولم يسمع شيئاً، واتجه نحو تلك المنصة، وبما أنهم لم يؤدوا صلاتي المغرب والعشاء، سألوا صاحب المقهى عن اتجاه القبلة؟ فأشار لهم باتجاهها. وقف الحاج الآخوند للصلاة واقتدى به مرافقوه الأربعة. فأذَّن أحدهم، وقرأ الحاج الآخوند الإقامة وشرع في الصلاة. فاغتنمتُ الفرصة وأسبغت الوضوء والتحقتُ بالجماعة. وانصرف عددٌ من أولئك عن مجلس الطرب والتحقوا بصفوف الجماعة. وقال صاحب المقهى: إنها فرصة ثمينة أن نصلي ولو صلاة واحدة خلف الحاج الآخوند. والخلاصة أننا عندما فرغنا من أداء الصلاة لم نجد أثراً لتلك المجموعة من الشبان والنساء. ويبدو أنهم قد جمعوا بساطهم وذهبوا الى جهة مجهولة في تلك الليلة الثلجية.

انتهى بتصرف يسير.

المصدر: كتاب الفضائل المنسية، ص٥٥ ـ ٥٨ ، تأليف: الشيخ حسين علي راشد.
__

شوال١٤٤٥

مدرسةأهلالبيت

اللهمعجللوليك_الفرج

محاسن_الكلام

للانضمام إلى مجتمعنا على الواتس اب:
https://chat.whatsapp.com/HQ5StBT435DGhOlHxy1VhT

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى