غيبة الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف هي من اجل الحفاظ على حياته من الاعداء الذين يطلبونه ليقتلوه منذ يوم ولادة، و ذلك من أجل الحيلولة دون إجهاض مشروعه العظيم و هو إقامة دولة الحق و العدل و القسط و القضاء على الانظمة الجائرة و الظالمة بشكل كامل.
الغيبة في الامم السابقة
ثم أن الغيبة ليست أمراً شاذاً و مستنكراً ، فقد كانت موجودة في حياة بعض الانبياء ، فقد غاب النبي صالح عن قومه زماناً، و النبي موسى الكليم عليه السلام غاب عن موطنه و قومه سنوات طويلة 1 عندما قرر فرعون قتله ثم عاد ليكمل مشروعه الرسالي قائلاً: ﴿ فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾ 2 .
و كذلك النبي عيسى المسيح عليه السلام عندما أراد الناس قتله غيَّبه الله و رفعه الله 3 . اليه و سيعود مرة أخرى ليقف إلى جانب الامام المهدي عليه السلام و يدعم مشروعه.
الغيبة المشددة و الطويلة
و لأهمية الدور الذي كلف الله به الامام المهدي من جانب، و لكونه آخر الائمة و الحجج الالهية من جانب آخر فمن الطبيعي أن تتضاعف أهمية الغيبة و تزداد ضرورة الحفاظ عليه كل ذلك لضمان تحقق المشروع الالهي.
ثم إنه لا بُدَّ أن نعلم بأن اختفاء الإمام المهدي عليه السلام ليس قراراً إلهياً بل هو حاصل بسبب رفض الناس و عدم استجابتهم للأوامر الإلهية و عدم قبول ما اختاره لهم فتسببوا بحرمان أنفسهم من بركات وجود الإمام، و لو أنهم أطاعوا الله سبحانه لكان الإمام بين ظهرانيهم ويمارس الوظائف الموكلة إليه بصورة اعتيادية و بحرية تامة و كانوا يحضون برعايته بصورة مباشرة.
- 1. قيل أن غيبته استمرت ثمانياً و عشرين سنة.
- 2. القران الكريم: سورة الشعراء (26)، الآية: 21، الصفحة: 368.
- 3. أنظر: ﴿ بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾ القران الكريم: سورة النساء (4)، الآية: 158، الصفحة: 103.