حرص الاِسلام على العناية بالطفل ، والحفاظ على صحته البدنية والنفسية قبل ان يُولد بإعداد الاطار الذي يتحرك فيه ، وتهيئة العوامل اللازمة التي تقي الطفل من كثير من عوامل الضعف الجسدي والنفسي ، ابتداءً من انتقاء الزوج أو الزوجة ومروراً بالمحيط الاَول للطفل وهو رحم الام ، الذي يلعب دوراً كبيراً ومؤثراً على مستقبل الطفل وحركته في الحياة، وتتحدد معالم هذه المرحلة بما يأتي :
أولاً : مرحلة ما قبل الاقتران
أثبت الواقع الاجتماعي والواقع العلمي بدراساته المستفيضة الاَثر الحاسم للوراثة والمحيط الاجتماعي في تكوين الطفل ونشوئه ، وانعكاسات الوراثة والمحيط عليه في جميع جوانبه الجسدية والنفسية 1 فأغلب الصفات تنتقل من الاَباء والامهات والاجداد ا الابناء ، كالذكاء والاضطراب السلوكي وانفصام الشخصية والامراض العقلية والانضباط الذاتي ، وصفات التسامح والمرونة ، فيكونون وسطاً مساعداً للانتقال أو يكون في الابناء الاستعداد للاتصاف بها ، إضافة إلى انعكاس العادات والتقاليد على الابناء ، نتيجة لتكرر الاعمال 2 ومن أكدّ الاِسلام على الزواج الانتقائي ، أي بانتقاء الزوجين من اسرة صالحة وبيئة صالحة .
1 ـ انتقاء الزوجة
راعى الاِسلام في تعليماته لاختيار الزوجة الجانبين ، الوراثي الذي انحدرت منه المرأة ، والجانب الاجتماعي الذي عاشته وانعكاسه على سلوكها وسيرتها ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «اختاروا لنطفكم فان الخال أحد الضجيعين» 3 .
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : «تخيّروا لنطفكم فان العِرقَ دسّاس» 4.
فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم يؤكد على اختيار الزوجة من الاسر التي تحمل الصفات النبيلة ، لتأثير الوراثة على تكوين المرأة وعلى تكوين الطفل الذي تلده ، وكانت سيرته قائمة على هذا الاساس ، فاختار خديجة عليها السلام فأنجبت له أفضل النساء فاطمة عليها السلام ، وتبعه في السيرة هذه أهل البيت عليهم السلام فاختاروا زوجاتهم من الاُسر الكريمة وإلى جانب الانتقاء على أُسس الوراثة ، أكدّ الاسلام على انتقاء الزوجة من المحيط الاجتماعي الصالح الذي أكسبها الصلاح وحسن السلوك ، فحذّر من المحيط غير الصالح الذي تعيشه ، فحذّر من الزواج من الحسناء المترعرعة في منبت السوء فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «إياكم وخضراء الدمن.. المرأة الحسناء في منبت السوء» 5.
وحذّر الامام الصادق عليه السلام من المرأة الزانية قال : «لا تتزوجوا المرأة المستعلنة بالزنا» 6 والسبب في ذلك أنّها تخلق في ابنائها الاستعداد لهذا العمل الطالح .
وحذّر الامام الباقر عليه السلام من الزواج من المرأة المجنونة خوفاً من انتقال الصفات منها إلى الطفل ، فسئل عن ذلك فقال : «لا ، ولكن ان كانت عنده أمة مجنونة فلا بأس بأن يطأها ولا يطلب ولده» 7.
وحذّر الاِمام علي عليه السلام من تزوّج الحمقاء لانتقال هذهِ الصفة إلى الطفل، ولعدم قدرتها على تربية الطفل تربية سويّة فقال : «إياكم وتزويج الحمقاء فانّ صحبتها بلاء وولدها ضياع» 8.
وأكدّت الروايات على ان يكون التدّين مقياساً لاختيار الزوجة ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يشجع على ذلك ، فقد أتاه رجل يستأمره في الزواج فقال صلى الله عليه وآله وسلم : «عليك بذات الدين تربت يداك» 9.
وقدّم الاِمام الصادق عليه السلام اختيار التدّين على المال والجمال فقال : «اذا تزوّج الرجل المرأة لجمالها أو مالها وكّل إلى ذلك ، واذا تزوجها لدينها رزقه الله الجمال والمال» 10.
فالمرأة المنحدرة من سلالة صالحة ومن أسرة صالحة ، وكان التدّين صفة ملازمة لها ، فانّ سير الحركة التربوية يتقدّم أشواطاً إلى الاِمام ، وتكون تربيتها للاطفال منسجمة مع القواعد التي وضعها الاسلام في شؤون التربية ، فيكون المنهج التربوي المتبع متفقاً عليه من قبل الزوجين، لا تناقض فيه ولا تضّاد ، وتكون الزوجة حريصة على إنجاح العملية التربوية وتعتبرها تكليفاً شرعياً قبل كل شيء ، هذا التكليف يجنبها عن أي ممارسة سلبية مؤثرة على النمو العاطفي والنفسي للاطفال.
2 ـ انتقاء الزوج
للاَب الدور الأكبر في تنشئة الاطفال وإعدادهم نفسياً وروحياً ، ولذا أكدّ الاِسلام في أول المراحل على اختياره طبقاً للموازين الإسلامية التي يراعى فيها الوراثة والمحيط الذي ترعرع فيه وما يتصف به من صفات نبيلة وصالحة ، لانه القدوة الذي يقتدي به الأطفال وتنعكس صفاته وأخلاقه عليهم ، اضافة إلى اكتساب الزوجة (الام) بعض صفاته واخلاقه من خلال المعايشة المستمرة . وقد أكد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على اختيار الزوج الكفؤ وعرفّه بقوله صلى الله عليه وآله وسلم : «الكفؤ أن يكون عفيفاً وعنده يسار» 11. والكفؤ هو الذي ينحدر من سلالة صالحة وذو دين وخُلق سامٍ .
وحذّر الاِمام الصادق عليه السلام من تزويج الرجل المريض نفسياً فقال : «تزّوجوا في الشكاك ولا تزوّجوهم ، لان المرأة تأخذ من أدب زوجها ويقهرها على دينه» 12.
وجعل الاِسلام التدّين مقياساً في اختيار الزوج ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «اذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوّجوه» 13.
وحرّم الاِسلام كما هو مشهور من تزويج غير المسلم حفاظاً على سلامة الاطفال وسلامة العائلة من جميع جوانب السلامة ، في العقيدة وفي السلوك وفي الظواهر الروحية والنفسية لتأثر الزوجة والاطفال بمفاهيم الزوج وسلوكه في الحياة.
ونهى الاِسلام عن تزويج غير المتدّين والمنحرف في سلوكه عن المنهج الاسلامي في الحياة ، لتحصين العائلة والاطفال من الانحراف السلوكي والنفسي ، فنهى الاِمام الصادق عليه السلام عن تزويج الرجل المستعلن بالزنا حيثُ قال عليه السلام : «لا تتزوجوا المرأة المستعلنة بالزنا ، ولا تزوجوا الرجل المستعلن بالزنا إلاّ أن تعرفوا منهما التوبة» 14.
وحذّر الاِمام الصادق عليه السلام من تزويج شارب الخمر فقال : «من زوّج كريمته من شارب خمر فقد قطع رحمه» 15.
فالمنحرف يؤثر سلبياً على سلامة الاطفال السلوكية ، لانعكاس سلوكه عليهم وعدم حرصه على تربيتهم ، اضافة إلى المشاكل التي يخلقها مع الزوجة التي تساعد على اشاعة الاضطراب والقلق النفسي في اجواء العائلة ، وجعل الحياة العائلية بعيدة عن الاطمئنان والاستقرار والهدوء الذي يحتاجه الاطفال في نموّهم الجسدي والنفسي والروحي .
وقد كانت سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسيرة أهل البيت عليهم السلام قائمة على أساس اختيار الاكفاء لابنائهم وبناتهم ، فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يزوّج فاطمة لكبار الصحابة ، وكان جوابه لهم انه ينتظر بها نزول القضاء 16 ثم زوجها بأمر من الله تعالى إلى عليّ بن أبي طالب 17.
وشجّع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم احدى المسلمات وهي الذلفاء المعروفة بانتسابها إلى أُسرة عريقة ، والمتصفة بالجمال الفائق من الاقتران بأحد المسلمين وهو جويبر الذي لا يملك مالاً ولا جمالاً إلاّ التدّين 18.
3 ـ العلاقة قبل الحمل وتكوين الطفل
بعد عملية الاختيار الزوج على أسس وموازين إسلامية نبيلة ، يستمر الاِسلام في التدرج مع الطفل خطوة خطوة ، ويضع لكلِّ خطوة واقعة في طريق تكوين الطفل ونشوئه أسساً وقواعد واقعية لينشأ نشأة سليمة ، وما على الزوجين إلاّ العمل على ضوئها .
قال سبحانه وتعالى : ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً … ﴾ 19 .
فجعل العلاقة بين الزوجين علاقة مودّة وحب ، وتبادل العواطف النبيلة والاحاسيس المرهفة ، ومن أجل إدامة هذه العلاقة دعا الاِسلام إلى ربط الزوجين بالقيم والموازين التي حدّدها المنهج الربّاني في الحياة ، ففي أول خطوات العلاقة والاتصال بين الزوج والزوجة وهي ليلة الزفاف ، أمر الاِسلام بالتقيد بالقيم الربّانية ، لكي لا تكون العلاقة علاقة بهيمية جسدية فقط ، وأول هذه القيم هي استحباب الصلاة ركعتين لكلِّ منهما ، وحمد الله تعالى والثناء عليه والصلاة على رسول الله وآله ، ثم الدعاء بإدامة الحب والودّ : (اللّهم ارزقني إلفها وودّها ورضاها بي وأرضني بها واجمع بيننا بأحسن اجتماع وأيسر ائتلاف فانك تحب الحلال وتكره الحرام) 20.
والالتزام بذلك يخلق جواً من الاطمئنان والاستقرار والهدوء في أول خطوات اللقاء ، ولا يبقى لقلق الزوجة واضطرابها مجالاً ، فتكون ليلة الزفاف ليلة أنس وحب وودّ .
ويستمر الدعاء عند الخطوة الثانية وهي مرحلة المباشرة ، فيستحب أن يقول : (اللّهم ارزقني ولداً واجعله تقياً ذكياً ليس في خلقه زيادة ولا نقصان واجعل عاقبته إلى خير) ، وأفضل الذكر في أول المباشرة ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ ﴾ 21 22.
ثانياً : مرحلة الحمل
1 ـ انعقاد الجنين
من أجل سلامة الجنين الجسدية والنفسية وضع الاِسلام برنامجاً سهلاً يسيراً لا كلفة فيه ولا عسر ولا شدّة .
فقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمنع الزوجة في اسبوعها الاَول من (الاَلبان والخلّ والكزبرة والتفاح الحامض) ، لتأثير هذه المواد على تأخر الانجاب واضطرابه وعسر الولادة ، والاصابة ببعض الامراض 22 التي تؤثر سلبياً على الحمل وعلى الوليد .
كما حذّر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل البيت عليهم السلام من المباشرة في أوقات معينة ، وهذا التحذير لا يصل مرتبة الحرمة ، ولكن فيه كراهة ؛ لانعكاساته السلبية على سلامة الجنين وصحته الجسدية والنفسية ، ومن هذه الاوقات : ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، ومن مغيب الشمس إلى مغيب الشفق ، وبعد الظهر مباشرة ، وفي أول الشهر و وسطه وآخره ، وفي الاوقات التي ينخسف فيها القمر ، وتنكسف فيها الشمس ، وفي أوقات الريح السوداء والحمراء والصفراء ، والاوقات التي تحدث فيها الزلازل ، وشجع صلى الله عليه وآله وسلم على غير هذه الاوقات ، فبعض الاوقات لها تأثير على الجانب العاطفي للطفل وخصوصاً الاوقات المخيفة ، فينشأ الطفل مضطرباً هيّاباً متردداً ، والاوقات الاخرى قد تؤدي إلى إصابة الطفل بالجذام والحمق والجنون 23.
وهنالك بعض التوصيات المتعلقة في المباشرة
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «لا تتكلم عند الجماع ، فانه ان قضى بينكما ولد لا يؤمن ان يكون أخرس ، ولا ينظرنَّ أحد في فرج امرأته ، وليغض بصره عند الجماع ، فان النظر إلى الفرج يورث العمى في الولد» 22.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : «يكره أن يغشى الرجل المرأة وقد احتلم حتى يغتسل من احتلامه الذي رأى ، فان فعل ذلك فخرج الولد مجنوناً فلا يلومنَّ إلاّ نفسه» 22.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : «لا تجامع امرأتك من قيام ، فان ذلك من فعل الحمير ، وان قضى بينكما ولد كان بوّالاً في الفراش..» 24.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : «لا تجامع امرأتك بشهوة امرأة غيرك ، فاني أخشى إن قضي بينكما ولد أن يكون مخنثاً ، مؤنثاً ، مخبل» 25.
ويفهم من هذه الرواية الشريفة ان لا يتخيل الرجل امرأة أُخرى في اثناء المباشرة .
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : «إذا حملت امرأتك فلا تجامعها إلاّ وأنت على وضوء ، فانه ان قضي بينكما ولد يكون أعمى القلب ، بخيل اليد» 25.
وفي كلِّ الاوقات يشجّع الاِسلام على ذكر الله تعالى قبل المباشرة والتسمية عندها ، اضافة إلى استخدام الاساليب المعمقة لروابط الحب والودّ والرباط المقدس ، كالتقبيل والعناق ورقة الكلمات وعذوبتها 26.
2 ـ المحيط الاَول للطفل
رحم الاَم هو المحيط الاَول الذي ينشأ به الاِنسان ، ولهذا المحيط تأثيراته الايجابية والسلبية على الجنين لانه الاطار الذي يتحرك فيه ، ويعتبر الجنين جزءاً من الاَم ، تنعكس عليه جميع الظروف التي تعيشها الام ، وقد أثبتت الدراسات العلمية تأثير الاَم على نمو الجنين الجسدي والنفسي ، فالاضطراب والقلق والخوف والكبت وغير ذلك يترك أثره في اضطراب الوليد عاطفياً 27.
فالجنين يتأثر بالاَم ومواصفاتها النفسية وما يطرأ عليها في مرحلة الحمل من عوامل ايجابية أو سلبية ، وإنّ (الاضطرابات العصبية للاَم توجه ضربات قاسية إلى مواهب الجنين قبل تولده ، إلى درجة أنها تحوله إلى موجود عصبي لا أكثر ، ومن هنا يجب أن نتوصل إلى مدى أهمية التفات الاَم في دور الحمل إلى الابتعاد عن الافكار المقلقة ، والهمّ والغمّ ، والاحتفاظ بجو الهدوء والاستقرار) 28.
وشهور فترة الحمل تؤثر في الثبات العاطفي للطفل اِيجاباً أو سلباً 29.
وقد أكدّ الاِسلام على هذهِ الحقيقة قبل أن يكتشفها علماء النفس في يومنا هذا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «الشقي من شقى في بطن أمّه ، والسعيد من سعد في بطن أمه» 30.
والمقصود من الشقاء والسعادة في بطن الام ، هو تلك الانعكاسات التي تطرأ على الجنين تأثراً بالحالة الصحية الجسدية والنفسية للاَم ، فتولِّد فيه استعداداً للشقاء أو للسعادة ، فبعض الامراض الجسدية تؤثر على الجنين فيولد مصاباً ببعضها وتلازمه الاصابة إلى الكبر فتكون مصدر الشقاء له ، أو يكون سالماً من الامراض فتكون السلامة ملازمة له ، وكذلك الحالة النفسية والعاطفية ، فالقلق أو الاطمئنان ، والاضطراب أو الاستقرار، والخوف وعدمه ، وغير ذلك يؤثر في الجنين ويبقى ملازماً له ما لم يتوفر له المحيط الاجتماعي المثالي لكي ينقذه من آثار الماضي أو يبعده عن السلامة في صحته الجسدية والنفسية ، وفيما يلي الاجراءات الوقائية التي اتخذها الاسلام لابعاد الجنين عن الظواهر السلبية المؤثرة في نموه الجسدي والنفسي :
أ ـ الاهتمام بغذاء الاَم
من الحقائق الثابتة ان صحة الجنين الجسدية تتناسب طردياً مع صحة الام ، ومن العوامل المؤثرة في صحة الاُم الغذاء ، ونحن نلاحظ ان المجاعة في بعض البلدان كان لها تأثير واضح في صحة الوليد ، فالضعف الجسدي والامراض الجسدية والتشوهات في الخلقة ترجع أسبابها إلى المجاعة وسوء التغذية ، والعكس صحيح .
لذا أوصى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل البيت عليهم السلام بالاهتمام بغذاء الحامل ، وخصوصاً الغذاء الذي له تأثير على الصفات النفسية والروحية للجنين .السفرجل :
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «كلوا السفرجل فانه يجلو البصر وينبت المودّة في القلب ، وأطعموه حبالاكم فانه يحسّن أولادكم» 31.اللبان :
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «اطعموا نساءكم الحوامل اللبان ، فانّه يزيد في عقل الصبي» 32.
وقال الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام : «أطعموا حبالاكم اللبان ، فان يكن في بطنهنَّ غلام خرج ذكي القلب عالماً شجاعاً ، وان يكن جارية حسن خَلقها وخُلقها وعظمت عجيزتها وحظيت عند زوجه» 32.التمر :
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «أطعموا المرأة في شهرها الذي تلد فيه التمر ، فان ولدها يكون حليماً نقي» 33.
وقد وضع أهل البيت عليهم السلام جدولاً متكاملاً في أنواع الاغذية المفيدة في صحة الجسم ، كما ورد في كتاب الاطعمة والاشربة من الكافي ومكارم الاخلاق ، كالرمّان والتين ، والعنب ، والزبيب ، والبقول ، والسلق ، والفواكه الاخرى ، وكذلك اللحم والهريسة والخضروات .
إضافة إلى منعهم من الغذاء المضرّ على الصحة الجسدية والنفسية ، كالميتة والدم ولحم الخنزير والخمر ، وكل ماورد في القرآن الكريم والسنة النبوية من الاَطعمة والاشربة المحرمة .
ب ـ الاهتمام بالصحة النفسية للحامل
اختيار المنزل الواسع :
قال الاِمام الصادق عليه السلام : «من السعادة سعة المنزل» 34.
وقال عليه السلام : «للمؤمن راحة في سعة المنزل» 35.
أثر سعة المنزل على سعادة الاِنسان من الحقائق الثابتة . والاِسلام يشجّع على ذلك ، فاذا كان المجتمع مجتمعاً اسلامياً يتبنى الاِسلام منهاجاً له في الحياة ، فسيكون للتكافل الاجتماعي دور في إشباع هذه الحاجة ، وفي غير ذلك ، وفي حالة عدم قدرة الرجل على شراء أو إيجار المنزل الواسع ، فيمكنه ان يطمئن المرأة الزوجة على العمل وبذل الجهد من أجل الحصول عليه ويؤملها بذلك ، أو تشجيعها على الصبر الجميل وما أعدّه الله تعالى لهما من الثواب والحسنات على ما يعانونه من فقر ، فإن ذلك يجعلها مطمئنة ومرتاحة البال وإن كان المنزل ضيقاً .توفير المستلزمات الضرورية للمرأة :
عن عبدالله بن عطا قال : (دخلت على أبي جعفر عليه السلام فرأيت في منزله نضداً ووسائد وانماطاً ومرافق ، فقلت ما هذا ؟ قال : «متاع المرأة» 35.
فالمستلزمات التي تحتاجها المرأة في المنزل ضرورية ، كالوسائد والمتّكآت ومفارش الصوف الملونة ، اضافة إلى الملابس الجميلة وبعض الاَثاث المنزلية تؤثر في راحتها وسعادتها ، فمن الضروري توفيرها لها حسب القدرة والامكانيات ، وفي حالة عدم القدرة عليها جميعاً أو على بعضها فيمكن للرجل إقناعها بما أعدّه الله تعالى لها من النعيم في الدار الآخرة ، إضافة إلى زرع الامل في نفسها بتحسين أوضاعها وإشباع حاجاتها .حسن التعامل مع المرأة :
حسن التعامل مع المرأة وخصوصاً الحامل يجعلها تعيش حياة سعيدة مليئة بالارتياح والاطمئنان والاستقرار النفسي والروحي ، فلا يبقى للقلق والاضطراب النفسي موضعاً في قلبها وروحها .
قال الاِمام زين العابدين عليه السلام : «وأما حقّ رعيتك بملك النكاح ، فأنْ تعلم انّ الله جعلها سكناً ومستراحاً وأُنساً وواقية ، وكذلك كلّ واحد منكما يجب ان يحمد الله على صاحبه ، ويعلم ان ذلك نعمة منه عليه ، ووجب أن يحسن صحبة نعمة الله ويكرمها ويرفق بها ، فإنّ لها حق الرحمة والمؤانسة وموضع السكون اليها قضاء اللذة» 36.
وحسن التعامل يكون بالسيرة الحسنة معها والرفق بها وإسماعها الكلمات الجميلة ، وتكريمها ووضعها بالموضع اللائق بها ، واعتبارها شريكة الحياة ، واشباع حاجاتها المادية والروحية ، والتعامل معها كإنسانة أكرمها الاسلام ، وإشاعة جو المنزل بالسرور والبشاشة والمودّة والرحمة ، وإدخال الفرحة على قلبها ، والحفاظ على أسرارها الى غير ذلك من التعاليم التي أكدَّ عليها الاِسلام ، ومنها مساعدتها في بعض شؤون البيت التي لا تستطيع انجازها ، والصبر على بعض أخطائها ومساوئها التي لا تؤثر على نهجها الاِسلامي ، والتفاهم في حلّ المشكلات اليومية باسلوب لا يثير غضبها ، وتجنب كلّ ما يؤدي إلى الاضرار بصحتها النفسية كالغيرة في غير مواضعها ، والتعبيس في وجهها أو ضربها أو هجرها أو التقصير في حقوقها 37.
فإذا حسنت المعاملة معها حسنت حالتها النفسية والروحية وانعكست على الجنين 38.
- 1. علم النفس التربوي ، للدكتور فاخر عاقل : 45 ـ 57 (دار العلم للملايين 1985 م ط11) .
- 2. علم النفس العام ، للدكتور انطون حمصي 1 : 94 ـ مطبعة ابن حبّان دمشق 1407 هـ .
- 3. الكافي ، للكليني 5 : 332 | 2 باب اختيار الزوجة ـ دار التعارف 1401 هـ ط 3 .
- 4. المحجة البيضاء ، للفيض الكاشاني 3 : 93 ، جامعة المدرسين قم ط2 .
- 5. مكارم الاخلاق ، للطبرسي : 304 ـ منشورات الشريف الرضي1410 هـ ط2 .
- 6. مكارم الاخلاق ، للطبرسي : 305 ـ منشورات الشريف الرضي 1410 هـ ط2 .
- 7. وسائل الشيعة ، للحر العاملي 20 : 85 | 1 باب 34 ـ مؤسسة آل البيت قم 1412 هـ ط1 .
- 8. الكافي 5 : 354 | 1 باب كراهية تزويج الحمقاء .
- 9. الكافي 5 : 332 | باب فضل من تزوج ذات دين .
- 10. الكافي 5 : 333 | 3 باب فضل من تزوج ذات دين .
- 11. الكافي 5 : 347 | 1 باب الكفؤ .
- 12. الكافي 5 : 348 | 1 باب مناكحة النصاب والشكاك .
- 13. الكافي 5 : 347 | 2 ، 3 باب آخر منه .
- 14. مكارم الاخلاق : 305 .
- 15. وسائل الشيعة 20 : 79 . الكافي 5 : 347 | 1 باب 29 .
- 16. مجمع الزوائد ، للهيثمي 9 : 206 ـ دار الكتاب العربي 1402 هـ ط3 .
- 17. مجمع الزوائد 9 : 204 . المعجم الكبير للطبراني 22 : 408 . الصواعق المحرقة ، لابن حجر الهيتمي .
- 18. الكافي 5 : 342 | 1 باب ان المؤمن كفؤ المؤمنة .
- 19. القران الكريم: سورة الروم (30)، الآية: 21، الصفحة: 406.
- 20. مكارم الاخلاق : 208 .
- 21. القران الكريم: سورة الفاتحة (1)، الآية: 1، الصفحة: 1.
- 22. a. b. c. d. مكارم الاخلاق : 209 .
- 23. الكافي 5 : 498 | 1 باب الاوقات التي يكره فيها الباه . مكارم الاخلاق : 208 ـ 209 .
- 24. مكارم الاخلاق : 210 .
- 25. a. b. مكارم الاخلاق : 211 .
- 26. مكارم الاخلاق : 212 .
- 27. علم النفس التربوي ، للدكتور فاخر عاقل : 46 ـ 47 .
- 28. الطفل بين الوراثة والتربية ، لمحمد تقي فلسفي 1 : 106 ـ دار التعارف 1381 هـ عن كتاب نحن والابناء 27 .
- 29. مشاكل الآباء في تربية الابناء ، للدكتور سپوك : 263 ـ 1980 م ط3 .
- 30. بحار الانوار ، للمجلسي 3 : 44 ـ مؤسسة الوفاء 1403 هـ ط2 .
- 31. مكارم الاخلاق : 172 .
- 32. a. b. مكارم الاخلاق : 194 .
- 33. مكارم الاخلاق : 169 .
- 34. مكارم الاخلاق 125 .
- 35. a. b. مكارم الاخلاق : 131 .
- 36. تحف العقول ، للحرّاني : 188 ـ المطبعة الحيدرية النجف 1380 هـ ط5 .
- 37. ارشاد القلوب : 175 ، مكارم الاخلاق 245 ، الكافي 5 : 511 ، المحجة البيضاء 3 : 19 .
- 38. الفصل الثاني من كتاب (تربية الطفل في الاسلام)، من تأليفات مركز الرسالة .