مقالات

مسؤولية المسلمين تجاه الاسلام و القران …

بسم الله الرحمن الرحيم، و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف الانبياء و المرسلين حبيب ربّ العالمين أبى القاسم محمد صلى ‏الله ‏عليه ‏و‏آله، و السلام عليكم و رحمة و بركاته و على جميع عباد الله الصالحين.

هل الاسلامُ بحاجةٍ الى شخص أو أشخاص يعملون بجدِّ فى سبيل بنائه، و خلوده أم لا؟

لو كانت الاجابة بالايجاب، فعلى عاتق أى شخص أو أشخاص تقع هذه المسؤولية الكبرى و مَنِ الذى يجب أن يقوم بهذه المهمة العظمى؟؟
من أجل أن نوضّحَ هذه القضيّة بجلاءٍ علينا بادى‏ء ذى بدء أنَ نعرف الاسلام أوّلاً، ثم نعمد الى البرهنة على الهدف.
انَّ كلّ مَن يتصفّحُ القرآنَ و جميع النصوص الاسلامية يدرك أن الدين الاسلامى فى حقيقته ما هو الاّ نظامٌ اعتقادىٌ و تعبدى و اخلاقى و سياسى و اجتماعى كامل، يقوم  بين ابعاده المختلفة المتنوعة ارتباط كامل.
و يمكن أن نقسّم قوانين الاسلام و مناهجه بصورةٍ عامّة الى مجموعتين:

المجموعة الاولى: أحكام فردية، كالصلاة و الصوم و الحج و الطهارة و النجاسة و الطعام و الشراب و ماشا به ذلك.
انّ أحكاماً كهذه أحكامٌ فرديّةٌ يستطيع كلّ فرد أن يقوم بها بمفرده.
المجموعة الثانية: أحكام جماعية كالجهاد و الدفاع و الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر و القضاء و حَلّ النزاعات و القصاص و الحدود و الديات و التعزيرات و الحقوق المدينة و الجزائية و العلاقات بين المسلمين أنفسهم، و بين الكفار و القوانين و المناهج الاقتصادية و البرامج العسكرية و غير العسكرية و البرامج المرتبطة بالضرائب و الاموال العامة.
انّ احكاماً كهذه ليست أحكاماً فرديّة بل انها ذات صلة بحياة البشر السياسية و الاجتماعية.
فبما أنّ البشر يعيش بعضُهم مع بعض فى اطار المجتمع، لذا فانّه لا يكونون فى غنىً عن أحكام كهذه.
و هكذا يكون مشرّعُ الاسلام المقدّس قد نَظّم المناهج و سَنّ القوانين التى تلبىّ تلك الحاجات.
و باختصار؛ فانّ الأحكام الفرديّة و مناهجَ الاسلام الاجتماعية تؤلّفُ نظاماً واحداً و مجموعة واحدة مترابطة، و تدعى هذا المجموعة بالدين الاسلامىّ.
و كما أن لدينا آياتٍ و أحاديثَ حول الأحكام الفردية،  فاننا نملك ـ كذلك ـ مآتِ الآيات و آلافَ الأحاديث حول الأحكام و المناهج السياسية و الاجتماعية التى تؤلّف جانباً كبيراً من الاسلام.

و عليه فان القَضاء و التحكيمَ، الجهادَ و الدفاعَ، التربيةَ و التعليمَ، الشؤونَ العسكرية و غير العسكرية الصحةَ و العلاجَ، الشؤونَ الاقتصادية و الماليّة، و كلَ ما يلزم لادارة مجتمع موجودة برمّتها فى صُلب الدين الاسلامىّ و نسيجه.
على أن جميع ذلك لا يمكن أن يكون منفصلاً عن الأحكام الفردية، فانّ جميع هذه الأحكام فرديَّها و جَماعيَّها تمثَّل الاسلام. و انَ المسلمَ الكامل هو الذى يلتزم بكافة هذه ألأحكام و المناهج، لأن المسلمَ الكاملَ لا يمكن أن يؤدّى الصلاة و الصوم و الحج دون القيام بانجاز الجهاد و الدفاع و الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر و مقارعة الظلم و الكفر و الاستكبار، و الدفاع عن المحرومين و المستضعفين.
انّ تنفيذَ هذه الأحكام يستلزمُ وجودَ تنظيماتٍ اداريةٍ واسعةٍ و هى ما تسمى بالحكومة الاسلامية.
و من هنا يمكن استنباط أن الحكومة الاسلامية التى تتكفل تطبيق كل القوانين و المناهج السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و العسكرية و غير العسكرية و القانونيه و العقوبات الاسلامية توجد فى صمين هذا الدين.
انّ مشرّع الاسلام المقدسَ  الذى دَوَّن و شَرَّعَ هذه القوانين و المناهج لابد أنه وضع نصب عينيه مُنَفِّذَ هذه القوانين (اى الحاكم الاسلام) أيضاً.

نبىّ الاسلام أول مُنَفِّذ للأحكام و حاكمٍ على المسلمين

منذ أنَ بلَغَ عدد المسلمين حدّاً اقتضى وجودَ تنظيمات اجتماعية…تولّى النبىُ الاكرم عمليّاً مسؤولية الاشراف عليها و قيادتها، و عبر تنفيذه للأحكام و القوانين الاسلاميّة فقد كان يقوم ببناء الأمة الاسلامية الصغيرة، و يدبّر شؤونها بنفسه، و كان يقومُ بتعيين الحكّام و القادة، و يرسل‏القضاة،و يصدرالأوامر بالجهاد والدفاع،و ينجز كل الاعمال التى تحتاجُ اليها ادارة اُمةٍ صغيرةٍ.

و لقد عُهِدت هذه المسؤولية اليه من قِبل الله سبحانه، فكانت مهمته تنفيذ الأحكام و القوانين السياسية و الاجتماعية للاسلام و قيادة الاُمة فى اطار تلك القواين، و كان يتلقّى التعليمات فى مختلف المجالات الاجتماعية و السياسية الخاصّة بالمسلمين من الله تعالى، فعلى سبيل المثال كان مكلَّفاً من جانب الله تعالى بانّ يحث المسلمين و يحضّهم على الجهاد و الدفاع و اليكم نماذج مما قاله تعالى فى هذا المجال.

قال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ … ﴾ 1.

و قال أيضاً:﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ … ﴾ 2.

و هكذا كانت تُلقى جميعُ الشؤون السياسية و الاجتماعيةُ،و مهمّات قضايا الحكم،و القيادة على عاتقه.

يُستفاد مما سبق أن رسولَ الله صلى‏ الله ‏عليه ‏و‏آله كان يتولّى منصب القيادة، و الحكومة، و تنفيذ الأحكام، و تطبيق المناهج السياسية و الاجتماعية، بالاضافة الى مقام النبوة حيث كان بموجبه يتلقّى الوحى و يبلغه الى الناس بامانةٍ و دقةٍ.

و بعبارة اُخرى؛ كانت مهمَّته صلى ‏الله‏ عليه‏ و‏آله تتمثّل فى صيانةِ الاسلامِ بشكلٍ كاملٍ و فى جميع أبعادِهِ و مجالاتِهِ.

ففى هذا الصَدَد كان يَتَمتّعُ بصلاحيّات خاصة و كان المسلمون مكلَّفين باطاعته، و امتثال أوامره.

فقد قال تعالى فى القرآن الكريم:﴿ النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ … ﴾ 3.

و قال سبحانه أيضاً:﴿ … أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ … ﴾ 4.

و قال تعالى كذلك:﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا … ﴾ 5.

ففى آياتٍ كهذه نجد أن اطاعةَ الرسول تساوى اطاعة الله تعالى.

ان أوامر النبىّ على نوعين:

النوع الأول: كان عبارة عن أحكامٍ و أوامرَ يتلقّاها عن طريق الوحى من قِبَل البارى عزوجل ثم يقوم بابلاغها الى الناس ، و كان المسلمون مكلَّفين بتقبيل تلك الاوامر و تنفيذِها على ان ذلك اطاعة لله سبحانه.

و النوع الثانى: كان عبارة عن أوامر و تعليمات رسول الله الخاصّة و التى كان يُصدِرُها بصفته قائداً و حاكماً.

و من هذه الناحية. و فى هذا القِسم، كان المسلمون مكلَّفين أيضاً من قِبَل الله بتنفيذ أوامره صلى ‏الله ‏عليه ‏و‏آله.

و على هذا فانَّ الحكومة التى تعنى ضرورة تنفيذ القوانين و المناهج السياسيّة و الاجتماعية للاسلام، كانت تمثّل منذُ البداية جزءً من الدين، حيث كان النبىُ الاكرمُ صلى ‏الله ‏عليه‏ و‏آله يتولّى بنفسه مسؤولية ذلك بشكلٍ عملىّ، و كان المسلمون يعملون جاهدين على توفير مقدماتها و عوامل تقويتها، و ترسيخها.

و بهذاه الطريقة كان الأمة و الامام معاً يجاهدان لاقامة الدين و تشييده، و الحفاظ على النظام الاسلامى و يؤديان بذلك واجبهما الذى حُدِّدَ لهما من قِبَل الله تعالى.

يقولُ اللهُ سبحانه فى القرآن الكريم:﴿ شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ ﴾ 6.

ان اقامة الدين واجبٌ جَماعى، فانَ رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و‏آله و أصحابه و انصارَه استطاعوا أن يوجدوا اُمة قويّة و متحدة و مستقلة بقيامهم باداء واجبهم هذا، و لقد تحقق ذلك الانتصار خلال فترة وجيزة تتلألأ على صفحات التاريخ البشرىّ.

ان الحكومة التى أسَّسّها النبىُ الاكرمُ و أصحابُه و أنصارَه كانت اسلاميّة مأةً بالمأة، فى جميع أبعادها و نواحيها، و كانت الأحكام و المناهج الاسلاميةُ تسودُ جميع أبعاد الحياة، كافة فقد كان اقتصادُهم و قضاؤُهم، و حربُهم، و سلمهم، و صحتهم، و علاجُهم، و تربيتهم و تعليمهم و تجارتهم و زراعتهم، كلها تدار على أساس المعايير الاسلامية، و وفقاً لتعاليم الدين الحنيف، و توجيهاته. فكانت بذلك أمةً اسلاميةً بكل معنى الكلمة.

و قد استمرّت الاُمةُ على هذاالمنوال بعد وفاة رسول الله، و استمرت حكومته الاسلامية لفترةٍ معينةٍ، فمنحت المسلمين النصر و العظمة، و القوةَ و العزةَ، ولكن و للأسف فقدت صبغتها الاسلاميةَ شيئاً فشيئاً، و تحوّلت بالتدريج الى حكوماتٍ غير ملتزمة بالاسلام.

لقد احتفظ المسلمون بجزءٍ من الاسلام، ولكنهم ضيّعوا القسم المهمَّ و الحيوىَّ منه أعنى الاحكامَ و المناهج السياسية و الاجتماعية حيث أصبحوا فى الواقع غير اسلاميّين!!

لقد كانت الحكوماتُ تسود المسلمين و تحكمهم ولكن لاعلى أساس القوانين و المناهج الاسلامية، بل طبقاً للمناهج غير الاسلامية و المقتبسة من الكفار و المستكبرين!!

و بسبب هذا الانحراف بدأت مرحلة انحطاط المسلمين، و ذلّتهم، و معاناتهم للمصائب و المحن، و فقدوا عظمتهم و شوكتهم و مجدهم و استقلالهم و ذلك لأنهم ضيّعوا حقيقة الاسلام و أهملوا واقعه فوقعوا تحت سيطرة اعداء الاسلام أذلاّء محتقرين و حدث ما يعرفه الجميع، و آل أمرهم الى مالا يخفى على أحدٍ قط.

ان السؤال المطروحَ الآن هو: هل ان احكام الاسلام و مناهجَه السياسية و الاجتماعية كانت تنحصر على عهد رسول الله المحدود، و تختصّ بالفترةٍ القصيرة لعهد الخلفاء، و هل ان هذا الأحكام فقدت قيمتها و اعتبارها فى هذا العصور التى تخلو من وجود النبى أو التى لا يتمكن فيها الناس من الامام المعصوم؟؟

هل كان على الناس فى عهد رسول الله و عصره خاصّة اقامة الدين الاسلامى بشكل كاملٍ و فى جميع أبعاده، و ليس على الناس بعد ذلك الاّ الاتيان بالصلاة و الصيام و مناسك الحج ليس غير؟؟!

و هل كان الجهاد و الدفاع و الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر و مقارعة الظلم و الاستكبار، و الدفاع عن المحرومين و المستضعفين و اجراء القضاء، و تنفيذ الحدود و التعزيرات وفقاً لقوانين الدين الحنيف خاصاً بعصر رسول الله و ليس على المسلمين واجبٌ تجاه كل ذلك فى هذه العصور و الازمنة؟؟

هل ان تأسيس الحكومة الاسلامية التى ينطوى منهجها على تنفيذ القوانين الاسلامية و احكام الشريعة تختص بزمن رسول الله، بحيث تكون الحكومات بعد ذلك حرةً فى اختيار برامجها، و مناهجها؟!

انّ اجابتكم و اجابة كلّ مسلمٍ عالمٍ و حصيفٍ هى: كلا. ان احكام‏الأسلام و مناهجه لم تكن قط مختصّة بزمن رسول الله، و لم تكن مقيدةً بل هى مطلقةٌ و خالدةٌ، لا محصورة بزمانٍ معينٍ انما هى دائمة، أبدّية.

انّ احكام الاسلام و مناهجه الحياتية البَنّاءة كما أنها استطاعت فى صدر الاسلام أن تصنع، امه‏اسلامية قويّه‏ومستقلة حَمَلت على عاتقها راية العظمة و العزة و الاستقلال و الحضارة ردحاًطويلاًمن‏الزمن ،قابلة للاجراء والتطبيق فى جميع العصور، و على جميع الاجيال البشرية، و قادرة على أن تكفل للجميع السعادة أبداً و دائماً.

و على هذا الأساس فان الاوضاعَ الفعليّة للعالَم الاسلامى، و مشاكله الاجتماعية ناشئة من اعراضهم عن الاسلام، و القرآن، و من الطبيعى ان الحلّ الوحيد لجميع هذه المشاكل يكمن فى الرجوع الى الاسلامِ الكامل الاصيل، و اعادة الحياة الى حكومة رسول الله الاسلامية، و ليس أمامنا مِن طريق سوى هذا الطريق، و لا مِن سبيلٍ الاّ هذا السبيل.

و الآن ينطرح سؤال آخر هو: من المسؤولُ عن احياءالاسلام، و على عاتق أى فردٍ أو افرادٍ تقع مسؤوليّة تأسيس الحكومةٍ الاسلاميةِ، و اقامة الدين، و تنفيذ القوانين و المناهج الاسلاميّة بصورةٍ كاملةٍ بحيث يكونون مؤاخذين عند الله سبحانه اذا تركوا هذه المسؤولية الحياتية الكبرى؟؟

يمكنكم أن تجدوا الاجابة على هذا السؤال فى القرآن الكريم أيضاً. فان القرآن يعتبر اقامة الدين مسؤولية جماعيّة، و يُعدّها من وظائف المسلمين قاطبة اذ يقول:﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ … ﴾ 6

انكم تلاحظون فى هذه الآيه كيف أن اقامة الدين جعلت كفريضةٍ الهيّةٍ على عاتق جميع المسملين، و هو أمرٌ تؤكّدهُ الأحكام الاجتماعية و السياسية الاسلامية، حيث وُجِّهت الخطابات بها ـ فى الاغلب ـ الى عامّة المسلمين، و اُلفِت نظركم الى نماذج منها هنا:

قال تعالى فى القرآن الكريم:﴿ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ … ﴾ 7.

و قال كذلك:﴿ انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ … ﴾ 8.

و قال ايضاً:﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا … ﴾ 9.

و قال:﴿ … فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ﴾ 10.

و قال:﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ … ﴾ 11.

و قال:﴿ … فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ … ﴾ 12.

و قال أيضاً:﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ … ﴾ 13.

و قال سبحانه:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا ﴾ 14.

و قال أيضاً:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ … ﴾ 15.

و قال:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ … ﴾ 16.

و قال:﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ … ﴾ 17.

و قال:﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ 18.

و قال:﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ … ﴾ 19.

ان الخطاب ـ كما تلاحظون فى هذا الآيات و فى نظائرها ـ موجَّه الى عامة المسلمين و كافّتهم، حيث القيت على عواتقهم واجبات هى من صلاحيات الحكومة الاسلامية و وظائفها.

فعلى سبيل المثال نجد فى الآيات المذكورة كيف أنّ الجهاد و مقارعة الأعداء و الاجتناب عن عقد الصداقة و المودة مع الكفار و المشركين و اليهود و النصارى، و التهيّؤ للقتال، و تهيئة الامكانيات العسكرية لمواجهة الأعداء، و اقامة العدل و القسط الشاملين، و دعوة الشعوب الى عمل الخير، و الاحسان، و الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر و اجراء القوانين الآلهيّة، كلُ ذلك برمته القى على عاتق المسلمين، و جعلت مسؤوليتها فى أعناقهم كافة.

و من الواضح لكم جميعاً أن المسلمين كأفرادٍ لا يستطيعون بمفردهم القيام بهذه الأمور السياسية و الاجتماعية المهمة فهى خارجة عن طاقة الافراد، و محتاجة الى أجهزة ادارية واسعة هى (الحكومة الاسلامية).

و حيث أن هذه الأمور طولب المسلمون بها جميعاً، فانّه يتبيّن من ذلك أن عامة المسلمين مكلَّفون بتوفير المقدَّمات اللازمة و المناسبة لتنفيذ هذه القوانين و المناهج الاسلامية السياسية والاجتماعية ألا و هو تأسيس‏الحكومه‏الاسلامية و تقويه‏دعائمها،والسعى‏الى‏حمايتها و صيانتها.

و بعبارة اخرى؛ ان اقامة الدين فى جميع الابعاد وظيفةٌ جعلت فى أعناق المسلمين، و وضعت على كواهلهم، فاذا كان النبى او الامام المعصوم حاضراً بينهم وجب أن يذعنوا لقيادته، و يجتهدوا فى تقوية أمره، و شدّ أزره، و تثبيت سلطته حتى يطبّق الأحكام الآلهيّة، و ينفّذها.

و اذا لم يتمكنوا من القائد المعصوم، فانّ عليهم أن يختاروا للقيادة فقيهاً تقيّاً عارفاً بالاسلام عالماً بالسياسة و شؤونها، و يعملوا على تقوية أمره و تمكينه، و دعم سلطته، ليحكم الناس فى اطار القوانين الشرعية، و  يطبّق القوانين و المناهج الاسلامية فى حياتهم بصورةٍ كاملةٍ و أمينة.

و اذا أدّى المسلمون هذه الوظيفة المهمة الكبرى، و قاموا بهذه ألمسؤولية الاسلامية المصيريّة، استطاعوا ان‏يعيشوا فى‏العالم الراهن كامة اسلامية مستقلة و عزيزةٍ،ونالوا الثواب الاخروى أيضاً.

و أما اذا تقاعسوا عن هذا الأمر و قصَّروا فى القيام بهذه المسؤولية المهمّة، فقدوا صبغتهم.

الاسلاميّة الكاملة، و فسحوا المجال لسيطرة أعداء الاسلام و تسلّطهم، و سلبوا شرفهم و عزتهم و قوّتهم الاسلامية، و سئلوا و عوقبوا فى العالم الآخر أيضاً.

انّ مصير امّة كهذه لن يكونَ سوى الذلة و الصغار، فى الدنيا، و العقاب الشديد فى الاُخرى و ما ذلك الاّ لأنها قصّرت فى أداء واجبها و تقاعست عن وظيفتها الاسلامية.

وضع البلاد الاسلامية المؤسف و واجب المسلمين

ان الجيمع يعلم بالوضع المؤسف الذى تعانى منه البلاد الاسلامية، فالاُمةُ الاسلاميةُ الكبرى و الواحدة تمزّقت، و تحولّت الى بلادٍ و دويلاتٍ صغيرةٍ و ضعيفةٍ.

و فى كل بلد من هذه البلاد طواغيت من الذين باعوا أنفسهم للاجانب، و هم لا يعتقدون بالاسلام، يحكمون الناس.

لقد تركوا الأحكام و القوانين و المناهج الاسلامية الحيوية، و هم يحكمون الناس بالقوانين و المناهج الطاغوتية، المخالفة للاسلام و المستوردة من طواغيت الشرق او الغرب، و هم الى جانب ذلك يصفون أنفسهم بالاسلام، و بانهم خدّام الشعوب، و هم ليسوا الاّ عملاء مُرتَزقة لأوامرهم و توجيهاتهم، و فى الحقيقة يحكم أعداء الاسلام بلاد المسلمين من خلال هؤلاء المرتزقة العملاء.

لقد سيطر أعداء الاسلام بواسطة هؤلاء العملاء الذين باعوا انفسهم، على جميع ثروات المسلمين و سيطروا على ثقافتهم، و اقتصادهم، و صناعتهم، و تجارتهم، و زراعتهم، و شؤونهم العسكرية، بل و كل شى‏ء، و خطَّطوا لهم البرامج، و الخُططَ، و قرّروا لهم و تدخلوا حتى فى شؤونهم الدينية، و هم يعملون ضمن تخطيط دقيق و مؤامرة خطيرة جداً على محو الاسلام و ابادته، و لا يعلم أحَدٌ ـ الاّ الله ـ ما ذا سيكونُ مصيرُ الاسلام و المسلمين فى السنوات المأة القادمة؟

لقد فرّقوا بين البلاد الاسلامية و ألقَوا بينها البغضاء، و زرعوا سوء الظن، بينما تودَّدوا الى بعضها، و تظاهروا بالنصح و الاخلاص لها.

انكم أيها الاخوة تشاهدون جميعاً هذه الحالة المؤسفة و هذا الوضع المأساوىّ للعالم الاسلامى بل و تعانون منه أشد المعاناة، و تنشدون حلولاً جدّية لها.

و السؤالُ المطروحُ هنا هو: لما ذا فقدنا مجدنا التليد و عظمتنا القديمة، و قدرتنا العريقة، و لما ذا آل أمرنا الى هذه النقطة المؤسفة؟ و من هو المسؤول عن هذا الوضع المؤلم؟

فى نظرى ان الجواب على هذا السؤال واضحٌ و بيّنٌ، فنحن أنفسنا مسؤولون عن هذا الوضع. لقد كان علينا أن ندافع عن الاسلام فلم نفعل.

كان علينا أن نأمر بالمعروف و ننهى عن المنكر فلم نفعلّ.

كان علينا أن نقارع الطواغيت الغاصبين للحكومة الاسلامية فلم نقارع.

كان علينا أن نقيم الدين و نعمل على الحفاظ على الحكومة الاسلامية النبوية فلم نفعل.

كان علينا أن نهيّى‏ء المقدمات اللازمة لتنفيذ الأحكام الآلهية تنفيذاً كاملاً فلم نهيّى.

كان علينا أن ندافع عن المحرومين و المستضعفين فلم ندافع.

كان علينا أن نجاهد الظالمين و المستكبرين فلم نجاهد.

و باختصار؛ كان علينا أن نعرف حقيقة الاسلام، و نكون مسلمين واقعيّين فلم نفعل.

و حيث أننا تركنا الاسلام سيطر علينا الطواغيت و الظالمون.

و حيث أنّنا رجّحنا الحياة الذليلة الرخيصة على الجهاد و الشهادة، و الحرّية تسلّط علينا أعداء الاسلام.

و ان ألفت نظركم الى نماذج من الأحاديث فى هذا المجال:

قال أبو هريرة: سمعت رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و‏آله يقول لثوبان: كيف بك يا ثوبان اذا تداعت عليكم الاُمم كتداعيكم على قصعة الطعام تصيبون منه؟

قال ثوبان: بأبى أنت و اُمّى يا رسول الله مِن قلّهٍ بنا؟

قال: لا، أنتم يومئذ كثيرٌ، لكن يلقى فى قلوبكم الوهن.

قالوا: و ما الوَهنُ يا رسول الله؟

قال: حبكم للدنيا، و كراهيتكم القتال20.

و قال معاذبن جبل قال رسول الله صلى ‏الله‏ عليه ‏و‏آله: «أنتم على بيّنة من ربكم ما لم تظهر فيكم سكرتان: سكرة الجهل، و سكرة حب العيش و انتم تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر و تجاهدون فى سبيل الله، فاذا ظهر فيكم حبّ الدنيا فلا تأمرون بالمعروف و لا تنهون عن المنكر و لا تجاهدون فى سبيل الله، القائلون يومئذ بالكتاب و السنة كالسابقين الأولين من المهاجرين و الانصار»21.

و عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى ‏الله‏ عليه ‏و‏آله: «لتأمرنّ بالمعروف و لتنهنّ عن المنكر أو ليسلَّطنَّ عليكم شراركم ثمّ يدعو خياركم فلا يستجاب لهم»22.

معاذبن جبل عن رسول الله صلى ‏الله‏ عليه ‏و‏آله انه قال: «ألا انه سيكون عليكم امراء يقضون لانفسهم ما لا يقضون لكم، فاذا عصيتموهم قتلواكم، و ان اطعمتوهم اضلوكم.

قالوا: يارسول الله كيف نصنع؟

قال كما صنع أصحاب عيسى بن مريم نشروا بالمناشير، وحملوا على الخشب موت فى طاعة الله خير من حياة فى معصية الله23.

عن أبى سلامة: ان النبى صلى ‏الله ‏عليه ‏و‏آله قال: «سيكون عليكم أئمة يملكون ارزاقكم، يحدثونكم فيكذبون، و يعملون و يسيئون العمل، لا يرضون منكم حتى تحسّنوا قبيحهم، و تصدّقوا كذبهم فاعطوهم الحق  ما رضوا به، فاذا تجاوزوا فمن قتل على ذلك فهو شهيد»23.

ابو سعيد الخدرى قال قال رسول الله صلى ‏الله ‏عليه‏ و‏آله: «افضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر»24.

ابن عمر عن النبى انه قال: «على المرء السمع و الطاعة فيما احب وكره، الا ان يؤمر بمعصية فان اُمِر بمعصية  فلا سمع و لا طاعة»25

قال النبى صلى ‏الله ‏عليه ‏و‏آله: «لا تزال امتى بخيرٍ ما امروا بالمعروف و نهوا عن المنكر، و تعاونوا على البر فاذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات، و سلط بعضهم على بعض و لم يكن لهم ناصرٌ فى الارض و لا فى السماء»26.

قال النبىُ صلى ‏الله‏ عليه ‏و‏آله: «ان الله يبغض المؤمن الضعيف الذى لا دين له.

فقيل: و ما المؤمن الضعيف الذى لا دين له؟

قال: الذى لا ينهى عن المنكر27.

قال اميرالمؤمنين عليه‏السلام «اذا حضرت بليةٌ فاجعلوا اموالكم دون انفسكم، و اذا نزلت نازلة فاجعلوا انفسكم دون دينكم و اعلموا أن الهالك من هلك دينه الا و انّه  لا فقر بعد الجنة، الا و انه لا غنى بعد النار، لا يُفك اسيرها و لا يبرأ ضريرها»28.

قال رسول الله صلى ‏الله ‏عليه ‏و‏آله: «من أرضى سلطاناً جائراً بسخط الله خرج عن دين الله»29.

ان هذه الأحاديث ـ كما تلاحظون ـ كما تعكس دائنا، تبين علاجها ايضاً.

ان داءنا يكمن فى أننا ضَيّعنا القيم الاسلاميّة الاصيلة، كالجهاد و الدفاع عن الاسلام و القرآن، و اقامة الدين و الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر و مقارعة الظالمين و الطغاة.

و أما علاج هذه الأدواء و المشاكل فيكمن فى العودة الى قيم الاسلام الاصيلة، و احياء الحكومة المحمدية. و انّ من الطبيعى و البديهى أن هذا العمل لا يكون سهلاً، و هيناً، و خالياً من الاخطار، انه و لا ريب يقترن بالسجن و التعذيب و النفى و الحرمان و الشهادة، الا أنه لا سبيل أمام المسلمين غير هذا، و هذه مسؤوليةٌ ملقاة على عاتق المسلمين، و شأن مطلوب منهم.

مسؤولية علماء الدين و الفقهاء

أجل، ان الدفاع عن الدين مسؤلية جماعية الا أن لفقهاء الدين و علمائه دوراً اكبر.

انهم ورثة الرسول، و قد تقبّلوا رسمياً مسؤوليّة الدفاع عن الدين ان عليهم معرفة الاسلام بشكلٍ حسنٍ و ابلاغ قيمه، و توجيهاته الأصيلة الى الناس.

ان علماء الدين ما هم الا لمعرفة خُطَط الاعداء و مشاريعهم الخطيرة، و مؤامراتهم الهدامة، و السعى فى ايقاظ الرأى العام، و بذل الجهود فى هذا السبيل.

انهم موجودون فى الساحة لفضح أعداء الاسلام، و الضرب على أيدى الحكام العملاء و الخونة و الكشف عن مؤامراتهم و خياناتهم.

انهم موجودون فى الساحة لتعبئة المسلمين فى سبيل الدفاع عن القرآن، و اقامة الدين، و تطبيق قوانين الاسلام، و مناهجه بصورةٍ كاملةٍ، و ها نحن نلفت نظركم الى الأحاديث التالية:

قال على بن أبى طالب: «أما و الذى فَلَق الحبّة و برأ النسمة لو لا حضور الحاضر و قيام الحجة بوجود الناصر. و ما اخذالله على العلماء ان لا يقارّوا على كظة ظالم و لا سغب مظلوم لا لقيت حبلها على غاربها»30.

و قال الامام السبط الحسين بن على عليه‏السلام: «من رأى منكم سلطانا جائراً مستحلاً لحرم الله، ناكثاً لعهدالله، مخالفاً لسنة رسول الله يعمل فى عباد الله بالاثم و العدوان فلم يغيّر عليه بفعل و لا قول كان حقاً على الله أن يدخله مدخله»31.

و قال السبط الشهيد الحسين بن على عليه‏السلام ايضاً: «ذلك بأن مجارى الأمور و الأحكام على أيدى العلماء بالله، الامناء على حلاله و حرامه، فانتم المسلوبون تلك المنزلة، و ما سلبتم ذلك الاّ بتفرقكم عن الحق، و اختلافكم فى السنة بعد البينة الواضحة  و لو  صبرتم على الأذى و تحمّلتم المؤونة فى ذات الله كانت أمور الله عليكم ترد، و اليكم ترجع، و لكنكم مكّنتم الظلمة من منزلتكم و اسلمتم أمور الله فى أيديهم يعملون بالشبهات و يسيرون فى الشهوات، سلّطهم على ذلك فراركم من الموت، و اعجابكم بالحياة التى هى مفارقتكم فاسلمتم الضعفاء فى أيديهم، فمن بين مستعبد مقهور، و

بين مستضعف على معيشتهم مغلوبٍ، يتقلبون فى الملك بآرائهم و يستشعرون الخزى بأهوائهم اقتداء بالاشرار، و جرأة على الجبار»32.

نعم ان الدفاع عن الدين هو اكبر و أدق مسؤوليةٍ ملقاةٍ على كواهل الفقهاء و علماء الدين، فيا علماء الدين و يا حملة القرآن لماذا لاتدافعون عن الاسلام و القرآن؟

هل أنتم على علمٍ بمؤامرات اعداء الاسلام و خُططهم الشريره الخطيرة؟

ان هؤلاء، ومنذ أمد بعيد، يعتبرون الاسلام أكبر خطر على مصالحهم، و اكبر مانع امام مطامعهم، ولذلك ‏فهم‏ يخططون ‏لابادته، ومحوه ‏يعنى ‏لا يريدون ‏محو اسمه ‏بل ‏يريدون‏ محو قيمه ‏الاصيلة.

انهم لا يكرهون بأن تتسَّموا بالاسلام فهم لا يخالفون التسمية و لا يخافونها انما هم يريدون ان لا تتقيّدوا بالثقافه الاسلامية الأصيلة، و لا تلتزموا بقيم الدين الحيوية، انهم يريدون ان لا تكونوا مسلمين عمليّين . فهل انتم تشكّون  فى أن الاحكام و البرامج الاسلامية السياسيّة منها و الاجتماعية مهملةٌ اليوم بصورةٍ كاملةٍ، و أنَ الحكام فى البلاد الاسلامية لا يرجعون اليها و لا يستفيدون منها فى ادارة البلاد و سياسة العباد انما يديرون شؤون المسلمين بالقوانين و المناهج الطاغوتية التى أخذوها من الغرب او الشرق.

ألا ترون كيف حَلّت الثقافة الشرقية أو الغربية الوافدة محل الثقافة الاسلامية الحيوية الغنيه فى البلاد الاسلامية؟!

ألا تشاهدون بأم أعينكم مظاهر بارزة من مناوئة الاسلام و معاداته و مضايقتة فى البلاد الافريقية و فى أندونيسيا و البلاد الاسلامية الاُخرى و ألا تشعرون بالخطر، الآن؟؟

ياعلماء الاسلام‏الملتزمين لماذا لاتنهضون لما ذا لا تبيّنون القيم الاسلامية الأصيلة للناس؟

لما ذا لا تكشفون ـ بكل صراحة ـ عن خُطط أعداء الاسلام المشؤومة، و من يسير فى طريقهم من العلماء المرتزقة الذين لا دين لهم؟!

لما ذا لا تشرحون لهم أهمَّ مسؤولية المسلم أى وجوب الدفاع عن الاسلام؟!

يا حماة القرآن لما ذا لا تنهضون بأنفسكم للدفاع عن الدين، و احباط خطط الاعداء؟

يا ورثة الانبياء؛ أكان نبى الاسلام يكتفى بمجرد سرد القضايا، و اداء الصلاة، حتى تفعلوا مثل ذلك و تقنعوا به اقتداء به!؟!

ألم يكن النبى الاكرم يدعوا الناس الى الجهاد و الدفاع؟

ألم يكن يساهم بنفسه فى ميادين الجهاد و القتال؟

يا حماة الاسلام ان اعداء الاسلام سلبوا منكم البلد الاسلامى فلسطين، و المسجد الاقصى اولى القبلتين،واعتدوا على‏البلد الاسلامى العراق، و مع كل هذا ألا تشعرون بالخطر؟!

يا قادة الامة الاسلامية لماذا لا تمسكون بزمام قيادتكم بايديكم؟ لماذا لا تدعون الناس الى الجهاد و الانتفاضة؟

لما ذا تشعرون باليأس و العجز؟!!

ان من حسن الحظ أنَ حياةً جديدةً قد دبّ فى جسد الاسلام بعد انتصار الثورة الاسلامية فى ايران، فاستفاقت العقول من رقدتها، و تحول اليأس و الجمود الى أمل و حركة.

لقد ارتفع نداء الاسلام من كل حدب وصوب فى العالم الاسلامى العريض، و عادت الروح الى الحركات الاسلامية، و لهذا شعر أعداء الاسلام بالخطر، فاتحد الغرب و الشرق و استنجدا بحكّام البلاد الاسلامية العملاء الخونة لاطفاء جذوة الثورة الاسلامية فى ايران و اخماد ضوئها، و اسكات صوتها، كيلا يتسرب الى جميع البلاد الاسلامية فيحرق الارض تحت أقدام المستعمرين، و يزلزل عروش المرتزقة من عملائهم المتسلطين على المسلمين.

يا علماء الدين و يا ورثة الأنبياء ان الاسلام اليوم فى وضع حسّاس جداً، فانهضوا و هُبّوا جميعاً و ادعوا المسلمين كافة الى انتفاضة جماعية شاملة، و تزعَّموا الحركة الاسلامية، و اسرعوا فى هذاالأمر.

أشغلوا المستعمرين و اعداء الاسلام فى كل مكانٍ، و لا تتركوا لهم الفرصة لقمع الثورة الاسلامية فى ‏ايران‏ براحة بال، واردعوا الحكام فى ‏البلاد الاسلامية من ‏التعاون ‏مع ‏اعداء الاسلام.

انتبهوا الى هذه النقطة المهمة جداً، اذ لو استطاع أعداء الاسلام ـ لا قدّر الله ـ من قمع الثورة الاسلامية العظيمة فى ايران و اخماد ضوئها و صوتها، لتوجَّهت الى الحركات الاسلامية فى جميع أرجاء الوطن الاسلامى ضربة قاسية و لربما قاضية، و لتوقفت الحركة لسنواتٍ عديدةٍ و مديدةٍ.

يا حماة الاسلام و القرآن ان أدواءنا و علاجها واضحة وضوح الشمس.

ان اُمّ هذه الادواء ليس الا اعراضنا عن القيم الاسلامية الحيوية و الأصيلة، و ان الدواء يكمن فى العودة الى حقيقة الاسلام و الى احياء القيم الاسلامية المنسيَّة و المتروكة.

انّ التضحية و الجهاد و الجدّ و السعى ضرورة لابد منها، و ان اجراء المناقشات و المشاركة فى الاجتماعات، و استعراض الآلام و الأوجاع، و المشاكل و الأدواء لأيغنينا عن الجهاد و التضحية.

و على أمل أن يتحمل علماء الاسلام و فقهاؤه ذات يوم المسؤولية و يتسلّموا زمام القيادة بأنفسهم، و يبادروا الى دعوة المسلمين الى الانتفاضة و الجهاد، و مقارعة الكفر و الاستكبار،والسلام عليكم وعلى عباداللّه الصالحين33.

  • 1. القران الكريم: سورة الأنفال (8)، الآية: 65، الصفحة: 185.
  • 2. القران الكريم: سورة التوبة (9)، الآية: 73، الصفحة: 199.
  • 3. القران الكريم: سورة الأحزاب (33)، الآية: 6، الصفحة: 418.
  • 4. القران الكريم: سورة النساء (4)، الآية: 59، الصفحة: 87.
  • 5. القران الكريم: سورة الأنفال (8)، الآية: 46، الصفحة: 183.
  • 6. القران الكريم: سورة الشورى (42)، الآية: 13، الصفحة: 484.
  • 7. القران الكريم: سورة الحج (22)، الآية: 78، الصفحة: 341.
  • 8. القران الكريم: سورة التوبة (9)، الآية: 41، الصفحة: 194.
  • 9. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 190، الصفحة: 29.
  • 10. القران الكريم: سورة النساء (4)، الآية: 76، الصفحة: 90.
  • 11. القران الكريم: سورة الأنفال (8)، الآية: 39، الصفحة: 181.
  • 12. القران الكريم: سورة التوبة (9)، الآية: 12، الصفحة: 188.
  • 13. القران الكريم: سورة الأنفال (8)، الآية: 60، الصفحة: 184.
  • 14. القران الكريم: سورة النساء (4)، الآية: 144، الصفحة: 101.
  • 15. القران الكريم: سورة المائدة (5)، الآية: 51، الصفحة: 117.
  • 16. القران الكريم: سورة النساء (4)، الآية: 135، الصفحة: 100.
  • 17. القران الكريم: سورة آل عمران (3)، الآية: 104، الصفحة: 63.
  • 18. القران الكريم: سورة المائدة (5)، الآية: 38، الصفحة: 114.
  • 19. القران الكريم: سورة النور (24)، الآية: 2، الصفحة: 350.
  • 20. مجمع الزوائد، المجلد7، ص287.
  • 21. مجمع الزوائد، المجد7ز ص270.
  • 22. مجمع الزوائد، المجلد7، ص266.
  • 23. مجمع الزوائد، المجلد5، ص228.
  • 24. سنن ابن ماجد، المجلد2، ص1329.
  • 25. صحيح مسلم، المجلد3، ص1469.
  • 26. الوسائل، المجلد11، ص398.
  • 27. الوسائل، المجلد11، ص397.
  • 28. الوسائل، المجلد11، ص451.
  • 29. وسائل الشيعه، ج11، ص421.
  • 30. نهج البلاغه، الخطبة3.
  • 31. تحف العقول، ص242.
  • 32. الكامل فى التاريخ، المجلد4، ص48.
  • 33. المقالة في الموقع الرسمي لسماحة آية الله ابراهيم الأميني
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى