خلق الله الإنسان ، وجعل الحرية صبغته التي من دونها يفقد الإنسان صفته الإنسانية التي يمتاز بها عن المخلوقات .
والحرية قيمة رسالية كبرى ، بل هي صبغة كل القيم بما فيها قيمة القيمة الكبرى : وهي التوحيد ، لأن أحد أبرز معاني التوحيد هو الحرية ، ولا يتحقق التوحيد إلا بالتحرر من الأهواء والشهوات ، والتحرر من الطاغوت وضغوط وسلطة الخارج طواغيت السياسة والاقتصاد والتعليم والمجتمع والعائلة والأحبار والمثقفين .
وخرج الحسين من أجل كسر طوق الطغيان والهام المجتمع إرادة رفض الظلم والثورة عليه وتحقيق الحرية الإنسانية لكل البشرية ” يا شيعة آل سفيان إن لم يكن لكم دين فكونوا أحرار في دنياكم “.
هذه الكلمة الحسينية انطلقت تدوي في سماء الزمن ، وأعماق المكان ، وضمير كل إنسان لرفض كل سلطة طاغية ؛ بأي ثوب تلبست بثوب السياسة أو الاقتصاد أو الثقافة أو الدين أو العائلة أو الاجتماع .
واستجاب الحر الذي كان من شيعة آل سفيان لهذا النداء الذي هز ضميره ، وأثار عقله ، وأخرجه من غفلته ، وبراثن الظلم والظالمين ، ويقول : لبيك يا حسين وما هي إلا لحظات ويضرج بدم الحرية فداءاً للحسين ونهجه ، ويحرج من ربق العبودية للظالمين ، ويحقق حقيقة الحرية كما وصفه الحسين : ” أنت حر كما سمتك أمك حراً ” .
وهكذا بدأت تنطلق قوافل الحرية مرددة نداء الحسين (عليه السلام) : ” فكونوا أحرار في دنياكم ” لتجوب الأرض وتسبح في عمق الزمن آخذة كل عاشق للحرية رافضاً لجميع أشكال السلطة الظالمة داخلية كانت بجبتها أم خارجية بطاغوتها .
فلنبادر ونسرع الخطى لركوب سفينة الإمام الحسين (عليه السلام) سفينة الحرية ورفض الجبت والطاغوت بجميع أشكاله ومسمياته ، ونتحرر من عبودية المال والشهرة والمنصب والسلطة والقوة والأهواء والشهوات واللعب واللهو والزينة والتفاخر ، وجميع زبارج الدنيا وزخرفها ، فلنتحرر من عبودية الأشياء إلى عبودية الله الواحد القهار ، المتعالي الجبار الذي ذلت له جميع الرقاب 1 .
1. نشرت في الموقع الرسمي لسماحة الشيخ نمر باقر آل نمر نقلا عن : رسالة الحسين (ع) (تصدر من العوامية) العدد: السادس – السنة الثالثة – شهر محرم 1424 هـ