عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ ، قَالَ : لَمَّا هَدَمَ الْحَجَّاجُ الْكَعْبَةَ ، فَرَّقَ النَّاسُ تُرَابَهَا ، فَلَمَّا صَارُوا إِلَى بِنَائِهَا ، فَأَرَادُوا أَنْ يَبْنُوهَا خَرَجَتْ عَلَيْهِمْ حَيَّةٌ ، فَمَنَعَتِ النَّاسَ الْبِنَاءَ ، حَتَّى هَرَبُوا .
فَأَتَوُا الْحَجَّاجَ ، فَأَخْبَرُوهُ ، فَخَافَ أَنْ يَكُونَ قَدْ مَنَعَ بِنَاءَهَا ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ ثُمَّ نَشَدَ النَّاسَ ، وَ قَالَ : أَنْشُدُ اللَّهَ عَبْداً عِنْدَهُ مِمَّا ابْتُلِينَا بِهِ عِلْمٌ لَمَّا أَخْبَرَنَا بِهِ .
قَالَ : فَقَامَ إِلَيْهِ شَيْخٌ ، فَقَالَ : إِنْ يَكُنْ عِنْدَ أَحَدٍ عِلْمٌ فَعِنْدَ رَجُلٍ رَأَيْتُهُ جَاءَ إِلَى الْكَعْبَةِ فَأَخَذَ مِقْدَارَهَا ثُمَّ مَضَى .
فَقَالَ الْحَجَّاجُ : مَنْ هُوَ ؟
قَالَ : عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ( عليه السَّلام ) 1 .
فَقَالَ : مَعْدِنُ ذَلِكَ .
فَبَعَثَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا فَأَتَاهُ ، فَأَخْبَرَهُ مَا كَانَ مِنْ مَنْعِ اللَّهِ إِيَّاهُ الْبِنَاءَ .
فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ( عليه السَّلام ) : ” يَا حَجَّاجُ ، عَمَدْتَ إِلَى بِنَاءِ إِبْرَاهِيمَ وَ إِسْمَاعِيلَ فَأَلْقَيْتَهُ فِي الطَّرِيقِ ، وَ انْتَهَبْتَهُ كَأَنَّكَ تَرَى أَنَّهُ تُرَاثٌ لَكَ ، اصْعَدِ الْمِنْبَرَ وَ انْشُدِ النَّاسَ أَنْ لَا يَبْقَى أَحَدٌ مِنْهُمْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئاً إِلَّا رَدَّهُ ” .
قَالَ : فَفَعَلَ ، فَأَنْشَدَ النَّاسَ أَنْ لَا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ عِنْدَهُ شَيْءٌ إِلَّا رَدَّهُ .
قَالَ : فَرَدُّوهُ .
فَلَمَّا رَأَى جَمْعَ التُّرَابِ ، أَتَى عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا ، فَوَضَعَ الْأَسَاسَ ، وَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَحْفِرُوا .
قَالَ : فَتَغَيَّبَتْ عَنْهُمُ الْحَيَّةُ ، وَ حَفَرُوا حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى مَوْضِعِ الْقَوَاعِدِ .
قَالَ لَهُمْ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ( عليه السَّلام ) : ” تَنَحَّوْا ” .
فَتَنَحَّوْا ، فَدَنَا مِنْهَا ، فَغَطَّاهَا بِثَوْبِهِ ، ثُمَّ بَكَى ، ثُمَّ غَطَّاهَا بِالتُّرَابِ بِيَدِ نَفْسِهِ ، ثُمَّ دَعَا الْفَعَلَةَ ، فَقَالَ : ” ضَعُوا بِنَاءَكُمْ ” .
فَوَضَعُوا الْبِنَاءَ ، فَلَمَّا ارْتَفَعَتْ حِيطَانُهَا أَمَرَ بِالتُّرَابِ فَقُلِّبَ فَأُلْقِيَ فِي جَوْفِهِ ، فَلِذَلِكَ صَارَ الْبَيْتُ مُرْتَفِعاً يُصْعَدُ إِلَيْهِ بِالدَّرَجِ 2 .
- 1. هو الإمام علي بن الحسين زين العابدين السجاد ( عليه السَّلام ) ، رابع أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) .
- 2. الكافي : 4 / 222 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني ، المُلَقَّب بثقة الإسلام ، المتوفى سنة : 329 هجرية ، طبعة دار الكتب الإسلامية ، سنة : 1365 هجرية / شمسية ، طهران / إيران .