خرج الإمام الحسين عليه السلام من المدينة خائفاً يترقّب و قصد نحو مكّة فجعل أهل العراق يكاتبونه و يراسلونه و يطلبون منه التوجّه إلى بلادهم ليبايعوه بالخلافة، لأنه أولى من غيره، فإنه ابن رسول الله وسبطه، و المنصوص عليه بالإمامة من جدّه رسول الله صلى الله عليه و آله لقوله: ” الحسن و الحسين إمامان قاما أو قعدا “، أي سواء قاما بأعباء الخلافة أو غُصبتْ عنهما.
إلى أن اجتمع عند الحسين عليه السلام إثنا عشر ألف كتاب من أهل العراق و كلّها مضمون واحد، كتبوا إليه: قد أينعتِ الثمار و اخضرّ الجناب، و إنما تقدم على جندٍ لك مجنّدة، إن لك في الكوفة مائة ألف سيف، إذا لم تقدم إلينا فإنا نخاصمك غداً بين يدي الله.
فأرسل الحسين عليه السلام ابن عمّه مسلم بن عقيل إلى الكوفة، فلمّا دخل مسلم الكوفة اجتمع الناس حوله و بايعوه لأنه سفير الحسين و ممثّله فبايعه ثمانية عشر ألفاً أو أربعة و عشرون ألفاً.
و كتب مسلم إلى الحسين عليه السلام يخبره ببيعة الناس و يطلب منه التعجيل بالقدوم، فلما علم يزيد ذلك أرسل عبيد الله بن زياد إلى الكوفة، فدخل ابن زياد الكوفة و أرسل إلى رؤساء العشائر و القبائل يُهدّدهم بجيش الشام و يطمعهم.
فبدأ الناس يتفرّقون عن مسلم شيئاً فشيئاً، إلى أن بقي مسلم وحيداً، فأضافته امرأة فطوّقوا الدار التي كان فيها، و خرج مسلم، و اشتعلت نار الحرب، و قتل مسلم منهم مقتلة عظيمة، و ألقي عليه القبض يوم عرفة و ضربوا عنقه، و جعلوا يسحبونه في الأسواق و الحبل في رجليه.1
- 1. مقتل الإمام الحسين عليه السَّلام للخطيب العلامة السيد محمد كاظم القزويني ( رحمه الله ).