يُروى عن الإمام علي (ع) أنه قال: “ليس لك بأخ من احتجت إلى مداراته”1. ماالمقصود من الحديث؟
المداراة في المقام تعني المخالقة والملاينة في التعامل مع الآخرين بدافع درء الأذى المحتمل صدوره منهم.
وعليه فمعنى الحديث أنَّ كلَّ أحدٍ من الناس لا تأمن أذيته إلا بمخالقته ومعاملته بما يرغب وما لا يكره فهو ليس لك بأخ. إذ إنَّ الأخ في الدين هو مَن تأمن شرَّه وأذيته حتى لو جفوته في المعاملة، والأخ في الدين لا يحرمك مِن حقك ولا يسلبك حقك حتى لو جفوته بل وحتى لو أسأت إليه، والأخُ في الدين يحفظ لك حقوقك وتأمن من شروره وأذيته حتى لو عنَّفته على خطأٍ ارتكبه أو اختلفت معه في رأي أو شأنٍ من شئون الحياة.
فأنت لا تحتاج -لحماية حقوقك والأمن من الأذى مع أخيك في الدين- إلى مصانعته ومخالقته، فسواءً صانعته وخالقته أو جفوته وعاملته بما يكره فإنكَ في أمنٍ من أذيته وظلمه. وعليه فمن لا تكونُ في أمنٍ من أذيته وظلمه إلا بملاينته ومخالقته فهو ليس بأخيك في الدين.
وليس معنى ما ذكرناه أن المخالقة لا تكون مستحسنة إلا مع غير الأخ في الدين فإنَّ ذلك ليس مرادًا للحديث المأثور قطعًا بل مراده التمييز بين مَن هو أخٌ لك حقًّا في الدين ومن ليس كذلك.
فكل من تخشى أذيته وظلمه لو لم تلاينه فهو ليس لك بأخ، وكل من تأمن أذيته وظلمه بقطع النظر عن نحو معاملتك إياه فهو أخوك في الدين 2.
- 1. ميزان الحكمة -محمد الريشهري- ج 1 ص 44.
- 2. المصدر : موقع سماحة الشيخ محمد صنقور حفظه الله.