الجواب : لقد اتّضح ممّا سبق أنّ الإمام الحجّة عليه السلام سوف ينتقم من أعداء الله والرسول صلّى الله عليه وآله والأئمّة عليهم السلام ، وعلى الخصوص من قتلة الإمام الحسين بن عليّ عليهما السلام ، أمّا كيف يمكن أن نتصوّر هكذا انتقام ، مع العلم أنّ قتلة جدّة الحسين قد مرّ على موتهم مئات من السنين.
ومن الممكن ان نتصوّر هذا الإنتقام بالبيان الآتي :
١ ـ إنّ الله تعالى سوف يحييهم ثمّ ينتقم منهم.
٢ ـ إنّ الإمام المهدي سينتقم من أحفاد قتلة الإمام الحسين عليه السلام ، وإن كان بينهم وبين أجدادهم الذين قتلوا الحسين عشرات الأظهر ، ولكن ذلك الإنتقام سيكون بدليل : أنّ هؤلاء راضون بأفعال أجدادهم ، فلهذه العلّة سيشملهم إنتقام الحجّة عليه السلام ، وإن مضى على واقعة كربلاء أكثر من ألف سنة مثلاً.
قال الصادق عليه السلام في تفسير قوله تعالى : ( وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ ) ، قال : « ذلك قائم آل محمّد يخرج فيقتل بدم الحسين بن عليّ … ، ثمّ قال أبو عبد الله عليه السلام : يقتل والله ذراري قتلة الحسين بفعال آباءهم » (۱).
وعن الصدوق في العلل والعيون ، عن عليّ ، عن أبيه ، عن الهروي ، قال : « قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام : يابن رسول الله ، ما تقول في حديث روي عن الصادق أنّه قال : إذا خرج القائم قتل ذراري قتلة الحسين عليه السلام بفعال آبائها ؟
فقال : هو كذلك.
فقلت : وقول الله عزّ وجلّ : ( وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ) (۲) ؟!
قال : صدق الله في جميع أقواله ، ولكن ذراري قتلة الحسين يرضون بفعال آبائهم ، ويفتخرون بها ، ومن رضي شيئاً كان كمن أتاه ، ولو أنّ رجلاً قتل بالمشرق فرضى بقتله رجل في المغرب ، لكان الراضي عند الله عزّ وجلّ شريك القاتل ، وإنّما يقتلهم القائم عليه السلام إذا خرج لرضاهم بفعل آباءهم.
قال : قلت له : بأي شيء يبدأ القائم منكم إذا قام ؟
قال : يبده ببني شيبة ، فيقطع أيديهم ؛ لأنّهم سرّاق بيت الله عزّ وجلّ » (۳).
وممّا يشهد بأنّه عليه السلام ينتقم من الجبّارين ما روي عن الصادق عليه السلام في ذيل قوله تعالى : ( إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا * فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا ) (٤) ، قال : « ما له قوّة يقوى بها على خالقه ، ولا ناصر من الله ينصره إن أراد سوءاً.
قلت : إنّهم يكيدون كيداً ؟
قال : كادوا رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وكادوا عليه السلام ، وكادوا فاطمة عليها السلام ، فقال الله : يا محمّد ، إنّهم يكيدون كيداً ، وأكيداً كيداً ، فمهّل الكافرين ـ يا محمّد ـ أمهلهم رويداً لوقت بعث القائم عليه السلام ، فينتقم لي من الجبّارين والطواغيت من قريش وبني اُميّة وسائر النّاس » (٥).
الهوامش
۱. كامل الزيارة : ٦٣. بحار الأنوار : ٤٥ / ٢٩٨.
۲. الأنعام (٦) : ١٦٤. الإسراء (١٧) : ١٥ ، فاطر (٣٥) : ١٨. الزمر (٣٩) : ٧.
۳. بحار الأنوار : ٥٢ / ٣١٢. عيون أخبار الرضا عليه السلام : ٢ / ٣٤٧.
٤. الطارق (٨٦) : ١٥ ـ ١٧.
٥. تفسير القمّي : ٢ / ٤١٦.
مقتبس من كتاب الإمام المهدي المصلح العالمي المنتظر