نور العترة

محاولة إغتيال أمير المؤمنين (ع)…

نص الشبهة: 

قرأت رواية في الاحتجاج ملخصها، أن أبا بكر وعمر أمرا خالد بن الوليد بقتل أمير المؤمنين (عليه السلام) في حال الصلاة ولكن أبا بكر ندم وقال حين تشهده: «لا يفعلنّ خالد ما أمرته به». وجدت الرواية أيضاً في كتاب الاستغاثة في بدع الثلاثة ناسباً الرواية للجامع الصغير عن معجم الطبراني..

  1. فهل الرواية موجودة في كتب القوم؟؟
  2. وأين يمكنني أن أجدها وفي أي كتاب، خاصة أنني بحثت في صفحات الإنترنت في موقع المحدث ولم أجدها فهلا بينت لي مولاي وأنرت لي الطريق أنار الله تعالى لك الطريق..

الجواب: 

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطاهرين.. وبعد..
بالنسبة للسؤال عن حديث محاولة قتل أمير المؤمنين (عليه السلام) من قبل خالد بن الوليد، وأبي بكر، ثم ندم أبي بكر على ذلك نقول: قد روي ذلك في مصادر كثيرة. فراجع ما يلي:

  1. سليم بن قيس الهلالي ج2 ص871 ـ 873.
  2. الاحتجاج ج1 ص231 إلى ص234 و251 ـ 252 و240 ـ 242.
  3. إثبات الهداة ج2 ص363.
  4. تفسير القمي ج2 ص155 ـ 158.
  5. علل الشرايع ص190 ـ 192.
  6. بحار الأنوار ج29 ص 124ـ 127 و131 ـ 133 و136 ـ 138 و139 ـ 140 و145 و159 ـ 174.
  7. الخرايج والجرايح ج2 ص757.
  8. إرشاد القلوب ص 378 ـ 384.

وقد قال المجلسي (رحمه الله): «ثم اعلم أن هذه القصة من المشهورات بين الخاصة والعامة، وإن أنكره بعض المخالفين» 1.
أما بالنسبة لأهل السنة، فقد قال ابن أبي الحديد: إنه سأل النقيب أبا جعفر يحيى بن أبي زيد، عن السبب في عدم قتلهم لعلي (عليه السلام)، إلى أن قال له: «أحق ما يقال في حديث خالد؟
فقال: إن قوماً من العلوية يذكرون ذلك.
ثم قال: وقد روي: أن رجلاً جاء إلى زفر بن الهذيل، صاحب أبي حنيفة، فسأله عما يقوله أبو حنيفة في جواز الخروج من الصلاة، بنحو الكلام والفعل الكثير، أو الحدث؟
فقال: إنه جائز، قد قال أبو بكر في تشهده ما قال!
فقال الرجل: وما الذي قاله أبو بكر؟
قال: لا عليك.
فأعاد عليه السؤال ثانية، وثالثة، فقال: أخرجوه، أخرجوه، قد كنت أحدّث أنه من أصحاب أبي الخطاب.
قلت له: فما الذي تقوله أنت؟!
قال: أنا استبعد ذلك، وإن روته الإمامية..
ثم قال: أما خالد، فلا أستبعد منه الإقدام عليه، بشجاعته في نفسه، ولبغضه إياه.. ولكنني أستبعده من أبي بكر، فإنه كان ذا ورع، ولم يكن ليجمع بين أخذ الخلافة، ومنع فدك، وإغضاب فاطمة وقتل علي، حاشا لله من ذلك..
فقلت له: أكان خالد يقدر على قتله؟
قال: نعم، ولم لا يقدر على ذلك، والسيف في عنقه، وعلي أعزل، غافل عما يراد به؟! قد قتله ابن ملجم غيلة، وخالد أشجع من ابن ملجم.
فسألته عما ترويه الإمامية في ذلك، كيف ألفاظه؟
فضحك وقال: (كم عالم بالشيء وهو يسائل).
ثم قال: دعنا من هذا..» 2.
ونقول: إن من الواضح، أن استدلالات ابن أبي زيد لا تصح.. وذلك لما يلي:
1 ـ إنه يحاول التأكيد على أن ذلك من مرويات الإمامية.. مع أنه هو نفسه قد روى لنا قصة زفر بن الهذيل.. وفيها أن دليل أبي حنيفة هو فعل أبي بكر هذا..
2 ـ استبعاد صدور ذلك من أبي بكر وقوله: إنه كان ذا ورع.. يناقض قوله: لم يكن ليجمع بين أخذ الخلافة، ومنع فدك، وإغضاب فاطمة، وقتل علي (عليه السلام)..
فإن من يرتكب تلك الأمور، لا يصح وصفه بالورع، ولا يصح أن يقال: حاشا لله من ذلك..
هذا.. ومن الغريب أيضاً قول ابن أبي الحديد في موضع آخر من كتابه، وهو يورد مطاعن الشيعة على أبي بكر: «الطعن الثاني عشر، قولهم: إنه تكلم في الصلاة قبل التسليم، فقال: لا يفعلن خالد ما أمرته. قالوا: ولذلك جاز عند أبي حنيفة أن يخرج الإنسان من الصلاة بالكلام، وغيره من مفسدات الصلاة، من دون تسليم». وبهذا احتج أبو حنيفة.
والجواب: أن هذا من الأخبار التي تنفرد بها الإمامية، ولم تثبت.
وأما أبو حنيفة فلم يذهب إلى ما ذهب إليه لأجل هذا الحديث، وإنما احتج بأن التسليم خطاب آدمي، وليس هو من الصلاة وأذكارها، ولا من أركانها، بل هو ضدها، ولذلك يبطلها قبل التمام، ولذلك لا يسلم المسبوق تبعاً لسلام الإمام، بل يقوم من غير تسليم، فدل على أنه ضد للصلاة، وجميع الأضداد بالنسبة إلى رفع الضد على وتيرة واحدة، ولذلك استوى الكل في الإبطال قبل التمام، فيستوي الكل في الإنتهاء بعد التمام.
وما يذكره القوم من سبب كلام أبي بكر في الصلاة أمر بعيد، ولو كان أبو بكر يريد ذلك لأمر خالداً أن يفعل ذلك الفعل بالشخص المعروف وهو نائم ليلاً في بيته، ولا يعلم أحد مَن الفاعل.
ونقول: إن في كلامه هذا مواضع عديدة للنظر والمناقشة:
فأولاً: إنه قال: إن هذه الأخبار تنفرد بها الإمامية. مع أنه هو نفسه قد ذكر عن زفر بن الهذيل.. أن أبا حنيفة قد استند في فتواه في الخروج من الصلاة بغير التسليم إلى فعل أبي بكر..
ومن الواضح: أن أبا حنيفة، وكذلك زفر، لم يكونا من الإمامية..
ثانياً: قوله: إن أبا حنيفة لم يستند في فتواه إلى هذا الحديث، يكذبه ما نقله هو نفسه عن زفر بن الهذيل من أن أبا حنيفة قد استند في فتواه إلى هذا الحديث بالذات..
ثالثاً: إن مجرد الاستبعاد لا يكفي لتكذيب الأخبار..
رابعاً: إن ما ذكر، من أنه لو كان أبو بكر يريد ذلك لأمر خالداً أن يفعل ذلك الفعل بعلي، وهو نائم في بيته، ولا يعلم أحد من الفاعل. غير مقبول.. فإن المعتزلي لم يكن حاضراً في ذلك الوقت ليعرف إن كان بإمكان خالد أن يصل إلى علي (عليه السلام) في داخل بيته، أم لم يكن ذلك ممكناً له..
خامساً: إن تدبير مؤامرات من هذا القبيل يخضع لاعتبارات يلاحظها المعنيون، ربما تخفى على من لم يكن حاضراً، بل شريكاً معهم.. فلعل الخطة كانت تقضي بارتكاب الجريمة، فإذا ثار الهاشميون من جهة، فالأمويون يواجهونهم من الجهة الأخرى.. ويتخذ الخليفة من ثم صفة المصلح والساعي في درء الفتنة بين الفريقين، ويقوم بحماية المجرم، وحفظه تحت شعار التقوى والورع، وحفظ الإسلام، والمسلمين.. وإبعاد الأخطار الكبرى و.. و..
سادساً: أما ما زعم أنه حجة لأبي حنيفة.. فلا مجال لنسبته لأبي حنيفة. وزفر أعرف بأبي حنيفة، وأقرب إليه منه.
والحمد لله، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله الطاهرين.. 3.

  • 1. بحار الأنوار ج29 ص138.
  • 2. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي ج13 ص301 و302.
  • 3. مختصر مفيد.. (أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة)، للسيد جعفر مرتضى العاملي، «المجموعة الثانية»، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1423 ـ 2002، السؤال (140).
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى