قال الإمام زين العابدين «عليه السلام» :(وأمّا حقّ ولدك فأن تعلم انّه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره، وإنّك مسؤول عما وليته من حسن الأدب والدلالة على ربه عزّ وجلّ، والمعونة على طاعته، فاعمل في أمره عمل من يعلم أنّه مثاب على الإحسان إليه معاقب على الإساءة إليه)1.
إنّ الشريعة الإسلامية وكما أنّها جعلت للوالدين حقوقاً على الأبناء، فكذلك جعلت للأبناء حقوقاً على الوالدين، وأهم هذه الحقوق:
حق الأبناء في حسن اختيار الوالدين
تبدأ حقوق الأبناء في الإسلام في مرحلة مبكرّة، قبل زواج الوالدين، وذلك بحسن اختيار كل واحد منهما للآخر، فعلى الرجل أن يختار المرأة التي يريد أن يقترن بها كزوجة والتي ستكون أمّاً لأبنائه، وكذلك على المرأة أن تختار الرجل الذي ستقترن به كزوج، والذي سيكون أباً لأبنائها، وذلك وفق معايير وسمات وصفات أرشدت إليها الشريعة الإسلامية، وأهمّها:
1- التديّن
فأوّل صفة ينبغي للرجل أن يختار المرأة وفقها هي صفة التدّين، فعن النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» أنّه قال: (تنكح المرأة لأربع؛ لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك)2.
وقال «صلى الله عليه وآله»: (لا تزوجوا النساء لحسنهن، فعسى حسنهن أن يرديهن، ولا تزوجوهن لأموالهن، فعسى أموالهن أن تطغيهن، ولكن تزوجوهن على الدين، ولأمة خرماء سوداء ذات دين، أفضل)3.
فيستفاد من هذه النصوص أنّ أهم صفة ينبغي للرجل أن يبحث عنها في المرأة هي صفة التديّن، وأن يكون البحث عن الصّفات الأخرى كالجمال وغيره بعد صفة التدّين، والمراد بالمرأة المتديّنة هي تلك المرأة المسلمة الملتزمة بأحكام الشرع الشريف، الفاعلة للواجبات، التاركة للمحرّمات، لأنّ من أهم ثمار الاقتران بكهذا امرأة:
- أنّها تكون محافظة على عرضها وشرفها وكرامتها، وزوجها يكون مطمئناً له من هذه الجهة، وملتزمة بما عليها من حقوق وواجبات تجاه زوجها وأبنائها، وهذا مما يكسب الحياة الزّوجية استقراراً وبقاءً واطمئناناً وثقة.
- أنّها تحافظ على بيت زوجها وأمواله وما يختصُّ به مما هو تحت إشرافها ونظرها في البيت.
- أنّها تهتم بتربية أبنائها، فتربيهم تربية صحيحة، وتحرص على أن يكونوا مثلها ملتزمين بتعاليم وأحكام الدّين.
- تقوم بواجبي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في بيتها، فإذا رأت زوجها تاركاً لمعروف أو مرتكباً لمنكر، فإنّها تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر، وكذلك إذا صدر من أبنائها ما يستلزم أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر فإنّها تقوم بواجبها الشرعي تجاههم، فتأمرهم بالمعروف وتنهاهم عن المنكر، فهي خير من يسلك بالزّوج والأبناء إلى طريق النّجاة وسبيل الخير والتقوى والورع والكمال الإنساني، ويؤمّن للزوج ولأبنائه أسباب النجاة والسعادة.
أمّا المرأة غير المتديّنة، التي لا تلتزم بأحكام الدّين، الفاعلة للمحرّمات التاركة للواجبات، أو التي تكون مبعضّة في تديّنها والتزامها بأحكام الدين وتعالميه، ملتزمة ببعض الواجبات وغير ملتزمة ببعضها الآخر، تاركة لبعض المحرّمات والمنهيّات، وغير تاركة لبعضها، فإن هذه المرأة تكون في أغلب الحالات بعكس المرأة المتديّنة، فإذا كانت – مثلاً – غير ملتزمة بالحجاب والستر الشرعي، فإنّ بناتها في أغلب الحالات يكنّ مثلها، فهي لا تربي بناتها على الالتزام بالحجاب والستر الشرعي، لأنّها هي غير ملتزمة به، والمرأة التي لا تؤدّي فريضة الصلاة وتتكاسل عنها وتتهاون في أدائها، تأتي بها أحياناً وتتركها أحياناً أخرى، فإنّها لا تحث أبناءها على الاهتمام بالصلاة، والتي لا تؤدي فريضة الصوم تكون كذلك لا تهتم بأداء أبنائها لهذه الفريضة، فمثل هذه المرأة تكون قدوةً سيئةً لأبنائها، بينما المرأة المؤمنة المتديّنة تحرص على التزام أبنائها بالفرائض الإلهية، وتحثهم على أدائها، وتعلّمهم الأحكام الشرعية المتعلّقة بالتكاليف الشرعية المتوجة إليهم بقدر معرفتها واستطاعتها.
وكذلك على المرأة أن تختار الرجل المتديّن، وهو الرّجل المسلم الملتزم بأحكام الدين وتعاليم الشريعة السمحاء، فمثل هذا الرجل سيلتزم بما عليه من حقوق وواجبات لزوجته وأبنائه، وسيحرص على التزامهم بأحكام الدين وتعاليمه، وسيقوم بواجبي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تجاههم في حالة ما إذا كانت الزوجة أو أحد الأبناء قد ترك معروفاً أو فعل منكراً، وسيكون قدوة حسنة لهم في تديّنه وسلوكه وسيره في طريق الحق والاستقامة.
فهذا النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» يوجّه أولياء الأمور إلى تزويج بناتهم من الرّجل المتدين الذي يمتلك أخلاقاً حميدة، فيقول: (ذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، ألاّ تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)4.
أمّا الرجل غير المستقيم على جادة الشريعة الإسلامية، المتجرّء على الله بفعله للمحرّمات، فإنّه سيكون قدوة سيئة لأبنائه، ولن يهتم بتربيتهم وتنشئتهم على الالتزام بالدّين، ولا بتعليمهم شيئاً من أحكام الشرع الشريف والفرائض التي أوجبها الحق سبحانه وتعالى وفرضها عليهم.
وركّزت الرّوايات الشريفة على عدم تزويج الأشخاص الذين يمارسون ذنوباً مخصوصة التي عادة ما يكون أثرها على الأسرة والأبناء كبيراً وخطيراً، كشرب الخمر مثلاً، فعن النبي «صلى الله عليه وآله» قال: (من شرب الخمر بعد ما حرمها الله على لساني، فليس بأهل أن يزوّج إذا خطب)5.
وعن الإمام الصادق «عليه السلام» قال: (من زوج كريمته من شارب خمر فقد قطع رحمها)6.
2-الأخلاق الحسنة
الأمر الثاني الذي ينبغي للرجل أن يهتم به ويبحث عنه في المرأة التي يريد الزّواج منها هو اتّصافها بالأخلاق الحسنة، فالمرأة المتخلّقة بالأخلاق الفاضلة ستتعامل مع زوجها انطلاقاً من هذه الأخلاق وستربّي أبناءها على التخلّق والتحلّي بمثلها، يقول الشاعر:
وأخلاق الوليد تقاس حسناً ** بأخـلاق النســـاء الوالـدات
وليـس ربيب عاليـــــة المزايـا ** كمثل ربيب سافلة الصفات
فليس أبناء المرأة ذات الأخلاق الحسنة الحميدة من حيث الأخلاق مثل أبناء المرأة ذات الأخلاق الفاسدة السيئة، فالمرأة ذات الأخلاق الحسنة تكون قدوة حسنة لأبنائها بأخلاقها وتعلّمهم وتربيهم عليها، فتكون أخلاقهم حسنة فاضلة كأخلاقها، والمرأة سيّئة الأخلاق تكون قدوة سيئة لأبنائها بأخلاقها، ولا تهتم بتربيتهم على محاسن الأخلاق وأفضلها، فعادة ما يكونون مثل أمهم، أخلاقهم فاسدة كأخلاقها7.
وكذلك على المرأة أن تختار الرجل صاحب الأخلاق الحميدة، لأنّه سيتعامل معها من منطلق هذه الأخلاق، فلن يظلمها شيئاً من حقوقها، وسيحرص على أن يكون أبناؤه مثله في أخلاقهم ومزاياهم، ومرّ علينا حديث النبي «صلى الله عليه وآله» الذي يأمر فيه أولياء الأمور بتزويج بناتهم ممن يرتضى خلقه وتديّنه من الرّجال: (ذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه…).
وأمّا الرجل سيء الأخلاق فهو كالمرأة سيئة الأخلاق، يؤثر بأخلاقه سلباً على أبنائه، ففي الأغلب ينشأؤون مثل أبيهم في أخلاقهم وسلوكياتهم، وغالباً ما سيتعامل مع زوجته بتصرفات يكون منطلقها تلك الأخلاق السيئة، فيؤدي ذلك إلى لحوق الأذى بها أو غمطها حقوقها.
3- النّسب
وعلى الرّجل أن يختار المرأة من عائلة وأسرة غير مخدوشة في نسبها وشرفها، فعن النبي «صلى الله عليه وآله» قال: (أيها الناس إياكم وخضراء الدمن، قيل: يا رسول الله وما خضراء الدّمن؟ قال: المرأة الحسناء في منبت السوء)8.
وعلى المرأة أيضاً أن تختار الرجل من عائلة وأسرة ذات سمعة حسنة، غير مقدوح في نسبها وشرفها، لأنت السمعة الحسنة لأسرة الأب والأم تنعكس إيجابيّاً على الأبناء بينما سمعتها السيئة تنعكس سلباً عليهم، ويخلّف ذلك لديهم الكثير من العقد النّفسيّة والأمراض الرّوحيّة، خصوصاً إذا كانوا في متناول ألسنة النّاس بسبب سمعة عائلة الأب أو الأم السيئة.
4- اختيار الاسم الحسن
فالاسم له تأثير على الإنسان لأنّه مرتبط به، ويعرف به بين النّاس، فإن كان حسناً كان تأثيره عليه حسناً، وإن كان سيئاً كان تأثيره عليه سيئاً، فلذلك جعلت الشريعة الإسلامية للابن حقّاً على والده وهو أن يحسّن اسمه، فعن النبي «صلى الله عليه وآله» قال: (حق الولد على والده إذا كان ذكرا أن يستفره أمه، ويستحسن اسمه، ويعمله كتاب الله ويطهره، ويعلمه السباحة وإذا كانت أنثى أن يستفره أمها، ويستحسن اسمها …) 9.
وعنه «صلى الله عليه وآله»: (حق الولد على والده أن يحسن اسمه وأدبه، ويضعه موضعاً صالحاً)10.
وعنه «صلى الله عليه وآله» أيضاً: (من حق الولد على والده ثلاثة: يحسن اسمه، ويعلمه الكتابة، ويزوجه إذا بلغ)11.
وعن الإمام الكاظم «عليه السلام»، قال: (أول ما يبرُّ الرجل ولده أن يسميه باسم حسن، فليحسن أحدكم اسم ولده)12.
وأحسن الأسماء وأفضلها ما يشعر بالعبودية لله سبحانه وتعالى مثل عبد الله وعبد الرحيم وعبد الرّحمن، وأسماء الأنبياء كمحمد «صلى الله عليه وآله» وعيسى وإبراهيم «عليهما السلام»، وأسماء الأوصياء كعلي والحسن والحسين «عليهم السلام».
وعن سليمان الجعفري، قال: سمعت أبا الحسن «عليه السلام» يقول: (لا يدخل الفقر بيتاً فيه اسم محمد أو أحمد أو علي أو الحسن أو الحسين أو جعفر أو طالب أو عبد الله أو فاطمة من النساء)13.
5- التربية
ومن حقوق الأبناء على الوالدين، أن يقوما بتربية أبنائهما تربية صحيحة سليمة، ونعني بالتربية؛ الاهتمام بالجانب الجسدي والنّفسي، الجانب المادي والجانب المعنوي للأبناء، أمّا بالنسبة للجانب المادي الجسدي، فعلى الأب أن يهتم بهذا الجانب لأبنائه فيوفر لهم المسكن والملبس والمأكل والعلاج وغير ذلك مما يدخل تحت عنوان النفقة، فهي أمر واجب على الأب تجاه أبنائه14.
وللأسف الشديد إنّ بعض الآباء ينفق على أبنائه من الحرام، يطعمهم الحرام، ويلبسهم من الحرام، ويسكنهم في منزل بني من مال حرام، إنّ مثل هذا الأب مقصّرٌ في حقوق أبنائه ومأثوم ومعاقب على إنفاقه عليهم من الحرام، إنّ الأب المسلم الملتزم بحقوق أبنائه وأحكام دينه هو من يجنّب أبنائه الحرام وينهاهم عنه، فينقل أن أحد الصحابة من الأنصار، اسمه أبو دجانة الأنصاري كان مواظباً على صلاة الفجر جماعة خلف النبي «صلى الله عليه وآله»، ولكنه كان يخرج مسرعاً بعد انتهاء الصلاة مباشرة، فأوقفه النبي «صلى الله عليه وآله» يوماً وسأله قائلاً: يا أبا دجانة، أليست لك عند الله حاجة؟ فقال أبو دجانة: يا رسول الله إنّه ربي ولا أستغني عنه طرفة عين، فقال «صلى الله عليه وآله»: إذاً لماذا لا تنتظر حتى تختم الصلاة ثم تدعو الله بما تريد؟ قال أبو دجانة: إن لي جاراً من اليهود، وله نخلة يمتد فروعُها في صحن داري فإذا هبت الريح ليلاً أسقطت رطبها عندي، لذلك أخرج مسرعاً لأجمع ذلك الرطب، وأردّه إلى صاحبه قبل أن يستيقظ أطفالي فيأكلوا منه وهم جياع، وأقسم لك يا رسول الله إنني رأيت أحد أولادي يمضغ تمرةً فأدخلت إصبعي في حلقه فأخرجتها قبل أن يبتلعها، ولما بكى ولدي من الجوع، قلت له: أما تستحي من وقوفي أمام الله سارقاً.
فانظروا كيف أنّ هذا المسلم كان حريصاً على أن لا يدخل جوف أبنائه شيء من الحرام لعلمه بما لتناول الحرام من آثار سلبية عليهم.
وأما بالنسبة إلى الجانب الرّوحي فعلي الوالدين:
أولاً: أن يقوما بغرس العقيدة الصحيحة في نفوس أبنائهما، فيبيّنا لهم العقيدة الصحيحة من العقيدة الفاسدة، ويدلانهم على ربّهم وكيف يوحدونه في جميع مقامات التوحيد، في مقام الذات، والصفات، والأفعال، والطاعة، والعبادة، ويغرسان في نفوسهم الاعتقاد بالأنبياء، وأنّهم رسل من الله سبحانه وتعالى، أرسلهم لهداية الناس إلى الحق، وأنّ آخرهم هو نبي الإسلام محمد «صلى الله عليه وآله»، والاعتقاد بالأئمة الإثني عشر الطاهرين من أهل البيت «عليهم السلام»، وأنّ أوّلهم هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «عليه السلام» وآخرهم هو المهدي المنتظر «عجل الله تعالى فرجه الشريف»، والإيمان بالآخرة، إلى غيرها من الأمور التي يلزم المسلم الإيمان والاعتقاد بها.
ثانياً: أن يعلّما أبناءهما ما عليهم من واجبات وفرائض، وكيف يؤدونها بالشكل الصحيح المطلوب شرعاً، كالصلاة وغيرها من العبادات.
ثالثاً: أن يغرسا في نفوس أبنائهما الأخلاق الفاضلة الحميدة ويشجعانهم على التخلّق والتعامل مع الآخرين بها، وينهيانهم عن الأخلاق الفاسدة الرذيلة.
نصائح مهمة
ومما ينفع في تربية الجانب الرّوحي، وتقوية الإيمان، ونمو التقوى وارتقائها إلى مراتبها العليا عند الأبناء، هو تشجيهم على تلاوة كتاب الله المجيد، والتدبر في آياته، وفهم معاني كلماته وعباراته، وتعويدهم على الذهاب إلى المسجد وممارسة عبادة الصلاة فيه، وحثّهم على الذهاب إلى الأماكن التي تلقى فيها الدروس والمحاضرات الدينية كالمساجد والحسينيّات وغيرها، وأن يوفر الوالدان لهم الكتب الدينية والثقافية المناسبة لأعمارهم، والتي تكسبهم الثقافة الإسلامية، وتغرس في نفسوهم المعارف والمفاهيم الدينية، فكل ذلك مما له أثر كبير في زيادة الجانب المعرفي للأبناء، الأمر الذي يؤدي إلى تقوية إيمانهم ورفع درجة التقوى لديهم.
ثم إنّ من العوامل الكبيرة التي تؤدّي إلى انحراف الأبناء هم رفقاء السوء، الذين عادة ما يتأثر المرء بهم فيكتسب من أخلاقهم وعاداتهم القبيحة، ويسير معهم في طريق الشّقاء والانحراف، وقد يصل الأمر بالبعض إلى أن يصبح مجرماً قد تأصّل الإجرام فيه، الأمر الذي يصعب بعد ذلك معه ردّه إلى جادّة الحق.. وعليه فبما أن المرء يتأثر عادة بصاحبه وصديقه، فإن كان فاسداً كان مثله، وإن كان صالحاً كان كذلك مثله صالحاً، فعلى الآباء أن يختاروا الرفقاء الصلحاء لأبنائهم، ليكتسبوا منهم الالتزام بالدّين، والأخلاق الكريمة، والعادات الفاضلة، والآداب السامية الرفيعة، ويبعدونهم عن رفقاء السوء، حتّى لا يقعوا في شباك ضلالهم وانحرافهم.
6- العدالة بين الأبناء
ومن الأمور التي ركّزت عليها الشريعة الإسلامية، ووجهت الوالدين إلى مراعاتها والالتزام بها مسألة العدل بين الأبناء، وذلك لما يخلّفه عدم العدل بينهم من آثار سلبيّة، ومن أكثرها سلبيّة أنّه يزرع العداوة والحقد بين الأبناء، فيعادي بعضهم البعض، ويحقد بعضهم على البعض الآخر، كما يكون موجباً للتحاسد بينهم، وقد يترافق ذلك معهم منذ صغرهم إلى ما بعد سنّ التكليف فيؤدي إلى حالة من التقاطع بين الأرحام، وهو ذنب له آثاره الوخيمة جدّاً، وغيرها من الذنوب التي عادة ما يكون الحقد والعداوة والحسد باعثاً على ارتكابها.
ومما جاء في الحث على العدل بين الأبناء ما روي عن النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» أنّه قال: (إن لهم عليك من الحقِّ أن تعدل بينهم، كما أنّ لك عليهم من الحق أن يبرّوك)15.
وعنه «صلى الله عليه وآله»: (اتّقوا الله واعدلوا في أولادكم)16.
وعنه «صلى الله عليه وآله»: (أعدلوا بين أولادكم في النحل17 كما تحبّون أن يعدلوا بينكم في البرّ واللطف)18.
والعدالة المطلوبة بين الأبناء تشمل كلَّ الجوانب التي تحيط بالأبناء، في الجانب المادي والمعنوي، لا في خصوص الماديّات فقط، فكما أنّ من حقّ الأبناء العدل بينهم في حاجاتهم الماديّة، فكذلك من حقّهم أن يُعْدَلَ بينهم في حاجاتهم المعنويّة، من الاحترام والتقدير والاهتمام والحب وما شاكل ذلك، فعن الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» قال: (أبصر رسول الله رجلاً له ولدان فقبّل أحدهما وترك الآخر، فقال «صلى الله عليه وآله»: فهلّا واسيت بينهما؟!)19.
وعن النبي «صلى الله عليه وآله»: (إنّ الله تعالى يحبُّ أنْ تعدلوا بين أولادكم حتّى في القبل)20.
وعن الإمام الباقر «عليه السلام» قال: (والله إنّي لأصانع بعض ولدي وأجلسه على فخذي، وأكثر له المحبّة، وأكثر له الشكر، وإنّ الحقَّ لغيره من ولدي، ولكن محافظة عليه منه ومن غيره، لئلا يصنعوا به ما فعل بيوسف أخوته)21. 22.
- 1. موسوعة أحاديث أهل البيت 3/193.
- 2. صحيح مسلم 4/175.
- 3. سنن ابن ماجة 1/597.
- 4. عوالي اللئالي 3 /340.
- 5. الكافي 5 /348.
- 6. الكافي 5 /347.
- 7. وحذّرت الشريعة الإسلامية من تزّوج الحمقاء، فعن الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» قال: «إياكم وتزويج الحمقاء فإن صحبتها بلاء وولدها ضياع») (الكافي 5/354).
- 8. الكافي 5/332.
- 9. الكافي 6/49.
- 10. بحار الأنوار 74/58.
- 11. بحار الأنوار 71/80.
- 12. الكافي 6/18.
- 13. الكافي 6/19.
- 14. إنما يجب على الأب الإنفاق على أبنائه إذا كان غنيّاً وكانوا فقراء.
- 15. ميزان الحكمة 9/565، برقم: 22633.
- 16. ميزان الحكمة 9 /565، برقم: 22632.
- 17. النحل: العطيّة والهبة ابتداءً من غير عوض ولا استحقاق.
- 18. ميزان الحكمة 9 /565 – 566، برقم: 22634.
- 19. ميزان الحكمة 5 /566، برقم: 22640.
- 20. ميزان الحكمة 5/ 566، برقم: 22638.
- 21. ميزان الحكمة 5 /566، برقم: 22641.
- 22. المصدر كتاب “بحوث ومقالات من هدي الإسلام” للشيخ حسن عبد الله العجمي.